فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
في قوله تعالى: «هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» لماذا في هذه الآية الكريمة ذكر الله تعالى «ما في السماوات والأرض» ولم يقل ما في السماوات وما في الأرض؟
هذه الملاحظة في محلها، ففي أغلب المواضع في كتاب الله عز وجل تكررت (ما)، وكأن الأصل أنها تكرر، لكن في هذا الموضع في سورة الحشر لم تكرر، إنما قال ربنا تبارك وتعالى: «يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» وقد رأيت الكرماني وتابعه أيضا الفيروز أبادي في «بصائر ذوي التمييز» نقل نص كلامه بأن المقصود هو الخلق، فكأن المعنى يسبح الله خلق السماوات والأرض، فلذلك كأن الإضافة هنا أي «ما في السماوات والأرض» الإضافة إلى المتعاطفين، وهذا المعنى مقبول حسن، كذلك رأيت أن بعض من استقرأ مواضع تكرار ما في مثل هذه المواضع في سياق التسبيح، ذكر ملاحظة وهي صحيحة، أن المواضع التي تكرر فيها ما تأتي متبوعة بالحديث عن ما يحصل في الأرض من شأن حياة الناس، وأما المواضع التي لا تكرر فيها ما بعد العطف فإنه لا حديث عن شأن أرضي، وحاولت فحص هذا الأمر فوجدت أن أغلب المواضع إن لم يكن كل المواضع هي على هذا النحو، فهذا يمكن أن يؤخذ منه أن ما تقدم بيانه من أن المقصود خلق السماوات والأرض أي كل الخلق في السماوات والأرض وليس المقصود هو المخاطبين فقط من المكلفين الذين يتجه إليهم الخطاب فنجد ذلك صحيحا في خواتيم الحشر أيضا، وإن لم يأت بعدها حديث عن أي شأن أرضي وإنما هي في ختام الآيات التي تتحدث عن الأسماء الحسنى والصفات العليا لله تبارك وتعالى، هذا والله أعلم.
ما المعنى البلاغي لعدم ذكر النبي صالح عليه السلام في الجزء الثاني من الآية «مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ» ولم تكن «ما شهدنا مهلكه ومهلك أهله» كما في قوله تعالى: «قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ»؟
أولا: لا بد من بيان بعض المفردات، لنبيتنه وأهله، المقصود بالتبييت هنا هو الإغارة ليلا، والإغارة صباحا تسمى إصباحا أو تصبيحا، فالمقصود أن هؤلاء أقسموا أيمانا مغلظة أنهم سيغيرون على صالح عليه السلام وأهله ليلا، ثم سيقسمون لوليه، والولي هم الأقرب إلى صالح عليه السلام ممن يكن أن يطالب بدمه أو يطالب بالثأر ممن قضى عليه، أنهم سيقولون ما شهدنا مهلك أهله و«مهلك» هي قراءة حفص وهناك قراءات في هذه الآية ولكن على هذه القراءة المقصود المكان والزمان والفعل، الإهلاك ومكان الإهلاك وزمان الإهلاك، فهم في سياق لا حاجة إلى ذكر التصريح بالاسم الظاهر أو بالضمير لصالح عليه السلام في هذا الجزء من الآية الكريمة لأن مقصودهم إخفاء الجريمة والتواطؤ على الحلف أنه لا علم لهم بما حصل لأهل صالح حتى يمعنوا في الكذب والافتراء أنهم ما كانوا يريدون صالحا أصلا بسوء لذلك عمموا وعموا في ما تواطؤوا عليه وتمالئوا على يمين الزور هذه في ما كانوا يكيدون به فناسب ذلك ألا يذكروا صالحا حتى يبعدوا الشبهة عن أنفسهم في أنهم كانوا قاصدين لصالح عليه السلام فأتوا بما يدل على أنهم في ظنهم وزعمهم أنهم ما شهدوا مهلك أهل صالح عليه السلام وصالح فيهم ولكن حتى يكون ذلك أبعد في نفي التهمة عنهم في أنهم قصدوا صالح عليه السلام بسوء هذا هو المعنى والله تعالى أعلم.
يتوفر الآن رقم خاص للإبلاغ عن متسول، هل تعد هذه مسؤولية علي تجاه مجتمعي، وماذا إذا كان المتسول محتاجا فعليا للمال، هل أكون مذنبا في هذه الحالة إذا قمت بالتبليغ؟
ينبغي التريث أولا في التعرف على حال هذا السائل فإن كان يسأل عن حاجة وفاقة، فلا ينبغي أن ينهر، إما أن يعطى وإما أن يرد بكلمة طيبة، لأن الله تبارك وتعالى يقول: « وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ» لحث رسول الله صلى الله عليه وسلم للإحسان إلى السائلين، أما إذا كثرت الشبهات، ودلت قرائن الأحوال على أن التسول ما هو إلا حرفة لبعض ضعاف النفوس الذين يتكاسلون عن العمل، ويمتهنون سؤال الناس ويلجؤونهم إلى أضيق الظروف ويضيقون عليهم ويلحون في السؤال، ويتأثلون الأموال ويستسهلون هذا المركب، ففي هذه الحالة الأولى له وللمجتمع أن يبلغ عنهم الجهة المعنية، والظن أن هذه الجهة سوف تقوم بالتثبت وتبين أحوال هؤلاء، ودراسة حالاتهم، فليس الإبلاغ عنهم أيضا يعني أن يساء إلى هؤلاء المتسولين وإنما هي ظاهرة تستدعي في حقيقة الأمر أن يتعاون عليها أفراد المجتمع لأجل حصرها في أضيق نطاق.
فإن السائلين هؤلاء أصبح كثير من الناس يشتكي من إلحافهم ومن دخولهم البيوت والأملاك الخاصة دون إذن، فكثير من الناس تواصل معي يشتكي أن هؤلاء السائلين يدخلون إلى قعر داره دون استئذان ودون مراعاة لحرمة البيوت، وتجد الكثير منهم يضايق الناس في الأماكن العامة وفي المساجد، ولا يكفيهم القليل، ولا يحمدون الله تبارك وتعالى على من يؤدي إليهم من ابتغى الإحسان والمعروف، وإنما يلحون في السؤال ويطلبون ويتزيدون، ولا ريب أن هذا ليس مما ينبغي لمسلم، والحقيقة أن هذه القضية ينبغي أن تبحث ففي كثير من الأحيان يتجه الوعظ والإرشاد والحث والنصح إلى الميسورين وإلى الأغنياء وإلى عموم الناس لأجل الإحسان إلى المستحقين، والإحسان إلى السائلين، ولكن ينبغي أيضا أن يكون هنالك تفقيه للسائلين، وتعريف لهم بآداب السؤال إن ألجأتهم الحاجة إلى السؤال فمتى يحل لهم السؤال وكيف يمكن لهم أن يسألوا وما هي الآداب التي يجب أن يتحلوا بها وما هي الحرمات التي يجب عليهم أن يقفوا عندها، وأرى أن هذا الأمر أصبح من الضرورة بمكان أن يفقه السائلون الذين يأتون الناس ويطرقون البيوت ويطلبون منهم العون والمساعدة، فهؤلاء بحاجة إلى تفقيه، لعل البعض منهم في حل ولا يعرفون أبسط القواعد وأبسط الأخلاق والآداب التي عليه أن يتحلى بها من نحو الشكر لله تعالى والشكر لمن أحسن إليه، فإن الشكر مدعاة إلى مزيد من الإحسان، والقناعة لما يؤتى إياه، هذا إن ثبت أنه مستحق فعلا، والسؤال مشروع في حقه، كيف ونحن كما تقدم الكثير من الناس يشتكون من الإلحاف والإلحاح والتضييق عليهم، وقد بلغ ببعض المحسنين أنه يتواصل معي ويقول: ندمت أني فتحت هذا الباب، لكثرة ما يلاقيه من العنت والمشقة، وما ألجأه إليه كثير من السائلين، حتى لا نخرج أيضا عما وجهنا إليه ديننا من حسن المعاملة ومن الإحسان إلى السائلين أو أن نظلم بذلك من هو مستحق، فلا بد من استعمال الحكمة ومن النظر في القرائن والأحوال، ثم بعد ذلك يكون الموقف، والله تعالى المستعان.
شخص قام بعلاقة محرمة مع امرأة، وأراد أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، فهل من شروط التوبة أن يقوم بالفحص الطبي؟
لا ليس من شروط التوبة أن يقوم بفحص طبي، فالتوبة تكون بينه وبين الله تبارك وتعالى إن كان إتيانه لفاحشة الزنا والعياذ بالله عن رضا الطرفين، فإنه يتوب فيما بينه وبين ربه جل وعلا بأن يندم على ما وقع فيه، وأن يستغفر الله عز وجل من ذلك الذنب الذي أتاه وأن يعزم العقد على ألا يعود لمثل هذا الفعل أبدا، وأن يستر نفسه فإن باب التوبة مفتوح، وليس من شروط التوبة من هذا الفعل أن يكشف ما ستره الله تعالى عليه، إذ إن بعض الناس يظن إن كان متزوجا أن عليه أن يكشف صفحته لامرأته، أو إن كانت المرأة هي التي وقعت في الفاحشة والعياذ بالله فإنها تظن أن توبتها لا تكون إلا بأن تكشف صفحتها لزوجها، وهذا كله خطأ، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإن من أبدى لنا صفحته نقم عليه «أي نقم عليه الحد» فالنبي أرشد التائب من وقع في مثل هذه الكبيرة أن يستر نفسه بستر الله عز وجل وأن يتوب فيما بينه وبين ربه تبارك وتعالى.
وإن كانت هنالك ريبة في أن شيئا من الأمراض يمكن أن يكون قد أصيب بها لما أتى فاحشة الزنا، وهو فعل مستقذر شرعا وطبعا وخلقا، فإذا وجدت شبهة في انتقال عدوى إليه، ففي هذه الحالة ينبغي له أن يتجه إلى الفحص ليطمئن وليتأكد ثم بعد ذلك يتعامل مع الحال بحسب ما يظهر من نتائج هذا الفحص، على أنه ليس شرطا أن تكون الإصابة بعدوى نقص المناعة على سبيل المثال، أن تكون ناشئة عن الوقوع في الفاحشة، قد تكون أسباب ذلك نقل دم على سبيل المثال، ولا ينبغي أيضا أن تجعل الإصابة بهذا المرض سببا في الخوض في أعراض الناس، ولا سببا في تيئيسهم من رحمة الله تبارك وتعالى. والله تعالى أعلم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السماوات والأرض فی السماوات الله تعالى إن کان فی هذه
إقرأ أيضاً:
هل يجوز الدعاء على الظالم؟.. أمين الفتوى يجيب
كتبت -داليا الظنيني:
أجاب الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال إسراء من كفر الشيخ مفاده: ما حكم الشرع في الدعاء على شخص قريب مني بيؤذيني نفسيًا، وأنا مش عارفة أدعي له بالهداية وبدعي عليه؟.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، بحلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: "رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "اتقِ دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"، ولم ينهِ الشرع الشريف المظلوم عن أن يدعو، وإنما قال: "اتقِ يا أيها الظالم"، بمعنى أنه يجب أن نتجنب ظلم الآخرين، ولكن يُباح للمظلوم أن يدعو على من ظلمه، ولا حرج في ذلك".
وتابع: "الأولى والأفضل أن الإنسان المظلوم لا يظل مشغولًا بالدعاء على الظالم، بل ينشغل بما ينفعه هو، يعني بدل ما يقضي وقتًا طويلًا في الدعاء على الظالم، يفضل أن يخصص هذا الوقت في الدعاء لنفسه، ولأهله، ولأولاده، ولما فيه خير له في الدنيا والآخرة".
واستكمل: "الظلم شيء سيئ، وكل شخص يتقبله بشكل مختلف، هناك من يستطيع تجاوز الظلم والتعامل معه، وهناك من لا يستطيع، ويشعر بتأثيره نفسيًا وعصبيًا، مما يجعل حياته تتأثر بشكل كبير، لذلك، يختلف الناس في قدرتهم على التعامل مع الظلم".
اقرأ أيضًا:
تحقق نقلة جيدة.. مدبولي: زيادة المرتبات والمعاشات خلال أيام
مدبولي: الدولة مستعدة للسيناريو الأكثر تشاؤمًا
5 توصيات من مرفق الكهرباء بشأن التعامل مع التيار خلال سقوط الأمطار
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور محمود شلبي دار الإفتاء المصرية الدعاء على الظالم حكم الدعاء على شخص مؤذي برنامج فتاوي الناس دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب اتقاء دعوة المظلومتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
هل يجوز الدعاء على الظالم؟.. أمين الفتوى يجيب
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
20 13 الرطوبة: 43% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك