معاً لإفشال المخططات الأمريكية في المنطقة
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
تمرّ امتنا العربية والإسلامية في مرحلة استثنائية حرجة تتطلب العمل على رفع مستوى وعي وإدراك أبنائها وتنمية وقدراتهم على تقييم تطورات الأحداث ومستجداتها واستشعار المسؤولية الملقاه على عواتقهم تجاه ما يحاك ضد الأمة ومقدساتها من مؤامرات وابرزها تمرير خدعة التطبيع…
ما يتطلب تهيئة الشعوب العربية والإسلامية للقيام بانتفاضة ضد أنظمة الذل والخنوع والإستسلام، ممن انساقوا وراء وهم التطبيع بوعي أو بدون وعي بالترغيب أو بالترهيب.
وأجراء مراجعة سريعة لمجريات الأحداث في المنطقة.. ومنها مناصحة تلك الأنظمة أولاً لرفع الحرج عنها ووضعها أمام الحقائق، فالتطبيع لم ولن يجلب الأمن والرخاء والرفاه الاقتصادي لتلك الدول بل تحول إلى وسيلة ابتزاز كما هو حاصل للمثلث السعودي القطري الإمارتي الذي تم تحويله إلى أدوات واذرع طولى لتمرير مخططات ودسائس صهيونية ضد دول وشعوب المنطقة، و من جهة أخرى، تصفية القضية الفلسطينية تحت مبررات وحجج واهية ومنها السلام المزعوم ، وإقامة دولة فلسطينية، فلا السلام تحقق ولا الدولة الفلسطينة تم الاعتراف بها.. وصولاً لما عرف بصفقة القرن المشؤومة التي كشفت القناع عن مؤامرة كبيرة، وزيف لسلام خانع ذليل لم يجلب الحرية والعيش الكريم للشعوب التوقة للانعتاق والتحرر من الوصاية الخارجية ووقف استغلال مقدراتها..
لأن السلام العادل لا يٌستجدى بل ينتزع باستعادة الحقوق المسلوبة والأراضي المغتصبة..
وهذا لن يتحقق الا بالقوة فما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة..
فاليهود عبر مراحل مختلفة من تاريخهم يمجدون القوة والدليل على ذلك تحولهم من الحماية البريطانية التي مكنتهم من احتلال ارض فلسطين إلى الحماية الأمريكية بمجرد انتها دور بريطانيا، وتقليم اظافرها، وهي التي كانت تسمي نفسها بالامبراطورية التي لا تغييب عنها الشمس..
واليوم أمريكا تترنح في مواجهة روسيا والصين ناهيكم عن فشلها الذريع في اليمن والعراق وأفغانستان والصومال وسوريا..
وكيف خرجت تجر أذيال الخيبة من تلك الدول في محاولات يائسة للاحتماء بأدواتها من تلك الأنظمة التي زرعتها في جسد الأمة تحسبًا لتك الظروف ومن ثم العودة لممارسة أساليبها المفضوحة تحت شعارات في ظاهرها الرحمة وفي باطنها الجحيم ومنها السلام، والشرق الأوسط الجديد، والشفافية، وحوار الحضارات وصولاً للحرب الناعمة بالاستفادة من التقنية الرقمية ومحاولة تطويعها للنيل من هوية الأمة.. وتفجير الصراعات وخلق التباينات لإدارة المعركة بالوكالة من خلال أدواتها كم حدث في اليمن وسوريا ولكن وعي الشعبين في اليمن وسوريا كان في مستوى تلك التحديات إذ لم تجن أمريكا سوى المزيد من الخيبات..
وها هي أمريكا اليوم لم تستفد من تلك الدروس والانتكاسات والهزائم المتلاحقة التي منيت بها وتحاول أن تعيد تكرار ذات الفعل الذي ارتد عليها في السابق لإنقاذ حليفتها إسرائيل من خلال القيام بإرسال بوارج حربية وحاملات طائرات لرفع معنويات الكيان الصهيوني بعد تلقيه هزيمة نكراء على أيدي فتية من ابطال المقاومة الفلسطينية لم يتلقاها منذ بداية احتلاله لفلسطين وهو ما عرف ب « طوفان الأقصى».
وهي العملية التي أفقدت قادة الكيان الصهيوني صوابهم وأظهرتهم أمام العالم بحالة هستيرية وتخبط دفعهم إلى ردة فعل انتقامية من الأبرياء في قطاع غزة..
ما يؤكد أن الكيان الصهيوني ومن ورائه أمريكا وبريطانيا ومن دار في فلكهم يعيشون انتكاسة ومفاجاءات لم تكن في حساباتهم ووضعاً مختلفا لم يألفوه من قبل..
ما يستدعي مراجعة تلك الأحداث مما يجري، وهي فرصة سانحة أمام الشعوب العربية والإسلامية في دول محور المقاومة من جهة لإعلان التعبئة العامة.. وتوجيه رسائل قوية لأمريكا وحلفائها تتمثل في المزيد من التلاحم والتنسيق ووحدة الموقف الرسمي والشعبي الدعم والمساند للشعب الفلسطيني وفي مقدمة ذلك سرعة إيصال المساعدات إلى قطاع غزة وأفشال الحصار الذي يحاول العدو الصهيوني فرضه بهدف عزل قطاع غزة والعمل على وقف التهجير القسري مهما كانت التضحيات والنتائج..
ومن ثم استغلال تخبط أنظمة التطبيع ونقاط الضعف في مواقفها التطبيعية المخزية والضغط عليها من خلال تهيئة الشارع العربي للخروج إلى الشارع، وتنظيم مسيرات وتظاهرات شعبية احتجاجاً على مواقفها المتخاذلة بالتزامن مع تنظيم حملات إعلامية تتناول تحركاتها ومواقفها المشبوهة وتعزيز مواقف الشعوب المتضامنة والمؤييدة للشعب الفلسطيني.. وإدانة تلك المواقف المتخاذلة، ومطالبة أنظمة تلك الدول بإيقاف التطبيع مع إسرائيل بكل صوره وأشكاله وتفعيل سلاح المقاطعة السياسية والإقتصادية للدول الداعمة للكيان الإسرائيلي وهو سلاح فعال يمكن من خلاله منع تلك الأنظمة من الاستمرار في سياسة التخذيل ، والعمل على تخفيف الضغط الذي تمارسه أنظمة التطبيع والعمالة والانبطاح والموالاة للكيان الصهيوني على فلسطين ودول محور المقاومة .. كل هذه المقومات عوامل قوة للإجهاز على الدور الامريكي المساند للكيان الصهيوني ووأده قبل أن يحقق أهدافه في عزل المقاومة عن محيطها العربي .. وبالتالي فإن المقاومة الفلسطينية ستتكفل بإطالة امد المواجهة والتنكيل بقوات العدو وقطعانه..
إضافة إلى الدور المؤامل والمطلوب من الدول العربية غير المطبعة مع الكيان الصهيوني في مساندة ودعم الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة، بالتنسيق مع دول وشعوب محور المقاومة في تعزيز التضامن والتأييد والقيام بأدء دور دبلوماسي وإعلامي في المناصحة وكشف الحقائق والأبعاد المترتبة على تلك السياسيات، وايضاح حقيقة ما يجري في الأراضي الفلسطينية وما يرتكبه الكيان الصهيوني من مجازر وحرب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني وإيصال مظلوميته إلى العالم…
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني صمود المقاومة استراتيجيا للمنطقة؟
المقاومة ستخوض جولة القتال الثالثة لأنها فُرضت عليها من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض المضي قدما نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في حين أن جيش الاحتلال والإسرائيليون يخوضون الحرب لأن نتنياهو أرادها للخروج من مأزقه السياسي الذي بلغ ذروته بتعثر إقرار الموازنة العامة، ورفض رئيس الشاباك رونين بار الإقالة -أسوة برئيس الأركان هرتسي هاليفي- ومن خلفه المستشارة القانونية غالي بهاراف ميارا التي أعلنت الحرب على نتنياهو برفضها تمرير قرار الإقالة دون اعتراض أو صخب.
الحماسة التي يبديها نتنياهو للعودة للحرب لا تظهر بالقدر نفسه عندما يتعلق الأمر بالشارع الإسرائيلي وجيش الاحتلال وجنوده من الاحتياط، فهم لا يرغبون خوض غمار الحرب من أجل نتنياهو وبقائه السياسي، فالحماسة للقتال أضعف بكثير مما كانت عليه بداية الحرب والعدوان على قطاع غزة قبل سبعة عشر شهرا، وهي العجلة التي يحاول نتنياهو إعادة صناعتها بحديثه، خلال لقائه يوم الأربعاء مجندين في قوة المستعربين الناشطة في الضفة الغربية، عن توسعة العمليات العسكرية في الضفة الغربية، ومن خلال تسويقه لعمليات نقل الجرحى الفلسطينيين من حاملي الجنسيات الأجنبية عبر مطار رامون بالقرب من ميناء أم الرشراش (ايلات)؛ على أنها أولى عمليات التهجير الناجحة للفلسطينيين.
المواجهة وتجدد القتال والعدوان على قطاع غزة لن يتوقف عند حدود القطاع والضفة الغربية أو اليمن والبحر الأحمر، بل سيمتد نحو العراق وإيران ككرة الثلج المتدحرجة في محاولة نتنياهو المتواصلة للهروب إلى الأمام، فالإقرار بالفشل ووقف الحرب سيعني نهاية الحياة السياسية لنتنياهو وهو خطر لا زال يلاحقه في كل خطوة يتخذها وطريق يختاره، وهنا يطرح السؤال: هل هذا هو السيناريو الوحيد المقبل للمنطقة ودولها؟
الجواب يكمن في مآل مسار التفاعلات السياسية والاقتصادية الداخلية في الكيان الإسرائيلي، والتفاعلات الخارجية أيضا فيما بين الكيان وشركائه وحلفائه الدوليين وعلى رأسهم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالقصور الناجم عن ضعف الحماسة للحرب وأهدافها المتغيرة والمخاطر الناجمة عن اتساع نطاقها وصعوبة السيطرة على مخرجاتها ومدخلاتها، سيبقى المسألة الحاسمة اليوم والغد.
المواجهة أعادت حركة أنصار الله إلى الصدارة وإيران إلى الواجهة الإقليمية ومصر إلى الفعل الإقليمي بعد جولة التطبيع الايراهيمية الأخيرة، وسيرافقها تنامي الدور الإقليمي التركي خصوصا إذا امتدت الحرب إلى الأرضي السورية واللبنانية لأشهر طويلة، وهي معادلة لم تكن قائمة قبل أشهر قليلة. الكثير تغير وسيتغير في المنطقة على نحو يعيد رسم موازين القوة التي اعتقد البعض أنها اختلت لصالح الاحتلال، متناسين أن صمود المقاومة في قطاع غزة كان المبتدأ ولا زال الخبر والعنصر الفارق في المشهد الإقليمي، صمود هو مصدر القلق للكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة كون المقاومة عصية على التطويع، ما يؤكد أن المقاومة كانت ولا زالت بصمودها اللاعب الأساسي والمؤثر القادر على تعويض حالة العجز والشلل العربي المزمنة.
ختاما.. مصير المنطقة يقرره إلى حد كبير قدرة الشعب الفلسطيني وحركة حماس على الصمود في وجه الماكينة العسكرية الإسرائيلية برفض الخضوع للإملاءات الأمريكية مرة تلو الأخرى، والتي إن نجحت في فرضها على الشعب الفلسطيني فإنها ستتمكن من رسم خارطة المنطقة وفقا للرؤية الإسرائيلية الممتدة من بحر قزوين والأسود وصولا إلى الحافة الغربية لنهر النيل.
x.com/hma36