كاتب بريطاني: العجلات بدأت تنفلت من عربة السياسة الأميركية بسبب غزة
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
قال صحفي بريطاني بارز إن الولايات المتحدة ارتكبت سلسلة من الأخطاء الفادحة منذ اندلاع الصراع في الأراضي المحتلة عقب الهجوم المفاجئ الذي شنته المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل.
وكشف ديفيد هيرست (رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي البريطاني) أن تلك الأخطاء تمثلت في رد الولايات المتحدة على الهجوم وتحريضها لإسرائيل على مهاجمة قطاع غزة دون ضبط النفس، وطرحها في البداية خطة تهجير جماعي للفلسطينيين إلى مصر، كما أنها دفعت منطقة الشرق الأوسط نحو حرب إقليمية.
وانتقد رئيس تحرير الموقع الإخباري في مقاله الرئيس الأميركي جو بايدن لترديده "زورا" ادعاء إسرائيل بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قطعت رؤوس الأطفال، الأمر الذي اضطر البيت الأبيض إلى التراجع عنه بعد ذلك.
غضب شامل
وقبيل وصول بايدن في زيارة إلى إسرائيل الأربعاء، بلغ الغضب في الضفة الغربية المحتلة والأردن والعراق ولبنان ومصر درجة لم يوافق معها أي زعيم عربي على مقابلته "حفاظا على سلامته" وفق مقال هيرست.
وعقب وصوله إلى إسرائيل بوقت قصير، زاد بايدن الطين بلة عندما أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن قصف مستشفى المعمداني الثلاثاء في غزة قام به على ما يبدو "الطرف الآخر، وليس أنتم".
وزاد الكاتب أنه من الواضح "خلف الكواليس" أن العجلات "بدأت بالفعل تخرج من العربة التي تحمل سياسة الولايات المتحدة بالشرق الأوسط" معربا عن اعتقاده بأن الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة "من وراء الستار" -في أعقاب هجوم المقاومة الفلسطينية مباشرة- مهدت الطريق أمام الأزمة التي تعيشها المنطقة الآن.
ضوء أخضر لكل شيء
ولم تكتف الولايات المتحدة بإعطاء "الضوء الأخضر الساطع" لعمليات القصف التي تشنها إسرائيل على غزة بهدف دفع أكثر من مليون شخص في الجزء الشمالي من القطاع نحو الحدود المصرية.
ونقل رئيس تحرير "ميدل إيست آي" -عن عدة تقارير موثوقة- تأكيدها أن واشنطن حاولت بادئ الأمر إقناع مصر باستقبال مليون لاجئ من غزة نظير "رشوة بطبيعة الحال".
وتحدثت مصادر عن استعداد واشنطن لتقديم تمويل كبير لمصر يتجاوز 20 مليار دولار في حال موافقتها على هذه العملية. وأشارت إلى أن القاهرة طلبت "تسهيل نقل فرق كبيرة تابعة لمنظمات إغاثة إلى الحدود مع رفح دون دخولها غزة".
وذكر الكاتب -نقلا عن موقع "مدى مصر"- أن مسؤولين مصريين أجروا محادثات تتعلق بتهجير عدد لا بأس به من سكان غزة. ولما كان هذا الادعاء من الحساسية بمكان، استدعت السلطات المصرية المحررين وفتحت تحقيقا في ما قيل إنها أخبار كاذبة.
نكبة جديدة
ومضى الكاتب إلى القول إن التهجير القسري لنصف سكان غزة، تحت ستار إقامة ممرات إنسانية، بدا لعدة أيام كما لو أنه سينجح. فقد بقيت الحدود الشمالية مع لبنان هادئة حيث لم يرد حزب الله على القصف، وتقبلت وسائل الإعلام الغربية خطة الإطاحة بحركة حماس وإعادة احتلال غزة.
وجاءت نقطة التحول -والكلام ما يزال للكاتب- عندما أدرك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على ما يبدو، أن حدوث نكبة أخرى على غرار ما جرى عام 1948، أمر غير مقبول.
واقتبس الكاتب "مكرها" -كما يقول- فقرات من مقال كتبه الصحفي الأميركي توماس فريدمان ورد فيه أن إسرائيل إذا دخلت غزة الآن "فسوف تنسف اتفاقيات أبراهام (للتطبيع مع العرب) وتزيد من زعزعة استقرار اثنين من أكبر حلفاء أميركا (مصر والأردن) وتجعل التطبيع مع السعودية مستحيلا. كما أنها ستُمكِّن حماس من إشعال النيران بالضفة الغربية، وجذوة حرب بين المستوطنين اليهود هناك".
ويواصل اقتباسه من فريدمان الذي يقول "إن ذلك سيصب، إجمالا، في صالح إستراتيجية إيران الرامية إلى جر إسرائيل إلى تمدد مفرط يفوق قدراتها العسكرية والاقتصادية، ومن ثم إلى إضعاف الديمقراطية اليهودية من الداخل".
جدل داخل الولايات المتحدة
وتابع الكاتب بأن ثمة جدلا يدور في واشنطن مفاده أن هجوم حماس -من حيث طبيعته وسرعة حدوثه ومداه- أحدث تغييرا في نظام الشرق الأوسط المعتمد على الولايات المتحدة.
وتساءل "هل من المحتمل أن يكون نظام الشرق الأوسط، المعتمد على الولايات المتحدة، والذي يعد أساس الدعم الأعمى لإسرائيل، قد تحطم؟".
ويستعين رئيس تحرير "ميدل إيست آي" في إجابته على خطاب الاستقالة الذي تقدم به المسؤول بالخارجية الأميركية جوش بول بسبب تعامل إدارة بايدن مع الحرب الدائرة في غزة، والذي وصف فيه ردها بأنه "فعل متهور" قائم على "الإفلاس الفكري".
وأكد الكاتب أن الولايات المتحدة فقدت ارتباطها بالقيم التي تدعي التمسك بها، عندما "أعماها إيمانها وحرصها الدائم على تقسيم العالم إلى شطرين متضادين: الديمقراطية في مواجهة الاستبداد، والعالم اليهودي المسيحي مقابل الإسلام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة رئیس تحریر
إقرأ أيضاً:
حق الجنسية الأميركية بالولادة.. هل يستطيع ترامب إلغاءه؟
تعهد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية، إلغاء حق المواطنة بالولادة. وأعلن ترامب أنه سيوقع على أمر تنفيذي في اليوم الأول من رئاسته من شأنه أن يضمن عدم حصول الأطفال المولودين لآباء ليس لديهم وضع قانوني في الولايات المتحدة على الجنسية بالولادة، من أجل الوفاء بوعوده الانتخابية التي تهدف إلى ترحيل أكبر كم من المهاجرين وإعادة تعريف ما يعني أن تكون أميركيا؟
سياحة الولادةيولد، في الولايات المتحدة، ما بين 300 ألف و400 ألف طفل سنويا لآباء مهاجرين غير شرعيين، وفقا لبيانات مركز دراسات الهجرة. وعلى الرغم من الجنسية الأجنبية والوضع غير القانوني للوالدين، فإن السلطة التنفيذية للحكومة الأميركية تعترف تلقائيا بهؤلاء الأطفال كمواطنين أميركيين عند الولادة. وينطبق الشيء نفسه على الأطفال المولودين للسائحين وغيرهم من الأجانب الموجودين في الولايات المتحدة بوضع قانوني ولكن مؤقت.
وتشير تقديرات المركز -أيضا- إلى أن حجم سياحة الولادة في أميركا يصل إلى نحو 37 ألف ولادة سنويا، لنساء يحملن تأشيرات السياحة يلدن ويغادرن الولايات المتحدة.
ويمارس سياحة الولادة في الولايات المتحدة أشخاص من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك على وجه الخصوص مواطنو الصين وتايوان وكوريا ونيجيريا وتركيا وروسيا والبرازيل والمكسيك.
حجم سياحة الولادة في أميركا يصل إلى نحو 37 ألف ولادة سنويا (شترستوك)وعلى الرغم من أن الحصول على الجنسية بمجرد الولادة ليس ممارسة منتشرة على نطاق واسع، وتعتبر كندا والولايات المتحدة الدولتين من أبرز الدول اللتين تمنحان الجنسية تلقائيا للأطفال المولودين لأجانب من بين الاقتصادات المتقدمة، فإن التعديل الـ14 من الدستور الأميركي، ينص على أن "كل الأشخاص المولودين أو المجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، هم مواطنون أميركيون"، أي أن أي شخص يولد في الولايات المتحدة يصبح مواطنا أميركيا تلقائيا.
إعلانوهو ما يعتبره الرئيس المنتخب ترامب "أمرا سخيفا". وفي مايو/أيار من العام الماضي، أصدر ترامب مقطع فيديو لحملته يجدد فيه دعوته لإنهاء الحق الدستوري القائم منذ سنوات طويلة، قائلا إن الولايات المتحدة هي من بين الدول الوحيدة في العالم التي تقول حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنا أو حتى متواجدا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهم في المستقبل هم مواطنون بشكل تلقائي.
واقترح ترامب أنه يتعين على أحد الوالدين على الأقل أن يكون مواطنا أو مقيما قانونيا حتى يحصل الطفل على الجنسية بالولادة.
وقال ترامب إن الأمر التنفيذي سيتناول أيضا ما يسمى "سياحة الولادة"، التي تزور فيها النساء الولايات المتحدة في نهاية الحمل من أجل ضمان ولادة الطفل كمواطن أميركي.
أمر تنفيذيكان ترامب قد تعهد بإنهاء حق المواطنة بالولادة عندما ترشح للرئاسة لأول مرة في عام 2015، وأثار هذا الأمر مرة أخرى في عام 2018 لكنه لم يصدر قط أمرا تنفيذيا بذلك.
ولضمان قدرة ترامب على إصدار قرار تنفيذي، هذه المرة، يحقق ما تعهد به، وفقا لشبكة "إن بي سي نيوز" ستصدر تعليمات للوكالات الفدرالية الأميركية برفض تقديم الوثائق الأساسية التي تثبت هوية الأطفال، مثل جوازات السفر وأرقام الضمان الاجتماعي.
وعلى الرغم من الطابع الحاسم لهذا القرار، فإنه يثير جدلا قانونيا كبيرا، حيث يتعارض الأمر التنفيذي بشكل مباشر مع الدستور. لذلك، من المتوقع أن تواجه هذه السياسة طعونا قضائية كبيرة، وقد تصل القضية إلى المحكمة العليا لتحديد مدى قانونية تغيير هذا الحق عن طريق أمر تنفيذي رئاسي.
عميد كلية الحقوق في "جامعة بيركلي" إروين تشيمرينسكي، أكد أن ترامب لا يستطيع تغيير الدستور بأمر تنفيذي، وبالتالي لا يستطيع إلغاء حق المواطنة للمولودين على الأراضي الأميركية. وأشار تشيمرينسكي في تقرير على موقع "فوكس" إلى القضية الوحيدة التي يتم ذكرها بشكل متكرر عند فتح هذا النقاش والتي تشير إلى أنه من المفترض أن الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة يتمتعون بالجنسية، بغض النظر عن وضع والديهم.
إعلانوهي القضية المعروفة باسم الولايات المتحدة ضد وونغ كيم آرك، عام 1898، وقضت فيها المحكمة بأن الرجل الذي ولد في سان فرانسيسكو لوالدين كلاهما من الصين كان مواطنا أميركيا، مؤكدا "لا يمكنه تغيير الدستور".
منتقدو حق المواطنة بالولادة يشيرون إلى أن السياسة الحالية في منح الجنسية بالولادة تستند إلى تفسير خاطئ للقانون (شترستوك) تفسير خاطئ وتحول جذريمنتقدو حق المواطنة بالولادة يشيرون إلى أن السياسة الحالية في منح الجنسية بالولادة تستند إلى أسطورة تاريخية وتفسير خاطئ للقانون، لأنه لم يتطرق إلى وضع الآباء القانوني ودخولهم البلاد بطريقة شرعية أم لا.
مارك كريكوريان، وهو أحد الشخصيات البارزة في مجال السياسات المناهضة للهجرة ومدير مركز دراسات الهجرة، يؤيد خطة ترامب بإصدار أوامر تنفيذية تلزم الوكالات الفدرالية، مثل إدارة الضمان الاجتماعي ووزارة الخارجية، بفرض قيود على إصدار وثائق أساسية للأطفال حديثي الولادة الذين لا يستطيع والدوهم إثبات وضعهم القانوني في الولايات المتحدة.
ويوضح كريكوريان في تقرير على شبكة "إن بي سي نيوز" أن هذا النهج مميز من منظور سياسي وقانوني لأنه لا يتطلب موافقة من الكونغرس. بعبارة أخرى، ترامب سيتجاوز الإجراءات التشريعية المعتادة وسيعتمد على صلاحياته التنفيذية كرئيس لفرض هذا التغيير.
ومع ذلك، يدرك كريكوريان أن هذه السياسة ستواجه دعاوى قضائية فورية، وهو ما يتوقعه ويعتبره هدفا ضمنيا. يرى كريكوريان أن رفع مثل هذه الدعاوى سيؤدي إلى إحالة القضية بسرعة إلى المحكمة العليا، حيث يمكن أن يعاد النظر في تفسير التعديل الـ14 للدستور المتعلق بالجنسية التلقائية بالولادة.
في الوقت الحالي، يفسر التعديل على أنه يضمن الجنسية لكل طفل مولود على الأراضي الأميركية، بغض النظر عن حالة والديه القانونية. وبالتالي، فإن هذا النهج يعد بمنزلة "اختبار قانوني" يهدف إلى تحدي التفسير التقليدي للدستور أمام المحكمة العليا.
إعلانواعتبرت المحامية إيما وينجر من مجلس الهجرة الأميركي، في نفس التقرير السابق، أنه إذا دخل قرار ترامب حيز التنفيذ فسيكون ذلك بمنزلة تحول جذري لأن النظام الحالي يستند إلى قاعدة راسخة وبسيطة، "الولادة على الأراضي الأميركية تعني تلقائيا الحصول على الجنسية والوثائق المرتبطة بها" حيث تعتبر شهادة الميلاد وحدها كافية، لكن مع القرار سيتطلب الأمر إجراءات إضافية للتحقق من أهلية الطفل للحصول على رقم الضمان الاجتماعي أو جواز السفر، مما سيجعل العملية أكثر تعقيدا لجميع الأسر، بغض النظر عن وضعها القانوني.
وقالت وينجر إن تغيير هذه القاعدة من شأنه أن يقوض الثقة في العملية القائمة، ويضع عبئا بيروقراطيا جديدا على كل أسرة لديها مولود جديد، "وسوف يكون هذا تحولا جذريا، حتى لو لم يتم إلغاء الحصول على الجنسية تلقائيا".