طهران-  بعد مرور 10 ليال فقط، تحولت البهجة الإيرانية على الصعيدين الشعبي والرسمي بنجاح عملية "طوفان الأقصى" إلى موجة غضب عارمة للتنديد بمجزرة مستشفى المعمداني التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتصاعدت نبرة التحذير الإيراني من تداعيات استمرار القصف الإسرائيلي على غزة، تزامنا مع الجهود الدبلوماسية المطالبة بوقف الحرب الدائرة على المدنيين في القطاع المحاصر منذ 2006.

وبعد جولته الإقليمية التي شملت بغداد وبيروت ودمشق والدوحة، حذّر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بادئ الأمر من "اتساع جبهات الحرب"، قبل حديثه عن "احتمال التحرك بشكل وقائي واستباقي من محور المقاومة".


ساعة الصفر

وعلى ضوء الدعم الأميركي والأوروبي السياسي النشط لإسرائيل والتحشيد العسكري الأميركي بالمنطقة، أطلق المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، الثلاثاء، "التحذير الأخير" معلنا أنه إذا استمرت "جرائم الصهاينة"، فلا أحد قادر على الوقوف بوجه الشعوب الإسلامية والقوى المقاومة، حسب قوله.

وفي السياق ذاته، حرص عبد اللهيان على الحضور في برنامج متلفز – قبيل توجهه إلى مدينة جدة السعودية للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي- ليقول للرأي العام الإيراني، إنه "إذا لم ندافع عن غزة اليوم، فسنضطر غدا إلى التعامل مع القنابل الفسفورية التي يستخدمها النظام الصهيوني في مستشفياتنا". ما أعاد لأذهان مواطنيه موقف بلادهم القائل قبل أكثر من 10 أعوام "إن لم نقف إلى جانب سوريا اليوم سنضطر إلى محاربة داعش في شوارعنا غدا".

وبينما كان الرأي العام الإيراني ومعه جمهور القضية الفلسطينية يعدّون الثواني للإعلان عن "ساعة الصفر" -التي حذّرت منها طهران في حال استمر العدوان الإسرائيلي على المدنيين في غزة- ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة جديدة في اليوم الـ11 من حربه على غزة بقصف مستشفى المعمداني، مخلفا أكثر من 500 شهيد ومئات المصابين.


انتهى الوقت

رسميا، يرى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أن "نيران القنابل الأميركية-الإسرائيلية التي ألقيت على مشفى المعمداني ستلتهم الصهاينة قريبا"، معلنا الحداد العام في ربوع بلاده الأربعاء، في حين أدان وزير خارجيته الجريمة، وكتب في تغريدة على منصة إكس، "انتهى الوقت"، داعيا إلى "وحدة إنسانية على الصعيد العالمي ضد الكيان المنبوذ أكثر من داعش وآلته القاتلة".

وشهدت قبة مجلس النواب الإيراني، الأربعاء تجمعا تخللته هتافات "الموت لإسرائيل والموت لأميركا"، وقال علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الإيراني، أن مجزرة المعمداني "أظهرت أنه لا مكان للصهاينة بالمنطقة، ولا شك أنها ستكون الأيام الأخيرة لحياة الكيان".

وعلى المستوى الشعبي، سارع الشعب الإيراني الليلة الماضية إلى النزول للشوارع تنديدا بالمجزرة وتضامنا مع أهالي غزة. وتجمعت حشود غفيرة أمام مقر السفارة الفلسطينية، في العاصمة طهران، ونظمت مسيرات غاضبة نحو السفارتين البريطانية والفرنسية على بعد كيلومترات قليلة من ساحة فردوسي وسط العاصمة، تنديدا بالدعم الغربي لإسرائيل.

بينما شهدت مدينة "قُم" تجمعا لطلاب الحوزات العلمية وعامة الشعب للتنديد بالمجزرة، وارتفعت بمدينة الأهواز جنوب غربي البلاد هتافات عربية تطالب السلطات الإيرانية بتسليح المتطوعين لقتال إسرائيل، وإيصالهم إلى غزة لينالوا شرف المشاركة في معركة تحرير القدس.

إن نيران القنابل الأمريكية-الإسرائيلية التي أُلقيت الليلة على الجرحى الفلسطينيين المظلومين في مستشفى #المعمداني، سوف تبتلع الصهاينة قريبا.
لا يجوز التزام أي إنسان حرٍ الصمت أمام جريمة الحرب هذه.
إيران، كما الأمة الإسلامية، في حالة عزاء، وتعلن الحداد العام يوم غد الأربعاء.

— سید ابراهیم رئیسی (@raisi_com) October 17, 2023

قراءة متباينة

وعلى وقع الاعتصام الشعبي المستمر منذ أيام في مطار مهرآباد للمطالبة بفتح الطريق أمام  الجماهير للدفاع عن أهالي غزة، انتشرت منذ ساعات فجر أمس الأربعاء دعوات شعبية للتجمهر في مطار الإمام الخميني جنوب العاصمة طهران، للمطالبة بالسفر إلى جبهات القتال ضد الاحتلال.

وعلى وقع الإدانات والفعاليات المنددة بالمجزرة، تُجمع شريحة كبيرة من المراقبين في إيران على ضرورة تحرك بلادهم بخطوة استباقية دعما للقضية الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، التي لم تُخف يوما رغبتها في القضاء على الجمهورية الإسلامية، في حين يرى آخرون أن مجزرة المعمداني مصيدة إسرائيلية وأميركية لاستدراج طهران إلى المعركة تمهيدا للإجهاز عليها.

ويرى الأكاديمي الإيراني الباحث في الشؤون الإسرائيلية مجيد صفا تاج، في تحرك محور المقاومة، وعلى رأسه طهران، ضرورة ملحة لوضع حد لما سمّاه "الجنون الصهيوني" الرامي إلى القضاء على حركة حماس وتهجير أهالي غزة.

وفي حديثه للجزيرة نت، يحذر مجيد من أن نجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها في غزة، سيشجعها على الانقضاض على سائر حلقات محور المقاومة واحدة تلو الأخرى، موضحا أن إسرائيل ترى في المقاومة عقبة رئيسة أمام حلمها باحتلال كامل الأراضي الإسلامية من النيل إلى الفرات.

وقال الباحث الإيراني، إن الكيان الإسرائيلي ارتكب مجزرة المعمداني بضوء أخضر أميركي وبأسلحة أميركية فتاكة، محذرا من أن عدم رد سوريا على الغارات الإسرائيلية المتواصلة على مطاراتها سوف يزيد حدتها.

تجمع شعبي في مدينة الأهواز بمحافظة خوزستان في إيران يندد بقصف إسرائيل لمستشفى المعمداني في مدينة غزة.
.#غزة_الآن #غزة_تحت_القصف #غزة_تُباد #طوفان_الاقصى_ #طوفان_الاقصى #فلسطين pic.twitter.com/AnViitM7xP

— الاهوازي (@alahvazii) October 17, 2023

دور أميركا

في المقابل، يشاطر الكاتب والصحفي الإيراني أحمد زيد آبادي، مجيد صفا تاج رأيه في أن إبادة حماس ستقرب موعد الإجهاز على كلّ من حزب الله اللبناني ثم إيران، لكنه يرى في التدخل الإيراني المباشر في المعركة مغامرة لا يحمد عقباها.

وفي تعليق نشره في قناته على منصة تليغرام، أشار أحمد زيد آبادي إلى أن خوض حزب الله المعركة ضد إسرائيل، سيعني اندلاع حرب شاملة ودخول إيران على خط الأزمة، واصفا النتيجة بأنها ستكون "جحيما ". وحذر من توريط البلاد في حرب مدمرة قد تقضي على طموح طهران بالتربع على قمة الساحات العلمية وغيرها.

من ناحيته، يعتقد الباحث في الشؤون العسكرية محمد علي صمدي، أنه لا يمكن تصور السلام في الشرق الأوسط في ظل بقاء الكيان الصهيوني بالمنطقة، مضيفا أن إسرائيل ما كانت لتجرؤ على ارتكاب مثل هذه الحماقة لولا الدعم الأميركي والغربي غير المحدود لها.

وفي حديثه للجزيرة نت، وصف محمد علي مجزرة المعمداني "قربانا" أقدم على ارتكابها الاحتلال قبيل زيارة الرئيس الأميركي للأراضي المحتلة، مضيفا أن تفاخر الجانب الأميركي بتقديم الأموال والسلاح للجانب المعتدي، يفتح مجددا سجل واشنطن المخزي بحق شعوب الشرق الأوسط، لا سيما الجرائم التي ارتكبتها في العراق.

وخلص المتحدث إلی أن مجزرة مستشفى المعمداني تدل على تشبث الغارق بكل من حوله لإنقاذ نفسه على حساب حياة الآخرين، وأن هزيمة الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لن تُمحى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مستشفى المعمدانی مجزرة المعمدانی

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض يحذر إدارة «ترامب» من سلاح إيران النووي

حذر البيت الأبيض الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، من أن إيران قد تتحرك للحصول على سلاح نووي في المستقبل القريب، وذلك قبل أقل من شهر من توليه منصبه كرئيس للولايات المتحدة، بينما تتصدر طبيعة العلاقات بين واشنطن وطهران المشهد في ظل الإدارة الجديدة، في وقت شهدت المنطقة تطورات عديدة ومختلفة.

وجاء في تحذير البيت الأبيض إن إيران تسعى لإنتاج قنبلة نووية بسبب إضعافها نتيجة الحروب بالشرق الأوسط، وذلك في مساعي لتقوية دفاعها، وقال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، إنه أطلع الرئيس المنتخب على خطر حصول طهران على الأسلحة.

«سوليفان» يطالب «ترامب» باليقظة بشأن «نووي طهران»

وقال «سوليفان» إنه طلب من فريق ترامب أن يكون يقظًا في مواجهة تهديد التصعيد النووي، كما حذر من أن هناك خطرًا متزايدًا يتمثل في احتمال تراجع طهران عن وعدها بعدم تصنيع الأسلحة النووية.

وأضاف: «مخاطرة نحاول أن نكون يقظين بشأنها الآن، إنها مخاطرة أطلع الفريق القادم عليها شخصيًا»، مضيفًا أنه تشاور أيضًا مع إسرائيل لنفس السبب، مؤكدًا أن «ترامب» الذي يتولى منصبه في 20 يناير، قد يتمكن من إقناع إيران بالالتزام بتفكيك قدرتها النووية.

توجية ضربات جوية

صحيفة «وول ستريت» الأمريكية، قالت أيضًا في تقرير لها، إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب وفريقه يعملون خلال هذه الفترة على تقييم موقف إيران الإقليمي، وهم يفكرون في توجيه ضربات جوية إلى المنشآت الإيرانية النووية.

لكن في حال شنت واشنطن هجمات جوية على برنامج طهران النووي بالفعل، فذلك من شأنه أن يشكل خرقًا للسياسة الخارجية الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة والمتمثلة في احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.

قلق من امتلاك إيران للسلاح النووي

وأكدت «وول ستريت» نقلًا عن مصادرها، أن «ترامب» أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمات هاتفية أجريت معه مؤخرًا أنه يشعر بالقلق إزاء قدرة إيران على امتلاك القدرة النووية.

إسرائيل وضرب المنشآت النووية

وكان «ترامب» قال في وقت سابق إن إسرائيل يجب أن تضرب المنشآت النووية، وبحسب «وول ستريت»، فذلك يشير إلى أنه حتى لو لم تشارك الولايات المتحدة في شن غارات جوية ضد إيران بشكل مباشر، فمن المرجح أن تمنح إسرائيل حرية أكبر لضرب طهران، وهو ما لم توافق عليه إدارة «بايدن» من قبل.

المخاوف بشأن سلاح إيران النووي ازداد أيضًا بعد تحذير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أن إيران وصلت بالفعل إلى حافة الحصول على أسلحة نووية.

وقالت الوكالة، إن إحياء الاتفاق الدبلوماسي لعام 2015، الذي وافق عليه الرئيس الأمريكي حينها، باراك أوباما، لا جدوى منه لأن إيران وسعت بشكل كبير إنتاجها من اليورانيوم وهي عمليًا على نفس مستوى الدول المسلحة نوويًا.

مقالات مشابهة

  • إيران …بدء محادثات لإعادة السفارة في سوريا
  • المركزي الإيراني: النمو الاقتصادي في إيران انخفض إلى النصف تقريبا
  • إيران: نجري مفاوضات لإعادة فتح سفارتنا في دمشق
  • مستشار خامنئي: إيران مستعدة للتفاوض بشأن البرنامج النووي
  • 45 عامًا من القمع ضد الشعب الإيراني.. مركز عبد الرحمن برومند يكشف عن ممارسات بشعة يمارسها النظام في طهران
  • البيت الأبيض يحذر إدارة «ترامب» من سلاح إيران النووي
  • ‏وفد روسي يصل إلى طهران للقاء الرئيس الإيراني
  • حذر من هجوم مباغت للعدو.. قائد الحرس الثوري: قوتنا تمتد إلى ما وراء حدود إيران
  • مجزرة جديدة جنوب غزة والأونروا تتهم إسرائيل بانتهاك قواعد الحرب
  • ثمن بقاء النظام الإيراني