سكان غزة نصفهم أطفال.. أسباب متعددة وراء ذلك
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
يعتبر قطاع غزة واحدا من أكثر المناطق اكتظاظا في السكان على مستوى العالم وكذلك هو من بين الشعوب الأكثر شبابا، حيث ما يقرب من نصف السكان (47.3 في المئة) تحت سن 18 عاما، وفقا لما أورده تقرير نشرته الإذاعة الوطنية الأميركية "إن بي أر"، الخميس.
يبلغ عدد سكان قطاع غزة نحو 2.3 مليون نسمة يعيشون في مساحة ضيقة من الأرض تبلغ مساحتها 225 كيلومترا مربعا، مما جعلها واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض.
وفقا للتقرير فإن نحو ثلثي الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع هم من لاجئي حرب عام 1948 أو من ذريتهم، فيما الغالبية العظمى من السكان مسلمون ويوجد أيضا نسبة صغيرة من المسيحيين.
يخضع القطاع منذ عام 2007 لحصار بري وبحري مشدد من قبل إسرائيل، يُمنع بموجبه المدنيون، إلى جانب السلع مثل الغذاء والدواء، من التحرك بسهولة عبر الحدود، مما ساهم في ارتفاع مستويات الفقر وتعرض السكان لظروف اقتصادية قاسية.
ومع ذلك يشير التقرير إلى أن التعليم ظل أولوية قصوى بالنسبة لسكان غزة، حيث بلغت نسبة الأطفال الملتحقين بالمدارس الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاما، أكثر من 95 في المئة، يكمل معظمهم الدراسة الثانوية.
لماذا يشكل الأطفال نسبة كبيرة من سكان غزة؟يتحدث التقرير عن أسباب متعددة، من بينها أن الكثير من الفلسطينيين لا يحصلون على فرصة التقدم في السن، حيث يموتون في بداية سن البلوغ إما نتيجة الصراعات أو بسبب تراجع نظام الرعاية الصحية.
ويؤكد التقرير أن الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 16 عاما أعاق فرص الوصول السريع للرعاية الطبية وتسبب في نقص إمدادات المستلزمات الطبية الأساسية.
تقول الأستاذة المساعدة في جامعة سنترال فلوريدا يارا عاصي إن "الرعاية الوقائية غير موجودة في الأساس"، مشيرة إلى أن سكان القطاع "يتعاملون باستمرار مع مشاكل صحية قصيرة المدى، وأولئك الذين يحتاجون إلى رعاية مزمنة إما لا يحصلون عليها أو يضطرون إلى المغادرة".
ولكي يتمكن السكان من المغادرة لتلقي العلاج الطبي، يتعين عليهم التقدم بطلب للحصول على تصريح من السلطات الإسرائيلية وهو أمر صعب، وفقا للتقرير.
ومن العوامل الأخرى التي تؤدي لزيادة نسبة الشباب في غزة هو أن الناس يميلون إلى الزواج في سن مبكرة (غالبا في العشرينيات من أعمارهم)، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2021.
ويبلغ معدل الخصوبة (عدد الولادات لكل امرأة) 3.38، وفقا لتقديرات مكتب الإحصاء الأميركي.
وتشير عاصي إلى أن "بعض الأبحاث أظهرت أن السكان الفلسطينيين وغيرهم من الفئات المعرضة للتهديد حول العالم، يعتبرون إنجاب الأطفال وسيلة للمقاومة".
"المستقبل قاتم"أدت الصراعات المستمرة في غزة بالإضافة للحصار والظروف المعيشية القاسية لتأثير مضاعف على أطفال القطاع.
خلص تقرير نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في عام 2021 إلى أن 91 في المئة من أطفال غزة يعانون من الصدمات المرتبطة بالنزاع.
ووجد تقرير منفصل صادر عن منظمة "Save The Children" عام 2022 أن 80 في المئة من أطفال غزة أبلغوا عن اضطرابات عاطفية، مقارنة بـ 55 في المئة في عام 2018.
وقالت عاصي إنه "لا يزال هناك الكثير من الأمور غير الواضحة، لكن التوقعات قاتمة، فهؤلاء الأطفال يعانون من صدمة كاملة".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
شبح المجاعة يغرس مخالبه في أجساد سكان غزة ويفتك بأطفالها
الثورة / افتكار القاضي
مع استمرار الحصار الخانق على غزة، وإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وتواصل حرب الإبادة الجماعية.. أخذ شبح المجاعة يطل بوجهه القبيح على سكان قطاع غزة المحاصر ويفتك بأطفاله، وبات الأهالي مقبلين على أيام حرجة بعد أن أغلقت المخابز أبوابها جراء نفاد الدقيق، وسط تحذيرات دولية متزايدة من أن المجاعة باتت واقعا يفتك بالسكان، لا سيما الأطفال الذين بدأت أجسادهم تذبل أمام أعين العالم.
ومع نفاد الدقيق وإغلاق كافة المخابز، واستنزاف برنامج الأغذية العالمي آخر ما تبقى لديه من إمدادات غذائية، أصبح نحو مليونَي فلسطيني في غزة مهددين بالموت البطيء جوعا وعطشا، في ظل سياسة تجويع ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وتتعمق المأساة مع تسجيل أولى ضحايا الجوع، حيث وثقت الجهات الصحية 52 حالة وفاة نتيجة سوء التغذية والجوع، بينهم 50 طفلا، في مؤشر مخيف على دخول غزة مرحلة المجاعة الكاملة.
وتقول الأونروا: إن أكثر من مليون شخص يعاني في جميع أنحاء قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
انهيار كامل
في مواجهة هذا الانهيار الإنساني، أطلق عدد من كبار مسؤولي الإغاثة نداءات عاجلة لفتح المعابر فورًا، محذرين من أن غزة مقبلة على “كارثة غير مسبوقة”.
وقال جوناثان ويتال – رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالأمم المتحدة، إن “الأيام المقبلة ستكون حرجة للغاية”، محذرًا من أن “من لا يُقتل بالقنابل سيموت ببطء بسبب الجوع والحصار”.
وما يحدث في غزة اليوم ليس كارثة طبيعية، بل جريمة متعمدة صُنعت بإحكام تحت مرآى وسمع العالم فالتجويع، حسب تقارير الأمم المتحدة، أصبح “سلاحا” تستخدمه إسرائيل لإخضاع أكثر من مليوني فلسطيني، في ظل تجاهل دولي مستمر، وغياب أي مساءلة حقيقية.
ومع دخول الأزمة مرحلة الانهيار الكامل، يبدو أن قطاع غزة يعيش واحدة من أحلك لحظات تاريخه، حيث الموت لم يعد ينتظر قذيفة أو رصاصة.. بل صار يتسلل ببطء عبر بطون خاوية وأجساد واهنة، في مشهد إنساني لا يليق حتى بالعصور المظلمة.
ويتعمد جيش الاحتلال إغلاق كافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة بأمر مباشر من رئيس وزراء الكيان المجرم بنيامين نتنياهو، ومنع دخول آلاف شاحنات المساعدات التي تنتظر العبور، وإمعانا في الإبادة استهدف جيش الاحتلال المخابز ومستودعات الطعام ليقتلهم جوعا، بعد أن استهدف من قبل محطات تحلية المياه ليميتهم عطشا.
موت جماعي
وسط سياسة التجويع والقتل الممنهج التي يتبعها كيان الاحتلال، جاء تحذير حكومة غزة يوم الجمعة الماضي من أن فلسطينيي القطاع “على شفا موت جماعي” بسبب توسع رقعة المجاعة وانهيار القطاعات الحيوية بالكامل، وطالبت بفتح ممر إنساني فوري ودون تأخير لإنقاذ أكثر من مليوني إنساء في القطاع.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي من تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة بشكل متسارع ومخيف مع استمرار الحصار الإسرائيلي الكامل وإغلاق المعابر منذ نحو شهرين.
فيما دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى موقف دولي لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ضد الإنسانية، وقالت إن إعلان البرنامج العالمي عن استنفاد كل مخزوناته الغذائية في قطاع غزة “يعبّر عن المستوى الخطير الذي بلغته الكارثة الإنسانية التي صنعها الاحتلال الفاشي، مؤكدا دخول أهالي القطاع مرحلة المجاعة الكاملة .
تحذيرات أممية
هذه الكارثة المقبلة على القطاع، الذي يعاني أصلا من كوارث متراكمة، باتت تقلق المنظمات الإنسانية الدولية، فقد كشفت دراسة جديدة أن سكان غزة فقدوا ما معدله 18 كيلوغراما بسبب سياسة التجويع الممنهجة واضطر الناجون إلى أكل أعلاف الحيوانات وغيرها من البدائل مما تسبب في أمراض وأضرار صحية كبيرة.
وحذر برنامج الأغذية العالمي مؤخرا من أنه استنفد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة جراء الحصار، وكشف عن توقف جميع المخابز الـ25 المدعومة من البرنامج منذ 31 مارس الماضي، بسبب نفاد الدقيق ووقود الطهي، كما لفت إلى عدم دخول أي مساعدات إنسانية للقطاع منذ أكثر من 7 أسابيع بسبب إغلاق المعابر.
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليبي لازاريني، قال بدوره إن أطفال غزة باتوا يتضورون جوعا بسبب سياسة التجويع المتعمدة التي تنتهجها إسرائيل من خلال استمرار إغلاق معابر القطاع ومنع دخول الغذاء والأساسيات الأخرى منذ الثاني من مارس الماضي، مؤكدا أن ما يحصل هو “تجويع من صنع الإنسان وبدوافع سياسية”.