بقلم: إسماعيل الحلوتي

لا أعتقد أن الكاتب الفرنكفوني الشهير والحاصل على جائزة الغونكور الطاهر بنجلون ومعه عدد من المغاربة، الذين سارعوا إلى وصف حركة "حماس" الفلسطينية بالجماعة الإرهابية، بدعوى ارتكابها جرائم إنسانية في حق مدنيين إسرائيليين، بالاعتماد فقط ودون دليل واضح على الروايات المفبركة والكاذبة للإعلام الإسرائيلي، إبان الهجوم المباغت الذي نفذه المقاتلون من المقاومة الفلسطينية صباح يوم السبت 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة تحت اسم "طوفان الأقصى"، مخلفا أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى والأسرى الإسرائيليين.

سيعودون اليوم للاعتذار على اعتبار أن الاعتذار من شيم الكبار، والتكفير عما خطت أقلامهم أو نطقت به أفواههم من اتهامات باطلة في حق المقاومة الفلسطينية الباسلة وهم يتابعون على شاشاتهم في بيوتهم الفاخرة بشاعة الجرائم الإنسانية التي ما انفكت إسرائيل تقترفها ضد الغزاويين من المدنيين العزل، وخاصة بعد عملية "طوفان الأقصى" المباركة، حيث الغارات الجوية تكاد لا تتوقف لحظة واحدة عن تدمير البنى التحية وهدم المباني والمساجد والمدارس والمستشفيات والبيوت فوق رؤوس الأطفال والنساء والعجزة، سعيا إلى تسويتها مع الأرض. 

والأخطر من ذلك ولعله الأكثر فظاعة مما سبق، هو ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الثلاثاء 17 أكتوبر 2023 من مجزرة فظيعة في واضحة النهار أمام أنظار العالم، من خلال القصف الجوي المتعمد مع سبق الإصرار والترصد الذي استهدف ساحة المستشفى الأهلي المعمداني وسط مدينة غزة، وأدى إلى استشهاد أزيد من 500 شخص فلسطيني معظمهم من المرضى والأطفال والنساء والأطباء والممرضين وغيرهم من المدنيين الأبرياء. وهو ما جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يؤكد على أن قصف المستشفى يعد كارثة إنسانية وجريمة إبادة جماعية، ومن ثم يلغي حضوره للاجتماع الرباعي الذي كان قبل تعليقه مقررا عقده مع الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأربعاء 18 أكتوبر 2023 في الأردن، والعودة على وجه السرعة إلى مدينة رام الله معلنا الحداد لثلاثة أيام مع تنكيس الأعلام، فيما دعت جميع الفصائل الفلسطينية في الضفة إلى التصعيد ضد العدو الغاشم.

فإسرائيل منذ نشأتها في عام 1948 وهي تحظى بدعم الغرب المنافق، وقد تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم المزيد من الدعم العسكري بعد الضربة القوية التي تلقتها من قبل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وعديد الفصائل الفلسطينية في عملية "طوفان الأقصى" غير المسبوقة، لذلك لا تكترث بارتفاع الأصوات المنددة بغطرستها وجرائمها الإنسانية المتوالية، ولا تتوانى عن انتهاك حقوق الإنسان والعبث بالقوانين، ضاربة عرض الحائط بالقيم الأخلاقية ومبادئ القانون الدولي، الذي يدعو إلى توفير الحماية للمدنيين والمواقع المدنية من منازل ومدارس وجامعات ومستشفيات ودور عبادة وغيرها من المنشآت المحمية بموجب ذات القانون، وفق ما تنص عليه اتفاقية جنيف الرابعة "1949" والبروتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات لاهاي "1954" وجنيف "1977".

وتجدر الإشارة إلى أن المادة "18" من اتفاقية جنيف الرابعة خصصت حماية استثنائية للمستشفيات، حيث لا يجوز بأي حال من الأحوال الهجوم على المستشفيات المدنية المعتمدة في تقديم الرعاية اللازمة للمرضى والجرحى والأطفال والنساء والعجزة، وتستدعي الضرورة القصوى السهر على احترامها وحمايتها في جميع الأوقات. كما أن المادة "19" من نفس الاتفاقية تنص هي الأخرى على "عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية، دون أن نغفل كذلك أن –المادة الثالثة المشتركة- بين اتفاقيات جنيف الأربع، تلزم جميع الأطراف بوجوب "جمع الجرحى والمرضى والعناية بهم".

فهل تجهل الدول المنحازة لإسرائيل والداعمة لها، أن ما تقوم به من هجمات مقصودة على المستشفيات والأماكن التي يتجمع فيها المرضى والجرحى والمدنيون، هو أمر مرفوض ويشكل مخالفة جسيمة للمواثيق الدولية وأعراف الحرب، بموجب نظام روما الأساسي، وهو أيضا "جريمة حرب نكراء" بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؟ إن إقدام إسرائيل على تلك المجازر الوحشية في عدوانها المتواصل على قطاع غزة، يستوجب متابعتها أمام محكمة العدل الدولية، ويفرض على الأمم المتحدة القيام بواجبها الإنساني والتصدي لهمجيتها، ناهيكم عن انتهاكها الدائم لقواعد القانون الدولي، من خلال عدم الالتزام بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين، وتعمد الإضرار بالمدنيين وتدمير ممتلكاتهم بواسطة القصف العشوائي...

علينا أن نعلم جميعا أن القضية الفلسطينية تمر اليوم بأخطر منعطف في تاريخ الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي، ولا يكفي لمواجهتها وتعطيل آلياتها الحربية المدمرة تصاعد الاحتجاجات وتزايد الإدانات الدولية. وبات من الواجب على المنتظم الدولي أن يتحمل كامل مسؤولياته التاريخية والسياسية والخروج عن صمته المريب، ويقوم بممارسة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف هذا المسلسل من المجازر البشرية والإبادة الجماعية في حق شعب أعزل، ذنبه الوحيد أنه يسعى فقط إلى انتزاع حقوقه الوطنية المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

إن المغرب بقيادة ملكه ورئيس لجنة القدس محمد السادس، يدين بشدة قصف القوات الإسرائيلية مستشفى المعمداني وما خلفه من مئات الضحايا، ويشدد في بلاغ لوزارة الخارجية على أن الحاجة اليوم جد ملحة لتضافر جهود المجتمع الدولي، والتدخل العاجل لإيقاف هذه الجرائم الإسرائيلية المتلاحقة، وإرغام الدولة العبرية على احترام القانون الدولي الإنساني، تفاديا لانزلاق المنطقة نحو مزيد من التوتر والاشتعال، حماية المدنيين وعدم استهدافهم من قبل الطرفين معا الإسرائيلي والفلسطيني.

 

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

حركة الفصائل الفلسطينية تحذر من “مجاعة جديدة” بغزة جراء الحصار الإسرائيلي

غزة – حذرت حركة الفصائل الفلسطينية الخميس، من “مجاعة جديدة” في قطاع غزة بسبب استمرار سياسات التجويع الإسرائيلية وتخاذل المجتمع الدولي حتى في شهر رمضان.

وقال متحدث الحركة عبد اللطيف القانوع في بيان اطلعت عليه الأناضول، إن الفلسطينيين بقطاع غزة “يعانون حصارا مشددا للأسبوع الثاني، ويمنع الاحتلال (الإسرائيلي) إدخال الغذاء والدواء والوقود والمواد الأساسية”.

واعتبر القانوع أن ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي “جريمة تجويع جديدة” ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.

وأضاف: “الأيام القليلة القادمة ستشهد فقدان لعدد من المواد الأساسية والسلع الغذائية في قطاع غزة مما يزيد معاناة السكان ويفاقم أزمتهم”.

وخاطب المجتمع الدولي محذرا: “ما لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه قطاع غزة سيعاني سكانه المجاعة مجددا في شهر رمضان”.

وفي السياق، دعا القانوع الوسطاء لـ”ممارسة مزيد من الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح المعابر وتدفق المساعدات الإنسانية ووقف سياسة العقاب الجماعي بحق شعبنا”.

والأربعاء، أكد مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري، استمرار إسرائيل في منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، واعتبر الأمر “استمرارا لجرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية”.

ومطلع مارس/ آذار الجاري انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.

ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار، أغلقت إسرائيل مجددا جميع المعابر المؤدية إلى غزة، لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع كأداة ضغط على حركة الفصائل لإجبارها على القبول بإملاءاتها.

وتتمسك حركة الفصائل ببدء المرحلة الثانية من الاتفاق، وتعتبر أن قرار إسرائيل وقف إدخال المساعدات الإنسانية منذ 8 مارس “ابتزازا رخيصا وجريمة حرب وانقلابا سافرا على الاتفاق”.

 

الأناضول

Previous حسني بي: لا خطر من الإفلاس والاقتراض الخارجي غير ممكن Related Posts اجتماع عربي أمريكي بالدوحة لبحث خطة مصر لإعمار غزة عربي 13 مارس، 2025 آلاف الإسرائيليين يتوجهون إلى مصر رغم تحذيرات تل أبيب عربي 13 مارس، 2025 أحدث المقالات حركة الفصائل الفلسطينية تحذر من “مجاعة جديدة” بغزة جراء الحصار الإسرائيلي حسني بي: لا خطر من الإفلاس والاقتراض الخارجي غير ممكن اجتماع عربي أمريكي بالدوحة لبحث خطة مصر لإعمار غزة آلاف الإسرائيليين يتوجهون إلى مصر رغم تحذيرات تل أبيب المقريف يلتقي مسؤولين بالسفارة الفرنسية لبحث تطوير التعليم اللغوي

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • تقرير جديد: أجهزة أمن السلطة الفلسطينية مارست عشرات الانتهاكات بالضفة
  • مجلس الأمن الدولي يدين العنف في سوريا ويدعو إلى حماية المدنيين
  • الخارجية الفلسطينية تناشد المجتمع الدولي وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية
  • بلدية رفح الفلسطينية: نحن أمام كارثة إنسانية بسبب توقف آبار المياه إثر الحصار الإسرائيلي
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • الخارجية الفلسطينية تُدين انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في الحرم الإبراهيمي
  • الخارجية الفلسطينية: المجتمع الدولي مسئول عن حماية الحرم الإبراهيمي الشريف
  • القناة 14 الإسرائيلية: استنفار للجيش الإسرائيلي في غور الأردن للاشتباه في عملية تسلل
  • تحقيق أممي يعتبر الهجمات الإسرائيلية "الممنهجة" على قطاع الصحة الإنجابية في غزة أعمال "إبادة"
  • حركة الفصائل الفلسطينية تحذر من “مجاعة جديدة” بغزة جراء الحصار الإسرائيلي