محلل روسي: مطورو الذكاء الاصطناعي قد ينافسون الاستخبارات الرائدة في العالم
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
قال المحلل الروسي سيرغي دينيسينتسيف إن مطوري الذكاء الاصطناعي سيتنافسون مستقبلا مع أجهزة الاستخبارات الرائدة في العالم.
قد يضاف في المستقبل القريب عناصر جديدة إلى المواجهة بين أجهزة الاستخبارات التقليدية في العالم، وهي أجهزة الاستخبارات والشركات العسكرية الخاصة التابعة للمؤسسات غير الحكومية التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي.
جاء ذلك في مقال "آفاق استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الاستخباراتي" بقلم المحلل الروسي سيرغي دينيسنتسيف.
ونُشر المقال في العدد الأول من مجلة "البعد الخفي"، وهي مطبوعة تحليلية روسية متخصصة في دراسة أجهزة الاستخبارات في دول العالم، بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، و"مي 6" البريطانية، والموساد الإسرائيلية وغيرها.
وأشار سيرغي دينيسنتسيف في مقاله:" ربما سيصبح مفهوم استبدال الدول القومية بشركات كبرى تعمل خارج الحدود الوطنية، بصفتها جهات فاعلة رئيسية في السياسة العالمية، والذي يحظى بشعبية كبيرة في أوساط المستقبليين، سيصبح حقيقة واقعة بفضل التفوق التكنولوجي لتلك الشركات بالمجال المتمثل في الذكاء الاصطناعي، باعتباره مجالا رئيسيا للاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين. وبعد ذلك ستنضم جهات فاعلة جديدة إلى المواجهة بين استخبارات الدول على شكل أجهزة استخبارات والشركات العسكرية الخاصة التابعة للمؤسسات غير الوطنية المدعومة بقوة الذكاء الاصطناعي".
إقرأ المزيد علماء: روبوت الدردشة GPT هو الأقرب لتفكير البشرفي هذا السياق أعاد المحلل إلى الأذهان أن الإعلان عن نموذج Google Gemini AI الجديد للذكاء الاصطناعي، والذي قيل إنه يتفوق بخمس أضعاف على GPT-4 الشهير بقدراته الحاسوبية أصبح في مطلع سبتمبر عام 2023، موضوعا رئيسيا للنقاش بين المتخصصين والباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي.
وجاء في المقال: "إن الحقيقة التي تفيد بأن أنظمة هذا المستوى يتم إنشاؤها الآن حصريا من قبل الشركات الخاصة قد أدت مرة أخرى إلى تكثيف النقاش حول المؤسسات غير الحكومية التي ستحقق قريبا تفوقا تكنولوجيا مستداما على الأجهزة الوطنية (بما في ذلك أجهزة الاستخبارات)".
وأكد دينيسينتسيف أن الذكاء الاستراتيجي كان دائما إحدى قمم النشاط الفكري على مستوى العمل البحثي والمعرفة بالمعنى العلمي. وليس من قبيل الصدفة أن كلمة Intelligence في اللغة الإنجليزية تترجم إلى اللغة الروسية على أنها "عقل أو موهبة عقلية أو ذكاء". لكن الذكاء لا يمكن أن يكون طبيعيا وبشريا فحسب، بل واصطناعيا أيضا بمعنى ذكاء الآلات والبرمجيات.
وأضاف قائلا:" "ليس من قبيل الصدفة أن المحاولات الأولى لإنشاء ذكاء اصطناعي كانت تمليها في معظم الأحوال متطلبات أجهزة الاستخبارات في دول العالم الرائدة".
كما نقل المحلل عن الرئيس التنفيذي لشركة غوغل، ساندر بيتشاي قوله: "الذكاء الاصطناعي هو أحد أهم الأشياء التي تعمل البشرية على تطويره. وإنه أكثر أهمية، من تطوير الكهرباء أو النار".
المصدر: نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: استخبارات أجهزة الاستخبارات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية
منذ إطلاق الذكاء الاصطناعي أو ما يُعرف بـ«تشات جي بي تي» في ٣٠ نوفمبر من عام ٢٠٢٢م، بواسطة أوبن أيه آي ـ سان فرانسيسكو المُصَمَم على محاكاة القدرات الذهنية للبشر عبر استخدام تقنيات التعلم والاستنتاج ورد الفعل واتخاذ القرارات المستقلة... منذ ذلك الحين غصّْت الصحف التقليدية ومنصات الكتابة الإلكترونية بالمقالات والأعمدة والتحليلات التي لا تنتمي إلا شكليًا للشخص المُدونُ اسمه في نهايتها.
وبقدر ما يُسهم الذكاء الاصطناعي في حل كثير من الإشكالات في حياتنا بما يمتلكه من قدرات خارقة تساعد الإنسان والمؤسسات على تحسين الأداء وحل المعضلات والتنبؤ بالمستقبل عبر «أتمتة» المهام والعمليات، إلا أنه ساهم في تقويض مهارات الكتابة الصحفية كوسيلة أصيلة للتعبير عن الأفكار وطرح الرؤى الواقعية التي تساعد المجتمع على تخطي مشكلاته... يتبدى ذلك من خلال تقديم معلومات غير موثوقة كونها لا تمر بأيٍ من عمليات التحقق ولا تقع عليها عين المحرر.
يستسهل حديثو العهد بالعمل الصحفي وممن لا علاقة لهم بعالم الصحافة كتابة مقال أو تقرير أو تحقيق صحفي، فلم يعودوا بحاجة للبحث والتحضير وتعقب المعلومات وهو المنهج الذي ما زال يسير عليه كاتب ما قبل الذكاء الاصطناعي الحريص على تقديم مادة «حية» مُلامِسة للهمّ الإنساني، فبضغطة زر واحدة يمكن الآن لأي صحفي أو من وجد نفسه مصادفة يعمل في مجال الصحافة الحصول على المعلومات والبيانات التي سيتكفل الذكاء الاصطناعي بتوضيبها واختيار نوع هرم تحريرها وحتى طريقة إخراجها ليترك للشخص المحسوب على الصحفيين فقط وضع صورته على رأس المقالة أو التحليل أو العمود وتدوين اسمه أسفله.
إن من أهم أخطار الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي أن الشخص لن يكون مضطرًا للقراءة المعمّقة وتقصي المعلومات والبيانات ولهذا سيظهر عاجزًا عن طرح أفكار «أصلية» تخُصه، فغالبًا ما يقوم الذكاء الاصطناعي بتقديم أفكار «عامة» تعتمد على خوارزميات وبيانات مُخزّنة.. كما أنه لن ينجو من اقتراف جريمة «الانتحال» كون المعلومات التي يزوده بها الذكاء الاصطناعي «مُختلَقة» يصعب تحري صدقيتها وهي في الوقت ذاته «مُتحيزة» وغير موضوعية تأخذ طرفًا واحدًا من الحقيقة وهو بلا شك سبيل لإضعاف مصداقية أي صحفي.
وتقف على رأس قائمة أخطار الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في الكتابة الصحفية ما يقع على القارئ من ضرر، إذ لوحظ أنه يواجه دائمًا صعوبة في استيعاب «السياق» وهي سمة يُفترض أن تُميز بين كاتب صحفي وآخر... كما أنه يُضطر لبذل مجهود ذهني أكبر لاستيعاب عمل «جامد» يركز على كمية المعلومات وليس جودتها، فمن المتعارف عليه أن المادة وليدة العقل البشري تتصف بالمرونة والحيوية والعُمق والذكاء العاطفي ووضوح الهدف.
لقد بات ظهور أشخاص يمتهنون الصحافة كوظيفة وهم يفتقرون للموهبة والأدوات خطرًا يُحِدق بهذه المهنة في ظل ما يتيحه الذكاء الاصطناعي من قدرات فائقة على صناعة مواد عالية الجودة في زمن قياسي رغم أن القارئ لا يحتاج إلى كثير من الجهد لاكتشاف أن هامش التدخل البشري في المادة المُقدمة له ضئيل للغاية.
بقليل تمحيص يمكن للقارئ استيضاح أن لون المادة التي بين يديه سواء أكانت مقالة أو عمودا أو تقريرا يفتقر إلى «الإبداع والأصالة» وهو ما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي لن يحل في يوم من الأيام محل العقل البشري الذي من بين أهم مميزاته قدرته الفائقة على الابتكار والتخيل والإبداع والاستنتاج عالي الدِقة.
النقطة الأخيرة..
رغم التنبؤات التي تُشير إلى ما سيُحدثه الذكاء الاصطناعي من نقلة هائلة على مستوى زيادة الكفاءة والإنتاجية وتوفير الوقت والتكاليف، إلا أنه سيظل عاجزًا عن تقديم أفكار خلّاقة وأصلية علاوة على المردود السلبي المتمثل في تدمير ملَكات الإنسان وإضعاف قدراته الذهنية.
عُمر العبري كاتب عُماني