كلام الله هو بمثابة الدستور الذى نسترشد به فى حياتنا، ويجعلنا نتحلى بالقوة أثناء التعرض للمواقف الصعبة التى تضعنا فيها الحياة، ولا نملك غير التحلى بأخلاق الرسل والأنبياء صلوات الله عليهم، ليكونوا عبرة لنا فى حياتنا، فالكثير يتعرض للأذى أياً كان نوعه ولكن الأذى النفسى أصعب أنواع الأذى، والقرآن روى لنا الكثير من القصص التى لابد أن نجعلها نصب أعيننا للتحلى بالصبر على متاعب الحياة.
فعندما نقرأ قصص أحد الأنبياء والرسل لابد أن نقرأ بجوارحنا ومشاعرنا وليس بأفواهنا فقط، فقصة سيدنا يوسف عليه السلام التى قال عنها الله سبحان الله أحسن القصص لأن بها العديد من الابتلاءات التى قد يتعرض لها البعض، من غدر أقرب الناس وهم الإخوة أو الأصدقاء، وأيضاً ادعاء أحدهم عليك افتراء وإنزال العقاب عليك ظُلما، كما حدث مع سيدنا يوسف فتم إلقاؤه فى البئر من إخوته وكانت تهمته فقط حب أبيه له، ففعلوا ذلك بدافع الغيرة والحقد، فكم من أشخاص حاولوا النيل من البعض ومحاولة إلحاق الأذى بهم للخلاص منهم، كما تم توجيه تهمة زور وظلم له بادعاء أمرأة العزيز الباطل وتم زجه ظُلماً فى السجن.
فكم من أشخاص ادعوا باطلًا وزورًا لإلحاق الأذى بالبعض والخلاص منهم، كم من أشخاص تم توقيع العقاب عليهم ظُلماً وافتراءً للخلاص منهم، ولكن ما لا يعلمه البعض أن كل ما وقع أراده الله وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق، فكل ما حدث لتأهيل سيدنا يوسف ليصبح عزيز مصر، فإذا حدث أمر ما خارج عن إرادتك أو تم التنكيل بك لعرقلتك فلا تخف، فكل ما حدث من أمور سيئة لتهيئتك لمستقبل عظيم ينتظرك، وليمنحك القوة والصلابة، وليعطيك دروسًا لا تستطيع تعلمها الا بمواقف قاسية بعض الشىء وليعلمك أيضاً الاعتماد على النفس والتوكل على الله وكفى بالله وكيلًا فلا نصير لك غير الله ثم عملك.
كما ضرب لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المثل الأعلى فى تحمل الاضطهاد والإيذاء المعنوى والبدنى، فى سبيل توصيل رسالة الله إلى الناس، ورغم ما عاناه من عنت وكفر وتكذيب وسب، وكان أبولهب عم النبى فى مقدمة الذين آذوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، كان يتحلى بالصبر وضبط النفس وتحمل الإيذاء النفسى من سفهاء قريش، فكان إذا مر على مجالسهم بمكة استهزأوا به، وسخروا منه، ولم يقتصر الأمر على مجرد السخرية والاستهزاء والإيذاء النفسى، بل تعداه إلى الإيذاء البدنى، ووصل الأمر إلى أن يبصق عدو الله، أمية بن خلف، فى وجه النبى (صلى الله عليه وسلم)، وقد صبر على ما أصابه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يذكر ما لاقاه من أذى قريش قبل أن ينال الأذى أحد من أتباعه فيقول: لقد أخفت فى الله عز وجل، وما يخاف أحد، ولقد أوذيت فى الله، وما يؤذى أحد، ولقد أتت على ثلاثون، من بين يوم وليلة، وما لى ولبلال طعام يأكله ذو كبد، إلا شيء يواريه إبط بلال.
وكانت امرأة أبى لهب تضع الشوك فى طريقه، والقذر على بابه، وكانت امرأة سليطة تبسط فيه لسانها، وتطيل عليه الافتراء، وتؤجج نار الفتنة، وتثير حرباً شعواء على النبى (صلى الله عليه وسلم).
قرأت كثيرًا عن إيذاء كفار قريش لرسول الله وكثر المتجرئون عليه من زعماء قريش، وكان من بين هؤلاء أمية بن خلف الذى كان إذا رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) همزه ولمزه، وفيه نزل: ويل لكل همزة لمزة.
ذكرت بعضًا مما تعرض له أشرف خلق الله ليكون نموذجاً لمن يتعرض للأذى، ولكن قرأت أيضاً كيف حمى الله رسوله وكيف اقتص له سبحانه وتعالى وحدثنا القرآن عن معجزات الله مع رسوله، وكيف تحلى رسول الله بالصبر والصلابة وضبط النفس وهو قادر على رد الإيذاء ولكن فى الوقت الذى تجرأ عليه كفار قريش كانوا يهابونه، وكانوا يعلمون صدقه وكانوا يضعون عنده أموالهم ويستأمنونه عليها، وهذا يعلمنا قد يهاجمك البعض ويتعدى عليك باللفظ والإيذاء النفسى وهذا بدافع الحقد والغيرة ولأنه لا يملك أن يصبح مثلك وفى الوقت نفسه شهادة وإقرار أنك أفضل منه وأنه يراك تتمتع بصفات وأخلاق حميدة وإلا ما هاجموك!
عضو مجلس النواب
Email: [email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: آيات الحداد عضو مجلس النواب القصص صلى الله علیه وسلم رسول الله
إقرأ أيضاً:
هل الأيام البيض هي الست من شوال؟ دار الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الأيام البيض هي أيام الليالي التي يكتمل فيها جِرْم القمر ويكون بدرًا، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من وسط كل شهر عربي، سُمِّيَت بذلك لأن القمر يكون فيها في كامل استدارته وبياضه؛ فالبياض هنا وصف للياليها لا لأيامها، وإنما وُصِفت الأيام بذلك مجازًا.
وقد جاء تحديدُها بذلك في الأحاديث النبوية الشريفة؛ منها: حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «صِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَأَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَة ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ» رواه النسائي وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري".
أمَّا الأيام الستة من شهر شوال فهي تلك الأيام من شوال التي يُندَب صيامُها بعد شهر رمضان ويومِ الفطر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رواه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
وتابعت دار الإفتاء: ولكن هذه الأيام لا تُعرَف بالأيام البيض في الاصطلاح الفقهي ولا الشرعي، إلا أنَّ هذا الإطلاق الشائع بين الناس له وجهٌ صحيح من اللغة؛ فإنَّ الغُرَّة في الأصل: بياضٌ في جبهة الفرس، فيجوز تسمية البياض غُرَّةً والغرة بياض على جهة المجاز بعلاقة الحاليَّة والمحلية، وقد سَمَّى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأيام البيضَ بالغُرِّ فقال: «إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُمِ الْغُرَّ»؛ أَي الْبِيض. رواه الإمام أحمد والنسائي وصححه ابن حبان.
الست من شوالوسُمِّيَت ليالي أول الشهر غُرَرًا؛ لمعنى الأوَّليَّة فيها، وقيل: لأوَّليَّة بياض هلالها، كما أن الغُرَّة هي البياض في أول الفرس، ولعل في تسميتها بالبيض إشارةً إلى استحباب صومها في غُرَر شهر شوال بعد يوم الفطر مباشرة.
وأوضحت دار الإفتاء أن صيام الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم سلفًا وخلفًا، ويبدأ بعد يوم العيد مباشرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»، فإن صامها المسلم متتابعة من اليوم الثاني من شوال فقد أتى بالأفضل، وإن صامها مجتمعة أو متفرقة في شوال في غير هذه المدة كان آتيًا بأصل السنة ولا حرج عليه وله ثوابها.