واشنطن تطالب «الدعم السريع» بوقف قصف المدنيين وتدعو لعودة المفاوضات
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
واشنطن شددت على أنه لا حل عسكري مقبول للأزمة في السودان، وجددت دعوتها للدعم السريع والجيش للعودة إلى المحادثات.
الخرطوم: التغيير
دعت الولايات المتحدة الأمريكية، قوات الدعم السريع إلى الكف فوراً عن قصف الأحياء المدنية وحماية المدنيين في نيالا وأم درمان ومختلف أنحاء السودان.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في بيان صحفي، إن واشنطن تشعر بقلق بالغ إزاء تقارير موثوقة بأن الدعم السريع كثفت من وتيرة القصف في نيالا بجنوب دارفور وكرري وأم درمان والمناطق المحيطة، مما يفاقم معاناة الشعب السوداني.
وتدور معارك ضارية بين الجيش والدعم السريع بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى منذ 15 ابريل الماضي، أدت إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى، وملايين النازحين واللاجئين، وتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية والاقتصادية.
حصار نيالاوأضاف البيان أن الولايات المتحدة على علم بالتقارير التي تتحدث عن معارك بين الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في نيالا وعن احتمال أن تكون الدعم السريع حاصرت المدينة تمهيداً لشن هجوم، مما يهدِّد بحرمان السكان من إمكانية الفرار إلى بر الأمان.
وتابع: “ونشعر بالقلق أيضاً إزاء التقارير التي تتحدث عن قصف قوات الدعم السريع لمعسكر الحصاحيصا للنازحين في وسط دارفور وقطعت كافة سبل الوصول إليه”.
وأكد أن الحرب الرعناء التي بدأت منذ أكثر من ستة أشهر وتسببت بسقوط ضحايا في صفوف المدنيين ونزوح الملايين ومعاناة هائلة، ستؤثر على أجيال من السودانيين. ويتحمل الأطفال والنساء وطأة هذا الصراع التي لا يمكن تصورها.
وشدد البيان على أنه ما من حل عسكري مقبول لهذا الصراع، وقال إن من شأن انتصار أي من الجانبين أن يفرض خسائر لا تحتمل على الشعب السوداني وبلاده.
إعلان جدةوكررت الولايات المتحدة دعوتها للدعم السريع والقوات المسلحة إلى وقف القتال على الفور والعودة إلى المحادثات للخروج من هذا الصراع عن طريق التفاوض.
وذكرت الجانبين بالتزاماتهما بموجب إعلان جدة بشأن مبادئ حماية المدنيين في السودان الذي أبرمته بتاريخ 11 مايو.
ونوهت إلى أن هذه الالتزامات تشتمل على السماح بوصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق، وحماية المدنيين وحقوق الإنسان الخاصة بهم، واحترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
واختتم البيان: “لقد حان الوقت لوضع حد لهذا الصراع وإنهاء معاناة الشعب السوداني”.
الوسومأم درمان الجيش الدعم السريع السودان القوات المسلحة السودانية جنوب دارفور كرري ماثيو ميلر نيالا وزارة الخارجية الأمريكيةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أم درمان الجيش الدعم السريع السودان القوات المسلحة السودانية جنوب دارفور كرري ماثيو ميلر نيالا وزارة الخارجية الأمريكية الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
اتهم السودان الإمارات بـ"التواطؤ في الإبادة الجماعية" في شكوى تقدّم بها الخميس أمام محكمة العدل الدولية، في خطوة تسلّط الضوء على دور مفترض للدولة الخليجية في الحرب المدمّرة التي يشهدها منذ نحو عامين. ولطالما اتهمت الخرطوم وأطراف أخرى أبوظبي بدعم قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش منذ العام 2023، وهو ادعاء لطالما نفته الإمارات. فأي دور للإمارات في السودان، وما هي علاقتها بقوات الدعم السريع؟
ما أهمية السودان للإمارات؟
يُعد السودان، إحدى أكبر دول أفريقيا، غنياً بالموارد الطبيعية بما في ذلك الأراضي الزراعية الشاسعة والغاز. كما أنه ثالث أكبر منتج للذهب في القارة. ويتشارك السودان حدوداً غربية طويلة مع ليبيا حيث تدعم الإمارات موالين لها في بنغازي، ويطل شرقاً على البحر الأحمر، الممر المائي الحيوي للنفط.
وفي العام 2021، استولى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على السلطة في السودان، بعد تنفيذ انقلاب مع نائبه حينها محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، قائد قوات الدعم السريع. وبعد عامين، اندلعت الحرب بين البرهان وحميدتي، وسط اتهامات لقوى عدة، بما في ذلك الإمارات ومصر وتركيا وإيران وروسيا، بدعم أحدهما أو الآخر.
ويقول الباحث المتخصص في القضايا الأمنية في الشرق الأوسط أندرياس كريغ إنّ الهدف الأساسي للإمارات في السودان "يتعلق بالتأثير السياسي في بلد استراتيجي يكتسي أهمية كبيرة للغاية". وتنظر شركات مرتبطة بالإمارات إلى السودان باعتباره مركزاً للاستثمار في الموارد والمعادن والتجارة، بحسب كريغ.
من جهته، يقول الباحث السوداني حميد خلف الله إنّ "دولة الإمارات الصحراوية مهتمة بالموارد الطبيعية التي تفتقر إليها بما فيها المعادن والأراضي الصالحة للزراعة". ويضيف أنه من ليبيا إلى الصومال، "تتّبع الإمارات نمطاً للعمل مع القوات شبه العسكرية" لاستغلال موارد القارة.
وقدّرت منظمة "سويس إيد" في تقرير العام الماضي أنّ 66,5% من صادرات الذهب الأفريقية إلى الإمارات في العام 2022 تمّت عن طريق التهريب. وتُعد الإمارات، وهي مركز رئيسي لتجارة الذهب، المشتري الأكبر عالمياً لهذا المعدن الثمين من السودان، وهو قطاع يسيطر عليه دقلو إلى حد كبير.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ترييستي الإيطالية فيديريكو دونيلي أنّ حصر اهتمامات الدولة الخليجية بالذهب هو أمر "تبسيطي للغاية". وأضاف أنّ الإمارات تسعى أيضاً إلى "مواجهة النفوذ السعودي" في السودان و"منع انتشار الإسلام السياسي" الذي ترى فيه تهديداً لأمنها.
ما علاقة الإمارات بـ"الدعم السريع"؟
ترتبط دول خليجية بعلاقات مع الجيش السوداني منذ انضمام الخرطوم إلى التحالف الذي تقوده السعودية منذ العام 2015 لدعم الحكومة اليمنية في مواجهة جماعة الحوثيين. وقاد البرهان السودانيين الذين قاتلوا تحت مظلة السعودية، بينما قاتلت قوات الدعم السريع إلى جانب جنود من الإمارات، بحسب دونيلي.
منذ ذلك الحين، نشبت خلافات بين الحليفين الخليجيين التقليديين. ويشرح دونيلي أن دعم الإمارات دقلو، رغم نفيها ذلك، يهدف إلى "تحدي أهداف السعودية". من جهته، يرى كريغ بعداً أيديولوجياً للعلاقة، موضحاً أن الإمارات "اعتمدت على قوات الدعم السريع لاحتواء الشبكات المرتبطة بالإخوان المسلمين"، في حين يُربط بين الجيش وقيادات إسلامية من عهد النظام المخلوع للرئيس عمر البشير.
وواجه الجانبان مزاعم بارتكاب جرائم حرب خلال الحرب التي أسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليوناً. وفي يناير/ كانون الثاني 2025، اتهمت واشنطن قوات الدعم السريع بـ"الإبادة الجماعية" لارتكابها القتل والاغتصاب الجماعيين بحق جماعات عرقية.
وخلال الشهر نفسه، قال المشرعون الأميركيون إنّ الإمارات "خرقت" وعودها بوقف الدعم العسكري لقوات الدعم السريع. وتُدار الشؤون المالية الخاصة بدقلو من الإمارات، وفق كريغ، مضيفاً أنه بات رهن علاقة "اعتماد متبادل" مع أبوظبي. كما حصلت قوات الدعم السريع على دعم حيوي من الإمارات، بما في ذلك شحنات أسلحة عبر تشاد المجاورة، بحسب دبلوماسيين ومحللين ومنظمات حقوقية. وتنفي الإمارات تلك الاتهامات.
أي تأثير لشكوى السودان على الإمارات؟
رفع السودان، أول من أمس الخميس، شكوى ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، على خلفية "التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض للدعم السريع. وندّدت الإمارات بالشكوى التي وصفتها "حيلة دعائية خبيثة" مؤكدة أنها ستعمل على ردّها.
وتُعد قرارات محكمة العدل، التي تتخذ من لاهاي الهولندية مقراً، ملزمة قانوناً، لكنها لا تملك وسائل لفرض تنفيذها. لكن من شأن الخطوة أن تضرّ بسمعة الإمارات بحسب دونيلي الذي قال لوكالة فرانس برس إنه بات يُنظر لأبوظبي بشكل متزايد على الصعيد الدولي، وفي أفريقيا، على أنها "جهة مزعزعة للاستقرار". لكنه يضيف أن "الأهمية المالية والسياسية" التي اكتسبتها الدولة الخليجية خلال العقد الماضي "ستحميها على الأرجح من أي عواقب خطرة".
(فرانس برس)