تلقى غسان أبو ستة، وهو جراح بريطاني فلسطيني يعالج الناجين المصابين من التفجيرات في غزة، مكالمة مثيرة للقلق من لندن هذا الأسبوع، إذ قام ضباط مكافحة الإرهاب بزيارة منزله.

وقال أبو ستة، الذي يتطوع مع أطباء بلا حدود ولا يزال في القطاع المحاصر، لشبكة "بي بي سي" إن الزيارة كانت "نوعاً من المحاولة الوحشية للمضايقة والإسكات"، مضيفاً أنه يسعى للحصول على مشورة قانونية.


وأكدت شرطة العاصمة أنها "حضرت خطاباً في شمال لندن" رداً على تقارير تفيد بأن رجلاً "يخطط للذهاب إلى منطقة حرب".

الطبيب الفلسطيني "غسان أبو ستة" يتحدث لقناة سكاي نيوز البريطانية عن سوء الأوضاع الصحية في مستشفى الشفاء في غزة، الذي يُعَد أكبر مستشفيات القطاع، ويؤكد عدم قدرته على استقبال مزيد من الضحايا!#العرب_في_بريطانيا AUK pic.twitter.com/a433nHsfBD

— AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) October 16, 2023

وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير لها، إن الآثار المتتالية للحرب بين إسرائيل وحماس يشعر بها السكان المسلمون والعرب في جميع أنحاء أوروبا، الذين يخشون رد فعل عنيف من "الإسلاموفوبيا". وهم قلقون من أن الصراع والهجمات الأخيرة في فرنسا وبلجيكا تشجع الأصوات اليمينية المتطرفة التي تصور المسلمين والعرب على أنهم يشكلون خطراً من الداخل.

جرائم الكراهية

وقالت النائبة الألمانية ذات الجذور السورية لمياء قدور، "يخشى المسلمون حقاً من أن يتم وصمهم وإلقاء اللوم عليهم، وأن يتم تضمينهم مع أنصار حركة حماس.. إنهم قلقون من أن يصبحوا غرباء في بلدهم".
وزادت هذه المخاوف من أنباء نهاية الأسبوع الماضي عن تعرض صبي يبلغ من العمر 6 سنوات، يدعى وديع الفيومي، للطعن حتى الموت في الولايات المتحدة، بسبب أنه مسلم. بعد ذلك، اتهم رجل يبلغ من العمر 71 عاماً في إلينوي بالقتل وجرائم الكراهية.

Hundreds of people gathered Monday at the Illinois funeral for the Palestinian American boy named Wadea Al-Fayoume. Authorities say he was fatally was stabbed by a landlord upset over the Israel-Hamas war. The landlord also attacked the boy’s mother, who was hospitalized. pic.twitter.com/1yBWjUEgPN

— The Associated Press (@AP) October 16, 2023

في أوروبا، قال بعض المسلمين والعرب، إنهم كانوا كبش فداء للتعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين لأن المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي اتخذت موقفاً قوياً مؤيداً لإسرائيل؛ وأعربوا عن أسفهم لعدم التعاطف مع مقتل المدنيين في قصف غزة.
"حماية النظام العام"
وفي فرنسا التي تضم أكبر عدد من اليهود والمسلمين في أوروبا، ازدادت هذه الإحباطات فقط عندما فرضت السلطات حظراً في جميع أنحاء البلاد على جميع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، وهي خطوة قالت، إنها تهدف إلى "حماية النظام العام".
وبحسب التقرير، فقد طعن النقاد في الحظر في المحكمة باعتباره كبح غير قانوني لحرية التعبير، وفازوا بقضيتهم يوم الأربعاء. وسيقرر المسؤولون المحليون الذين يقدمون تقاريرهم إلى وزارة الداخلية الآن على أساس كل حالة على حدة ما إذا كان يمكن تنظيم مثل هذه الاحتجاجات.
وقال طارق أوبرو، وهو إمام في بوردو، إن "حظر الاحتجاجات يزيد فقط من الشعور بالإحباط والظلم الذي يشعر به العديد من المسلمين".
أدت عودة ما يسمى بهجمات الذئاب المنفردة التي نفذها متطرفون إلى تفاقم الوضع المتوتر. في شمال فرنسا، طعن شاب شيشاني مدرساً حتى الموت في مدرسة ثانوية يوم الجمعة، وفي بروكسل، قتل مواطنان سويديان بالرصاص على يد رجل تونسي ليلة الإثنين. وقالت الشرطة، إن الجناة أعلنوا دعمهم لتنظيم "داعش" الإرهابي في مقاطع فيديو.

Teacher killed in knife attack at school in France https://t.co/PiWGlJF8Xv

— Financial Times (@FT) October 13, 2023

وقال وزراء ومدعي عام اتحادي في بلجيكا، إن المسلح الذي هاجم السويديين في بروكسل كان على الأرجح مدفوعاً بسلسلة من عمليات حرق القرآن التي نفذها محتجون مناهضون للإسلام في البلاد في الأشهر الأخيرة.

فترة مضطربة

وقال هوغو ميشرون، الأكاديمي في معهد "ساينس بو" الذي يبحث في التطرف الإسلامي في أوروبا، إن فترة يحتمل أن تكون مضطربة بدأت، حيث يمكن أن يكون لتأثير الصراعات في الشرق الأوسط آثار غير مباشرة في أوروبا. هناك خطر على حد سواء من زيادة الهجمات الإهابية وردود الفعل ضد الأقليات المسلمة والعربية.
"هذا هو الفخ الذي تفتحه الإسلاموية للديمقراطيات الغربية. إنهم يسعون إلى تقسيم المجتمعات.. المواطنون المسلمون في أوروبا يتعرضون لضغوط، ولا يمكننا أن نكون عمياء عن ذلك".
وعلى الرغم من قلة الإحصاءات الرسمية، إلا أن المنظمات الإسلامية أبلغت عن زيادة مقلقة في الخطاب العنصري، سواء عبر الإنترنت أو خارجها. وفي المملكة المتحدة، قالت "تل ماما"، وهي مؤسسة خيرية تسجل حالات الإسلاموفوبيا، يوم الاثنين إنها قامت بفهرسة 200 حادث على المستوى الوطني منذ هجوم حماس على إسرائيل، بزيادة 5 أضعاف عن نفس الفترة من عام 2022.
وقال رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيك، إن "العنف اللفظي الموجه ضد قادة المجتمع مثله زاد بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية". 

"تنميط عنصري"

واشتكى آخرون من مضايقات الشرطة، بحسب التقرير، "في مناطق برلين ذات السكان العرب الكبار.. نحن نشهد زيادة في عمليات التفتيش التي تقوم بها الشرطة على الأشخاص الذين ينظر إليهم على أنهم مسلمون، دون أي شك معقول"، قالت ريما هنانو من "المطالبة"، وهي مجموعة تقوم بحملات ضد العنصرية المعادية للمسلمين. "هذا يشكل بوضوح التنميط العنصري".
وفي بلدة ريغنسبورغ بجنوب ألمانيا، أصيب شاب سوري بجروح خطيرة يوم الجمعة بعد دفعه عمداً من أحد الجسور. وكان مهاجمه، الذي اتهم بمحاولة القتل، متطرفاً يمينياً معروفاً منذ فترة طويلة للسلطات.

في فرنسا، التوترات مرتفعة بشكل خاص لأن اندلاع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في السابق أعقبه حوادث معادية للسامية محلياً.
وفي خطاب بثه التلفزيون يوم الخميس الماضي أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون دعم فرنسا لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس، ودعا أيضاً إلى "الوحدة الوطنية" لتجنب إضافة "الانقسامات الداخلية إلى الانقسامات الدولية".
وسعى لتحقيق التوازن حيث طمأن المواطنين اليهود بأن الدولة ستحميهم، مع الاعتراف بالقلق الذي يشعر به "مواطنونا المسلمون" الذين يخشون التمييز أيضاً.
بعد وقت قصير من حديث ماكرون، قتل مهاجم يبلغ من العمر 20 عاماً معلماً، مما أعاد إحياء الصدمات القديمة في فرنسا، التي شهدت العديد من الهجمات القاتلة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك قطع رأس مدرس في عام 2020.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی أوروبا فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟

خطا الرئيس السوري أحمد الشرع ثلاث خطوات مُهمة نحو إعادة توحيد سوريا، ومواجهة مشاريع تقسيمها. الأولى، إفشال التمرد المُسلّح الذي قادته خلايا النظام المخلوع في مناطق الساحل بهدف إسقاط الدولة الجديدة وإشعال حرب أهلية. والثانية، إبرام اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لدمجها في الدولة الجديدة، والثالثة، الاتفاق مع أهالي ووجهاء محافظة السويداء الجنوبية على دمجها الكامل في مؤسسات الدولة.

 

مع ذلك، تبقى مُعضلة الجنوب السوري إشكالية ضاغطة على سوريا؛ بسبب التحركات التي بدأتها إسرائيل منذ الإطاحة بنظام الأسد واحتلالها أجزاء جديدة من الأراضي السورية ومحاولتها تأليب دروز الجنوب على إدارة الرئيس الشرع.

 

على الرغم من أن إسرائيل سعت في البداية إلى تسويق تحرّكاتها العدوانية في سوريا في إطار مواجهة مخاطر أمنية مزعومة تُهددها، فإن النهج الإسرائيلي أصبح بعد ذلك أكثر وضوحًا، خصوصًا بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 23 فبراير/ شباط الماضي عن نوايا إسرائيل الإستراتيجية في سوريا. وتتضمن هذه النوايا تحقيق أربعة أهداف متوسطة وبعيدة المدى.

 

أولًا، تكريس احتلال المنطقة العازلة في الجولان وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية كأمر واقع من خلال ربط التواجد الإسرائيلي فيهما بالتهديدات المزعومة بعيدة المدى التي تواجه إسرائيل من سوريا، وليس القريبة المدى. وبالنظر إلى أن المناطق المُحتلة الجديدة ليست كبيرة من حيث الحجم، فإن إسرائيل قادرة على الاحتفاظ بها، إما بهدف ضمها لها بشكل نهائي، أو بهدف تعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية مُحتملة مع النظام الجديد في سوريا.

 

ثانيًا، محاولة إحداث شرخ كبير بين الدروز في جنوب سوريا والإدارة الجديدة كبوابة لتأسيس كيان درزي كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا. ولا تقتصر وسائل إسرائيل بهذا الخصوص على تشجيع النزعة الانفصالية بين الدروز، وتقديم نفسها كحامٍ لهم، بل تشمل كذلك طرح مطلب تحويل جنوب سوريا إلى منطقة منزوعة السلاح وعدم انتشار الجيش السوري الجديد فيها، فضلًا عن اعتزام السماح للدروز بالعمل داخل إسرائيل.

 

ثالثًا، تدمير ما تبقى من الأصول العسكرية التي أصبحت ملكًا للدولة السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد من أجل إضعاف القدرات العسكرية لهذه الدولة، وتقويض قدرتها على امتلاك عناصر القوة لبسط سيطرتها على كافة أراضيها وللتعامل مع التحديات الأمنية الداخلية التي تواجهها، خصوصًا مع الأطراف: (قسد، خلايا النظام في الساحل، والتشكيلات المسلحة في الجنوب). وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن أهداف إسرائيل في تشجيع النزعات الانفصالية على الأطراف لإضعاف السلطة المركزية في دمشق.

 

رابعًا، تقويض قدرة تركيا على الاستفادة من التحول السوري لتعزيز دورها في سوريا، وفي المنافسة الجيوسياسية مع إسرائيل في الشرق الأوسط. ولهذه الغاية، تعمل إسرائيل على مسارات مُتعددة، ليس فقط محاولة إيجاد موطئ قدم لها بين الدروز في الجنوب، بل أيضًا شيطنة الإدارة السورية الجديدة للتأثير على القبول الدولي بها، والضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعدم الاعتراف بالرئيس الشرع، وإبقاء العقوبات على سوريا كسيف مُصلت عليها لتحقيق مصالح إسرائيل، والضغط كذلك على واشنطن لإقناعها بالحاجة إلى بقاء الوجود العسكري الروسي في سوريا كضرورة لمواجهة نفوذ تركيا.

 

حتى في الوقت الذي يبدو فيه تقسيم سوريا أو فَدْرلتها أو تحويل الجنوب إلى منطقة منزوعة السلاح (عدم وجود الجيش السوري فيها)، غير مُمكن وغير واقعي، فإنه من المرجح أن تحتفظ إسرائيل باحتلال المنطقة العازلة وقمة جبل الشيخ الإستراتيجية لفترة طويلة.

 

كما ستسعى لاستثمار الفترة الطويلة التي ستستغرقها عملية بناء الدولة الجديدة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من أجل مواصلة شن ضربات على امتداد الأراضي السورية؛ بذريعة مواجهة تهديدات مُحتملة، أو خطر وقوع مثل هذه الأسلحة في أيدي جماعات تُشكل تهديدًا لإسرائيل.

 

إن هذا النهج الإسرائيلي المُحتمل ينطوي على مخاطر كبيرة على سوريا وإدارتها الجديدة، لأنه سيُقوض من قدرتها على تحقيق استقرار داخلي كامل وبناء مؤسسة عسكرية قوية. ولا تبدو احتمالية الدخول في حرب مع إسرائيل واردة على الإطلاق على جدول أعمال الرئيس الشرع، خصوصًا في هذه المرحلة التي تفرض عليه تركيز أولوياته على إنجاح المرحلة الانتقالية، وإعادة بناء الدولة، وبناء علاقات جيدة مع الغرب من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا وإطلاق عملية إعادة الإعمار.

 

لقد شدد الشرع في القمة العربية الطارئة، التي عُقدت في القاهرة، على ضرورة العودة إلى اتفاقية فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل لعام 1974، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من الأراضي الجديدة التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد. ويعمل الشرع على ثلاثة سياقات لمواجهة التحدي الإسرائيلي.

 

التأكيد على التزامه باتفاقية فض الاشتباك لإظهار رغبته في تجنب أي صدام عسكري مع إسرائيل.

 

تقويض قدرة إسرائيل على استثمار الانقسامات الطائفية والمجتمعية والعرقية في سوريا من خلال السعي لدمج الحالات على الأطراف: (الشمال الشرقي، الساحل، الجنوب) في الدولة الجديدة.

 

تعزيز القبول الدولي به لإقناع القوى الفاعلة في المجتمعين: الإقليمي والدولي بالضغط على إسرائيل للحد من اندفاعتها في سوريا، والعودة إلى الوضع الذي كان قائمًا في الجنوب قبل سقوط نظام بشار الأسد.

 

علاوة على ذلك، يُحاول الشرع توسيع هامش المناورة لديه في مواجهة التحدي الإسرائيلي من خلال تعميق الشراكة الجديدة لسوريا مع تركيا.

 

على الرغم من وجود مشروع لاتفاقية دفاع مشترك بين تركيا وسوريا، فإن الشرع لا يزال متريثًا في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات مُتعددة. لكنه في حال تصاعد خطر التحدي الإسرائيلي على استقرار سوريا ووحدتها، فإنه قد يلجأ إلى هذه الاتفاقية للحصول على دعم تركي في تسليح الجيش السوري الجديد، وتعزيز قدرته على مواجهة هذا التحدي.

 

والخلاصة أن التحدي الإسرائيلي يُوجد عقبات كبيرة أمام نجاح التحول في سوريا، لكنه يُوجد في المقابل فرصًا للشرع لبلورة إستراتيجية متكاملة للتعامل مع هذا التحدي، وتعزيز القبول الدولي به كضمان لمنع اندلاع حرب بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.


مقالات مشابهة

  • ما جيش تحرير بلوشستان الذي خطف القطار الدامي بباكستان؟
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • هكذا تعتزم إسرائيل الرد على ما توصلت له واشنطن وحماس بشأن غزة
  • ويتكوف يتحدث عن مقترح "يضيق الفجوات" بين إسرائيل وحماس
  • ويتكوف يتحدث عن مقترح "يضيق الفجوات" بين إسرائيل وحماس
  • مكتب نتنياهو: إسرائيل قبلت مقترح ويتكوف وحماس تواصل رفضه
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • مقترح ويتكوف.. خطة أمريكية يحملها مبعوث ترامب إلى إسرائيل وحماس
  • كيليان مبابي يعود إلى منتخب فرنسا
  • تقرير عبري: تقدم في المفاوضات بشأن صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس