يواصل الكيان الصهيوني، فرض منطق حرب الإبادة التي يطبّقها على الفلسطينيين في قطاع غزة بهمجية تطيل قائمة جرائم الحرب وتثبت للعالم أن إفلات الصهاينة من العقاب، شجّعهم على الإقدام على تنفيذ مجزرة مرعبة على المستشفى الأهلي المعمداني في غزة راح ضحيتها أكثر من 500 شهيدا فلسطينيا بينهم نساء وأطفال ومرضى.
ويصنّف هذا الاعتداء اللاإنساني والجبان، ضمن الجرائم ضد الإنسانية وهي الأفعال المرتكبة كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين.
ويعرّف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب، في جملة من البنود، بأنها "الانتهاكات الجسيمة للقوانين والأعراف المطبقة على النزاعات المسلحة الدولية" و"الانتهاكات الجسيمة للقوانين والأعراف المطبقة على النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي"، وبالتالي، فإن هذه الجرائم يعاقب عليها القانون الدولي.
ومع وضع هذا الاعتبار في الحسبان ، يجب فورا أن يتحرك المجتمع الدولي ويحرك ملاحقات قضائية لجرائم الحرب المتمثلة في إبادة مدنيين عزل ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين، سياسيين وعسكريين الذين شاركوا في التخطيط مع سبق الإصرار والترصد، ثم أخذوا قرار تنفيذ هذه الجريمة ببرودة دم تعكس الوجه القبيح لهذا الكيان والذي يجد، مع الأسف، مساندة عمياء من قوى غربية أثبتت هي الأخرى كيف تكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بأرواح الفلسطينيين.
تشير الأمم المتحدة إلى أن جرائم الحرب يتم تعريفها بشكل رئيسي من خلال نصين: اتفاقية جنيف التي وقّعها العالم بأكمله تقريبا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولكن أيضا من خلال نظام روما الأساسي الذي تم اعتماده في نهاية التسعينيات عندما تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.
وفي هذين النصين، يتم تعريف جرائم الحرب "بأنها انتهاكات لقوانين وأعراف" الحرب، مثل مهاجمة المدنيين أو قوافل المساعدات الإنسانية أو أسرى الحرب أو حتى قصف المستشفيات والمدارس".
وفيما يتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، فإن التعريف الذي اعتمدته الأمم المتحدة موجود في نظام روما الأساسي، الذي أسّس المحكمة الجنائية الدولية. وبموجب المعاهدة، فإن الجريمة ضد الإنسانية تعني "هجوما واسع النطاق أو منهجيا يتم شنه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين". يمكن أن تكون هذه الأفعال كالقتل أو الإبادة الجماعية أو التعذيب أو العنف الجنسي، والفارق الكبير بين جرائم الحرب هو أن الجريمة ضد الإنسانية لا ترتبط بالضرورة بنزاع مسلح.
ومن ثمة يتعيّن على المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن نفّذ الجيش الصهيوني هذه المجزرة، أن تصنّف الحرب الهمجية على غزة على أنها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو كليهما. وعلى المحكمة الجنائية الدولية أن تحاكم المسؤولين عن هذه الجرائم، سواء كانوا مرتبطين بالدولة أو بإسرائيل وجيشها.
قصف إسرائيل مستشفى في غزة و"الحصار الشامل" للقطاع الفلسطيني، لا يتماشيان مع القانون الدولي ولا مع أعراف الحرب ولا حتى مع القيم الإنسانية التي تتغنى بها الحضارة الغربية، لأنه نهج يكرّس تنفيذ إبادة جماعية لأكثر من مليونين من سكان غزة في وضح النهار، حتى الحيوانات في أدغال إفريقيا وغابات الأمازون تلقى الحماية والعناية من طرف هذا الغرب "المتحضّر" !
وبعد جريمة الحرب البشعة هذه، لم يعد بإمكان المجتمع الدولي أن يغض الطرف عن معاناة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحملة وحشية من القتل والتهجير. إذا كان الصهاينة يتذرّعون بمعاناتهم جراء عمليات "طوفان الأقصى"، فإن الفلسطينيين يعانون منها يوميا منذ سبعين عاما. لماذا هذا الصمت حول هذه الحرب القذرة منذ اندلاعها بدون شفقة ولا رحمة على شعب أعزل. ونتابع باشمئزاز كبير كيف يحرّف الإعلام الغربي مجريات الاعتداءات الصهيونية محاولا دون جدوى أن يساوي، دون خجل، بين الضحية والجلاد. وأخيرا، سوف ينهار التماسك الهش للمجتمع الدولي وستؤول هذه الحضارة الإنسانية بمعاييرها المعكوسة، إلى الزوال لأنها فقدت أعز وأغلى ما تملك عندما فقدت البوصلة ولم تضع الإنسان في مركز العالم وحياة الإنسان في قمة القيم التي تجمعها وجعلت حياة إسرائيلي واحد تساوي حياة كل الشعب الفلسطيني، إنها بالفعل مأساة لا تنذر بالخير..
* رئيس مجلس إدلرة مجمع "الخبر"
المصدر: الخبر
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة ضد الإنسانیة جرائم الحرب
إقرأ أيضاً:
وزير العدل: قانون الإجراءات الجنائية الجديد يشجع الإبلاغ عن جرائم المخدرات
قال المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، إن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، المعروض لمناقشته أمام مجلس النواب، تمهيدا لسنه، أورد تنظيما متكاملا لحماية الحقوق والحريات العامة، منها الحرية الشخصية، وحرمة «المسكن، والحياة الخاصة»، التي يجب أن تُراعى عند تنفيذ الإجراءات الجنائية في مجال قضايا المخدرات.
الخطة الوطنية لمكافحة المخدراتوأضاف «فنجري» خلال كلمته بفعاليات إطلاق الخطة الوطنية لمكافحة المخدرات والحد من مخاطر التعاطي والإدمان «2024_2028»، أن القانون أورد تنظيما لحماية المجني عليهم والشهود والمتهمين والمُبلغين، تشجعيا لهم على الإبلاغ عن الجرائم، من بينها جرائم المخدرات دون خوف أو رهبة، كما وضع تنظيما للتعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية.
وأكد وزير العدل، أن هذا جاء من منطلق سعي مصر لدعم التعاون القضائي الدولي، خاصة فيما يتعلق بضبط وتسليم المجرمين، ومن بينهم تجار المخدرات، إدراكا من الدولة المصرية أن مكافحة المخدرات مسؤولية دولية مشتركة، ينبغي النهوض بها في إطار من التعاون العربي والإقليمي والدولي.
مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمةوأشاد المستشار عدنان فنجري، في صدد التعاون الدولي، بالدور الفاعل الذي يؤديه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والدكتورة غادة والي، المدير التنفيذي للمكتب، وكل الوكلات والمنظمات الدولية التي تشارك في تحقيق الهدف.
وأشار إلى أن مصر من خلال البيئة التشريعية، تواجه ظاهرة انتشار المخدرات، ويعزز ذلك المنهج الذي تبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يمثل أساسا لمبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان»، والتي من أبرز معالمها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات.