أبوبكر الديب يكتب «رأيت في الصين 5».. تطويع التكنولوجيا
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
استطاعت الصين أن تهزم الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الرقائق الإلكترونية بعد عقد ونصف من الصراع، حيث استخدمت أمريكا كل إمكانياتها منذ عهد الرئيس الأسبق أوباما لفرملة تقدم الصين في صناعة الرقائق الإلكترونية.
وخلال مناسبات مختلفة، شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ، على أهمية الإعتماد على الذات وتقويتها في مجال العلوم والتكنولوجيا لتصبح دولة اشتراكية حديثة عظيمة.
وأهمية هذا الصراع تأتي من أهمية الرقائق الإلكترونية التي هي مكونات دقيقة جدا تنتج من السليكون وتدخل في معظم الصناعات المتطورة مثل الطائرات والهواتف والحواسب والسيارات والأسلحة والمعدات العسكرية وغيرها وقد نجحت الصين باستبدال هذه الرقائق بمكونات محلية كما نجحت في استخدام هذه البدائل في تصنيع هواتفها وبالتالي نجت من سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية التي حظرت هذه الرقائق عن الصين.
وتستغرق عمليات تصنيع الرقائق 3 أشهر أو أكثر وتكلفة باهظة الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت كل قوتها الاقتصادية وسلطاتها التجارية لمنع الصين من هذه التكنولوجيا لكن الصين نجحت في إيجاد بدائل محلية لأكثر من 15 ألف مكون في منتجاتها.
ولدي الصين خطة استراتيجية بتكلفة 143 مليار دولار لتطوير صناعة الرقائق المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من أشباه الموصلات لمواجهة الحرب الاميركية ضد التكنولوجيا الصينية فيما ترصد واشنطن 280 مليار دولار لتسريع البحث وتصنيع أشباه الموصلات.
ومنعت واشنطن الشركات الأميركية من بيع الرقائق والذكاء الاصطناعي للشركات الصينية وحظر المبيعات من الشركات الأجنبية التي تستخدم معدات وتكنولوجيا أمريكية للصين.
ومنع الشركات الأجنبية من بيع أشباه الموصلات المتقدمة إلى الصين أو تزويدها بالأدوات اللازمة لصنع رقائق متقدمة.
وفرضت أمريكا أيضا عقوبات على شركات التكنولوجيا الصينية العاملة في الولايات المتحدة ومنعها من بيع منتجات الجيل الخامس من الشبكات 5G إلى أي دولة تعتبرها الولايات المتحدة حليفا وخصوصا في المجالات العسكرية.
وبسبب الأهمية الشديدة للرقائق الإلكترونية تحاول أمريكا والصين الهيمنة علي تكنولوجيا وأسرار هذه الصناعة ما حول الأمر إلى صراع بين الاقتصادين الأكبر في العالم وتسبب تطوير الصين وتايوان للصناعة في انخفاض حصة الرقائق المصنوعة في الولايات المتحدة من 37٪ في عام 1990 إلى 12٪ فقط في عام 2020.
وتتصدر الصين العالم أيضا في بناء البنية التحتية الحديثة، بما في ذلك خطوط نقل الأحمال الكهربائية العالية، والسكك الحديدية السريعة، وشبكات الإنترنت من الجيل الخامس وفي عام 2019، أصبحت الصين أول بلد يرسل مركبة جوالة إلى الجانب الآخر من القمر، وبعد عام واحد حقق علماء الصين طفرة أخرى بتطوير اتصالات مشفرة كميا عبر الأقمار الصناعية، ما جعل بلادهم تقترب من تدشين مجال للاتصالات عصي على الاختراق. كل هذه الإنجازات تكشف جهود الصين الحثيثة للتمكّن من المهمات الصناعية والعلمية الأصعب يوما بعد يوم.
وخلال السنوات الماضية، استثمرت الصين كثيرا في العلوم والتكنولوجيا من خلال التمويل والإصلاح وحققت تقدما كبيرا في مجالات التعليم، والبنية التحتية، والتصنيع فائق التقنية، وبراءات الاختراع، والتطبيقات التجارية، والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والطيران فائق السرعة.
وتسيطر بكين حاليا على أكثر من نصف شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة، وتسعى إلى التفوق في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ضمن برنامجها "الثورة الصناعية" للحاق بواشنطن في هذا المجال وفي مجال الرقائق الإلكترونية ورغم تربع الولايات المتحدة على عرش الذكاء الاصطناعي باستثمارات أضعاف مثيلتها في الصين، بلغت 26.6 مليار دولار، مقارنة باستثمار 4 مليارات دولار فقط في الصين، فإن بكين مصممة على احتلال مكانة متقدّمة، يساعدها في ذلك امتلاكها قطاع إنترنت قوي، وسوقا استهلاكية هي الأكبر في العالم، وسلسلة من الابتكارات في مجالات مثل رحلات الفضاء المأهولة، واستكشاف القمر والمريخ، ومجسات أعماق البحار وأعماق الأرض، والحواسيب العملاقة، والملاحة عبر الأقمار الصناعية، والمعلومات الكمية، وتكنولوجيا الطاقة النووية، وتصنيع الطائرات والذكاء الاصطناعي، وبلغ إنفاق الصين على البحث والتطوير 3.087 تريليون يوان "حوالي 445 مليار دولار أمريكي" في عام 2022، بزيادة قدرها 10.4 % عن عام 2021، وفقا للهيئة الوطنية للإحصاء... وتقدمت إلى المركز الـ 11 في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2022 وتمثل الاقتصاد الوحيد متوسط الدخل ضمن أعلى 30 مركزا بالمؤشر، وفقا لأحدث تصنيف نشرته المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الذكاء الاصطناعي الرقائق الإلکترونیة الولایات المتحدة ملیار دولار فی عام
إقرأ أيضاً:
مشاريع سكك الحديد في أفريقيا وجه جديد لصراع النفوذ بين الصين وأميركا
تظهر حدة التنافس بين الصين والولايات المتحدة في القارة الأفريقية من خلال مشاريع البنية التحتية، حيث تسعى بكين لإحياء "سكة الحرية"، بينما تدعم واشنطن مشروع ممر لوبيتو.
وتقول الكاتبة مونيكا مارك في تقرير بصحيفة "فايننشال تايمز" إن الصين شيّدت "سكة الحرية" التي تربط بين زامبيا وتنزانيا قبل عدة عقود، وتحديدا في عهد الزعيم ماو، حيث قدمت قروضا دون فائدة بقيمة مليار يوان، وعمل فيها آلاف العمال الصينيين جنبا إلى جنب مع السكان المحليين، وكانت في ذروتها تنقل أكثر من مليون طن من النحاس والسلع الاستهلاكية والركاب سنويًا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقارير استخباراتية أميركية: بوتين لن يتنازل عن السيطرة على أوكرانياlist 2 of 2صحف عالمية: التجويع المتعمد للمدنيين في غزة جريمة حربend of listوأضافت الكاتبة أنه بسبب نقص التمويل وسوء الإدارة أصبحت العربات مهملة والقضبان متهالكة، لكن زامبيا وتنزانيا تجريان حاليا مفاوضات مع تحالف تقوده شركة صينية لإعادة تأهيل وتشغيل السكة الحديدية بصفقة قيمتها مليار دولار، مما قد ينعش طريق تصدير إستراتيجي يعزز نفوذ بكين في المنطقة.
نهج صيني مختلفوحسب الكاتبة، فإن الاهتمام بالسكك الحديدية يعد نموذجا لنهج متجدد وأكثر مرونة ضمن الإستراتيجية الصينية للتنمية في الخارج، ويتزامن مع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتقليص ميزانية الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، والقرار المماثل الذي اتخذته المملكة المتحدة، مما يثير تساؤلات عن مدى التزام الغرب بالمساعدات الخارجية ومشاريع التنمية عالميا.
إعلانوأوضحت الكاتبة أن الصين سلكت منذ فترة طويلة نهجا مختلفا عن الدول الغربية، حيث لا تركز على المساعدات الإنسانية بقدر ما تهتم بتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى، والتي يرى العديد من القادة الأفارقة أنها ضرورية لانتشال بلدانهم من الفقر.
وترى أن "سكة حديد تازارا" أو "سكة الحرية" كما أطلق عليها الصينيون حين تم تشييدها في سبعينيات القرن الماضي، تمثل محاولة جديدة لإنعاش أسهم الشركات الصينية المملوكة للدولة، وذلك بعد تعثر عدد من الدول في سداد القروض الصينية ضمن مبادرة الحزام والطريق، ومنها زامبيا.
تقول الكاتبة إن نجاح المشروع الصيني قد يكون له تداعيات كبيرة على صراع النفوذ بين القوى الكبرى في قارة غنية باحتياطيات النحاس والمعادن الأساسية الأخرى الضرورية للتحول العالمي في مجال الطاقة.
وتوضح أن المشروع الصيني يقابله مشروع منافس تدعمه الولايات المتحدة، حيث يجري العمل حاليا على تحديث ممر لوبيتو الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية، بهدف نقل موارد زامبيا غربا عبر أنغولا.
وقد تم الاتفاق على هذا المشروع في عهد الرئيس السابق جو بايدن عبر مؤسسة التمويل الدولية، حيث تعهدت واشنطن بتقديم قرض بقيمة 553 مليون دولار وفق نموذج استثماري يجذب مستثمرين من القطاع الخاص.
ورغم أن قرار ترامب بتقليص المساعدات الخارجية الأميركية يثير حالة من عدم اليقين بشأن تمويل ممر لوبيتو، يرى الخبراء أن هذا النوع من المشاريع التجارية والإستراتيجية قد يشكل ملامح النفوذ الأميركي في القارة خلال الفترة القادمة.
ونقلت الكاتبة عن بيتر دويل، المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي والباحث في المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، قوله إن رئاسة ترامب تمثل تغييرا جذريا في طريقة إدراك واشنطن لمصالحها في أفريقيا، مضيفا أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن نفوذها لصالح الصين.
إعلان نفوذ ناعميعتقد كوبوس فان ستادن، المدير التنفيذي لمشروع الصين أفريقيا، أن بكين قد لا تسد فجوة التمويل الإنساني التي خلفتها الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، إلا أنها قد توسع نفوذها الناعم بطرق أخرى.
وحسب رأيه، فإن هذا النفوذ قد يتعزز من خلال العمل على مشاريع مثل "المزارع النموذجية"، حيث تتعاون الجامعات الصينية والأفريقية في تطوير بذور مقاومة للتغيرات المناخية، مضيفا أن هذه المشاريع "ليست تجارية بالكامل، لكنها أيضا لا تُعتبر مساعدات بالمعنى التقليدي".
ويعتقد عدد من الخبراء -وفقا للكاتبة- أن تتحول المساعدات التنموية الأميركية إلى ما يشبه التوجه الصيني، وهي الإستراتيجية التي تعمل وفقها مؤسسة التمويل الدولية للتنمية، التي أنشأها ترامب خلال ولايته الأولى للاستثمار في الأسواق الناشئة ومنافسة مشاريع البنية التحتية الصينية في الجنوب العالمي.
ونقلت الكاتبة -عن مصادر مطلعة- أن مؤسسة التمويل الدولية للتنمية ما زالت ملتزمة بالمشاركة في مشروع لوبيتو، ومن المقرر أن تصرف جزءا من القرض هذا الشهر.
لكن المؤسسة نفسها تواجه تدقيقا من الإدارة الجديدة بشأن هيكلها وأهدافها، وما إذا كان ينبغي لها التركيز على الاقتصادات الكبرى واتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الدول التي تواصل التعاون مع الصين.