مظاهرات بمدن عربية وغربية رفضا للعدوان الإسرائيلي على غزة
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
تواصلت اليوم المظاهرات الاحتجاجية المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة وبمجزرة مستشفى المعمداني التي خلفت مئات الشهداء، في عدة دول عربية وإسلامية وفي مدن غربية.
تونستجددت الخميس احتجاجات أمام السفارة الفرنسية في تونس العاصمة، حيث طالب المشاركون فيها برحيل السفير واتهموا باريس بالمشاركة في العدوان المتواصل على قطاع غزة.
وتجمع مئات الشباب أمام السفارة الفرنسية في شارع الحبيب بورقيبة، ورددوا هتافات تنادي برحيل السفير، وتعتبر فرنسا متورطة في الاعتداءات على غزة.
ومن بين الهتافات "طرد السفير واجب"، و"الفرنسيس والأميركان شركاء في العدوان"، و"الشعب يريد طرد السفير"، و"الشوارع والغضب.. لا منابر ولا خطب".
الجزائرشارك آلاف الجزائريين الخميس في تظاهرات حاشدة بمختلف محافظات البلاد، تضامنا مع الشعب الفلسطيني، تلبية لدعوة أطلقتها أحزاب سياسية وتنظيمات المجتمع المدني، تحت عنوان "نداء من أجل نصرة فلسطين".
وانطلقت مظاهرة حاشدة في العاصمة الجزائر، من ساحة أول ماي إلى ساحة الشهداء، حمل خلالها المتظاهرون أعلام فلسطين، كما رددوا شعارات "فلسطين الشهداء"، و"بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، و"بالروح بالدم نفديك يا غزة".
كما خرجت أيضا مسيرات حاشدة، بمدن قسنطينة وجيجل وسكيكدة (شرق)، وكذلك باتنة التي شهدت مشاركة الرئيس الجزائري السابق اليامين زروال في المسيرة، بحسب الصور التي بثها التلفزيون الرسمي.
#الجزائر ???????? | مسيرة الجزائر العاصمة المساندة لغزة و للشعب الفلسطيني.#غزة #فلسطين pic.twitter.com/ZWI7YBvKaX
— Abdelmoundji Khelladi | عبد المنجي خلادي (@KAbdelmoundji) October 19, 2023
الأردنشارك مئات الأردنيين مساء الخميس، في وقفة تضامنية أمام السفارة الإسرائيلية في عمان مع سكان غزة ونصرة للمقاومة الفلسطينية، حسبما أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل.
كما شارك العشرات من أهالي محافظة المفرق الأردنية مساء الخميس في وقفة تضامنية مع سكان غزة ونصرة للمقاومة. واحتشد متظاهرون أردنيون في عدة مناطق ومدن أردنية أخرى لدعم غزة وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي.
المغرب
شارك عشرات المغاربة الخميس في وقفة تضامنية مع قطاع غزة أمام مبنى الأمم المتحدة بالرباط، تنديدا بالهجوم الإسرائيلي على المستشفى المعمداني الذي أوقع مئات القتلى والجرحى.
وعبر المحتجون خلال الوقفة التي دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين (غير حكومية)، عن رفضهم خطط إسرائيل ترحيل الفلسطينيين من غزة.
ورفع المشاركون لافتات مساندة للقضية الفلسطينية، منددين باستهداف المدنيين وبالهجوم الإسرائيلي على المستشفى المعمداني.
موريتانياتظاهر صحفيون أمام مقر الأمم المتحدة في العاصمة نواكشوط تنديدا بالقصف الإسرائيلي على غزة.
وطالب المتظاهرون بوقف ما وصفوه "حرب الإبادة" و"جرائم الحرب" المرتكبة في غزة. كما رفعوا شعارات تدعو إلى حماية الصحفيين الفلسطينيين ومحاسبة قتلتهم.
الكويتنظّم طلبة وقفات تضامنية لدعم الفلسطينيين وللتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة. وردّد المشاركون في الوقفات شعارات تستنكر ما وصفوه بصمت المجتمع الدولي خصوصا بعد مجزرة المستشفى المعمداني.
وكانت وزارة التربية الكويتية وجهت تعميما لكافة المدارس لتنظيم وقفات تضامنية مع الفلسطينيين.
مصرتظاهر العشرات من الطلاب والطالبات في جامعة عين شمس بالقاهرة، دعما لغزة وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي. وردد المتظاهرون هتافات تنادي بالتحرك لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وتندد بممارسة الاحتلال الإسرائيلي واستهدافه للمدنيين والأطفال في القطاع.
فرنساشارك الآلاف في تظاهرة داعمة للفلسطينيين في باريس الخميس بعدما رفعت السلطات الحظر الذي كان مفروضا عليها.
وكانت محكمة باريسية قد علّقت الحظر على التظاهرة المقرر تنظيمها في ساحة لاريبوبليك بوسط باريس.
وتجمع الآلاف للمشاركة في التظاهرة التي شهدت اشتباكات مع عناصر في الشرطة الذين استخدموا رذاذ الفلفل لتفريق الحشود، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
ألمانيا
أصيب أكثر من 60 شرطيا خلال مظاهرة جديدة مؤيدة للفلسطينيين في برلين شهدت وفق السلطات "أعمال تمرد".
وأوضحت الشرطة أن "65 شرطيا أصيبوا بجروح"، فيما جرى "توقيف 174 شخصا، 65 منهم يخضعون لتحقيق جنائي" في المظاهرة التي جرت في حي نويكولن الشعبي الذي يضم جالية عربية كبيرة.
وبعد أن طلبت الشرطة من المشاركين التفرق، "وُضعت حاويات قمامة وعوائق على الطريق"، و"رُشق عناصر الشرطة بالحجارة والمفرقعات" -بحسب السلطات- ورد رجال الشرطة باستخدام خراطيم المياه.
الولايات المتحدةشارك العشرات من اليهود الأميركيين في تظاهرة أمام منزل نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في لوس أنجلوس، للمطالبة بوقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتوقف عن دعم الحرب والمجازر التي تحدث بفلسطين، وفق تعبيرهم.
About 50 members of Los Angeles’ Jewish community have gathered outside Vice President Kamala Harris’ Brentwood home Thursday morning to protest the Israeli bombardment of Gaza and to call for an immediate ceasefire. #Israel #Palestine pic.twitter.com/XT6omN0VfK
— Andrew J. Campa (@campadrenews) October 19, 2023
كما شارك العشرات من النشطاء الأميركيين وأبناء الجالية العربية والإسلامية في تظاهرة أمام مجلس مدينة فيلادلفيا الخميس، رافعين الأعلام الفلسطينية ومرددين الهتافات المطالبة بوقف إطلاق النار وتحرير فلسطين ومطالبين أعضاء المجلس برفض إدانة المقاومة ودعم جهود وقف الحرب.
Philadelphians are gathered outside of City Hall and packed into City Council chambers to demand an end to the genocide against Gaza. Ceasefire now! pic.twitter.com/5lmJiS7z2J
— Philadelphia CPUSA (@phillycpusa) October 19, 2023
أيرلندااحتشد مئات المتظاهرين مساء الخميس أمام مجلس مدينة بلفاست في أيرلندا، رافعين الأعلام الفلسطينية ومرددين هتافات تطالب بطرد السفير الإسرائيلي.
IRSP activists among the large crowd outside Belfast City Hall right now supporting the Palestinian resistance and calling for the expulsion of the Israeli ambassador to Ireland ???????? ???????? #palestine #belfast #ireland pic.twitter.com/QumuUjaZCt
— Irish Republican Socialist Party (@irspireland) October 19, 2023
الدانماركشارك العشرات من المتظاهرين وأبناء الجاليات العربية والإسلامية، في تظاهرات منددة بالعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، بمدن أدونسي وكولين وهلسينور، رافعين الأعلام ومرددين هتافات رافضة للمجازر التي يقترفها جيش الاحتلال.
السويد
احتشد العشرات من الناشطين السويديين وأبناء الجاليات العربية والإسلامية بمدينة مالمو السويدية الخميس، دعما لفلسطين ورفضا للعدوان الإسرائيلي.
النرويج
شارك متظاهرون مساء الخميس في مدينة ستانفجار النرويجية في وقفة للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على غزة ودعم المقاومة الفلسطينية.
هولندا
احتشد متظاهرون في مدينة أوترخت الهولندية مساء الخميس دعما لفلسطين وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي.
النمسا
نظم عشرات الأشخاص وقفة في مدينة فيينا النمساوية مساء الخميس رافعين الاعلام الفلسطينية و منددين بالعدوان الإسرائيلي على غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بالعدوان الإسرائیلی على الإسرائیلی على غزة مساء الخمیس الخمیس فی pic twitter com فی وقفة
إقرأ أيضاً:
غزة العصية على الانكسار.. قراءة إسرائيلية وغربية لصمودها الأسطوري
على الرغم من حرب الإبادة المستمرة على القطاع منذ أكثر من عام ونصف، ورغم الدمار الشامل والنزوح المتكرر لسكان القطاع؛ إلا أن غزة مازالت صامدة ترفع رأسها وسط الركام بعزة وشموخ وإباء في صورة غير مسبوقة في تاريخ الصراع، ومازالت مقاومتها صامدة تذيق العدو ما لم يكن يتوقعه أو يطيقه. لذا، يتساءل الكثير عن أسباب هذا الصمود الأسطوري الذي أذهل العدو قبل الصديق.
وفي هذا المقال نقدم قراءة إسرائيلية وغربية تفسر وتحلل أسباب ما نراه اليوم في غزة الأبية والذي سيكون فاتحة صفحة جديدة ومشرقة في تاريخ الصراع والمنطقة:
1 ـ هاريسون مورجان: "المقاومة العنيدة لحماس"، معهد الحرب الحديثة، أكاديمية ويست بوينت، 27/2/2025.
2 ـ إيان سليزنجر: "رسم خرائط للمجهول: إدارة إسرائيل لأنفاق غزة"، مجلة الجغرافيا السياسية، عدد:1 مجلد:25، 2020.
3 ـ جون سبنسر، "استراتيجية حماس السياسية والعسكرية تعتمد على الأنفاق"، معهد الحرب الحديثة، أكاديمية ويست بوينت، 18/1/2024.
4 ـ أتار بورات، "لماذا تستمر المقاومة الفلسطينية؟: نظرة متعمقة على منطق حماس"، جيروزاليم بوست، 27/1/2025.
5 ـ ديفيد هيرست، "لماذا لن تستسلم حماس؟"، ميدل إيست آي، 22/4/2025.
6 ـ مارك ليفين وإريك تشيفيتز، " إسرائيل وفلسطين وشعرية الإبادة الجماعية من جديد "، مجلة بحوث الإبادة الجماعية، 22/4/2025.
نتائج لم يتوقعها أحد
قبل الحرب الحالية، قيّم القادة الإسرائيليون حزب الله على أنه التهديد الاستراتيجي الأكبر، فلديه من أربعين إلى خمسين ألف مقاتل نشط وأربعين ألفًا آخرين في الاحتياط، ومئتي ألف صاروخ منها صواريخ دقيقة بعيدة المدى قادرة على ضرب عمق إسرائيل، وخبرة قتالية واسعة في سوريا. وفي المقابل، كان لدى حماس قوة أصغر قوامها حوالي خمسة وعشرين ألف مقاتل، وترسانة تتراوح بين ثمانية عشر وثلاثين ألف صاروخ معظمها قصير المدى، وخبرة ميدانية أقل بكثير.
وصلت حماس إلى السلطة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. وبعد صراع قصير وعنيف، طردت حماس حركة فتح من غزة عام ٢٠٠٧، مُرسّخةً بذلك هيمنتها المطلقة. ومنذ ذلك الحين، عززت حماس سيطرتها، وضمّت جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة تقريبًا في غزة تحت هيكلها القيادي، مما مكّنها من انتهاج استراتيجية حرب شاملة وسط دعم شعبي ودون معارضة داخلية.ورغم هذه التباينات، مُني حزب الله بهزيمة عسكرية سريعة؛ بينما صمدت حماس في وجه حرب شرسة حتى وافقت إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق نار كان مطروحًا فعليًا على الطاولة لأكثر من عام. هذا الصمود أمام أعتى قوة عسكرية في المنطقة والمدعومة دوليا من قوى إقليمية ودولية، أسبابه ما يلي:
وحدة القيادة والإرادة في غزة
وصلت حماس إلى السلطة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. وبعد صراع قصير وعنيف، طردت حماس حركة فتح من غزة عام ٢٠٠٧، مُرسّخةً بذلك هيمنتها المطلقة. ومنذ ذلك الحين، عززت حماس سيطرتها، وضمّت جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة تقريبًا في غزة تحت هيكلها القيادي، مما مكّنها من انتهاج استراتيجية حرب شاملة وسط دعم شعبي ودون معارضة داخلية.
لذلك، رغم ما عاناه المدنيون الفلسطينيون، لم يُترجم تدمير البنية التحتية في غزة والتكاليف الإنسانية للصراع إلى ضغط على حماس للتفاوض. وبدون وجود فصائل متنافسة تطالب بوقف إطلاق النار، يمكن لحماس مواصلة القتال إلى أجل غير مسمى طالما حافظت على إمدادات ثابتة من القوى البشرية والذخائر.
فشل إسرائيل في اختراق حماس استخباراتيا
تُعد غزة من أكثر مناطق العالم انعزالاً وتحكماً. وتُسيطر حماس على كل جانب من جوانب الحياة، من الحكم إلى الأمن، مما يسمح لها بتنظيم الحركة داخل القطاع بإحكام. والمنطقة معزولة إلى حد كبير عن النفوذ الخارجي، مع ضوابط صارمة على من يمكنه الدخول أو الخروج. ويعمل الأجانب، بمن فيهم الصحفيون وعمال الإغاثة والدبلوماسيون، تحت مراقبة حماس المشددة، مما صعّب على المخابرات الإسرائيلية إدخال عملاء أو تنمية أصول استخباراتية هناك. كما أمضت حماس عقوداً في تحديد هوية عملاء إسرائيل والقضاء عليهم. والنتيجة هي بيئة أكثر عدائية للعمليات الاستخباراتية مقارنة بلبنان.
الاقتصاد الحربي المُستدام لحماس
سبب رئيسي للصمود الأسطوري لحماس هو قدرتها على تحمّل صراع طويل الأمد. فقد طورت حماس نظامًا لوجستيًا مبتكرًا ومكتفيًا ذاتيًا إلى حد كبير، سمح لها بمواصلة القتال دون الاعتماد على إعادة الإمداد الخارجي. وقد تمحورت استراتيجية حماس للتمويل المُستدام المُستدام حول ثلاثة عوامل رئيسية:
1 ـ الإنتاج الأسلحة داخل القطاع:
على مر السنين، استثمرت حماس بكثافة في تصنيع الأسلحة محليًا، مما سمح لها بإنتاج صواريخ مضادة للدبابات، وقذائف هاون، وعبوات ناسفة بدائية، وحتى صواريخ بعيدة المدى دون الاعتماد على موردين أجانب. وقد مكّنتها هذه الصناعة المحلية من مواصلة العمليات القتالية حتى في الوقت الذي استهدفت فيه إسرائيل مخزوناتها قبل الحرب.
2 ـ تحويل القصف الإسرائيلي إلى مورد لمجهودها الحربي:
بعد كل اشتباك مع القوات الإسرائيلية، كان مقاتلو حماس يمشطون الحطام بحثًا عن أسلحة صغيرة وذخائر وذخائر غير منفجرة. وخلال عمليات تبادل الأسرى الأخيرة، عرضت حماس علنًا بنادق إسرائيلية ومعدات عسكرية أخرى استولت عليها، كدليل على جهودها المنهجية في البحث عن المخلفات في ساحة المعركة. فقد وفّرت آلاف القنابل غير المنفجرة وقذائف المدفعية التي أُلقيت على غزة لحماس إمدادًا لا ينضب تقريبًا من المواد المتفجرة، التي أعاد مهندسوها استخدامها في أسلحة جديدة. وبدلًا من أن تُعيق الغارات الجوية الإسرائيلية حركة حماس، استغلتها حماس لدعم عملياتها.
متاهة الأنفاق "مترو غزة"
ينظر صناع القرار الاستراتيجيين في إسرائيل إلى الأنفاق على أنها تهديد خطير لأنها تقنية تستخدم الخصائص المادية للأرض لتخريب أجهزة المراقبة والحساب الإسرائيلية للتأمين ضد الخطر. وهي ناقلات لا يمكن التنبؤ بها أو مراقبتها أو رسم خرائط لها، يمكن لمقاتلي حماس من خلالها التهرب من النظام الإسرائيلي القوي المتمثل في الأسوار الحدودية، ومراقبة البصر والاتصالات، وجمع المعلومات الاستخباراتية البشريةHUMINT لتنفيذ هجمات مفاجئة داخل إسرائيل.
وبهذه الطريقة، تسخر أنفاق حماس من القوة السطحية لإسرائيل التي تعرف كل ما هو فوق الأرض في غزة وقد زعزعت من ثقة إسرائيل في قدرتها على إدارة المخاطر الجيوسياسية من خلال تقنيات السيطرة على الأراضي. وكشفت عن وجود غزتين: إحداهما فوق الأرض، والأخرى مدفونة عميقًا تحتها. وهو وضع لا سابق له ولا مثيل في السياق الأوسع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وطالما شكلت الأنفاق تحديا للجيوش التقليدية. وشهدت الجيوش البريطانية والألمانية تدمير أفواج بأكملها بسبب تكتيكات الأنفاق. وفقدت الولايات المتحدة بسببها عددا لا يحصى من الرجال في حرب فيتنام.
قد يكون الحجم الهائل لشبكات حماس السرية، بمجرد اكتشافها بالكامل ، يتجاوز أي شيء واجهه جيش حديث على الإطلاق. والأهم من حجم الأنفاق في غزة، أن الحرب بين إسرائيل وحماس هي الحرب الأولى التي جعلت فيها حركة مقاومة شبكتها السرية الواسعة محورا محددا لاستراتيجيتها السياسية والعسكرية الشاملة.
يمكن القول إنه لا يوجد جيش في العالم مستعد جيدا للتحديات التكتيكية تحت الأرض مثل الجيش الإسرائيلي؛ لكن التحدي الاستراتيجي مختلف تماما، كما أنها تنطلب وقتا للعثور على الأنفاق وتدميرها في صراع تهدف فيه استراتيجية حماس إلى الحد من الوقت المتاح لإسرائيل لشن حملتها.
ورقة الرهائن
مثلت ورقة الرهائن سببا رئيسيا لقدرة حماس على تحمل حرب طويلة، ومنحتها نفوذًا استراتيجيًا غيّر جذريًا الديناميكيات السياسية والعسكرية للصراع. وأجبرت إسرائيل على اتخاذ قرارات عسكرية وسياسية صعبة، إذ كان عليها موازنة أهدافها الهجومية مع جهودها لاستعادة الأسرى أحياء.
ينظر صناع القرار الاستراتيجيين في إسرائيل إلى الأنفاق على أنها تهديد خطير لأنها تقنية تستخدم الخصائص المادية للأرض لتخريب أجهزة المراقبة والحساب الإسرائيلية للتأمين ضد الخطر. وهي ناقلات لا يمكن التنبؤ بها أو مراقبتها أو رسم خرائط لها، يمكن لمقاتلي حماس من خلالها التهرب من النظام الإسرائيلي القوي المتمثل في الأسوار الحدودية، ومراقبة البصر والاتصالات، وجمع المعلومات الاستخباراتية البشريةHUMINT لتنفيذ هجمات مفاجئة داخل إسرائيل.واستخدمت حماس الرهائن سلاح نفسيا ضد المجتمع الإسرائيلي. وواصلت مقاطع الفيديو الدورية التي تُظهر بقاء الرهائن على قيد الحياة وسيلة ضغط مؤثرة على إسرائيل للتفاوض مع حماس. وقد أثبتت استراتيجية الرهائن أنها أكثر قيمة من الناحية الاستراتيجية من قوة حزب الله النارية. ومكنتها من انتزاع تنازلات من إسرائيل، مما يثبت أن النفوذ السياسي والنفسي والدبلوماسي لحماس لا يقل أهمية عن قوة النيران في ساحة المعركة.
قدسية الأرض والتمسك بها
لو كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مكان أهل غزة لغادر إلى المنفى منذ زمن بعيد، كما فعل بعد محاصرة قوات منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت الغربية عام ١٩٨2، ولكانت فتح قد سافرت إلى الخارج بحلول ذلك الوقت. أيًا من هذه السوابق لا ينطبق على حماس، لماذا؟:
1 ـ إذا كان انهيار الجيش الإسرائيلي في ٧ أكتوبر قد غيّر إسرائيل إلى الأبد، فإن تدمير غزة غيّر القضية الفلسطينية إلى الأبد. إذ أصبحت أرضًا مقدسة للفلسطينيين في كل مكان.
2 ـ لا توجد عائلة في غزة لم تفقد أقاربها أو منازلها في هذه الحرب. ولا يمكن فصل حماس ولا أي من فصائل المقاومة الأخرى عن الشعب الذي تقاتل من أجله.
3 ـ مع تزايد المعاناة الجماعية، تتزايد الإرادة الجماعية للبقاء على أرضها، كما أظهر المزارعون العزّل في جنوب الخليل.
4 ـ لا يوجد شئ أكثر إقناعًا لضرورة مقاومة الاحتلال من سلوك الدولة الإسرائيلية نفسها. إنها دولة غازية غامضة، مستمرة، وسامّة لمساحة الآخرين.
لا بديل للفلسطينين عن المقاومة والصمود
تسعى إسرائيل دائما إلى مزيد من السيطرة. وحركة الاستيطان الإسرائيلية أكثر نشاطًا في أوقات السلم منها في أوقات الحرب، كما يُظهر تاريخ الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة بعد اتفاقيات أوسلو. ولا يمكن لإسرائيل أن تلتزم بحل الدولتين، لأنه لم يكن هناك سوى دولة واحدة في أذهان مؤسسيها وأحفادهم. وإن ما يقوم به إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، ونتنياهو، مجتمعين، ليس إلا "إتمام" مهمة إبادة الفلسطينيين من "أرض إسرائيل" التي بدأها ديفيد بن غوريون. إنها خرافة متكررة ومُريحة، يغذيها الصهاينة الليبراليون، تُفرّق بين قبائل إسرائيل المختلفة بشأن القضية الفلسطينية، لعدم وجود اختلافات جوهرية. وهذا أصدق اليوم مما كان عليه وقت اغتيال إسحاق رابين.
حماية الأقصى من مؤامرات الاحتلال
يعلم الفلسطينيون في غزة أنهم حائط الصد الأخير ضد مخططات الاحتلال بشأن القدس والمسجد الأقصى؛ فإسرائيل لن تتوقف أبدًا عن فرض هيمنة دينها على جميع الأديان الأخرى. وفي عيد الفصح، يكون المسيحيون ضحايا لهذه الممارسات الاستيطانية بقدر المسلمين. ويشهد المسجد الأقصى إقبالاً متزايداً من اليهود للصلاة، إذ دخل أكثر من 6000 يهودي ساحاته للصلاة منذ بدء عيد الفصح اليهودي هذا العام، أي أكثر من جميع المصلين اليهود الذين زاروه خلال أعياد العام الماضي. وليس من قبيل المصادفة أن يحدث ذلك في الوقت الذي صوّتت فيه المحكمة العليا الإسرائيلية بالإجماع على رفض التماس قدمته عدة منظمات حقوق إنسان تطالب باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
إن إسرائيل، بجميع أشكالها، الدينية والعلمانية، تسعى إلى إبادة الشعب الفلسطيني إبادة جماعية بكافة صورها: بشرية وجغرافية ودينية وقومية وثقافية وكافة معاني الحق في الحياة التي أقرتها المواثيق الدولية.
مصير حماس هو مصير فلسطين والفلسطينيين
إن استسلام حماس، ومعها غزة اليوم، يُعدّ استسلامًا للقضية الفلسطينية نفسها. ليس لأن جميع الفلسطينيين متدينون، أو لأن فتح لا تحظى بشعبية؛ بل لأن المقاومة تُمثل السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال. وإن حجم المعاناة التي أنزلتها إسرائيل بجميع الفلسطينيين، في غزة والضفة الغربية والقدس وداخل إسرائيل على حد سواء، يعني أن مصير حماس هو مصير فلسطين أيضًا. لكن حماس تختلف عن فتح في كونها منظمة دينية. لقد بدأت هذه الحرب بسبب اقتحامات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى. وقد لجأ الفلسطينيون في غزة إلى دينهم لفهم المذبحة التي تعرضوا لها.
المقاومة هي الحمض النووي للشعب الفلسطيني
ترتكز الروح الفلسطينية على مقاومة إسرائيل، وتبني هويتها بأكملها على معارضتها. روح يمكن صياغتها في جملة واحدة: إسرائيل هي الشر الكوني النهائي، وهي مصدر كل ما هو خطأ في العالم، ومعنى الحياة بالنسبة للفلسطيني هو محاربة إسرائيل والتضحية بالنفس لإحداث أكبر قدر ممكن من الدمار فيها. وهو معنى أكده زعيم حماس في خطاب ألقاه بعد إعلان وقف إطلاق النار، قائلاً: "سنمضي على نهج القادة الشهداء حتى ننال النصر أو الشهادة إن شاء الله".
من وجهة النظر الفلسطينية، كل خسارة في حياة المقاومة هي تضحية من أجل القضية الأسمى، مما يجعل التضحية ليست مقدسة فحسب، بل سببًا للاحتفال أيضًا. وكلما زادت معاناة الفلسطينيين، زاد "صمودهم" أو قدرتهم على الصمود.
في هذا الإطار الفكري، يكاد يكون من المستحيل ردع الفلسطينيين، لأنهم لا يربطون بين الفعل والنتيجة. إنهم يرون المعاناة التي يتحملونها هي جزء من الثمن الذي يدفعونه مقابل "صمودهم" البطولي. وهم يوقنون بأن غزة سيُعاد بناؤها في المستقبل، وأنهم سينتصرون. ويتجلى شعار "الليل أحلك ما يكون قبل الفجر" في معظم مقاطع الفيديو الدعائية الصادرة من غزة هذه الأيام. لهذا السبب يعتبرون أنفسهم منتصرين حقًا.
إن الصبر ، أو الصمود، هو من ثوابت الفكر الإسلامي التي يعتمدها الفلسطينيون. صبر يعني أنه يمكنك الفوز على أي خصم إذا راهنت على الوقت وكنت أكثر تصميمًا منه. قد تعاني أكثر من خصمك؛ لكن إذا تمكنت من الصمود، فستنتصر في النهاية. قال باسم نعيم، أحد مسؤولي حماس: "إن الضربة التي بدأت في السابع من أكتوبر، وما تلاها من صمود ومقاومة، تثبت أن الشعوب قادرة على توفير الوسائل والظروف التي تناسبها لتحقيق أهدافها العظيمة في الحرية والاستقلال". وقال أيضا: "سيبقى السابع من أكتوبر مصدر فخر لشعبنا ومقاومتنا". وهذا يؤكد إيمانهم بأن المقاومة تُثمر بالفعل، لقد حققت حماس مكاسب سياسية في غزة والضفة الغربية من خلال "تحقيق" إطلاق سراح الإرهابيين من جميع الفصائل كجزء من الصفقة.
خلاصتان مهمتان
في ختام هذا المقال عن أسباب هذا الصمود الرائع والمذهل لغزة ومقاومتها الباسلة، نورد خلاصتان مهمتان ترتبطان بمستقبل الصراع ونتيجة المواجهة:
أولا ـ حماس أقوى استراتيجيا:
قال هاريسون مورجان في ختام دراسته: "الهزيمة السريعة لحزب الله ـ الذي كان يُعتبر في السابق ألد أعداء إسرائيل ـ تناقضت بشكل صارخ مع صمود حماس في غزة، وهي مفارقة استراتيجية صادمة لا تقل عن انتصارات الجيش الألماني المبكرة في الحرب العالمية الثانية، وتبرز عدم القدرة على التنبؤ بالحرب ومخاطر الاعتماد على افتراضات ما قبل المعركة. وقد أثبت أسر حماس لـ 251 رهينة في نهاية المطاف أنها أقوى استراتيجيًا من معظم ترسانة حزب الله، حيث أجبر الضغط الشعبي داخل إسرائيل الحكومة على التفاوض على إطلاق سراحهم، مما أثر على مسار الحرب.
بالنسبة للمتخصصين العسكريين، تُسلط هذه الحرب الضوء على مخاطر الافتراضات في الحرب، فقدرة حماس على مواجهة حملة إسرائيلية مدمرة في غزة والصمود أمام هذه الحرب الشاملة يجب أن تُشكِّل تحديًا للافتراضات حول إمكانيات المقاومة وقدراتها على تحمل صراع مُستدام. ولذلك، فمن المُرجَّح لن يكون "السابع من أكتوبر" القادم كالسابع من أكتوبر الحالي".
ثانيا ـ الشعب باق وإسرائيل إلى اضمحلال وزوال:
يقول مارك ليفين وإريك تشيفيتز بجامعة كاليفورنيا والمتخصصان في الإبادة الجماعية: "بغض النظر عن عدد من تقتلهم إسرائيل أو تشوههم أو تسجنهم أو تطردهم، فإن أي إبادة جماعية شبه كاملة للشعب الفلسطيني لن تدفعهم إلى "التخلي" عن هويته الوطنية وأحلامه. والنتيجة الأكثر ترجيحا هي أن إسرائيل، من خلال محاولتها تحقيق هذا الهدف المستحيل والإجرامي تماما، سوف تدمر نفسها، أو على الأقل ستنفي نفسها من المجتمع الدولي".