الحقيقة الوحيدة التى بين أيدينا هى أن نعمل وننتج، وألا نضيع أوقاتنا هدراً أو عبثاً..
يموت الإنسان راضياً عن نفسه يوم أن يكون قد أدّى رسالته فى هذه الحياة.. والعظماء من الناس يشعرون بقيمة الحياة، فيمضون إلى تأدية الرسالة التى نيطت بهم على أكمل وجه، وعلى أتمّ عمل تنتهى به غاية الطاقة يؤدّيه بنو الإنسان.
لا يموت العظيم إلاّ وفى نفسه راحة، وفى قلبه اطمئنان.
العظماء هم أنفسهم أبناء القدر الذى حركهم إلى الأعمال الخالدة فبعث إليهم- من حيث يشعرون أو لا يشعرون- برسائل التبعة والتكليف والمسئولية الملقاة على عواتقهم مفروضة كواجب من قبل السماء.
من المؤكد أن الإنسان فى جميع الأحوال ليس إلا الروح التى تتردد فى جسد، وعلى قدر عظمة الأرواح تكون عظمة الأعمال، والأعمال العظيمة أرواح عظيمة ما فى ذلك شك، وعلى كبر النفوس تأتى خوالد الآثار. يموت الإنسان وتطويه أسباب الفناء ومع ذلك قد لا يشعر أنه قد أدّى رسالته التى فرضتها عليه الأقدار، لكنه مع هذا كله قد يستقبل الموت -من بعد هذا الشعور- بقلب راضٍ وخاطر سليم؛ لأنه كان بذل غاية الطاقة من عمل العاملين على الإخلاص.. أى مفارقة تلك.. أهى همّة العاجز الذى لا يبالى ولا يكترث لخطوب المنون؟
كلا.. الأمر أبسط من ذلك.. إنها فقط علّة التفكير.
حقيقةً إنه لا يفزع من حق بعد أن أدّى واجباً، ولا من حقيقة بعد أن قطع أشواطاً من الحياة عاملاً فيها بما يرضى الله ويرضى النفس، وإن لم يكن فى الوقت نفسه يرضى الآخرين، فكما يكون رضا الناس غاية لا تدرك، فكذلك يكون رضا النفس ورضا الله أيضاً غاية لا تنال بسهولة ويسر إلا أن تكون المعرفة أساس هذا الرضا ومنبعه فى فجاج الفكر وقرارة الضمير.
وهيهات للمرء أن يبلغ مستطاعه من معرفة الله ما لم يكن من قبل قد عرف نفسه.
أخوف ما يخاف عليه إذ ذاك هو دعوى امتلاك الحقيقة كونها غائبة عنه، غير أنه أقدر على البحث عنها وأخلق أن يجهد نفسه فى البحث عنها بكل ما أُوتى من قدرة. والموت حق، والحق لا يظهر للعيان، ولا يتمُّ الكشف عنه فى غير جهد من ترقية الذات.
الحقيقة الوحيدة المؤكدة هى أن سبيل البحث عن الحقيقة أفعل فى النفس من سبيل الكشف عنها ظاهرة لعيان المُبصرين.. أعنى أن البحث عن الحقيقة أولى بالإنسان من دعوى امتلاكها؛ لأنه لا توجد حقيقة يستطيع أبناء الفناء امتلاكها.
لقد كان المفكر الألمانى (لسنج Lessing) (١٧٢٩- ١٧٨١) يقول : إنّ متعة الإنسان ليست تنحصر فى امتلاكه للحقيقة، وإنّما تنحصر فى الجهد الذى يبذله من أجل العمل على بلوغها، ولا تنمو ملكات الإنسان بامتلاك الحقيقة أبداً بل بالبحث عنها، كما أن كماله المتزايد لا يتمثّل إلاّ فى هذا المظهر وحده، أى مظهر طلب الحقيقة والبحث عنها ليس إلّا.
هذا هو الجانب الإيجابى من علّة التفكير : ترقية الذات الإنسانية والبلوغ بها الى مستوى الكمال من خلال عملية البحث ذاتها، ليس أكثر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحقيقة البحث عنها
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف العلاقة الحقيقة بين وسائل منع الحمل وزيادة الوزن
أوضحت نتائج دراسة حديثة أجراها فريق من كلية الطب بجامعة ييل، أن عامل هام قد يلعب دورا مهما في زيادة الوزن وفشل وسائل منع الحمل عند بعض النساء، ما قد يفتح المجال لتطوير وسائل منع حمل "مصممة خصيصا" لتناسب كل امرأة.
رغم أن العديد من النساء يعتقدن أن تناول أقراص منع الحمل يزيد من وزنهن، إلا أن الباحثين لم يتمكنوا من إثبات هذا الرابط بشكل قاطع في الدراسات السابقة، لكن الدراسة الجديدة، التي أجراها اكتشفت وجود صلة بين زيادة الوزن واستخدام وسائل منع الحمل الهرمونية، وخاصة تلك التي تحتوي على البروجستين، وهو هرمون صناعي يحاكي البروجسترون (أحد الهرمونات الأساسية التي تلعب دورا رئيسيا في تنظيم الدورة الشهرية والحمل).
وشملت الدراسة 276 امرأة يستخدمن غرسات تحتوي على "إيتونوجيستريل" (وهو نوع من البروجستين)، ووجد الباحثون أن النساء اللاتي يحملن متغيرا معينا في جين ESR1 كن أكثر عرضة لزيادة الوزن أثناء استخدام هذه الوسائل.
كما أشار آرون لازورويتز، أستاذ طب التوليد وأمراض النساء في جامعة ييل، إلى أن هذه النتائج قد تشير إلى أن الاختلافات الجينية تؤثر في طريقة تفاعل الجسم مع وسائل منع الحمل الهرمونية، ما يعرّض بعض النساء لخطر أكبر لزيادة الوزن.
وأوضح لازورويتز أن الاختلافات الجينية قد تؤثر في الطريقة التي يتفاعل بها هرمون الأستروجين (ينتج بشكل رئيسي في المبايض لدى النساء) مع مستقبلات البروجسترون في الجسم، وقال إن هذا قد يساعد في تفسير لماذا تظهر بعض الدراسات تغييرا طفيفا في الوزن عند النساء اللاتي يستخدمن وسائل منع الحمل الهرمونية، في حين يعاني البعض الآخر من زيادة واضحة في الوزن.
كما أشار الباحثون إلى اكتشاف آخر يتعلق بجين CYP3A7، حيث وجدوا أن الطفرة في هذا الجين قد تزيد من سرعة التمثيل الغذائي للإيتونوجيستريل، ما يؤدي إلى خروج الهرمون من الجسم بسرعة أكبر قبل أن يتمكن من منع التبويض. وتحمل حوالي 5% من النساء هذه الطفرة، ما يعرضهن لخطر "فشل وسائل منع الحمل" وحدوث الحمل رغم استخدامها.
وأضاف لازورويتز أن هذه النتائج ليست مقتصرة على الغرسات تحت الجلد فقط، بل قد تنطبق أيضا على أقراص منع الحمل. وأكد على ضرورة تخصيص وسائل منع الحمل وفقا للسمات الجينية لكل امرأة. وقال إن النتائج تدعم الحاجة إلى تخصيص العلاجات بحيث تتناسب مع احتياجات كل امرأة بشكل فردي.
ومن جانبها، قالت الدكتورة ميشيل غريفين، طبيبة أمراض النساء والتوليد، إن التكنولوجيا الحديثة قد تجعل من الممكن تقديم وسائل منع حمل مخصصة للنساء، ما يقلل من الآثار الجانبية ويزيد من رضاهن.