أعلنت حركة "حماس"، عن نفسها عام 1987. بعد 4 سنوات تشكّل الجناح العسكري التابع لها تحت مسمّى "كتائب القسام"، نسبةً إلى رجل سوري الأصل، وُلد عام 1882، يُدعى عز الدين القسام. فما قصته؟ وما سبب إطلاق اسمه على الكتائب؟

من هو عز الدين القسّام؟

بحسب المؤلف عبد القادر ياسين، في كتابه المعنون بـ"عز الدين القسام"، فإنه وُلد في قرية جبلة القريبة من مدينة اللاذقية على الساحل السوري، عام 1882، وعاش طفولته في أسرة متدينة، متوسطة الحال تميل إلى الفقر، بعيدة عن زعامة الملاك الكبار ونفوذ العائلات التجارية.

ويروي ياسين، أن "فخر أسرة القسّام الأسمى أنها منسوبة إلى النبي، وذات سمعة محمودة بالاستقامة، فأبوه الشيخ عبد القادر القسّام، كان صاحب طريقة صوفية، وله مدرسة (كتّاب)، يعلّم فيها الأطفال أصول القراءة وحفظ القرآن، وعمل لفترة من الوقت كمستنطق في المحكمة".

لكن يذكر محمد مورو، في كتابه "زعماء الإصلاح الإسلامي"، أن عز الدين القسّام وُلد في قرية الأدهمية التابعة لمدينة اللاذقية في سوريا عام 1882، لا في جبلة، مؤكداً أن "والده عبد القادر مصطفى القسّام من علماء الأزهر الشريف، وتعلّم عز الدين في زاوية الإمام الغزالي في القرية، وحفظ القرآن الكريم والقراءة والكتابة ثم الفقه".

دور محمد عبده في نشأته

في الرابعة عشرة من عمره، وتحديداً عام 1896، غادر عز الدين القسّام قريته متوجهاً إلى القاهرة، لدراسة الشريعة في الأزهر، حيث نال شهادة الأهلية (يتقدم إليها من قضى في الأزهر 8 سنوات، ويحق لحاملها شغل وظائف الإمامة والخطابة في المساجد)، ما يعني أنه درس في المؤسسة الدينية المصرية لمدة 8 سنوات.

وخلال تواجد القسّام في الأزهر، تتلمذ على يد الشيخ محمد عبده، مفتي الديار المصرية الأسبق، وشاهد آنذاك حركة الإصلاح التي قادها الأخير داخل المؤسسة الدينية، والكثير من الأحداث في تلك الفترة التي سيطرت على الساحة المصرية، خاصةً في ظل الاحتلال البريطاني لها.

وتؤكد موسوعة "أرشيف نشرة فلسطين"، أن عز الدين القسام تأثر بأستاذه محمد عبده (1849-1905)، ودعوته التجديدية، وكذا بالإرث التنويري لأستاذه جمال الدين الأفغاني (1838-1897)، قائد الحركة التنويرية في العالم آنذاك.

وفتحت مرحلة الأزهر أمام عز الدين القسّام، آفاقاً جديدةً، خاصةً أنه وزميله الأديب عز الدين التنوخي، كانا يداومان على دروس الشيخ رشيد رضا، وغيره من أقطاب الإصلاح في مصر

وفتحت مرحلة الأزهر أمام عز الدين القسّام، آفاقاً جديدةً، خاصةً أنه وزميله الأديب عز الدين التنوخي، كانا يداومان على دروس الشيخ رشيد رضا (1865-1935)، وغيره من أقطاب الإصلاح في مصر، فتأثر بهم، وساهم ذلك في بناء شخصيته، وظهر ذلك جلياً بعد عودته إلى سوريا، مسقط رأسه، مرةً أخرى أواخر عام 1906.

الجهاد في ليبيا

ويؤكد مؤلف كتاب "زعماء الإصلاح الإسلامي"، أن عز الدين القسّام، بعد عودته إلى مسقط رأسه، اشتغل في التدريس وتولى الخطابة في مسجد المنصوري في القرية.

وبدأت ملامح التغيّر في حياة عز الدين القسّام، تظهر جليةً عندما حاول الإيطاليون احتلال ليبيا عام 1911، فحينها بحسب ما ورد في أرشيف نشرة فلسطين، لم يستسغ الشيخ تقسيم القوى الاستعمارية للعالم العربي، فقاد تظاهرات تأييد للثورة الليبية، قبل أن يقرر بعد أكثر من محاولة جمع المتطوعين والمساعدات والتوجه نحو ليبيا لدعم المقاومة فيها بقيادة عمر المختار.

ويتفق المؤلف محمد مورو مع الطرح السابق، إذ يؤكد أن "القسّام هبّ للدعوة للجهاد في ليبيا، إدراكاً منه بأن الدفاع عن أي بلد إسلامي واجب شرعي على كل مسلم، وبالأخص علماء الدين، واستجاب له الكثيرون في سوريا، فاختار منهم 250 متطوعاً، وأعدّهم للسفر إلى ليبيا عن طريق الإسكندرية، للمشاركة في الجهاد ضد الطليان".

وتذكر بعض الروايات أن القسّام نفسه سافر بالفعل إلى ليبيا، لكن مورو يروي في مؤلفه أن السلطات في سوريا آنذاك منعته ومن معه من السفر.

مقاومة المستعمر الفرنسي

لم تدع الأحداث في البلاد العربية فرصةً للقسّام، كي يلتقط أنفاسه، وهذه المرة في بلاده التي وُلد على أرضها. فمع بداية الثورة المسلّحة في الشمال السوري ضد الانتداب الفرنسي، عام 1919، كان عز الدين أول من رفع راية مقاومة فرنسا في المنطقة، وأول من حمل السلاح في وجهها، بحسب ما ذكر عبد القادر ياسين.

خاض القسّام، حرباً طاحنةً في مواجهة الاستعمار الفرنسي، حملت بعداً فكرياً تنويرياً، إذ دعا لمحاربة الأمية والجهل والخرافة، وفي الوقت نفسه كافح بالسلاح لطرد قوات الاحتلال الفرنسي من الشام، وكان يجمع الناس في خطبه التي يلقيها في جامع المنصوري في بلدته.

ويؤكد ياسين، أن عز الدين القسّام كان سبباً رئيساً في اندلاع الثورة في جبال صهيون في ريف اللاذقية، ضد المستعمر الفرنسي، وكان في طليعة المجاهدين فيها، قبل أن يسقط الساحل السوري بيد القوات الفرنسية.

بعد الهزيمة في معركة ميسلون، 24 تموز/ يوليو عام 1920، قرر عز الدين القسّام اللجوء وعائلته إلى دمشق، ومنها إلى حيفا في فلسطين، أواخر صيف عام 1921، وهناك بدأ مرحلة نضال جديدةً

ووفقاً لأرشيف نشرة فلسطين، فإن قوة الجيش الاستعماري أحكمت الخناق على عز الدين القسّام، خاصةً بعد تكبيده الجيش الفرنسي خسائر كبيرةً في إحدى المعارك؛ إذ قاد هجوماً على حاميتها آنذاك، أسفر عن مقتل عشرات الجنود الفرنسيين في آذار/ مارس 1920.

سقطت الثورة السورية، لكنها جعلت عز الدين القسّام يعيش تجربةً هي الأغنى في حياته، جعلته مستعداً لما هو مقبل عليه. فبعد الهزيمة في معركة ميسلون الشهيرة، 24 تموز/ يوليو عام 1920، قرر اللجوء وعائلته إلى دمشق، ومنها إلى حيفا في فلسطين، أواخر صيف عام 1921، وهناك بدأ مرحلة نضال جديدةً.

لماذا استقر في حيفا؟

عند وصوله إلى فلسطين، لم يستقر عز الدين في حيفا بشكل مباشر، ولكن جاء ذلك بعد جولة في المدن، من أجل البحث عن مكان ملائم لبناء إستراتيجيته الثورية، لبدء رحلة جديدة من النضال، خاصةً أن البلاد كانت حينها تحت احتلال القوات البريطانية، منذ أيلول/ سبتمبر عام 1918.

ومن ناحية أخرى، يرى محمد مورو، في كتابه "زعماء الإصلاح الإسلامي"، أنه "عندما ظهرت الملامح الأولى للغزوة الصهيونية على فلسطين، أدرك عز الدين القسّام أن تلك الغزوة أخطر وأشد حلقات التآمر اليهودي على العالم الإسلامي، وأن للجهاد في فلسطين الأولوية الأولى على كل القضايا".

وبناءً على ذلك، كان القسّام يسعى إلى بناء حركة تنويرية وكفاحية لمواجهة مخاطر الهجرة الصهيونية، التي أخذت شكلاً استيطانياً، وجاء استقراره في حيفا، كونها ملتقى للتجار، وكذلك ملاذاً للعمال والفلاحين المطرودين من أرضهم، بسبب سرقتها منهم من طرف الصهاينة، بحماية بريطانية صارمة، بحسب "أرشيف نشرة فلسطين".

عمل القسّام مدرّساً ثم إماماً وخطيباً في جامع الاستقلال في حيفا، ما وفّر له وسيلةً لإعداد المجاهدين، وصقل نفوسهم، وتهيئتها للقتال، معتمداً اختيار الكيفية، دون الكمية، وهو ما يؤكده محمد مورو، في كتابه "زعماء الإصلاح الإسلامي"، قائلاً: "إن عز الدين القسّام بدأ من حيفا في العمل على نشر الوعي الجهادي بين جماهير فلسطين، والتنبيه المبكر إلى خطورة الهجرة اليهودية إلى البلاد، وألقى الخطب في المساجد والمناسبات الاجتماعية كالأفراح والاجتماعات وغيرها".

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أسس القسّام المدارس وفصول محو الأمية وتعليم الصغار، وكذلك جمعية الشبان المسلمين في فلسطين، لتكون أداةً في المواجهة على مستوى الوعي والتعليم والجهاد.

تشكيل عسكري 

وظل الوافد الجديد على أراضي فلسطين يعمل لمدة 3 سنوات، وبعدها استطاع تكوين 12 حلقةً عسكريةً، تحت مسمى "العصبة القسّامية"، تعمل كل واحدة منها منفصلةً عن الأخرى، وتتكون كل خلية من 5 أفراد، أكثرهم من عمّال البناء والميناء والسكك الحديدية والباعة المتجولين، وفي أوائل الثلاثينيات ازداد عدد أفراد الخلية، فأصبحت تضم 9 أفراد، بعد إخضاعهم لدورات تكوين وتدريب مكثفة، فكرية وعسكرية.

بعد نجاح عز الدين في بناء التنظيم العسكري، وتسليح أعضائه وتدريبهم، انتظر الشرارة لإشعال برميل البارود الجاهز، "جاءت بالفعل عند اكتشاف عمال ميناء يافا للسلاح المهرب للصهاينة عام 1935"

ويشير عبد القادر ياسين، في كتابه "عز الدين القسام"، إلى أنه بعد نجاح عز الدين في بناء التنظيم العسكري، وتسليح أعضائه وتدريبهم، انتظر الشرارة لإشعال برميل البارود الجاهز: "جاءت بالفعل عند اكتشاف عمال ميناء يافا للسلاح المهرب للصهاينة يوم 16 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1935، فأضرب عمال الميناء، ووصل الغضب الشعبي الفلسطيني إلى ذروته، وبهذا اكتملت اللحظة الثورية، ولم تجد من يلتقطها سوى القسّام".

ويرى ياسين، أن اكتشاف تهريب الأسلحة الحديثة لليهود بكميات ضخمة، كان من أشد العوامل تأثيراً وتحفيزاً على إعلان الثورة، مؤكداً: "أجمعت المصادر التاريخية على كون هذا الحادث من أقوى دوافع ثورة القسّام".

ونقل المؤلف عن أحد القسّاميين، قوله: "القسّام بعد اكتشاف الأسلحة المهرّبة، قال: 'إذا لم نهاجم اليهود، فإنهم سوف يهاجموننا'".

وتشير بعض المراجع، إلى أن طريقة عمل الحلقات العسكرية كانت تقوم على مبدأ حرب العصابات، الذي استلهمه عز الدين القسّام من تجربة محمد عبد الكريم الخطابي (1882-1963)، في المغرب.

وعلى أرض الواقع، عسكرت الحركة الثورية في أحراش يعبد (بلدة تتبع لمدينة جنين)، لكن دوائر المباحث والمخابرات الاستعمارية الصهيونية، كانت تراقب عز الدين القسّام بشكل دقيق متواصل.

نهاية إنسان وبداية ثورة

وفي أحراش يعبد كانت النهاية والبداية؛ نهاية إنسان، وبداية ثورة. ففي يوم 20 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1935، حددت الشرطة البريطانية مكان القسّاميين الكامنين هناك، وهاجمتهم بقوات عسكرية كبيرة، ودارت معركة حامية بين المقاتلين والشرطة، صمد فيها رجال القسّام، وقاتل شيخهم، وظل يكافح حتى خرّ صريعاً في الميدان، برفقة بعض إخوانه، وجُرح آخرون وجرى أسرهم.

وبحسب مؤلف كتاب "عز الدين القسام"، فإنه "جرى نقل الشهداء إلى حيفا، وتمت الصلاة عليهم في جامع الاستقلال، وشُيّعت جثامينهم في تظاهرة وطنية كبرى، نادت بسقوط الإنكليز، ورفض الوطن القومي لليهود".

وبمقتل القسّام، لم تنتهِ المقاومة، بل كانت الانطلاقة الجديدة لها في فلسطين؛ إذ يؤكد محمد مورو أنه "كان لاستشهاده (أي القسّام) وكفاحه ودوره في نشر الوعي والثورة، أثراً مهماً في اندلاع الثورة الوطنية الكبرى في فلسطين سنة 1936، التي امتدت 3 سنوات (1936-1939)، وظل التنظيم الذي شكله عز الدين ينفّذ العديد من العمليات الفدائية ضد اليهود والإنكليز".

"القسّام سوري جاء من سوريا إلى فلسطين وقاوم، وعمل مجموعاتٍ لمواجهة الاحتلال البريطاني في قرية يعبد، شمال فلسطين، وقاتل وقاوم واستشهد. فأن نعطي اسمه كرمزية للجهاد فهذا شيء جيّد

في السياق ذاته، يؤكد عبد القادر ياسين، أنه "كان لاستشهاد القسام أعمق الأثر في شباب فلسطين، خلال الثلاثينيات والأربعينيات، وأصبح القسّام رمزاً للتضحية، ما جعل المؤرخين يعتبرونه بحق 'شيخ ثوار فلسطين'".

لماذا سُمّيت "كتائب القسّام"؟

ولا بدّ هنا قبل الانتهاء من الحديث عن عز الدين القسّام، أن نشير إلى سبب تسمية "كتائب القسّام"، الجناح العسكري لحركة حماس في فلسطين، بهذا الاسم.

حركة حماس أسسها الراحل أحمد ياسين عام 1987، وفي عام 1991، تشكّل الجناح العسكري للحركة، تحت اسم "كتائب عز الدين القسّام".

وفي حوار سابق أجراه أحمد منصور، مذيع قناة الجزيرة القطرية، في برنامجه "شاهد على العصر"، عام 1999، مع ياسين، سأل الأخير عن سبب تسمية "كتائب القسّام" بهذا الاسم؟

وبحسب ما نقل المؤلف سيد حسين العفاني، في كتابه "شذا الرياحين من سيرة واستشهاد الشيخ أحمد ياسين"، ردّ الشيخ أحمد ياسين قائلاً: "نحن كنا نسمّي الخلايا العسكرية 'المجاهدين الفلسطينيين'، لكن الذين جاءوا بعدنا قالوا: نريد أن نسمّيها كتائب عز الدين القسّام، لأن الإخوة كانوا يتصورون أن الشهيد عز الدين القسّام كان قدوةً في الاستشهاد في فلسطين، وفي قتال اليهود والبريطانيين، ثم نفّذ عمليات استشهاد على أرض فلسطين".

وتابع الشيخ الراحل: "وهو أصلاً (أي القسّام) سوري جاء من سوريا إلى فلسطين وقاوم، وعمل مجموعاتٍ لمواجهة الاحتلال البريطاني في قرية يعبد، شمال فلسطين، وقاتل وقاوم واستشهد. فأن نعطي اسمه كرمزية للجهاد فهذا شيء جيّد".

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: عز الدین القسام نشرة فلسطین عز الدین فی کتائب القس فی فلسطین محمد عبده فی کتابه محمد عبد فی قریة فی حیفا

إقرأ أيضاً:

الكتائب.. لحكومة تؤسس لإطلاق الميثاق الاجتماعي الجديد

لم تبصر الحكومة النور يوم أمس، رغم كل الأجواء التفاؤلية التي أشيعت عن تفاهم حصل بين الرئيس المكلف نواف سلام وحزب "القوات اللبنانية"، فخرج الرئيس المكلف نواف سلام بعد اجتماع الخمسين دقيقة مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ليؤكد أنه التزامه بتشكيل حكومة منسجمة وحكومة إصلاح تضم كفاءاتٍ عالية، وأنه لن يسمح أن تضم داخلها إمكانية تعطيل عملها بأيّ شكلٍ من الأشكال، وفيما حل الخلاف مع القوات فإن التفاوض مستمر مع الثنائي الشيعي حول اسم الوزير الخامس ووزارة الصناعة التي يقول الثنائي إن سلامه لم يبلغه بأنها ستؤول إلى القوات.

حصلت التسوية بين سلام والدكتور سمير جعجع، بعدما كان مسؤولو القوات أشبعوا الى حد كبير الرئيس المكلف اتهامات برضوخه لمطالب الرئيس نبيه بري وحزب الله واعتماده الية تشكيل اعتبروها استكمالاً لنهج أوصل لبنان إلى الانهيار.

وحده "حزب الكتائب اللبنانية" تعاطى بواقعية منذ إعلانه التوجه الى انتخاب العماد جوزاف عون رئيسا إلى التكليف وصولاً إلى مفاوضات التأليف، لم يوجه أي انتقادات للرئيس المكلف، ولم يأت مطلقاً على إقصاء حزب الله عن الحكومة، فرئيس حزب الكتائب سامي لجميّل قال: "لا للإقصاء ولا للامتيازات ونعم للشراكة بالمساواة، وليلتقي الجميع على بناء الدولة وعلى فتح صفحة جديدة واعطاء فرصة للبلد ليقف مجددا وللدولة كي تستطيع استعادة سلطتها".

الأكيد أن حزب الكتائب قارب الوضع في لبنان والعلاقة مع حزب الله، بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان بطريقة مختلفة عن قوى المعارضة، وهذا ما تشير إليه أوساط الثنائي التي تتحدث عن تمايز في الأداء بين الكتائب والقوات التي دعت إلى إقصاء الحزب فالدكتور جعجع تحدث عن إمكانية عقد جلسة نيابية لانتخاب رئيس الجمهورية من دون أن تشارك فيها الطائفة الشيعية، وصولاً إلى المجاهرة برفضه بقاء وزارة المال مع حركة أمل، في حين أن مواقف حزب الكتائب كانت في غالبيتها تؤكد على الشراكة ووحدة المعايير وإن كانت كل قوى المعارضة تتفق على أن قرار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد الدولة حصراً.

ويقول النائب سليم الصايغ إن الكتائب تنظر إلى الوضع الراهن بعد تحليل عميق للمتغيرات الإقليمية والعالمية، وأهم متغير هو سقوط محور الممانعة عسكرياً وفتح الخيارات لإعادة هندسة النظام الإقليمي. فنحن أمام انقلاب تام في المفاهيم والموازين والأساليب مما يستوجب منهجية جديدة لمعالجة مشاكلنا، تمهيداً لقراءة استشرافية نحدد من خلالها إطاراً جديداً لتنظيم العلاقة بين القوى الحية في لبنان. وهذه القراءة تنقلنا من الواقع إلى المرتجى.

ان الواقع اليوم، بحسب الصايغ، هو حالة هدنة أو وقف إطلاق نار على اساس القرار 1701 مع ترتيبات محدثة لتطبيقه تم إقرارها اثر مفاوضات مع الثنائي الممانع. أما المرتجى فهو تحويل حزب الله إلى حزب سياسي بالكامل مع تفكيك البنية التحتية العسكرية والأمنية بالكامل.

ويسأل الصايغ، كيف يجوز أن يتم هذا التحول الجذري من دون إشراك أصحاب المصلحة المباشرة في القرار السياسي في البلاد؟ كيف لحملة السلاح أن يتعاونوا من أجل تجريدهم من السلاح من دون اعتماد خطة إنقاذ وطنية ذات أبعاد متعددة اقتصادية واجتماعية وانسانية وتنموية وسكانية واسكانية؟ كيف للحكومة أن تكون فعالة إذا لم تسع إلى تشكيل أوسع فريق ممكن ولكن على أساس التزام الشرعية الدولية ووثيقة الطائف فيكون متجانساً ومتكاملاً وفعالاً؟

إن في الحكم تحكيما دائما بين الأولويات والضرورات والإمكانيات، كما أن في التحكيم عدلا وحكمة وحنكة ورحمة، يقول الصايغ، ونريد للحكومة أن تكون قادرة على إدارة الخروج من الأزمة والحرب والمأزق الكياني كما أن تؤسس لإطلاق الميثاق الاجتماعي الجديد.

ومما لا شك فيه أن حزب الكتائب هو الأكثر ارتياحا بين احزاب المعارضة بعد تكليف الرئيس سلام، على عكس قوى المعارضة الاخرى، وفي السياق يقول الصايغ:"لقد اتينا برئيس حكومة واضعين ثقتنا به فلسنا نحن من يترك حلفاءه عند أول مفترق. ولسنا بصدد الحكم على تصرف الآخرين مع الرئيس المكلف. نحن في حوار دائم معه. عبرنا عن رأينا بمسألة المعايير غير المنصفة إن بالنسبة لإسداء المالية إلى الثنائي أو بالنسبة لاستبعاد سياسيين أو حزبيين. ونعتقد كذلك أن هناك حظراً دولياً على مشاركة مباشرة لحزب الله في الحكومة مما أدى بالمحصلة إلى استبعاد كل الأحزاب. وعن وزارة المالية لقد قلنا ما يجب مع الرئيس المكلف بطريقة لائقة فنحن مع مبدأ المداورة وعدم تخصيص أعراف بالية. أما إذا تم الخروج من تطبيق المعايير فنكون عندها أمام أمرين: تغليب منطق ميزان القوى داخل الحكومة وتفضيل قوى على أخرى في محاولة لاستيعابها مما يولد الشعور أن من خرّب لبنان يعود لكي يستولي على مغانم جديدة من خلال السلطة. إنما إذا انطلقنا إلى اعتماد منطق جديد لإراحة الوضع فاننا لا نرفض إعطاء المالية لأحد المقربين من حركة أمل إذا كان مقبولا من الجميع ولا يثير حفيظة الدول المانحة، لذلك طالبنا بتصحيح التوازن في الحقائب السيادية ودعمنا إعطاء الخارجية لحزب "القوات اللبنانية".

أما عن اعتبارات بعضهم من الذين يريدون أن يضعوا القوى السياسية المنظمة والدائمة على هامش اللعبة الديمقراطية، فإن مثل هذه المقاربة، بحسب الصايغ، ركيكة ومسطحة لأن الأحزاب التي تسمي الوزراء التكنوقراط تصبح أكثر حضوراً ومتابعة لعملهم، وبالمحصلة إن أردنا التغيير علينا تغيير منطق المحاصصة والسمسرة والقوة، للانتقال إلى منطق التعاون الواضح مع الرئيس المكلف والاستثمار البناء في مبادىء العمل المشترك.

وماذا عن اهتمام الكتائب بوزارة العدل؟
إن العدل أساس الملك والقضايا العالقة في لبنان تمنع إحقاق الحق لصالح النفوذ الظالم، يقول الصايغ، ومن أهم ورش وزارة العمل هو قانون استقلالية القضاء كما أن أول بند في خطاب القسم اتى على ذكر القضاء واستقلاليته. كما أن لوزارة العدل دورا رائدا في عملية تنظيم مبادرة المصارحة والمصارحة التي اطلقها الشيخ سامي الجميّل.

وبانتظار تأليف الحكومة والانكباب على كتابة البيان الوزاري فإن الكتائب يفضل، بحسب الصايغ، أن يتم اعتماد خطاب القسم وبيان التكليف مع زيادة خطة وطنية للمصارحة والمصالحة في البيان، مع تشديده على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية في مواعدها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى النيابية، قائلاً: نريد وندعم إدخال تعديلات على قانون الإنتخابات النيابية لا سيما اعتماد الmegacenter.. المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • عيسى الوزان ينجو من الموت.. إطلاق البرومو التشويقي لـ"لعتاولة 2"
  • محمد عبده وجماع بين الدهشة والإبداع
  • سماع أصوات إطلاق نار في قرى لبنانية.. ماذا يجري داخل سوريا؟
  • النائب ياسين: كلي ثقة بخيارات الرئيس سلام وقدراته
  • الكتائب.. لحكومة تؤسس لإطلاق الميثاق الاجتماعي الجديد
  • صلاح الدين مصدق في القاهرة خلال ساعات للانضمام للزمالك
  • إدانة ياسين الراضي في قضية التزوير
  • الكتائب لن تسير مع القوات؟
  • أصالة تعلق على حفلي محمد عبده في الرياض: المطرب الأول والأهم
  • إكرام بدر الدين: مصر بذلت جهودًا مكثفة لإيصال 300 شاحنة إغاثية إلى غزة