تحتفظ الذاكرة الإنسانية بسجل حافل يمتد لعقود من الزمن لمجازر وجرائم طالت شعوبا وأمما على أيدي الصهيونية والغرب، إلا أن نصيب ما لحق بالشعب الفلسطيني لا مثیل له من حجم الإجرام الذي تعرض له الشعب الفلسطیني على ید كیان صهیوني في فلسطین المحتلة منذ إعلان وعد بلفور سنة 1917، حيث لم تتوان عصابات صهيونية في اقتراف جرائم، من إبادة جماعیة وتقتیل وتهجیر ومصادرة للأراضي والأملاك وانتهاك للمقدسات الدینیة وكل ذلك أمام أعین "شرعیة دولیة" و"منظمات حقوق إنسان".

 

الاستعمار الغربي على وقع المذابح والإبادة

 

لقد مثل الهنود الحمر في أمريكا الشمالية نموذجا لضحايا "الاستعمار الاستيطاني"، فهذه الشعوب والقبائل التي استقرت في أمريكا لآلاف السنين كانت ضحية مستوطنين ومهاجرين أوروبيين اغتصبوا أرضهم. وقد شكل مؤلف "مذابح الهنود الحمر"، رسائل المطران برتولومي دي لاس كازاس بوثائقه الخطيرة، شهادة للتاريخ حول إبادة الهنود الحمر ومدى العنف والإرهاب والدموية التي استعملها الغزاة الأوروبيون، إبادة حولت شعبا تعداده نحو 10 ملايين إنسان إلى نحو 200 ألف.

ديمقراطية الغرب التي بنيت على أشلاء الأبرياء من سكان الجنوب عكستها ممارسة الاستعمار الفرنسي لأبشع أنواع التنكيل والقتل ضد الجزائريين. فمنذ احتلال فرنسا الجزائر سنة 1830 خاض الجيش الاستعماري الفرنسي حربا شرسة ضد الشعب الجزائري وأغلب تلك الانتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم حرب، على غرار مجزرة قبيلة العوفية 1832 ومحرقة أولاد رياح أو الظهرة عام 1845، إلى مجازر 8 ماي 1945 ومجزرة ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958، حيث استهدف الهجوم الفرنسي البشع على ساقية سيدي يوسف مدنيين جزائريين وتونسيين

وتراوحت ممارسات الاستعمار الفرنسي بين المذابح والمجازر والتهجير، إلى غاية التجارب النووية التي تمت في فيفري 1960 ولكن أيضا ضد الشعوب الإفريقية. فتاريخ فرنسا الاستعماري مشبع بالمجازر والمذابح، فقد ارتكبت انتهاكات عديدة عبر تاريخها إبان إنشائها المستعمرات في كافة أرجاء العالم، خصوصا القارة الإفريقية التي عاشت مشاهد العبودية والمجازر والتمييز العنصري التي لا تسقط بالتقادم، لإخضاع السكان الأصليين ثقافيا وإنسانيا، من نماذجها جمع فرنسا 400 عالم مسلم في تشاد سنة 1917 وقتلتهم بالسواطير، ناهيك عن مذبحة مورامانغا عندما قتلت فرنسا مئات السجناء في مدغشقر عام 1947.

وقد لاحظ الدكتور شاشي ثارور، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة السابق والعضو السابق بالبرلمان الهندي، أن "الشعب البريطاني يعاني من فقدان ذاكرة تاريخية فيما يتعلق بالأعمال الوحشية التي ارتكبتها إمبراطوريتهم المندثرة". فخلال حرب البوير الثانية بجنوب إفريقيا بين عامي 1899 و1902، حاصرت بريطانيا حوالي سدس سكان البوير وأغلبهم من النساء والأطفال واحتجزتهم في المعسكرات التي صارت عرضة لتفشي الأمراض، ومات نحو 28 ألفا من مجموع 107 ألف محتجز في معسكرات الاعتقال، بالإضافة إلى عدد كبير من الزنوج الأفارقة، كما ارتكب المستعمر البريطاني مذبحة أمريتسار بالهند في أفريل 1919 في حق متظاهرين عزل نددوا بالاحتلال، راح ضحيتها نحو 10 آلاف، فضلا عن قمع ثورة "الماو ماو" بكينيا (1951-1960).

 

الدمار الشامل لإخضاع اليابانيين

 

مثل القصف الذري على هيروشيما وناغازاكي أو الهجوم النووي الذي شنته الولايات المتحدة ضد الإمبراطورية اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية في أوت 1945 قمة العبثية، حينما أصرت الولايات المتحدة على قصف مدينتي هيروشيما وناغازاكي باستخدام قنابل ذرية راح ضحيتها أكثر من 220 ألف ضحية، وظلت تداعياتها متواصلة لعقود من الزمن.

ولم تكن ممارسات أمريكا متوقفة عند الحرب العالمية الثانية، فقد تعددت ممارسات العالم "الديمقراطي المتحضر" بسياسة دموية. ففي فجر يوم 13 فيفري 1991 قصفت طائرات أمريكية ملجأ العامرية في بغداد، وكان بداخله 408 شخص، بينهم 52 طفلا ما دون سن الخامسة و12 رضيعا و261 من النساء وآخرون من كبار السن، لتحوله إلى ركام. وشهد غزو واحتلال العراق في 2003 عدة تجاوزات فظيعة، كانت "الفلوجة" من ضحاياه، وظلت صور سجن أبو غريب والفظائع المرتكبة بحق المعتقلين جرحا مفتوحا.

 

ربيبة الغرب.. الكيان الذي ولد من رحم المذابح

 

ويبقى الكيان الصهيوني نموذج "إرهاب الدولة" بامتياز، منذ أن منح البریطانیون للیهود ذلك الوعد البلفوري المشؤوم سنة 1917، وحتى قبله مع مشروع "كامبل بينرمان" 1905، لزرع كيان بشري غريب في قلب الأمة. فإلى جانب موجات الهجرة والتهجیر والغزو البشري الیهودي لفلسطین تحت مظلة ودعم وحمایة الاستعمار البریطاني، أساسا لتشكیل الجریمة الكبرى الثانیة بعد الوعد التآمري ضد أهل فلسطین، بدأت مرحلة تطبیق المشروع الصهیوني على الأرض الفلسطینیة، من خلال الاستیلاء على الأراضي الفلسطینیة والعربیة وبناء أكبر عدد من المستعمرات الاستیطانیة فیها.

وبالموازاة مع تنفیذ خطة إجرامیة مكتملة الأركان اعتمد الصهاينة مخطط إنشاء وتسلیح عدد من العصابات الإرهابیة المسلحة ذات السجل الحافل بالجرائم والإرهاب، ومن أشهر هذه العصابات وأكثرها إجراما شتیرن والهاجاناه والإرغون، وهي العصابات ذاتها التي كونت فیما بعد ما یعرف بجیش الاحتلال الذي أريد تسميته زورا بـ"جيش الدفاع".

 

مجازر العصابات الصهیونیة وجیش الاحتلال ضد الشعب الفلسطیني

 

ارتكبت العصابات الصهيونية المسلحة خلال أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948 عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين "العُزّل" في مختلف القرى والمدن، ولكن أيضا عمليات إرهابية، على غرار تفجير فندق الملك داوود في مدينة القدس في فترة الانتداب البريطاني، وهي عملية تفجير استهدفت الفندق، تم تنفيذها في 22 جويلية لسنة 1946، حيث قام أعضاء من جماعة الإرغون الصهيونية بتنفيذ هذا الهجوم ضد الحكومة البريطانية في فلسطين آنذاك، إذ أن حكومة الانتداب جعلت من هذا الفندق مركزا لها. قام مناحيم بيغين، رئيس وزراء الكيان، بإعطاء الأوامر لتنفيذ هذا العمل، حيث كان حينها رئيس جماعة الإرغون، وللمفارقة فإن بيغين صنف ضمن مجموعة واسعة أخرى كعناصر إرهابية من قبل بريطانيا، فضلا عن تفجير استهدف فندق سميراميس في حي القطمون غرب القدس بتاريخ 5 جانفي 1948 من قِبل عصابات الهاجاناه الصهيونية وذلك خلال حرب التطهير العرقي لفلسطين 1947–1948. ومع تكريس قرار تقسيم فلسطين، لم تتردد عصابات الإرغون والهاجاناه في ارتكاب المجازر في حق الفلسطينيين، بداية بمذبحة بلدة الشیخ نهاية ديسمبر 1947، حينما اقتحمت عصابات الهاجاناه قریة بلدة الشیخ ویطلق علیها حاليا اسم تل غنان ولاحقت المواطنین العزل. وقد أدت المذبحة إلى مصرع العدید من النساء والأطفال، حیث بلغت حصیلة المذبحة نحو 600 شهید وجدت جثث غالبیتهم داخل منازل القریة. وتعددت الأعمال الوحشية المرتكبة تباعا، خاصة مع إعلان قيام الكيان على أرض فلسطين المحتلة في ماي 1948، بداية بمذبحة قریة أبو شوشة في 14 ماي 1948، وهي قرية قريبة من دير ياسين، سقط فيها 50 شهيدا، ثم مذبحة الطنطورة في 22 أوت 1948.

 

مذبحة دير ياسين وسياسات التهجير عبر الصدمة والترويع

 

وتعد مذبحة دير ياسين نموذجا لإستراتيجية "الصدمة والترويع" المعتمدة، وهي عملية إبادة وطرد جماعي نفذتها في 9 أفريل 1948 مجموعتا الإرغون وشتيرن الصهيونيتان في قرية دير ياسين الفلسطينية غربي القدس، وكان معظم ضحايا المجزرة من المدنيين ومنهم أطفال ونساء وعجزة، ويتراوح تقدير عدد الضحايا بين 250 و360 شهيد. وكانت مذبحة دير ياسين عاملا مهما في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة، لما سببته المذبحة من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها الشعرة التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب في عام 1948.

ولم تتوقف المجازر الصهيونية خلال السنوات التالية، حيث شهدت فلسطين المحتلة مذبحة قبیة في 14 أكتوبر 1953، حينما اقتحمت قوات الاحتلال القریة مطلقة النار على العزل من السكان ووضع شحنات متفجرة حول بعض المنازل التي نسفت فوق رؤوس سكانها. وقد كانت حصیلة المجزرة تدمیر 56 منزلا ومسجد القریة ومدرستها وخزان المیاه الذي یغذیها، كما استشهد فیها 67 شهیدا من الرجال والنساء والأطفال وجرح مئات آخرون. وكان قائد قوات الاحتلال المنفذة للمذبحة هو أرییل شارون التي أضحى رئیسا للوزراء في الكيان.

وكانت هنالك عدة مذابح متلاحقة استهدفت العزل من السكان مثلما حدث في قلقيلية في 10 أكتوبر 1956 وكفر قاسم في 29 أكتوبر من نفس السنة وخان يونس في 3 نوفمبر 1956.

 

إرهاب الدولة.. مجزرة صبرا وشاتيلا نموذجا

 

وتعدى إرهاب الدولة الأرض الفلسطينية إلى لبنان، من خلال مجزرة صبرا وشاتيلا، وهي مجزرة نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في 16 سبتمبر 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد مجموعات متمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي والجيش الصهيوني، وقدر عدد الضحايا في المذبحة بنحو 3500 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن من بينهم لبنانيون أيضا. صدر قرار المذبحة برئاسة رفائيل ايتان، رئيس أركان الحرب، وأرييل شارون وزير الدفاع آنذاك.

وفي وقت تفنن الصهاينة في امتهان الاغتيالات والتصفيات الجسدية، التي طالت العديد من القيادات الفلسطينية في الداخل والخارج، وعلى وقع الانتفاضات الشعبية الفلسطينية: الأولى ما بين 1987 و1993 والثانية 2000 و2005 والثالثة 2015 و2016، لم يتردد الكيان في الإمعان في ممارسة أسلوب المجازر مثل مذبحة المسجد الأقصى في 8 أكتوبر 1990 ومذبحة الحرم الإبراهيمي في 25 فيفري 1994 وكذا مذبحة جنين في مارس 2002، دون أن ننسى الحروب والاعتداءات التي شنها الكيان على غزة في 2008-2009 و2012 و2014.. وجریمة بناء جدار العزل العنصري في الأرض الفلسطینیة المحتلة ومواصلة تهجیر وترحیل الفلسطینیین خارج أراضیهم ومدنهم وإنشاء المستعمرات الاستیطانیة الیهودیة على أراضي الفلسطینیین دون رقيب ولا حسيب.

 

المصدر: الخبر

كلمات دلالية: دیر یاسین

إقرأ أيضاً:

مجدداً.. الكيان الإسرائيلي في مواجهة الحصار اليمني

يمانيون/ تقارير

حاولت أمريكا استباق نهاية المهلة التي حددها السيد القائد لاستئناف العمليات البحرية ضد الملاحة الإسرائيلية، بتوجيه الرأي العام العالمي إلى الزاوية التي تتماشى مع نواياها الباهتة في مسعى لسحب المجتمع الدولي إلى صفها. فزعمت في بيان نشرته قيادة القوات المركزية الثلاثاء أن الهجمات اليمنية تسببت بتضخم في الاقتصاد العالمي من خلال إجبار السفن على اتخاذ مسارات طويلة بعيدة عن البحر الأحمر. وعززت مساعيها بمحاولة إضفاء شرعية دولية على أي تصعيد أمريكي صهيوني محتمل ضد اليمن.

الحقيقة التي تلاحظها وتؤكدها مؤسسات عالمية سواء سياسية أو اقتصادية أو بحثية، هي أن أمريكا من تعمل على زعزعة الاستقرار، وتتعمد إبقاء المنطقة ملتهبة، أولا بما تمنحه من غطاء للكيان الصهيوني للاستمرار في ممارسة إجرامه ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وثانيا بتحركاتها العملية من خلال عودة حاملة الطائرات “ترومان” إلى المنطقة.

خلال الشهرين الماضيين ومع سريان اتفاق وقف إطلاق النار شهد العالم التعاطي غير  المسؤول من قبل الكيان الإسرائيلي وأمريكا مع استحقاقات الاتفاق، فيما التزمّت المقاومة والقوى المساندة لها وعلى رأسها اليمن بوقف الهجمات، ما حقق هدوءا ملحوظا في محور العمليات البحرية، ورغم ظهور ترامب ببدعته المرفوضة عالميا بتهجير الفلسطينيين من غزة إلا أن اليمن مارس ضبطا للنفس على أمل مواصلة الكيان الصهيوني في تنفيذ مراحل الانفاق.

هذا التدخل الأمريكي كشف للعالم أن واشنطن هي من تقف أمام السلام وأمام عودة أمن الملاحة، لذلك أكد الرئيس التنفيذي لشركة (تورم) الدنماركية للشحن أن فرصة عودة الحركة عبر البحر الأحمر كانت مواتية لولا تدخل ترامب بمقترح تهجير سكان غزة، وقال: إن الوضع يبدو اليوم أكثر هشاشة بشأن ما يمكن أن يحدث، مقارنة بما كان عليه قبل ثلاثة أشهر”. حسب موقع “تريد ويندز” النرويجي البريطاني.

ودائما كانت أمريكا مستفزة لدول المنطقة بتواجدها بشكل لافت في البحر الأحمر، ما كان يزيد من التوتر، وزاد ذلك خلال العدوان الصهيوني على غزة في تحرك صريح ومعلن لحماية الكيان، لذلك جاء تحرك اليمن كأمر طبيعي وقانوني، خصوصا وأن دخول جبهة الإسناد اليمنية كان على ضوء مطالب إنسانية متعلقة بإيقاف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، والسماح بدخول الغذاء والدواء ومختلف وسائل الحياة.

التحرك للإسناد يبدو اليوم حتميا

عودة العمليات اليمنية لا تعير قدوم حاملة الطائرات الأمريكية مرة أخرى أي اهتمام، لكنها بطبيعة الحال تدخلها ضمن أهدافها في الجولة الجديدة من عمليات الإسناد للشعب الفلسطيني الذي بدأت منظمات دولية تدق ناقوس اقتراب المجاعة منه.

وسواء تماهى المجتمع الدولي مع البلطجة الأمريكية، وهو ما تنشط فيه إدارة ترامب، أو كان في صف الحق والإنسانية، فإن اليمن ماض في إسناده التزاما بثوابت الدين والقيم الأخلاقية والإنسانية، وهذا ما يعيه الجميع، لذلك ربما يجدون حرجا في انتقاد هذا التحرك. والأمر يبدو اليوم حتميا خصوصا وأن الحصار الخانق ضد الفلسطينيين إنما يراد منه التضييق على الفلسطينيين لاتخاذ قرار مغادرة أراضيهم طواعية، الأمر الذي يفرض على اليمن هذا التحرك مصداقا لرفض هذه الممارسات الإجرامية.

يؤكد وزير الدفاع اللواء الركن محمد ناصر العاطفي في تعليقه عقب انتهاء المهلة أن القوات المسلحة في جهوزية عالية وعند مستوى المسؤولية المنوطة بها، وعلى استعداد لتنفيذ توجيهات القيادة العليا في مساندة أبناء غزة ودعم المجاهدين الفلسطينيين بقوة وفاعلية. فيما أكد مجلس الوزراء جاهزية جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات والمصالح الحكومية لأي تطورات أو تبعات للموقف اليمني المساند للأشقاء المظلومين في غزة وفي فلسطين عموماً، واتخاذ التدابير والإجراءات المتصلة بتنفيذ القرار على المستويات كافة.

كيف أثبت الكيان أنه عصابات إجرامية

بالنسبة للكيان الصهيوني فقد أكدت سياسة الانتهاكات للمواثيق الدولية والقيم الإنسانية واستمراره في ارتكاب الجرائم أنه يعيش حالة الفوضى والانفلات، كما كان منذ تأسيسه غير الشرعي على الأراضي الفلسطينية، إذ قام على فكرة “الجيش والسلاح”، وفي دعوته لليهود من بقاع العالم للقدوم إلى الأراضي المحتلة وإنشاء المستوطنات. كان الفعل قائما على فكرة “الجيش كقوام كلي” لفكرة ما زعم بأنها دولة، مع غياب للصهاينة في سياسة الكيان إلا بكونه داعماً لفكرة تأسيس هذ الكيان المزعوم، لذلك كان شاهدا حيا وقريبا أن سياسة الصهاينة لم تكن مبالية بأمر أسراها لدى المقاومة الفلسطينية، وقد عرقلت اتفاقات الإفراج عنهم مرارا، بل وأحيانا كثيرة كانت تقتلهم، وقد استقبلت فعلا بعضا منهم في توابيت خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف الحرب على غزة.

وفكرة معاودة العدوان على غزة تأتي في هذا السياق، إذ يشعر “جيش” الكيان بالهزيمة رغم كل أشكال الإجرام التي نفذها، لذلك يأمل من مخططه المدعوم أمريكيا استعادة ثقته بنفسه، ضاربا بحياة من تبقى من أسراه عرض الحائط. وهي الثقة التي تضعضعت منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 التي قزّمت حجمه وكشفت هشاشته وكان الفشل حليفه.

وعلى إثر ذلك صار الصهاينة اليوم مجردين من الشعور بالأمان، فهزيمة طوفان الاقصى تبعتها هزائم استمرار عمليات المقاومة طيلة (15) شهرا من استهداف غزة، إضافة إلى الهزائم التي جاءت من دول محور المقاومة؛ حيث شهد عمق الكيان عمليات لم تكن في حسبانه ولا في حسبان واشنطن، شردت ملايين المستوطنين من منازلهم، كما فُرض عليه حصار بحري لم يكن بمقدور أمريكا وأوروبا فعل شيء تجاهه، ليعيش الكيان على إثر الحصار انحدارا اقتصاديا واضحا، وتراجعا لثقة المؤسسات الاقتصادية والبنوك الدولية به.

خياران أمام أمريكا والكيان المؤقت

اليوم ومع بدء عمليات الإسناد اليمنية كخيار وحيد للدفاع عن القضية المركزية للأمة، بدا من اللحظة الأولى التي أطلق فيها السيد القائد تهديده، استنفار العدو الصهيوني لعصاباته المسلحة، مع ذلك فإن ما يبدو في الأفق، مآلات مختلفة عن ذي قبل، فإما أن يرضخ الكيان أو أن يتحمل تبعات استخفافه بالأمة.

والرهان على الأمريكان إنما يزيد من أسباب الهزيمة، فضلا عن أن أمريكا سيكون عليها أن تحسب حسابات المغامرة، وتدرك أن إرسال حاملات الطائرات لإرهاب المنطقة لم يكن له أي مفاعيل خلال (15) شهرا من العدوان الإسرائيلي، وكانت دائما حاملات الطائرات تعود إلى ورش الصيانة. زد على ذلك أن أي تصعيد على اليمن لن تكون عواقبه في صالح أمريكا إطلاقا، لذلك فضّل بن سلمان عدم التماشي مع محاولة وزير الخارجية الأمريكي إثارة مخاوف الرياض من صنعاء للدخول في عمليات الدفاع عن الكيان. إذ أن استهداف أي قواعد لأمريكا في المنطقة يعني أن السعودية ستكون أحد الأهداف.

نقلا عن موقع أنصار الله

مقالات مشابهة

  • التماس 5 سنوات حبسا لصاحب مذبحة وتجار حاولوا إغراق السوق بأزيد من 117 قنطار من “زوائد” الغنم والبقر فاسدة في رمضان
  • مجدداً.. الكيان الإسرائيلي في مواجهة الحصار اليمني
  • الخارجية الفلسطينية ترحب بالتقرير الأممي حول جرائم العدو الصهيوني
  • وفاة آخر جندي مغربي خدم مع الجيش الإسباني خلال مرحلة الاستعمار 
  • جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلال حقبة الاستعمار
  • عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائية
  • إرث الاستعمار في المتاحف البريطانية.. رفات الأفارقة تثير الجدل
  • عن المغيبات الفلسطينيات.. النساء والمدن في فلسطين حتى عام 1948
  • الاستقراء اليمني للمتغير العالمي
  • نهاية المهلة.. إيقاع ثقيل على الكيان