غزّة؛ نكاد أن نُجنّ ممّا نحن فيه
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
أثير- مكتب أثير في تونس
كتبه: محمد الهادي الجزيري
لم يخرج من أحشاء الأرض المفتوحة وحش رهيب.. يلتهم هذه الحشرة الدموية النهمة..، ويمحقها محقا لا وجود لها بعده..، لم يتحرك أي شيء على هذه الأرض سوى العمارات العامرة بالناس المستضعفين.. جراء هذا الكم الهائل من القنابل الحاقدة على فلسطين…، أغيثونا يا إنسانية.
إنّ هؤلاء يرغبون في نفي الآخر والعيش مع ذواتهم المتضخمة ..، أغيثوا أطفال ونساء فلسطين قبل فوات الأوان ..فالمحو مستمرّ ولا قدرة لأحد إيقافه ..إلا الأمم المتحدة إذا خرجت من جبّة أمريكا ……
لم يهبط.. لم يتدل أيّ شيء من السماء لكي نعتصم به.. ،بكينا.. نحنا.. ضربنا الأرض بأقدامنا.. وصحنا ولم تنزل صاعقة عليهم لتحرقهم كما حرقوا أكبادنا على فلذاتنا الرضع الذين اختطفوا بصواريخهم المجللة الهادرة في كل لحظة…، يا الله أنجدنا منهم.. فهم ليسوا بشرا مثلنا..، هم كائنات مهولة تريد الذبح والردم والتقتيل والتمثيل..، إنهم من يدعون النجاة من هتلر…، يجربون فينا ما لم يفكر به هتلر أصلا …….
لم يحرك أحد ساكنا.. انتظرنا حزب الله.. آملين أن يخفف الضغط على إخواننا المحاصرين في غزة..، لكنه ما يزال يراوح في مكانه..، والقتل مستشر في الخلق ..بعنجهية أسطورية لم يحدث أن عرفها العالم ، قلنا الفرج يأتي من سوريا.. ولا حياة لمن تنادي.. صحنا : أين الفصائل الفلسطينية والمقاومة العربية..؟ فلم يجب علينا أحد…، لجأنا إلى إيران وقلنا إنها الباب الأخير.. فوجدناه مواربا يعد ويضنّ …..
قلنا نهرع إلى مصر..عربية وأصيلة ستثأر لنا ، فقال لنا زعيمهم : خذوهم إلى النقب..، ركضنا إلى البلدان العربية.. فوجدناهم في خطب رنانة وفي مظاهرات حاشدة..، ثم لا شيء… لا شيء… ،يا ربنا إنا مغلوبون فانتصر.. ،إنهم فعلوا ما لا يفعله كائن بشري.. بقروا بطون الحوامل.. مزّقوا البنت والطفل والشيخ أشلاء..، هدموا العمارات على شعب مستضعف منهوك لا مهرب له من القتل المبرمج… ،ونكاد نجنّ ممّا نحن فيه..، العالم كلّ العالم فتح فمه صارخا : أن كفّوا عن التفنّن في القتل… افتحوا المعابر..، اطلقوا الماء والكهرباء والمواد الغذائية.. ولا من مجيب…، بل تزداد وحشية الجريمة… ولا من رادع لها… يا الله أنا مهزوم حضاريا….. فانتصر… فأنت الوحيد… بابك مشرع للدعاء.. فاستجب يا الله…….
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
مصر وفلسطين: لا تهجير ولا تفريط
في الأزمنة الصعبة، حين تشتد العواصف ويغيم الأفق، يظهر المعدن الحقيقي للأمم. هناك من يساوم على الأرض، ومن يقايض التاريخ، وهناك من يقف، لا تهزه ريح ولا تنحني له قامة، لأنه يدرك أن الأوطان لا تُباع، وأن الشعوب ليست أرقاما تُحذف من المعادلات الدولية.
إن قضية فلسطين ليست حدثًا عابرًا في دفتر السياسة، وليست ورقة في أيدي المفاوضين، بل هي جرح في جسد الأمة، ظل مفتوحًا منذ عقود، وكلما ظن المتآمرون أن الزمن قادر على طمس الحقيقة، انبثقت منها صرخة جديدة، تذكر العالم بأن الأرض لمن زرعها، وأن الجذور لا تُقتلع بقرارات ولا بصفقات.
اليوم، يقف الفلسطينيون في وجه مخطط جديد، يُراد لهم فيه أن يغادروا وطنهم، أن يصبحوا غرباء في المنافي، كأن الأرض التي روتها دماؤهم لم تعد لهم، وكأن التاريخ الذي كتبوه بآلامهم صار قابلاً للمحو. لكنّ صوتًا يعلو من هناك، من قلب فلسطين، يقولها بوضوح: لا للتهجير، لا لنكبة جديدة، لا لبيع الأرض مقابل سراب الأمان!
وفي هذا المشهد، تبرز مصر، ليس كمتفرج، ولا كوسيط محايد، بل كدولة لها موقف، له جذور تمتد عبر التاريخ. إن الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يقف عند حدود الدبلوماسية الباردة، بل أعلنها صريحة، بلا مواربة ولا مجاملة: مصر لن تكون أرضًا للتهجير، ولن تسمح بطمس الهوية الفلسطينية، ولن تكون شريكًا في مؤامرات تزييف الواقع.
إنه موقف رجل يدرك أن الجغرافيا ليست مجرد خرائط، بل تاريخ يصنعه أصحاب الأرض، وأن مصر، بحكمتها وثقلها، لا تبيع الأوطان ولا تفرّط في الحقوق. ومن خلف هذا الموقف، تتوحد إرادة المصريين جميعًا، بكل أطيافهم، لا فرق بين مسلم ومسيحي، ولا بين عامل ومثقف، فالكل يدرك أن المساس بفلسطين هو مساس بأمن مصر ذاته، وأن القضية ليست خارج الحدود، بل في القلب، في الوجدان، في الدم الذي يجري في العروق.
هكذا تتجلى الحقيقة واضحة: لا تهجير ولا تنازل، لا مساومة على الحقوق، ولا خضوع لمن يريد أن يصوغ التاريخ وفق أهوائه. ستبقى فلسطين لأهلها، وسيظل المصريون، بقيادتهم الحكيمة، السند الذي لا ينكسر، والصوت الذي لا يصمت، مهما حاولوا إسكات الحقيقة.