يمانيون – متابعات
يتواصل العدوان الصهيوني على قطاع غزة رغم مرور أكثر من 12 يوماً. وما يجعله أكثر فظاعة عما سبق ليس العجز عن تعداد آلاف الشهداء والجرحى فحسب، وليس التدمير الممنهج للقطاع، المصحوب بخشية التطهير العرقي وحدوث نكبة ثانية لا تقل ظلماً ووحشية عن الأولى، إنما أيضاً تلك المباركة الغربية، وتحديداً من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.
هذه المباركة للقتل الجماعي لم تُشعل الغضب الشعبي عالمياً فحسب، إنما وضعت أيضاً القيم والمعايير الإنسانية التي يتشدق بها هذا الغرب المستعمر مع كل نفس على مقصلة الحكم الأخلاقي.
ولكن، وبرغم الوجع المعتق في نفوسنا، أصبح يمكننا القول إنَّ الأمل حاضر بقوة، وإنهاء هذا الكيان وجودياً ليس بالأمر المستحيل، فهذا الغرب اللاهث لطمأنة كيان “إسرائيل” لم يكن ليتجند قولاً واحداً لو أنه لم يرَ نفوذه ومصالحه وكيانه المسموم في خانة التهديد.
إنها “إسرائيل” صنيعته رآها تحترق في يوم السابع من أكتوبر كما لم يرَها يوماً أو ربما كما رأى بارجتها تحترق قبالة السواحل اللبنانية خلال عدوان تموز 2006، وهو مشهد لم ولن يمحى من ذاكرة العدو ومن يقف خلفه، ولكن هل يأتي هذا الاستنفار الغربي الرسمي ردَّ فعلٍ فقط على ما لقنته كتائب القسام من درس للاحتلال، مع أهمية وفرادة المواجهة التي أشعلتها المقاومة الفلسطينية في طوفان الأقصى، إلا أن الاستنفار الغربي بات حالة عامة يتجلّى الآن أحد أمثلته في فلسطين! إن الاستنفار الغربي هو تعبير طويل المسار عن تراجع القوة الأميركية وهيمنتها وتراجع وضعية القارة الأوروبية عالمياً.
منذ سنوات، وتحديداً منذ عامين، تزاحم الأزمات القديمة الجديدة بعضها بعضاً لتتصدر أخبار العالم. نبدأ من الحرب الروسية الأوكرانية التي دقت أول مسمار في نعش الأحادية العالمية.
وقفت روسيا في وجه الغرب الذي لم يتوقف يوماً عن تهديد أمنها القومي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عبر تمدد حلف الناتو شرقاً. خاضت، ولا تزال، حرباً معه على الأراضي الأوكرانية. ألم يسمح بذلك الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي؟ أليس هو الذي استدعى الغرب وترسانته لمحاربة موسكو غير مكترث إلى ما آلت إليه كييف والأوكرانيون؟
في هذه الحرب، عاد وجه الغرب الحقيقي ليتكشف من جديد. وبعيداً من السياسة والعسكر، لا يمكن لأحد أن ينسى تجنيد دوله للإعلام والرياضة والثقافة لمحاربة موسكو وعزلها عن العالم حتى وصلت عنصريتهم وعقوباتهم إلى القطط الروسية.
لا ينسى أحد كيف خرج أحد مراسلي القنوات الأوروبية يستهجن رؤية لاجئين ذوي بشرة بيضاء وعيون زرقاء، فهو وأبناء جلدته لم يعتادوا إلا رؤية شعوبنا في الجنوب لاجئين وفي حالٍ يرثى لها.
الجبهة الثانية كانت في أميركا اللاتينية. على سبيل المثال، كان الانتصار التاريخي لليسار في كولومبيا عبر وصول غوستافو بيترو -رئيس بلدية العاصمة بوغوتا سابقاً- إلى الرئاسة، فأصبح أول رئيس يساري في تاريخ هذا البلد الذي يعدّ من حلفاء الولايات المتحدة التاريخيين، إلى درجة أن عدداً من الباحثين سمّاه “إسرائيل أميركا اللاتينية”.
ولم تقتصر المفاجأة على فوز بيترو، إنما في مواقفه، وتحديداً من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. بوضوح، رأى الرئيس الكولومبي أن ما تقوم به “تل أبيب” هو إبادة جماعية ممنهجة لسكان القطاع.
الجبهة الثالثة فُتحت من القارة الأفريقية. هزَّت مالي عرش فرنسا في القارة السمراء، فالتقطت بوركينا فاسو اللحظة التاريخية لتكون الركلة الأقوى لها من قبل النيجر.
ثلاثي عرف كيف يخرج السارق الفرنسي لخيراته وموارده من أرضه رغم كل الصعوبات والتحديات الأمنية، والنظرة إلى شعوب هذه القارة لا تقل بشاعة عن نظرة كيان “إسرائيل” إلى الفلسطينيين، فأفريقيا بالنسبة إلى الغرب هي شعوب بدائية ساذجة بلا حضارة، فلا بأس في سرقة الثروات وتثبيت الطغاة كحكام وإعطاء مساعدات إنسانية بربع قيمة ما سرقوه.
اليوم، نحن في زمن طوفان الأقصى، إذ قررت كتائب القسام الرد على جرائم كيان “إسرائيل” التي لا تعد ولا تحصى، بدءاً بالاحتلال، ومروراً بحصار القطاع، وليس انتهاء بالاستفزازات والانتهاكات المتواصلة في الضفة الغربية والقدس وفي المسجد الأقصى ومخطط هدمه لبناء الهيكل المزعوم.
رغم كلّ الدمار الذي تلحقه كيان “إسرائيل” بالقطاع بشراً وحجراً، فإن ذلك لن يمحو الذل الذي لحق بها في السابع من أكتوبر. هذا الانكشاف الأمني وضع قادة الاحتلال في حالة من الجنون، وجنونهم وصل بهم إلى محاولة استغلال العملية للسير في مخطط إفراغ القطاع من أهله عبر مجازر لا تتوقف على مرأى كل العالم.
لا يمكن لأحد أن يستشرف مآلات المرحلة، ولكن التاريخ دوّن السابع من أكتوبر في سجله، وخلاصة التدوين هو أن القطاع المحاصر انتقل من مرحلة المفعول به إلى مرحلة الفاعل، والسبحة ستكر بلا شك. فمن التالي؟ من سيتسلم دفة هزّ أسس هذا العالم الأحادي القطب لتخليص الشعوب من القتل على الهوية؟
من روسيا إلى أميركا اللاتينية وأفريقيا، وصولاً إلى “قلب العالم” في غزة، الحرب تبدأ من الجنوب هذه المرة.
موقع الميادين نت / رانا أبي جمعة
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية مصر يكشف الجهة التي ستتولى الأمن في غزة
قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ، اليوم الجمعة 14 مارس 2025 ، إن لجنة التكنوقراط المقترحة لإدارة قطاع غزة محل توافق ، مبينا أن الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة تعتبر الأمن مسؤولية السلطة الفلسطينية.
وكشف وزير خارجية مصر خلال مقابلة مع ( الشرق للأخبار) تدريب مجندين جدد لنشرهم وملء الفراغ الأمني في قطاع غزة.
ورأى عبد العاطي أن الموقف الأميركي من غزة يتطور بشكل إيجابي، معتبراً أن تصريحات الرئيس دونالد ترامب بأنه لا حاجة لطرد سكان القطاع من أراضيهم تطور شديد الأهمية، ونحن نقدر أهمية هذا التصريح في هذا التوقيت.
وقال إن وزراء اللجنة السداسية العربية اتفقوا خلال اجتماعهم «البنَّاء والمهم» مع المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف في الدوحة، الأربعاء الماضي، على أن تكون الخطة العربية الإسلامية «هي الأساس لإعادة الإعمار، وهذه تطورات محمودة وإيجابية».
من يدير غزة؟وشدد الوزير المصري على أن الخطة العربية الإسلامية لإعادة الإعمار «متكاملة في الجانب الفني منها، تجيب على الأسئلة المطروحة في ما يتعلق بعملية إعادة الإعمار، وتتضمن أطراً زمنية ومراحل محددة».
ورداً على سؤال عن مستقبل حركة « حماس » وسلاحها، قال: «غير صحيح أن الخطة التي اعتمدت عربياً وإسلامياً لم تتطرق إلى قضايا الحوكمة وقضايا الأمن. كان مطلوباً أن نعالج هذه المسألة، وبالتأكيد لا يمكن تنفيذ الخطة على أرض الواقع من دون توافر ظروف محددة أهمها استدامة وقف إطلاق النار، وهذه مسألة شديدة الأهمية».
وأضاف أن «المسألة الثانية هي من سيدير القطاع، والمسألة الثالثة كيفية ملء الفراغ الأمني في القطاع، وهاتان المسألتان تم التطرق إليهما بشكل عام في التقرير المرفق بالخطة، والإجابة كانت واضحة: فيما يتعلق بالحوكمة، نحن نتحدث عن لجنة خاصة بإدارة قطاع غزة تتكون من 15 شخصاً من الشخصيات الفلسطينية من سكان القطاع من التكنوقراط ممن لا علاقة لهم بأي من الفصائل الفلسطينية، وهذا أمر شديد الوضوح. هذه اللجنة ستتولى إدارة القطاع لفترة زمنية محددة».
ورفض الدخول في تفاصيل الأسماء المرشحة لتكون ضمن هذه الشخصيات. لكنه أكد أن هذه اللجنة «ستتولى إدارة شؤون القطاع لمدة 6 أشهر فقط... وهي محل توافق من الفصائل الفلسطينية» رغم أنها «غير فصائلية».
وأوضح أن «ما نريد أن نركز عليه أن هناك فترة انتقالية ستتولى هذه اللجنة فيها مهامها، وبالتزامن يتم نشر السلطة الفلسطينية لتتولى مهام الإدارة والحكم».
وفيما يتعلق بقضية الأمن، قال: «تحدثنا عنها بشكل واضح، هناك عناصر شرطة فلسطينية موجودة داخل قطاع غزة وتتبع السلطة الفلسطينية وتتقاضى رواتبها من السلطة، كل ما علينا هو إعادة تدريب هذه القوات الموجودة بالفعل في غزة لتتولى قضية الأمن والاستقرار وإنفاذ القانون. وهناك مجموعة من الأسماء التي وردت إلينا وتمت مراجعتها أمنياً وسيتم البدء في تدريبها وهم مجندون جدد، ليتم نشرهم داخل القطاع لملء الفراغ الأمني».
ولفت إلى أن «الأصل هو انتشار السلطة في قطاع غزة تأكيداً للارتباط الموضوعي بين الضفة الغربية والقطاع، باعتبار أنهما الإقليم المستقبلي للدولة الفلسطينية التي نتحدث عنها».
وفي ما يخص انتشار قوة دولية في قطاع غزة والضفة الغربية، حسبما ورد في نص الخطة، أشار عبد العاطي إلى أن هدف الاقتراح «التأكيد على الترابط بين الضفة والقطاع... ضمن الخطوات الملموسة المتخذة على صعيد إقامة الدولة الفلسطينية».
مؤتمر دولي لغزة في أبريل
وكشف تفاصيل اعتزام القاهرة تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة بالتنسيق مع الأمم المتحدة والبنك الدولي، في نهاية أبريل (نيسان) المقبل.
وقال: «نتشاور مع الأطراف التي ستكون مستضيفة للمؤتمر، إضافة إلى الجانب المصري، لأنه لن يكون مؤتمراً مصرياً، بل سيكون مؤتمراً دولياً... لدينا أطراف دولية في مقدمتها الأمم المتحدة، وننسق بشكل مباشر مع مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، ولدينا البنك الدولي، وأطراف إقليمية وأخرى أوروبية مثل الاتحاد الأوروبي والنرويج، وهناك اتصالات مع أطراف مانحة أخرى كاليابان ودول أوروبية ودول غربية ودول عربية، ونتحدث مع الجميع، والآن التركيز منصب على الجوانب الموضوعية والجوانب الإجرائية».
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الأغذية العالمي : لم نتمكن من نقل أي إمدادات غذائية لغزة منذ 2 مارس نابلس - استشهاد عمر اشتية في بلدة سالم حماس تُعلن توجه وفدها المفاوض إلى القاهرة الأكثر قراءة شاهد: جماعة الحوثي تمهل إسرائيل 4 أيام لإدخال المساعدات إلى غزة رابط تسجيل أضرار النقل والمواصلات في غزة بالصور: داخلية غزة تعلن توقيف 23 تاجرا وبائعا تلاعبوا بالأسعار القيادة بإسرائيل توجه الجيش للاستعداد لاستئناف الحرب على غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025