موسى الفرعي يكتب: أمريكا تدافع عن مشروعها الدموي
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
أثير – موسى الفرعي
الموقف الدولي تجاه الاعتداء الصهيوني على غزة خارج نطاق الوصف وأكبر من مفردات الخزي والعار وازدواجية المعايير والمفاهيم، إنه انحطاط كامل للإنسانية وسقوط كامل للأعراف الدولية، حيث أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في مؤتمر صحفي”أن إسرائيل ستبقى دولة يهودية ديمقراطية، ولو لم تكن هناك إسرائيل لصنعنا إسرائيل في المنطقة”، ذلك بعد أن أعلن موافقة الحكومة الصهيونية على دخول المساعدات للمدنيين في غزة إضافة إلى تخصیص ۱۰۰ مليون دولار مساعدات للضفة الغربية وغزة ومساعدة مليون نازح.
أي استخفاف هذا وأي سبات عربي يواجهه، أمريكا تضخ الأسلحة تلو الأسلحة والجنود تلو الجنود للمشاركة في أبشع الجرائم، ثم يأتي الرئيس الأمريكي ليتشدق بملايينه الفارغه ومساعداته، لمن؟؟ لمن تبقى من أهالي غزة؟ أم ليواري ما يمكن من سوءة الكيان الغاصب والطاعون الأمريكي الذي حمله عبر بارجاته الحربية ورؤوس صواريخه؟ استهانة واستخفاف غير مسبوق بالكرامة العربية وبمعنى وجود رجال يمكن أن يقوموا لثاراتهم، واعتراف علني صارخ وفاضح بأن عدم استقرار المنطقة العربية واستنزافها مرکز اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية، وماذا يقابل ذلك، دعوة لاجتماعات عربية طارئة، قرارات وشجب وتنديد ورفض، وحصيلة الشهداء في غزة ترتفع أسرع من أصابعهم وهم يضعون إمضاءاتهم على الورق المقوى وأقلامهم ذات الماركات العالمية.
لطالما تساءلت كيف يمكن لهذا البطل الورقي الذي يدعى إسرائيل أن يكون مرعبا قادرا على تحريك خيوط اللعبة السياسية الدولية إلى هذا الحد، وكيف تنصاع الأمم والقوانين الدولية لها، لأن لها حلفاء من الدول العظمى؟ أم لأنها ذاتية القوة؟ فلو كانت الأولى لما توددت لها أمريكا والدول العظمى وهي من هي، ولو كانت الثانية لما استطاعت حماس ببضعة أبطال بحجم أمة كاملة أن يثخنوا في عدو الله ورسوله، ويكسروا كبرياء الوهم الصهيوني، إذن هم أقوياء ليس لهذا أو ذاك بل لأنهم لم يُختبروا أمام عزة الرجال ونخوتهم وثورتهم العامة التي تمثلها الأوطان العربية والإسلامية المشتركة، هم أقوياء لأن المقابل استمراء الصمت والوقوف على حياد، وهذا ما يفسر تجرؤ بايدن على الإدلاء بتصريح موغل في العبثية والاستخفاف الذي يمكن أن نفسره عدم وعي بالتاريخ السياسي أو استخفاف كلي بالعقول، فلو لم تكن إسرائيل لصنع إسرائيل في المنطقة، وكأن إسرائيل متجذرة في المنطقة وذات أصل ثابت هنا، وكأنها ليست صناعة أمريكية وبريطانية تهدف إلى زعزعة وتفكيك الوحدة العربية وضمان عدم استقرارها، كأن إسرائيل ليست الهراوة الأمريكية المعدة دائما لصناعة الموت، وهذا ما يعطي تبريرا منطقيا لانتفاخ الأوداج الأمريكية بإرسال أكبر قوة فتاكة في العالم لمساعدة إسرائيل تحمل آلاف من القوات البحرية وغواصات ومدمرات وطائرات حماية وتعمل بمفاعلات نووية، هذا كله لإنقاذ إسرائيل من حركة مقاومة فلسطينية، يالله ما أكبر هذه المهزلة، إن أمريكا تدافع عن كبريائها الزائف في المنطقة والدفاع عن مشروعها الدموي هنا بكل هذا القتل والتدمير ليجيء الرئيس الأمريكي بعدها حاملا حقائب أمواله الملطخة بدم الأطفال والأبرياء، ليس لإسرائيل هنا سوى قبر يضيق عليهم يوما بعد يوم وليس لأمريكا سوى الخيبة والذل، والمجد والبقاء لفلسطين وأبطالها الشرفاء، أما السؤال الذي يبقى مفتوحا على احتمالات إجابات كثيرة هو أننا نعرف الأطماع والمصالح الصهيونية والأمريكية وغيرها في المنطقة، ولكن ما هي مصلحة العرب في أكل لحم إخوانهم أحياء وأمواتا، وحتى متى..؟!
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير 2025، استشهاد قائدها العام محمد الضيف، بعد مسيرة طويلة، توجها بعمليتي "سيف القدس" (2021) و"طوفان الأقصى" (2023).
ولم توضح القسام، في كلمة مصورة لمتحدثها أبو عبيدة، ظروف استشهاد الضيف الملقب بـ"أبو خالد"، واكتفت بالإشارة إلى أنه ارتقى في ساحات القتال بقطاع غزة ضد إسرائيل "مقبلا غير مدبر".
ونعاه أبو عبيدة قائلا إنه "استشهد هو وثلة من الرجال العظماء أعضاء المجلس العسكري العام للكتائب في خضم معركة طوفان الأقصى حيث مواطن الشرف والبطولة والعطاء".
وأضاف أن هؤلاء القادة "حققوا مرادهم بالشهادة في سبيل الله التي هي غاية أمنياتهم كختام مبارك لحياتهم الحافلة بالعمل في سبيل الله، ثم في سبيل حريتهم ومقدساتهم وأرضهم".
وشدد على أن "هذا ما يليق بقائدنا محمد الضيف الذي أرهق العدو منذ أكثر من 30 سنة، فكيف بربكم لمحمد الضيف أن يُذكر في التاريخ دون لقب الشهيد ووسام الشهادة في سبيل الله؟".
وعلى مدى سنوات، نفذت إسرائيل محاولات عديدة لاغتيال الضيف، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، رغم إصابته في إحدى تلك المحاولات.
آخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة آمنة"، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.
لكن "القسام" نفت آنذاك صحة اغتياله، قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة".
** فمن محمد الضيف؟
ولد محمد دياب إبراهيم الضيف عام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة عايشت كما آلاف العائلات الفلسطينية آلام اللجوء عام 1948؛ لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وفي سن مبكرة، عمل الضيف في أكثر من مهنة ليساعد أسرته الفقيرة، فكان يعمل مع والده في محل "للتنجيد".
درس الضيف في كلية العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وخلال هذه الفترة برز طالبا نشيطا في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح، وتشبع خلال دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي.
وبدأ نشاطه العسكري أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انضم إلى حماس في 1989، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل في ذلك العام ليقضي في سجونها سنة ونصفا دون محاكمة بتهمة "العمل في الجهاز العسكري لحماس".
وأوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة "القسام" في قطاع غزة، ومكث فيها مدة من الزمن، وأشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك.
في عام 2002، تولى قيادة كتائب القسام بعد اغتيال قائدها صلاح شحادة.
** مدافع عن القدس والأقصى
وعلى مدار حياته وقيادته في القسام، انشغل الضيف بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في مواجهة اعتداءات إسرائيل.
هذا الأمر جعل اسمه يترد في الهتاف الشهير "إحنا رجال محمد ضيف" الذي بات يردده الفلسطينيون بالمسجد الأقصى في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية له، رغم أنهم لا يهتفون عادة لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية.
وبدأ الشبان الفلسطينيون في ترديد هذا الهتاف بمنطقة باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان عام 2021 الذي وافق آنذاك 13 أبريل/ نيسان، حينما كانوا يحتجون على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.
وبعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخا من غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل وأزالت حواجزها من باب العامود.
وآنذاك، حذر الضيف إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها في القدس.
ولاحقًا، تكرر اسم الضيف في مظاهرات تم تنظيمها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، احتجاجا على قرارات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في الحي لصالح مستوطنين.
وعلى إثر ذلك، خصّ الضيف، في بيان صدر في 4 مايو/ أيار 2021، سكان الشيخ جراح بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.
إذ قال إنه يحيي "أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة"، مؤكدا أن "قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب”.
ووجه "تحذيرا واضحا وأخيرا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليا”.
وبعد أكثر من عامين من ذلك التاريخ، عاد الضيف للدفاع عن المسجد الأقصى، عبر عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي يُعتبر من مهندسيها.
إذ كان من أبرز مبررات إقدام "القسام"، على تلك العملية، تمادي إسرائيل في العدوان على القدس والمسجد الأقصى.
وعلى مدى نحو عقدين من الزمن، جاء الضيف على رأس قائمة الأشخاص الذين تريد إسرائيل تصفيتهم، حيث تتهمه بالوقوف وراء عشرات العمليات العسكرية في بداية العمل المسلّح لكتائب القسام.
ويفتخر جل الفلسطينيين بالضيف وبما حققه من أسطورة في التخفي عن أعين إسرائيل عقودا من الزمن، ودوره الكبير في تطوير الأداء العسكري اللافت لكتائب القسام، وخاصة على صعيد الأنفاق والقوة الصاروخية.
ويعزو جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" فشله لسنوات طويلة في تصفية الضيف إلى شخصيته، وما يتمتع به من حذر، ودهاء، وحسن تفكير، وقدرة على التخفي عن الأنظار، لدرجة أنه سماه "ابن الموت".
** "كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا"
وسابقا، نجا الضيف من عدة محاولات اغتيال منها في أغسطس/ آب 2014، حيث قصفت إسرائيل منزلا شمالي مدينة غزة بخمسة صواريخ، ما أدى إلى مقتل 5 فلسطينيين بينهم زوجة القيادي الضيف (وداد) وابنه علي.
كذلك، حاولت إسرائيل اغتيال الضيف عام 2006، وهو ما تسبب، وفق مصادر إسرائيلية، في خسارته لإحدى عينيه، وإصابته في الأطراف.
وحاولت إسرائيل اغتياله للمرة الأولى عام 2001، لكنه نجا، وبعدها بسنة تمت المحاولة الثانية والأشهر، والتي اعترفت إسرائيل فيها بأنه نجا بأعجوبة وذلك عندما أطلقت مروحية صاروخين نحو سيارته في حي الشيخ رضوان بغزة.
وكان آخر المشاهد المسجلة للضيف ظهوره ضمن وثائقي "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة، وهو يضع اللمسات الأخيرة لعملية "طوفان الأقصى".
وحينها ردد كلمات لخصت مسيرته وهو يشير إلى خريطة فلسطين، جاء فيها:
كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا
ولِي في هذه الأرض آلافُ البُذُور
ومهما حاوَل الطُّغاةُ قلعَنَا ستُنبِتُ البُذُور
أنا هنا في أرضِي الحبيبة الكثيرة العطاء
ومثلُها عطاؤُنا نواصِلُ الطَّريق لا نوقفُ المَسير