أعرب خبراء لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بجنيف عن غضبهم وتنديدهم إزاء الغارة القاتلة التي استهدفت المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في مدينة غزة أول أمس وأسفرت عن مقتل أكثر من 470 مدنيا وحصار المئات تحت الأنقاض.

ولفت الخبراء -في بيان صحفي مساء اليوم الخميس- إلى أنه وبحسب ما ورد فقد جاءت الغارة بعد تحذيرين أصدرتهما إسرائيل بأن هجوما وشيكا على المستشفى إذا لم يتم إجلاء الأشخاص الموجودين بداخله.

قال الخبراء إنهم يدقون ناقوس الخطر من أن هناك حملة مستمرة تشنها إسرائيل وتؤدي إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في غزة، ولفتوا إلى أنه بالنظر إلى التصريحات التي أدلى بها القادة السياسيون الإسرائيليون وحلفاؤهم المصحوبة بالعمل العسكري في غزة وتصعيد الاعتقالات والقتل في الضفة الغربية، فإن هناك أيضا خطر الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني وأنه لا توجد مبررات أو استثناءات لمثل هذه الجرائم وأعربوا عن فزعهم إزاء تقاعس المجتمع الدولي في مواجهة الترويج للحرب.

ومن هؤلاء الخبراء بيدرو أروجو أجودو المقرر الخاص الأممى المعنى بحق الإنسان في الحصول على مياه الشرب المأمونة، وفرانشيسكا ألبانيز المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وريم السالم المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد النساء والفتيات وباولا جافيريا بيتانكور المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخليا ومايكل فخري المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء وغيرهم.

أكد الخبراء، أن قصف المستشفى هو عمل وحشي، وأعربوا عن غضبهم كذلك إزاء ماوصفوه بالضربة القاتلة التي وقعت في نفس اليوم على مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تقع في مخيم المغازي للاجئين والتي تؤوي حوالي 4000 نازح بالإضافة إلى مخيمين للاجئين مكتظين بالسكان.

أثار الخبراء مخاوف إنسانية وقانونية خطيرة بشأن تشديد إسرائيل حصارها المستمر منذ 16 عاما على القطاع وسكانه واحتلالها الطويل الأمد مما يحرم 2.2 مليون شخص من الغذاء الأساسى والوقود والمياه والكهرباء والدواء، مشيرين إلى أن هناك ما يقدر بنحو 50 ألف امرأة حامل في غزة بحاجة ماسة إلى الرعاية قبل الولادة وبعدها.

أشاروا إلى أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أدان مرارا وتكرارا استخدام تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب وهو أمر محظور بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائى الدولى.. محذرين من أن الحرمان غير القانوني من وصول المساعدات الإنسانية وحرمان المدنيين من الأشياء التى لا غنى عنها لبقائهم يشكل أيضا انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.

وقالوا إن الحصار الكامل المفروض على غزة إلى جانب أوامر الإخلاء غير العملية والنقل القسري للسكان يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي، لافتين إلى أن هذه الأشياء قاسية بشكل لا يوصف.

وشدد الخبراء على أن التدمير المتعمد والمنهجي لمنازل المدنيين والبنية التحتية والمعروف باسم (قتل المنازل) وقطع مياه الشرب والأدوية والمواد الغذائية الأساسية محظور بشكل واضح بموجب القانون الجنائي الدولي.

وقالوا إنه حان الوقت لوقف إطلاق النار فورا وضمان الوصول العاجل ودون عوائق إلى الإمدادات الإنسانية الأساسية بما في ذلك الغذاء والماء والمأوى والأدوية والوقود والكهرباء وشددوا على أنه يجب ضمان السلامة الجسدية للسكان المدنيين، ووجوب انهاء الاحتلال وأن تكون هناك تعويضات وإعادة إعمار وبناء لتحقيق العدالة الكاملة للفلسطينيين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحده غزة المعمداني إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

الساحل السوري وانكشاف الزيف الإنساني

يمانيون../
تتوارد الأخبار السوريّة المفجعة: صور ومشاهد يندى لها جبين الإنسانية، مجازر تتنقّل بحسب خطوات القتلة، إعدامات ميدانية مشهودة والتّهمة “علويّ” أو “مسيحيّ”. الساحل السوري أصبح بركة دم مسفوك بسيف التكفير والإرهاب المتعدّد الجنسيات. أطفال ونساء وعُجّز ورجال يتعرّضون لأبشع أنواع التعذيب قُبيل القتل. كلّ هذا يجري في ما يواصل المبتهجون بسقوط النظام السابق رقصهم فوق جثث ضحايا إرهاب النظام الحالي، وينكشف زيف إنسانيّتهم للمرّة الألف: هؤلاء الذين بكوا بحرقة لأجل سجناء صيدنايا يصفقون اليوم لمجازر الإبادة التي تُرتكب بحقّ الأبرياء فقط لأنّ القاتل لا يعادي “أميركا”. هذه الإنسانية المشوّهة العاملة بخدمة الشرّ، هي نفسها التي اختلقت ألف ذريعة تبيح للصهيوني أن يدوس بدباباته فوق أجساد الفلسطينيين في غزّة.

بثّت “العربية” يوم أمس تقريرًا يتحدّث عن توزيع “هدايا رمضانية” على سكان الساحل السوري، ولم يصلها تعداد الضحايا الذين ملؤوا الشوارع والبيوت مغرقين بدمهم. للوهلة الأولى، يشعر المتلقي أنّ تقريرًا كهذا هو اشتراك فعلي بالقتل، فمحاولة التستّر على الجريمة جريمة أيضًا، فما حال محاولة التعتيم التّام على مجزرة لا يوجد في معجم توصيف الوحشية مفردة تفيها وحشيّتها.

وكما العربية، دول وشخصيّات رسمية، عادت سورية وحاربتها طوال سنين بذريعة أنّ النظام فيها يقمع شعبه، تغضّ طرفها اليوم عن جريمة متواصلة، يستهدف فيها القاتل السوريين العُزّل في بيوتهم وأحيائهم، ويستقدم مرتزقة متوحشين من كلّ أصقاع الأرض كي يرتكبوا كلّ ما يمكن من فِعال مجرمة: سبي واغتصاب وتنكيل وإذلال وقتل بمختلف الطرق وبعد القتل تنكيل بالجثث وانتهاك لكل الحرمات!

يتحدّث القتلة عن فعالهم بفخر في فيديوهات لا يخجلون من بثّها على منصات التواصل، ويتبجّح مؤيدوهم بما يسمّونه انتقامًا من “فلول النظام السابق”. لنسلّم جدلًا أنّ هؤلاء الضحايا وبالأخصّ الأطفال هم من مؤيّدي النظام السابق، هل يبيح هذا الأمر التنكيل بهم وقتلهم؟! دعنا من كلّ الشعارات الزائفة التي تمجّد الديمقراطية وحريّة الفكر والاعتقاد، ما الذي قد يبرّر هذا المستوى من العنف، هذا الإرهاب، هذا التطهير الديني والمذهبي؟ وما الذي قد يدفع بالأنظمة والدّول للسكوت عنه بهذا الشكل الذي لا يمكن إلّا أن يكون اشتراكًا في الجريمة؟

وللمفارقة، حين يقوم “مسلم” أو “عربي” أو “ذو أصول عربية” بارتكاب جريمة قتل في الغرب، ولو بخلفية جنائية، يتمّ تحويلها إلى جريمة إرهابية بخلفية دينية أو مذهبية، وتسارع دول وسفارات لتصدير بيانات إدانة وشجب، ويتسابق عربٌ ومسلمون وذوو أصول عربية للتبرّؤ من فعلة الفاعل، وكذلك تسارع منظمات حقوقية لتبرير الإسلاموفوبيا ومداواة المجروحة قلوبهم من المشهد. أما أمام المشهد السوريّ الدامي والواضح، يصمت بعض هؤلاء متجاهلًا المشهد، وبعضهم الآخر يصفّق له أو يجتهد في صناعة المبرّرات والذرائع.

تحدّثت “فوكس نيوز” عن أربعة آلاف قتيل من العلويين والشيعة والمسيحيين في الساحل السوري خلال اليومين الماضيين، وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان عن تخطّي عدد الضحايا للألف بين نساء ورجال وأطفال وعجّز. تمتلأ منصّات التواصل بالتسجيلات والفيديوهات المرعبة. وتتردّد أصداء نداءات الاستغاثة وأنّات الاحتضار من شوارع وبيوت الساحل السوري؛ ويصمت الذين ملؤوا الدنيا ضجيجًا في كلّ مرّة تحدّثوا فيها عن النظام السوري السابق! يصمت المنادون بحقوق الإنسان، والمحاضرون بحريّة المعتقد، والمبتهجون بتحرير السجناء مهما كان نوع الارتكاب الذي أدى إلى سجنهم.. يصمت الخطباء الذين كانوا يبلّلون المنابر بدموعهم إشفاقًا على “الأبرياء” في إدلب مثلًا.. يصمت الذين استخدموا كلّ وسائل الإعلام كي يدينوا ارتكابات النظام بحقّ الجماعات التكفيرية على مدى سنوات.. يصمت كلّ هؤلاء، في ما يتدفّق الدم المظلوم المستباح بخلفية دينية ومذهبية.. ما نشاهده اليوم هو ليس مجرّد انكشاف إنسانية مزيّفة وشعارات كاذبة.. ما نشاهده من صمت حيال الأحداث الدامية هذه هو اشتراك ميدانيّ بجريمة تطهير وإبادة، وفي مكان ما قد يكون تحريضًا عليها.
في الساحل السوريّ الآن، رائحة الدم المسفوك أقوى من كلّ الكلمات.. وأقوى من الصمت التعتيميّ والسكوت الذي يدفع القاتل إلى مواصلة جريمته.

موقع العهد الإخباري – ليلى عماشا

مقالات مشابهة

  • الساحل السوري وانكشاف الزيف الإنساني
  • جرائم الإبادة تتواصل بحق المدنيين في الساحل السوري و830 قتيل خلال 24 ساعة
  • مسؤولون أمميون ويمنيون يدعون لتوخي الحذر في أمر تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية (ترجمة خاصة)
  • "حماس" تدعو المجتمع الدولي لحماية الفلسطينيات من جرائم إسرائيل
  • المقررة الأممية لحقوق الإنسان: تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة واجب على المجتمع الدولي تنفيذه
  • منع الاحتلال الوقود عن المستشفيات يهدد المرضى في غزة
  • سبب وفاة معز محمد شريف الناشط بالعمل الإنساني في السودان
  • خبراء: تسليم فرنسا طائرات ميراج 2000 لأوكرانيا يعزز قدراتها العسكرية
  • خبراء أمميون ينتقدون قطع المساعدات عن غزة.. تسليح للمجاعة
  • جمعية الخبراء: الإعفاءات الضريبية تحمي الحرف اليدوية والإبداعية من الاندثار