بوابة الوفد:
2024-09-17@08:05:44 GMT

كثيرة العاشق (46)

تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT

ألقى حرس الحدود القبض على رجلين داخل خيمة منصوبة قرب واحة، وسط الصحراء الفاصلة بين مصر وليبيا، واقتادوهما مقيدين بالحديد نحو مركز «الضيعة» الحدودى, وحين سألهما مأمور المركز: «لماذا دخلتما البلاد بلا جوازات؟»، صاح أحدهما بجسارة غير مألوفة فى مثل هذه المواقف: «جواز سفر؟ ألا تعرفني؟ أنا الحبيب بورقيبة».

 

كان ذلك فى الساعات الأخيرة من ليل الخامس والعشرين من أبريل 1945، حين نفى الضابط معرفته به، فزاد حنق «بورقيبة» مضيفاً: «يا رجل، ألم تسمع عن نضالى، ودخولى السجن وخروجى منه وعن جهادى ضد فرنسا, يا رجل أنا فى تونس مثل سعد زغلول فى مصر», لكن الضابط واصل إنكاره، فيما بدت الخيبة واضحة على ملامح «بورقيبة». 

فشلت جميع محاولات «بورقيبة» فى شرح القضية الوطنية التونسية للمأمور، بل فشل فى أن ينتزع منه اعترافاً بوجود تونس على الخريطة, واعتقد أن الأمور ستنتهى عند هذا الحد.

ينقل الصحفى المخضرم محمد حسنين هيكل فى مقالته «بصراحة» بجريدة الأهرام فى 15 سبتمبر 1961، عن «بورقيبة» متذكراً وقائع ذلك اليوم العصيب قوله:«استدرت أخرج غاضباً يائساً... لكن ضابط الحدود قال لى: تعال هنا... كيف دخلت الحدود من غير جواز سفر؟ فقلت: لقد جئت هارباً، فمن أين لى أن أحصل على جواز سفر؟ فأجاب ببرود شديد: إذن لا بد من ترحيلك إلى سلاح الحدود ليحققوا معك.

ثم استجمع مأمور المركز الحدودى صرامته مخاطباً «بورقيبة» ورفيقه بأنه لن يسمح لهما بالعبور ولن يطلق سراحهما، وغاية ما يستطيع عمله هو إعلام رؤسائه بالموضوع، فما كان من «بورقيبة» إلا أن ضرب كفاً بكف مردداً: «وأنا الذى كنت أنتظر أن تستقبلنى الجماهير فى مصر بالورود والموسيقى». 

وبينما كان «بورقيبة» ورفيقه ينتظران الفرج القادم على مهل من القاهرة داخل نظارة مركز الحدود، فوجئا باستدعائهما للحضور أمام مأمور المركز للتوقيع على محضر، بدعوى دخول البلاد دون جواز سفر، وأُبلغا بأنهما سيُنقلان صباحاً إلى محكمة العامرية للمثول أمام القاضى.

ومع ساعات الصباح الأولى، اقتادهما الشاويش عبدالرزاق السودانى نحو محطة القطار، وفى الطريق طلب منه بورقيبة أن يمكّنه من إرسال برقية لعبدالرحمن عزام باشا، أمين عام جامعة الدول العربية، يطالبه فيها بالتدخل.

وقبل أن ينطلق القطار نحو الإسكندرية، كان رئيس مركز الحدود ينهب الأرض بسيارته «الجيب» يريد اللحاق به, وصل الضابط المصرى على عجل وقفز داخل العربة مقبّلاً «بورقيبة» ورفيقه، ملحّاً فى طلب العفو والاعتذار، وسط ذهول الركاب.

وضع الضابط فى يد «الشاويش» حزمة أوراق هى وثيقة سفر وبطاقات حجز فى الدرجة الأولى فى جناح مريح فى القطار, كان منظر «بورقيبة» ورفيقه بالملابس التقليدية الليبية التى عبروا بها وسط جناح «الباشاوات» فى القطار غريباً، لكن تعلّقهما بالقاهرة بدد كل خجل.

وصل «بورقيبة» إلى القاهرة ليل الثامن والعشرين من أبريل 1945, ولم يكن الاستقبال فى القاهرة أفضل من لحظة الدخول سراً إلى مركز الضيعة الحدودى, ولكنه فتح خطوط تواصل مع القوى السياسية المصرية، التى لم تتحمس كثيراً له باستثناء جماعة الإخوان المسلمين التى كانت تسعى لتوسيع نشاطها نحو الدول العربية.

كانت «قاهرة الأربعينيات» كبيرة وصاخبة, فيها كل الملل والطوائف، حتى إنها كانت مكتفية بنفسها عن معرفة ما يدور خارجها أو حولها, ولم تكن أخبار بلاد المغرب ذات أهمية بالنسبة للمصريين، بعكس أهل المغرب الذين كانوا يتابعون ما يجرى فى مصر بلهف ودقة، ويعرفون كتّابها وزعماءها وحتى أسماء فنانيها.

كان مثقفو تونس منقسمين بين عباس محمود العقاد وعبدالقادر المازنى وكان أبوالقاسم الشابى يراسل مجلة «أبوللو» القاهرية لينشر فيها قصائده، وتغص مسارح العاصمة بمشاهدة مسرحيات نجيب الريحانى فى جولة المغاربة.

فى هذه الأجواء، وجد بورقيبة نفسه غريباً فماذا حدث؟

التفاصيل فى الحلقة القادمة

حفظ الله مصر وأهلها

‏[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ندى حرس الحدود القبض على رجلين وسط الصحراء جواز سفر

إقرأ أيضاً:

مركز محمد بن راشد للفضاء يستضيف طلاباً من أذربيجان

دبي: «الخليج»
استضاف مركز محمد بن راشد للفضاء، مجموعة من الطلاب الأذربيجانيين في تجربة تعليمية عملية استمرت لمدة أسبوع كامل، وذلك في إطار التعاون الدولي مع وكالة الفضاء الأذربيجانية «أزيركوسموس»، وبدعم من وكالة الابتكار والتطوير الرقمي في أذربيجان.
وشارك الطلاب، خلال الزيارة التي امتدت على مدار أسبوع، في جلسات عملية وتحديات تقنية، إضافة لإكمال مهام بحثية تحت إشراف خبراء من مركز محمد بن راشد للفضاء.
وتناولت الجلسات التدريبية مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك محاكاة أنظمة الفضاء والطيران، وأمن المعلومات، والهندسة الحاسوبية والإلكترونية، إضافة للاطلاع على تدريبات رواد الفضاء.
كما أتيحت للطلاب الفرصة للتعرف إلى عدد من المشاريع البارزة لمركز محمد بن راشد للفضاء، بما في ذلك مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ومشروع الإمارات لاستكشاف القمر.
واستكشفوا موضوعات متقدمة مثل برنامج بايثون لمراقبة الأقمار الاصطناعية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بُعد، وكان من أبرز ما في البرنامج التدريبي، دورة تدريبية قادتها نورا المطروشي، أول رائدة فضاء إماراتية.
تأتي هذه المبادرة في إطار جهود مركز محمد بن راشد للفضاء لتعزيز التعاون الدولي وتشجيع المشاركة الفعّالة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ويهدف المركز إلى إلهام الجيل القادم من علماء ومهندسي الفضاء، والمساهمة في تعزيز الخبرات العلمية والتكنولوجية على مستوى العالم.
واختُتم الأسبوع بزيارة إلى متحف المستقبل، حيث أتيحت للطلاب فرصة استكشاف كيف يمكن للتكنولوجيا المبتكرة أن تُشكل مستقبل البشرية.
وصرح سعود كرمستجي، مدير إدارة الاتصال الاستراتيجي بالمركز: «إن تعاوننا مع أزيركوسموس، ومشاركة هؤلاء الطلاب يعكسان التزام مركز محمد بن راشد للفضاء بتعزيز الشراكات الدولية التي ترتقي بعلوم وتكنولوجيا الفضاء على المستوى العالمي، ومن خلال استضافتنا لهؤلاء الطلاب، لم نوفر فقط منصة للتعلم العملي، بل ألهمنا أيضاً جيلاً جديداً من الشباب الذين سيتولون قيادة استكشاف الفضاء في المستقبل. نحن نؤكد التزامنا بخلق فرص لتبادل المعرفة، وإلهام الشباب نحو مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، لبناء مستقبل أكثر ابتكاراً واستدامة».

مقالات مشابهة

  • الأمير عبد العزيز بن سعود يتابع سير العمل في مركز الدعم الفني لحرس الحدود
  • انتحار مراهق بمدينة الصدر ووفاة موقوف في مركز شرطة المنصور
  • مركز القبول الموحد وطلبة الدبلوم العام إلى أين؟ (3- 3)
  • الأمير عبد العزيز بن سعود يتابع سير العمل في مركز الدعم الفني لحرس الحدود بمدينة الرياض
  • عمرو الفقي: الشركة المتحدة لديها شراكات كثيرة ومنصات إعلامية بالسعودية ودبي
  • مركز محمد بن راشد للفضاء يستضيف طلاباً من أذربيجان
  • النزاهة: الحبس الشديد لمدير مركز كمرك منفذ الشيب الحدود بميسان لاقترافه جريمة الرشوة
  • انقطاع المياه لمدة 15 ساعة عن قرى مركز ببا في بني سويف
  • نكونكو: أتقبل المنافسة على مركز أساسي في تشيلسي
  • إسعاف المنية ينفذ 59 مهمة بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة خلال الأسبوع الماضي