ماذا يقول #الزعماء في #القمم ؟
د. #خالد_أحمد_حسنين
يدفعني الفضول لمعرفة الإجابة عن سؤال: ماذا يدور في الغرف المغلقة عندما يلتقي الزعماء العرب معا؟ ففي الأيام الماضية تواصل أصحاب الجلالة والسيادة والسمو معا كثيرا بعد معركة طوفان الأقصى، وعقدوا عشرات الاجتماعات عبر وسائل الاتصال الحديثة، وقاموا بزيارات، واستقبلوا موفدين من كل دول العالم، كان أهمهم ربما بلينكن، وزير خارجية أميركا، فماذا قالوا له؟ وماذا فال لهم؟
استطيع أن أخمن بأن غالبية الزعماء يدينون من أقدمت عليه حماس، لأنها فتحت جبهة مع (اسرائيل) ستجرّ الويلات على غزة، بل يمكن أن تتمدد إلى دول مجاورة، وذلك استنادا لمواقفهم السابقة التي ترى أن حماس حركة متمردة على السياق العام الذي تتبناه القيادة الفلسطينية (الشرعية) والدول الداعمة لها، كما أنهم في الغالب يدينون قتل (المدنيين الإسرائيليين) واحتجاز (الرهائن)، وهذه مواقف متوقعة في ظل الواقع العربي المتردي الذي وصلنا إليه.
على الجانب الآخر وللانصاف فإن الزعماء يدينون (بصدق) قتل المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، ويطالبون بإدخال المساعدات، وفتح المعبر لخروج الأجانب من القطاع، كما أنهم يتيحون المجال (إلى حد معين) للمواطنين الغاضبين للتعبير عن آرائهم، عبر مسيرات ومظاهرات في بعض الدول، وعبر الدعاء بصمت (لا أكثر) في دول آخرى.
كشف حديث السيسي يوم أمس في المؤتمر الصحفي مع المستشار الألماني كيف يفكر النظام المصري على الأقل، فهو لا يمانع من تهجير أهل القطاع إلى صحراء النقب، حتى تنتهي دولة الكيان من القضاء على المقاومة (وكأنها مسألة داخلية تتعلق بالكيان الصهيوني) ثم تعيد السكان إلى غزة بعد إكمال مهمتها، وعبّر عن خشيته من أن تهجير الفلسطينين إلى سيناء لن يوقف العمليات (الإرهابية) ضد (اسرائيل) وسيؤدي في النهاية إلى تخريب عملية السلام بين البلدين.
بعد تصريحات السيسي (الصريحة!!) يلتقي الملك عبدالله الثاني معه اليوم لبحث ملف غزة، وبالرغم من مرارة ما قاله السيسي فإنني أرجو أن يتوقف الزعيمان عند جملة من الحقائق التي لا يجوز تجاوزها بعد مرور تسعة عشر يوما من الحرب. أول تلك الحقائق أن (اسرائيل) تلك الدولة التي يتحالف معها عدد من حكام العرب (ربما في مواجهة ايران ومشروعها) لم تعد (اسرائيل) التي كانت يوم الجمعة السادس من تشرين الأول/اكتوبر، فقد تم تبديد ذلك الوهم العالق في الرؤوس منذ سبعين عاما، حيث ثبت للجميع أنها نمر من ورق، وأنها محض خيال نشأ عن سردية متوارثة وغير حقيقية مفادها أنها (دولة لا تقهر)، والمضحك المبكي أن تبديد هذا الوهم كان على يد حركة محاصرة، بدأت مشروعها المقاوم بمجموعة من الهواة، وطوّرت نفسها حتى صارت قوة قادرة على سحل جنود الاحتلال وجنرالاتهم في الشوارع، وأمام الكاميرات. وهذا الدرس مهمّ للمقارنة، فالجيوش التي تتبع للزعيمين في مصر والاردن قادرة بالتأكيد على أكثر مما فعلته حماس بكثير، وأنا هنا لا اتوقع منهما دخول الحرب لنصرة غزة وأهلها، لأن حسابات الحرب مختلفة، بل أدعوهما إلى تغيير زاوية النظر، وامتلاك الشجاعة الأدبية لفرض أكثر مما يتطلبه القانون الإنساني الدولي بوقف الحرب واستهداف المدنيين، وإدخال المساعدات إلى المنكوبين في القطاع.
الحقيقة الثانية تتمثل في الحشود التي تخرج للشوارع، والتي تمثل ضمير الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، فهي تدعم حماس وأخواتها بشكل صريح، وتهتف لمحمد ضيف (زعيم الارهابيين عند بعض العرب)، وتفرح لإهانة جنود الاحتلال، كل ذلك يدعو الزعماء إلى مراجعة مواقفهم، والانسجام مع شعوبهم، ربما نحتاج إلى الدبلوماسية نعم، ولكن إلى متى سننظر إلى شعوبنا وكأنهم مجموعات من الجهلة الذين لا يقدرون (دقة المرحلة وحساسيتها) مع أنهم في الأصل مصدر السلطة والشرعية لأي نظام سياسي.
الحقيقية الثالثة: أن دولة الكيان العنصرية هي دولة احتلال، وربما أطول احتلال في التاريخ الحديث (بحسب خطاب الملك الأخير)، وأن قيادتها السياسية قيادة يمينية متطرفة، لا تحفل بأي زعيم عربي، وتنظر لكافة القيادات العربية كحثالة وعبيد عليهم أن يركعوا لها كي ترضى عنهم، ولا تقبل ولن تقبل بأي تسوية سياسية على المدى المنظور… ومن جانب آخر تعتبر المقاومة حق مشروع للشعوب التي تقع تحت الاحتلال، أليس هذا هو القانون الدولي أيها الزعماء، فلماذا التردد وانتقاء الكلمات، والاستمرار في النهج السابق دون تغيير.
الحقيقة الرابعة تتمثل في أن نتنياهو وحكومته عجزت عن حماية فرقة غزة أمام هجوم حماس، مع أن جيش الاحتلال يزعم بقدرته على التعبئة للرد على أي هجوم خلال 13 دقيقية، فلماذا عجزت دولتهم المتخمة بالطائرات والدبابات عن الرد على الهجوم بعد مضي 40 دقيقة على بدايته، وبقي رجال المقاومة يجوسون الأرض شمالا وشرقا وغربا لساعات، بل إن أخبار الأمس تؤكد وجود مقاومين حتى اليوم داخل مستعمرات غلاف غزة. ورسالتي أيضا لدول الخليج التي تعجلت بالتطبيع مع العدو، هل هذا هو الجدار المناسب الذي سيحمي دولكم من البعبع الإيراني؟
دروس المعركة كبيرة وكثيرة، ولكن في الختام أذكّر الزعماء بمثل عربي قديم يقول: نفس الرجال بيحيي الرجال، فاستعيروا نفس شعوبكم الذين خرجوا إلى الشوارع، فهم رصيدكم الحقيقي إذا ضاقت الأرض عليكم، واستعيروا أصوات الأبطال الذين يدفنون شهداءهم ويهتفون لن نرحل ولن نركع، فآباء الشهداء لا يكذبون ولا يجاملون أحدا.
19/10/2023م
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الزعماء القمم خالد أحمد حسنين
إقرأ أيضاً:
حماس تعلّق على فوز ترامب: هذا اختبار لقدرته على وقف الحرب في غزة
سرايا - قال القيادي الكبير في حركة حماس سامي أبو زهري، الأربعاء، إن فوز المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب بالمنصب "يجعله أمام اختبار لترجمة تصريحاته بأنه يستطيع وقف الحرب خلال ساعات".
وأضاف أبو زهري لرويترز أن "خسارة الحزب الديمقراطي هو الثمن الطبيعي لمواقف قيادتهم الإجرامية تجاه غزة"، ودعا ترامب إلى "الاستفادة من أخطاء" الرئيس جو بايدن.
كما أكد عضو المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة باسم نعيم أن على واشنطن "وقف الدعم الأعمى" لإسرائيل ووضع حد للحرب في قطاع غزة، بعدما أعلن الجمهوري دونالد ترامب فوزه بالبيت الأبيض.
وقال نعيم إن "انتخاب ترامب شأن خاص بالأميركيين، لكن يجب وقف هذا الدعم الأعمى لإسرائيل على حساب مستقبل شعبنا وأمن واستقرار المنطقة".
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع صفحتنا على تيك توك
طباعة المشاهدات: 2288
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 06-11-2024 02:09 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...