عندما سمعت قصتها وكلامها وشاهدتها وهى جالسة على مقعدها المتحرك انفطر قلبى وانخلع وأصابنى الجمود، لما لحق بهذه السيدة المسنة من مآس شديدة كان أفظعها أن ألقى بها وبأثاث منزلها فى الشارع. وهى حبيسة مرضها لا تتحرك إلا بمساعدة أحد، تلك الأم التى تركها ابنها تجابه ظروف المرض وقسوة الحياة بمفردها وسافر إلى خارج البلاد.
وأصبحت لا تعلم عنه شيئاً ولم يسأل عنها حتى ولو بالهاتف ولكن «المعوض» موجود وعلى الرغم من أن لا شىء يعادل طلة الأبن الحانية على أبويه طوال العمر، خاصة فى مرحلة خريف العمر، إلا أن هذا الابن الجاحد آثر البعد عن أمه التى أوصى بها الدين والرسول صلى
الله عليه وسلم وأوصى بها ثلاث مرات وبعد عن وطنه وترك أُمه التى أفنت عمرها لأجل تربيته وتنشئته، أحبته أكثر من نفسها وأعطته عمرها فقابل كل ذلك بالجحود والنكران وقطع أثره أمام أمه، فظلت الأم تبكى ولكننا نرى أن قصتها مليئة بلطف الله. رغم ما واجهته من قساوة قلوب بعض البشر وعلى رأسهم ابنها
الذى أصبحت لا تعلم عنه شيئاً مما دفعها لتقول أعتبر نفسى «ماخلفتش»، وأمام حكايتها أصابنى الحزن الشديد لما آلت إليه قلوب بعض البشر فماذا حدث لها عندما أصابها المرض تركها ابنها كما ذكرت ونظراً لمصاريف علاجها الباهظة عجزت الأم عن دفع إيجار مسكنها فما كان من صاحب البيت إلا أن أنذرها بالطرد ونفذ ما قال فى الشهر الثالث لتجد المسكينة نفسها وأثاثها فى الشارع لتبيت على سريرها أمام الجميع فى الشارع وتصادف مرور توك توك كان قادماً لتوصيل أحد الجيران فاسترعى انتباهه وجود الحالة التى تنطق بمأساة الطرد فاقترب منها وطلب منها أن تمهله وقتاً لتوفير مأوى لها ثم تركها الرجل الشهم الذى نفذ ما وعدها به ليقوم بحملها وساعده البعض فى حمل متعلقاتها إلى حيث المسكن الذى أوجده لها ذلك الرجل الذى عطف الله قلبه عليها وكأنه ملاك من السماء وقام بإعداد كل شىء لها من مآكل ومسكن واستحمام وكل شىء وكأنه ابنها بل أشد عطفاً: ووعدها بأنه سوف يأتى لها بالطعام والشراب يومياً ونفذ وعده كل يوم حتى إن زوجته شكت فيه أنه تزوج عليها لتغيير عوايده معها فى الحضور فقررت أن تراقبه. واستأجرت توك توك ذات صباح وسارت خلفه عن بعد حتى لا يراها وحين توقف بمركبته النارية أمام أحد المنازل ودخل سألت الزوجة عن صاحب التوك توك فأخبرها الواقفون عن أن صاحبه داخل المنزل الذى شاهدته يدخله بل زادوا أنه يأتى إلى هنا يومياً وقبل أن تسمع بقية الإجابة من الواقفين والتى أوغرت صدرها لتشهق شهقة مدوية وتدخل إلى المسكن وتطرق على بابه وكأنما حدثت كارثة ليفتح زوجها الباب بنفسه ودفعته دفعة مباغتة وتدخل إلى داخل المسكن البسيط لترى المشهد المأساوى للسيدة المسنة التى لا تتحرك وهو يقوم بتنظيف المسكن صباحاً وما كان منها غير أنها أبدت الندم فى حقها وحق زوجها الذى ظنت به السوء وقبلت يد السيدة المسنة ويد زوجها وأخذت منه «المقشة» واستكملت تنظيف المسكن البسيط والذى اعتبرته الأم جنة الله فى الأرض وأن السائق وزوجته عوض عن ابنها الذى تبرأت منه.
هذه القصة أبكتنى وأنا أكتبها لدرجة تأزمت فيها رأسى فى قصة تحمل فى جنباتها النقيضين من الخير والشر، الحرمان والعِوَض والعقوق والوفاء.
إن قطيعة الوالدين من أشد الذنوب خطراً، وأعظمها ضرراً، فقد توعد الله صاحبها باللعن، وخُصّت الأم إظْهَارًا لِعِظَمِ حَقِّهَا فكيف ينام هذا الابن العاق أو يغلق له جفن أمام تركه لأمه التى أبكتنا قصتها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية:
بين السطور
خارج البلاد
إقرأ أيضاً:
محافظ أسوان: حققنا معدلات إنجاز بملف التقنين واسترداد أراضى الدولة
أكد اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان، أن الفترة الحالية تشهد تحقيق معدلات إنجاز فيما يتعلق بملف التقنين واسترداد أراضى الدولة وهو الذى جاء نتيجة الحملة الإعلانية المكثفة التى تم تنفيذها.
جاء ذلك أثناء إعتماد محافظ أسوان لدفعة جديدة من عقود التقنين، فضلًا عن متابعة الموقف ومعدلات الأداء ونسب لهذا الملف الحيوى وذلك فى حضور اللواء أيمن الشريف السكرتير العام، ومديرى الإدارات المعنية.
وأوضح الدكتور إسماعيل كمال بأن هذه الحملة استهدفت الميادين والشوارع الرئيسية من خلال مادة فلمية وصور متنوعة تم بثها على شاشات الإعلانات داخل جميع أنحاء المحافظة، وعبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية المختلفة، وهو الذى توازى بقيام سيارات تابعة للمحافظة للتنبية والتنوية للمواطنين بأهمية الانتهاء من إجراءات التقنين.
وناشد المحافظ، أصحاب الطلبات بسرعة إنجاز كافة الإجراءات المتعلقة، مع سداد المقدمات المالية، والأقساط المتأخرة عليهم فى أسرع وقت ممكن، وخاصة فى ظل التيسيرات والتسهيلات العديدة التى يتم تقديمها، لعدم إدراجهم فى حملات الإزالة المتتالية التى يتم تنفيذها بشكل دورى.