بشكل حازم، يتمسك الأردن برفض أي "خطوات إسرائيلية" للجوء الفلسطينيين إلى داخل حدوده، معتبرا ذلك "خطا أحمر" من شأنه أن "يصفّي" القضية الفلسطينية بشكل نهائي، فما أساس هذه الهواجس وما تداعيتها على المملكة؟

وعلى مدار الأيام الأخيرة، شدد العاهل الأردني ومسؤولون أردنيون في أكثر من مناسبة، على رفضهم لأي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين، ومن أن يؤدي تصاعد وتوسع الصراع إلى تدفق اللاجئين من الضفة الغربية إلى داخل الحدود الأردنية.

 

"افتراء"

ويرى الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي، شلومو غنور، في حديث لموقع "الحرة"، أن "إسرائيل لم تعلن نيتها ترحيل الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء أو أي مكان آخر".

وشدد على أن  "إسرائيل لا تريد تهجير أحد"، مؤكدا أن هذا القرار "لم يُتخذ على أي مستوى، سواء سياسي أو عسكري".

وفي بيان مشترك، حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، من "كارثة" إقليمية في حال اتساع نطاق هذه الحرب.

وأكد القائدان "موقف الأردن ومصر الموحد" الرافض لـ"سياسة العقاب الجماعي من حصار أو تجويع أو تهجير للأشقاء في غزة"، كما شددا على أن "أي محاولة للتهجير القسري إلى الأردن أو مصر مرفوضة".

وسبق أن حذر العاهل الأردني، الثلاثاء، من محاولة "تهجير" الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن، مؤكدا على وجوب "التعامل مع الوضع الإنساني داخل حدود قطاع غزة والضفة الغربية".

وأكد العاهل الأردني، أنه "لا يمكن استقبال اللاجئين في الأردن، ولا في مصر جراء الحرب على غزة، وهذا خط أحمر (...) يمكنني أن أتحدث بقوة ليس فقط باسم الأردن ولكن أيضا عن الأشقاء في مصر". 

قضية حساسة أثارتها عبارة.. أسباب وخلفيات الرفض المصري لـ"خطة سيناء" لم يكن بيان التصحيح الذي أصدره مكتب كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي لعبارة "معبر رفح لا يزال مفتوحا (...) وأنصح أي شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك"، كفيلا بتبديد الأجواء التي أثارتها ودفعت المسؤولين المصريين لإبداء التوجس وإطلاق التحذيرات، خلال الأيام الماضية.

ويعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي أن كل ما يشاع "تضليل وافتراء"، مضيفا أن "كل ما فعلته إسرائيل هو توجيه النداءات للسكان بالتوجه إلى المنطقة الآمنة في جنوب قطاع غزة لتجنب المعارك والابتعاد عن مواقع حماس المستهدفة".

وكانت إسرائيل دعت، في الأيام الماضية، جميع المدنيين في النصف الشمالي من قطاع غزة، أي أكثر من مليون نسمة، إلى الانتقال نحو جنوب القطاع، وحضهم، بعد ذلك على "عدم الإبطاء"، فيما بدا أنه تمهيد لعملية برية إسرائيلية.

ويضم النصف الشمالي من غزة أكبر تجمع سكاني في القطاع، وقالت الأمم المتحدة إنه تم إبلاغها بأن إسرائيل تريد أن يتحرك جميع السكان إلى جنوب القطاع.

ويتابع شلومو أن هدف إسرائيل من هذه الحرب يتمثل في "شل قدرات حماس العسكرية والسياسية، لكي لا يتكرر العدوان الذي تنفذه حماس عليها بين الفينة والأخرى".

ويشدد على أنه "لا يرى أن التهجير يمكن أن يكون وسيلة للسلام"، لافتا إلى أن "تجارب العالم في نزاعات مختلفة تثبت ذلك".

"مخطط إسرائيلي"

من جهته، يرى الخبير الفلسطيني المختص في العلاقات الدولية، أشرف العكة، أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة تكشف عن "توجه واضح وخطط من أجل تهجير الفلسطينيين"، معتبرا أن نداءات إجلاء سكان شمال غزة للتوجه جنوبا "جزء من مخطط أكبر".

ويضيف العكة في تصريح لموقع "الحرة"، أنه إذا تمكنت إسرائيل من الدخول بريا إلى غزة وفرض واقعها العسكري، ستسعى بشكل مدروس إلى عمليات تهجير قسرية، خارج إطار القانون الدولي.

وقالت القيادة الفلسطينية، في بيان عقب اجتماع لها في رام الله الأربعاء، إن "التهجير القسري لسكان غزة خط أحمر لا يمكن تجاوزه".

وأضافت في البيان أنها تؤكد "على منع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة (...) كما أنه لا يجب السماح بتهجير الفلسطينيين من بيوتهم في القدس أو الضفة".

في السياق ذاته، يعتبر المحلل الفلسطيني أن الموقف الذي تم التعبير عنه من قبل الأردن ومصر مهم ومتقدم في منع عمليات "التهجير والإبادة" التي قد تنذر باتساع هذا الصراع وامتداده إلى ساحات مختلفة.

وكان التهجير موضوعا أساسيا في التاريخ الفلسطيني، ففي حرب عام 1948، فر نحو 700 ألف فلسطيني، في الحدث الذي يشير إليه الفلسطينيون باسم "النكبة"، وفقا لأسوشيتد برس.

وفي حرب عام 1967، وبعد سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، فر 300 ألف فلسطيني آخر، معظمهم إلى الأردن، بحسب المصدر ذاته.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم الآن ما يقرب من 6 ملايين، يعيش معظمهم في مخيمات ومجتمعات محلية في لبنان وسوريا والأردن ومصر، علاوة على دول عربية وأجنبية أخرى.

ويوضح العكة أن التصعيد الجديد يشكل استمرارا لمخططات سابقة، يتم تنفيذها منذ عام 1948، غير أنها تصطدم بمواقف إقليمية ودولية رافضة، إضافة إلى تمسك السكان برفض الهجرة أو الخروج من منازلهم ولهذا نرى المجازر التي ترتكب بحقهم، وفق المتحدث ذاته.

"تجربة تاريخية مريرة"

وعقب التصعيد الأخير في قطاع غزة، توالت تحذيرات من عمّان من اتساع نطاق الحرب إلى الضفة الغربية على حدودها، ما من شأنه أي يدفع اللاجئين الفلسطينيين للهجرة إليها.

رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات، يرى أن التصعيد الإسرائيلي ردا على هجوم حماس يأتي ضمن "مساعي تهجير الفلسطينيين"، في خطوة جديدة نحو "تصفية القضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أن كل الذين هاجروا إلى الأردن منذ 1948 وقبلها لم يعودوا إلى ديارهم نهائيا".

ويضيف شنيكات في تصريح لموقع "الحرة"، أن للأردن "تجربة تاريخية مريرة فيما يخص ملف الهجرة واللجوء، وأنه لم يعد يحتمل تكرار هذه السيناريوهات، لأنه استقبل فلسطينيين ولبنانيين وعراقيين وسوريين خلال العقود الماضية، وكلهم لم يعودوا"، موضحا أن "هذا مسلسل متواصل، بالتالي الضغط كبير على البلاد".

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن نحو 2.2 مليون لاجئ، وفق الأمم المتحدة.

ويشكل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو نصف عدد سكان المملكة، التي كانت الضفة الغربية تخضع لإدارتها قبل حرب يونيو 1967، وفقا لفرانس برس.

وشنت إسرائيل غارات على قطاع غزة وأعلنت فرض حصار عليها عقب الهجوم الأكثر دموية على المدنيين في تاريخ البلاد، الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر.

وأسفر الهجوم الذي شنته حماس واستهدف مدنيين بالإضافة إلى مقرات عسكرية عن مقتل المئات واختطاف العشرات، أغلبهم مدنيون وبينهم أطفال ونساء.

ووصل عدد القتلى الإسرائيليين جراء هجوم حماس المصنفة إرهابية إلى أكثر من 1400 شخص.

كما أسفر الرد الإسرائيلي الذي استهدف مناطق واسعة في غزة عن مقتل الآلاف، أغلبهم مدنيون وبينهم أطفال ونساء.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية، الخميس، إن ما لا يقل عن 3785 فلسطينيا قتلوا وأصيب 12 ألفا في غزة بالضربات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر.

ووفق  شنيكات، فإن السبب الثاني وراء الرفض القاطع من عمّان، يرتبط بـ"منع الإضرار بالأمن الأردني"، مشيرا إلى أن "قيام دولة فلسطينية يمكن أن يشكل ركيزة أساسية للأمن الوطني، وبالتالي فإن حل هذه القضية لا ينبغي أن يكون على حساب الأردن، بل وفقا لقرارات الشرعية الدولية".

ويضيف أن من شأن موجات جديدة من الهجرة أن "تحدث تغييرا جوهريا في الدولة"، موضحا أن اللاجئ بعد أن يدخل لا يمكن أن يعود لبلده، وبعد فترة سيحتاج حقوقا سياسية، من خلال الانضمام إلى المجالس المنتخبة والمناصب السياسية وكل مؤسسات الدولة، ومعها تتحقق طموحات اليمين المتطرف الإسرائيلي المتمثّلة في تشكيل وطن بديل للفلسطينيين في الأردن"، على حد تعبيره. 

ويوضح المتحدث ذاته أن "مواقف الأردنيين تتشبث برفض التهجير حتى لو تلقوا تطمينات إسرائيلية بكون الخطوة مؤقتة"، معتبرا أن "هذا كلام لا يمكن الوثوق به على ضوء المعطيات التاريخية المرتبطة بالملف".

ويكشف شنيكات أن جزءا آخر من أزمة اللاجئين، يتمثل في حالة من عدم الاستقرار بالداخل الأردني، خاصة في ظل ضغط على الموارد المحلية، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تجتازها البلاد، والتي تتحمل البيئة الخارجية والإقليمية جزءا منها، مشيرا إلى أن أي ضغوط سكانية أخرى ستؤدي إلى تفاقم هذه الأوضاع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: تهجیر الفلسطینیین العاهل الأردنی الضفة الغربیة قطاع غزة لا یمکن إلى أن

إقرأ أيضاً:

خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين

تحدث الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير في العلاقات الدولية، عن جرائم الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، موضحًا أن كل ما تفعله إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن هي جرائم إبادة جماعية، إذ تستهدف قتل أكبر عدد من الفلسطينيين.

الحرب الإسرائيلية على غزة الأونروا: جميع قواعد الحرب تم انتهاكها في غزة مروة الشرقاوي لـ"الوفد": "قلوب صغيرة" رسالة من أطفال غزة للعالم وحلم تحقق في المهرجان

وتابع “سيد أحمد”، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “هذا الصباح”، المذاع على فضائية “إكسترا نيوز”، :"إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين، سواء بالتهجير القسري أو القتل الجماعي".

وأضاف أن إسرائيل ترتكب كل الجرائم في حق الشعب الفلسطيني، كما تخالف بذلك القانون الدولي، مشيرا إلى أنّها تواصل مجازرها رغم المناشدات الدولية والضغط الدولي، ما يعني أن هناك خلل في النظام الدولي ومجلس الأمن، مؤكدًا أن أمريكا والدول الغربية توفر الحماية لإسرائيل، ما شجع حكومة نتنياهو على المضي قدما وراء ارتكاب المجازر.

وأختتم تصريحاته قائلًا: “لا يمر يوم إلا ونسمع عن مجزرة جماعية من نساء وأطفال وهدم منازل من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي عدم ردع إسرائيل يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم”.

 أونروا شريان رئيس لمساعدة غزة وعلى الاحتلال احترامها
قال الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، إن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إحدى بنوك أهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنها تعتبر هدفا مسبقا للاحتلال من قبل أحداث السابع من أكتوبر 2023.

وأضاف «عبد العاطي» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن استهداف الاحتلال لأونروا تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع، موضحًا أن الوكالة تحظى بعمل أممي واسع من الجمعية العامة يجدد لها كل ثلاث سنوات.

ولفت إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ليس لها الحق في سن تشريعات تفرضها على الأمم المتحدة، إذ أن القانون الدولي يعلو على قوانين ودساتير الدول عدا أن هناك جزء من المنظمة الأممية التي على دولة الاحتلال احترامها واحترام العاملين بها.

وأشار إلى أن دولة الاحتلال لم تحترم الأمين العام ولا أي من المنظمات الدولية التي تعوق عملها، متابعًا: «وكالة أونروا تعتبر شريان رئيس لمساعدة غزة، إذ أنها تقدم المساعدات لسكان قطاع غزة الذين يعيشون جراء جريمة الإبادة الجماعية».

مقالات مشابهة

  • خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين
  • تحركات غير عادية وتحذير من الحدود.. إسرائيل تكشف عن جانب جديد من تحقيقات 7 أكتوبر
  • حركة فتح: إسرائيل تواصل عدوانها على الفلسطينيين وسط صمت دولي من العالم
  • “السنوار 2”.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟
  • الصين تصف تايوان بـ”الخط الأحمر” وتنتقد المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة للجزيرة
  • السنوار 2.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟
  • الصين تحذر من تجاوز الخط الأحمر بسبب مساعدات أميركية لتايوان
  • إسرائيل تهاجم البابا فرنسيس وتتهمه بازدواجية المعايير لاستنكاره قتل الفلسطينيين
  • ‏وسائل إعلام إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يبدأ التحقيق في أسباب عدم اعتراض الصاروخ الذي أطلق من اليمن
  • كلاب إسرائيل وجثث الفلسطينيين!