طلبة علوم الفضاء.. طموح بحدود السماء
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
خولة علي (دبي)
في ظل اهتمام دولة الإمارات بقطاع الفضاء وتكثيف جهودها ومساعيها العلمية والبحثية والابتكارية، ولإرساء دعائم هذا القطاع الاستراتيجي الذي حققت فيه الدولة إنجازات مضيئة، شيدت الدولة صروحاً ومراكز لعلوم الفضاء وهندسته، وأطلقت العديد من الأقمار الصناعية مدارياً، مع رحلات لرواد فضاء إماراتيين لإنجاز مهمات علمية، وسواها من المقومات التي أسهمت في تحفيز الكثير من الطلبة للانخراط في دراسة تخصصات مسارات علوم الفضاء لمواصلة المسيرة نحو مزيد من التطور والتفوق في عالم الفضاء.
هذا الأمر قادنا للحديث مع عدد من الخبراء والمتخصصين في علوم الفلك والفضاء، للتعرف على أهم توجيهاتهم للطلبة الطموحين الذين يتطلعون إلى تكريس مكانة الدولة وتحقيق الريادة في هذا المجال.
مراصد فلكية
عمار عبدالله باحث وراصد فلكي، أكد شغفه منذ الصغر بعالم الفضاء، لذا تخصص فيه بحصوله على البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الفيزياء الفلكية من إحدى الجامعات العريقة بالمملكة المتحدة، حيث قدم مشروع التخرج حول صنع نموذج كامل لاكتشاف الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية. أما مشروع رسالة الماجستير فكان عن تقييم المواقع المناسبة لإنشاء مراصد فلكية في مواقع مختلفة في دولة الإمارات، موضحاً أنه يحرص على تنظيم الفعاليات والترويج لعلوم الفضاء والفلك بين الشباب في الدولة، وتوفير منصة للمهتمين بممارسة مختلف الاهتمامات في علوم الفضاء والفلك بشتى الطرق. ويؤكد عمار أن توجه الطلاب واهتمامهم بدراسة علوم الفضاء، خطوة إيجابية نحو تكوين مجتمع علمي رصين، وهو مجال مهم تتسابق عبره الدول العظمى للبحث والابتكار، وتُعتبر دولة الإمارات من أوائل الدول في المنطقة التي تولي اهتماماً كبيراً بقطاع الفضاء وتقديم الدعم الكامل لخوض هذا المجال وتطويره، من خلال البرامج التعليمية الأكاديمية وبرامج رواد الفضاء ومراكز البحث العلمي ومراكز الفضاء.
طموح
ويلفت تميم التميمي، مصور وباحث في علوم الفلك والفضاء، إلى أن توجه الطلبة واهتمامهم بدراسة علوم الفضاء والفلك ليس وليد اللحظة، بل يرجع إلى عام 1976 عندما التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» مع فريق وكالة «ناسا»، ليبدأ طموح الصعود إلى الفضاء يزداد بين أهل الإمارات، حيث إن قطاع الفضاء من القطاعات الاستراتيجية في الدولة. ومن هنا تم تأسيس الوكالات والمؤسسات الفضائية لدعم هذا القطاع، وتدريس علوم الفضاء والفلك في الجامعات، وانطلاق المهام الفضائية مثل «مسبار الأمل» وسواها، والتي تُعتبر حافزاً لمواطني الدولة، مقدماً نصائح للطلبة الراغبين في التميز، بالتركيز على التعلم الذاتي والبحث بالمصادر الموثوقة والتجارب العلمية الشخصية، لفهم الأجرام السماوية وحركتها، مع إمكانية الانضمام إلى الجمعيات المعنية بالفلك لتتسع مدارك الطالب نحو اكتشاف الفضاء.
«سفراء الفضاء»
وكانت مشاركة الطالب عمران الشامسي في برنامج سفراء الفضاء والفلك في روسيا، بمثابة دفعة له لخوض دراسة علوم الفضاء والتخصص في الفيزياء التطبيقية في جامعة الشارقة. ويقول: هذا البرنامج أثار فضولي العلمي لاستكشاف الفضاء، وكان حافزاً لانضمامي إلى سياق برامج الفضاء والفلك، ولقائي بعدد من رواد الفضاء ومن ضمنهم رائد الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي، وهذه اللقاءات كانت كفيلة بإشعال شرارة الحماس بداخلي لخوض هذا المجال.
ويرى الشامسي أن إقبال الطلبة على التخصصات المتعلقة بقطاع الفضاء يُعتبر مؤشراً إيجابياً لدولة الإمارات لبناء بنية تحتية قوية ومتينة والتنافس على الفرص في القطاعين الحكومي والخاص، مشيراً إلى أن دعم القيادة الرشيدة لهذا القطاع لا حدود له، من خلال توفير البرامج التعليمية والتثقيفية حول علوم الفضاء وتشجيع الطلبة لخوض هذا التحدي من خلال ما تقدمه بعض الجهات مثل جمعية الإمارات للفلك من محاضرات علمية متخصصة في الفلك وعلوم الفضاء علي يد خبراء لهم باع طويل في دراسة الأجرام السماوي.
هندسة الفضاء
وتسعى ميرة الحساني طالبة هندسة طيران وفضاء في جامعة خليفة، إلى اقتناص الفرص التي يمكن أن تمهد لها الطريق نحو المستقبل في مجال هندسة الطيران والفضاء والمجال العلمي والهندسي بشكل عام، كما تحرص على المشاركة في النشاطات والفعاليات والبرامج التي تثري المفاهيم العلمية والمعرفية فيما يتعلق بقطاع علوم الفضاء، لافتة إلى أن مجال هندسة الطيران والفضاء من المجالات الهندسية الواسعة في بناء التكنولوجيا الحديثة. فهندسة الطيران تركز على أنواع الطائرات داخل الغلاف الجوي للأرض مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ وسواها، أما هندسة الفضاء فتركز على أنواع الطائرات والتكنولوجيا التي تعمل خارج الغلاف الجوي كالصواريخ والأقمار الصناعية.
وهي تسعى لاكتساب المهارات اللازمة مثل تحليل الديناميكا الهوائية، وفهم أنظمة الطيران لمواكبة تطورات هذا العصر، لاسيما أن انطلاق أول رائد إماراتي إلى الفضاء، ألهم الشباب على المضي قدماً في هذا المجال، لاسيما أن القيادة الرشيدة توفر مستوى تعليمياً جامعياً متكاملاً في قطاعي الطيران والفضاء، وتعزز بناء جيل واعد في المجالات العلمية، لترسيخ مكانة الدولة عالمياً في المهام الفضائية.
صروح علمية
رغبة الطالبة غالية أحمد في استكشاف الظواهر الطبيعية وكيفية عملها وتأثيرها على البشر، قادتها إلى التخصص في الفيزياء التطبيقية وعلوم الفلك في جامعة الشارقة، مؤكدة على اهتمام الحكومة بقطاع الفضاء وإسهاماتها العديدة في مجال التطوير وتنمية المجتمع وازدهار الدولة، وذلك بتأسيسها عدة صروح علمية منها أكاديمية الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، التي تنظم ورشاً علمية ومؤتمرات ومحاضرات حول علوم الفضاء وتطبيقاتها في الحياة. كما تضم عدداً من المختبرات المتنوعة لدراسة الفضاء بزاويا متعددة مثل مختبر النيازك، ومختبر الطاقة العالية الذي يضم أبحاثاً حول الأجسام التي تنبعث منها الطاقة العالية كالثقوب السوداء، ومختبر «الكيوب سات» الذي يشهد تصنيع أقمار صناعية مكعبة صغيرة الحجم نسبياً من قبل طلبة الهندسة بجامعة الشارقة.
وفي إمارة دبي يقدم مركز محمد بن راشد مسابقات توعوية تشجيعية في مجال البحث العلمي والبرمجة، حيث أطلق تحدياً خاصاً بالبرمجة في الفضاء، بعنوان «تحدي الروبوتات والجاذبية»، وشاركت فيه عدة جامعات، بينها جامعة الشارقة، جامعة خليفة، وجامعة الإمارات، وهذه المنصات العلمية تشجع وتحفز الطلبة على دراسة علوم الفضاء.
وقد شاركت غالية أحمد في العديد من الورش والمسابقات، مثل مسابقة تحدي الروبوتات والجاذبية بتنظيم مركز محمد بن راشد للفضاء، وأقيمت نهائيات المسابقة في المحطة الدولية، وتم تفعيل البرمجة من قبل رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي، كما شاركت في ورشة تصنيع المركبات الفضائية المريخية بتنظيم أكاديمية الشارقة لعلوم الفضاء والفلك.
عالم خفي
فضولها في استكشاف الفضاء والتعرف على هذا العالم الخفي، دفع الطالبة عائشة فيصل الحمر للتخصص في علوم الفيزياء التطبيقية بجامعة الشارقة، والتي تعتبرها بداية لتشق طريقها في دراسة علوم الفضاء من خلال رغبتها بالالتحاق بمركز محمد بن رشد للفضاء، لتنفيذ مهمتها العلمية في إجراء البحوث والدراسات لتواصل مسيرة من سبقها وتحقيق إنجازات واستكشافات جديدة تخدم البشرية.
اكتساب خبرات
توضح ريان الرئيسي طالبة فيزياء الفضاء بالجامعة الأميركية، أن رغبتها في فهم مراحل تكوين وتشكّل الكون بمحتوياته من كواكب ونجوم وأجرام، وموقع الأرض، دفعها لدراسة هذا المجال، والسعي لقراءة البيانات العلمية للمشاريع الفضائية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الفضاء الإمارات جامعة الشارقة لعلوم الفضاء هذا المجال فی علوم من خلال
إقرأ أيضاً:
عين ترامب على غرينلاند.. طموح تغذيه المصالح والثروات
من جهة يعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بعالم أفضل، برفعه شعارات لا للحروب، وعزمه وقف كل ما هو مندلع منها، بدءاً من نيران أوكرانيا المشتعلة منذ قرابة 3 سنوات، وجحيم غزة، ومن جهة أخرى، يهدد ويتوعد بلغة ظاهرها هزل وباطنها جد بالسيطرة على جزيرة غيرينلاند وقناة بنما، وأكثر من ذلك بجعل كندا الولاية الأمريكية الـ51.
تلك التصريحات عكست بشكل جوهري كيف ستبدو سياسة ترامب الخارجية تجاه حلفاء الولايات المتحدة التقليدين سواء من كانوا في أوروبا أو حتى في أمريكا الشمالية، كما أظهرت طموحاته بشكل جلي، ومساعيه المتجددة لشراء غرينلاند من الدنمارك لما تعنيه من أهمية للمصالح الأمريكية، ولموقعها البارز، ولكونها مطمعاً تتسابق عليه روسيا والصين، ومنجم ثروات تسيل لعاب رئيس يمجد الصفقات، بحكم خلفيته المالية الشهيرة.
وفي الحقيقة، قطع ترامب وعده بشراء غرينلاند أول مرة في ولايته الأولى عام 2019، مغرياً الدنمارك التي كانت تعاني حينها من أزمة اقتصادية بصفقة عقارية خيالية، لكن مسعاه رُفض بشدة من الدولة الاسكندنافية، وفي عهده الثاني ظل حلم الجزيرة المعزولة ذات الكثافة السكانية المحدودة والثروات اللا محدودة يراود أحلام الرئيس العائد إلى البيت الأبيض والحالم بأمريكا أولاً، وفي هذه المرة سلك ترامب طريقاً آخر حين قال إن سيطرة الولايات المتحدة على الجزيرة يُعد أمراً ضرورياً للأمن القومي، فما هي أهمية غرينلاند لترامب، وأين تقع، وهل يمكن حقاً شرائها؟
أين تقعتقع غرينلاند في شمال المحيط الأطلسي بين أوروبا وأمريكا، وتفصلها عن الجزير الكندية مسافة 28 كيلومتراً فقط، وتبلغ مساحتها أكثر من 2.17 مليون كم مربع، وتغطي الثلوج 80% من أراضيها لوقوع معظمها داخل القطب الشمالي، وهي أكبر من المكسيك، وتتمتع الجزيرة بموقع استراتيجي يجذب أنظار منافسي الولايات المتحدة.
ورغم حجمها الهائل، إلا أن عدد سكانها لا يتجاوز الـ57 ألفاً فقط، وبينهم عربي واحد، ينحدر من أصول لبنانية، ويدعى وسام الزقير (أو الصغير).
ردا على ترامب.. تظاهرات في بنما والدنمارك ترفع سقف إنفاقها الدفاعي في غرينلاند https://t.co/zjO85LWQev pic.twitter.com/HeU4k6xsCw
— مونت كارلو الدولية / Monte Carlo Doualiya (@MC_Doualiya) December 25, 2024والجزيرة تقع جغرافياً داخل قارة أمريكا الشمالية، لكنها في الواقع جزء من أوروبا، إذ تعتبر منطقة ذاتية الحكم تابعة للدنمارك، وخضعت لحكم كوبنهاغن في أوائل القرن الـ18 أي قبل أكثر من 200 عام، ويمثلها في البرلمان الدنماركي نائبان فقط.
ثرواتهاوتزخر الجزيرة البيضاء النائية بالموارد الطبيعية، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة مثل النيوديميوم والديسبروسيوم، حسب الجمعية الملكية للكيمياء، إضافة لاحتوائها على الوقود الأحفوري.
وأكثر ما يميز الجزيرة ثلوجها الدائمة، وشروق الشمس النادر، الذي يتواصل فيها لشهرين متتالين من 25 مايو (أيار) إلى 25 يوليو (تموز)، وفقاً لوزارة الخارجية الدنماركية.
قناة بنما: غرينلاند والقناة ليستا للبيع.. لماذا يهدد ترامب بالاستيلاء عليهما؟ - BBC News عربي https://t.co/BoFXPRw8k7
— BBC News عربي (@BBCArabic) December 25, 2024 كم ستكلف؟يقول الدنماركيون ورئيس وزراء الجزيرة موتى إيجيدي، إن إراضيهم ليست للبيع، وهذا يجعل تخمين سعرها صعباً، لكن الخبراء يؤكدون أن الناتج المحلي الإجمالي لغرينلاند يبلغ أكثر 3.2 مليار دولار، كما أنها تتلقى إعانة سنوية تقدر بحوالي 600 مليون دولار من حكومة الدنمارك، وفق ما ذكره موقع الشرق.
وعلى سبيل المقارنة، فإن تكلفة شراء الولايات المتحدة لألاسكا من الإمبراطورية الروسية عام 1867 بلغت 7.2 مليون دولار، وهو ما يعادل حوالي 150 مليون دولار بالقيمة الحالية، وهي صفقة تُعتبر رابحة للغاية.
أهميتها لأمريكاتربط الجزيرة بين أمريكا وأوروبا وروسيا عبر القطب الشمالي، وتحتفظ الولايات المتحدة فيها بقاعدة بيتوفيك الفضائية. كما تحتل غرينلاند موقعاً استراتيجياً للتجارة حيث تسعى القوى العالمية إلى توسيع نطاقها في الدائرة القطبية الشمالية. وترى روسيا على وجه الخصوص، المنطقة كفرصة استراتيجية، وفق تقرير لـ"بي بي سي".
سوابقلم تقتصر طموحات ترامب التوسعية على غرينلاند وسبقت بتهديدات لإعادة قناة بنما الاستراتيجية إلى السيطرة الأمريكية، كما قال في مقترح ساخر وجهه إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إن الولايات المتحدة يمكن أن تضم كندا كولاية رقم 51.
قصة قناة بنما.. من روزفلت إلى تهديدات ترامب - موقع 24فتح ترامب جبهة جديدة قبل توليه الرئاسة رسمياً في 20 يناير (كانون الثاني) القادم، بتهديده استعادة السيطرة على قناة بنما المائية الحيوية والتي تربط المحيطين الهادئ بالأطلسي، لكن الحكومة البنمية ردت على لسان رئيسها بالرفض التام، مع التأكيد على أحقيتها المطلقة في السيطرة على أهم ممر تجاري في أمريكا ...لكن عرض ترامب لشراء غرينلاند ليس الأول من نوعه، وسبقه إليه الرئيس الأمريكي الراحل هاري ترومان حين طلب شراءها من الدنمارك لقاء 100 مليون دولار أمريكي.
وبالعودة إلى التاريخ، يجد أحدنا أن الولايات المتحدة قدرت من خلال صفقات مالية شراء أراض عديدة، على رأسها ألاسكا، كما اشترت أمريكا إقليم لويزيانا من فرنسا عام 1803 مقابل 15 مليون دولار أمريكي.
وهناك أيضاً سابقة مع الدنمارك، حيث باعت كوبنهاغن للولايات المتحدة جزر الهند الغربية التي تعرف الآن بجزر فيرجن الأمريكية عام 1917 لقاء 25 مليون دولار ذهبي.