لجنة حقوق الانسان دانت الاعتداء على الصحافيين والمواطنين العزل في لبنان والمجازر في فلسطين
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
عقدت لجنة حقوق الانسان جلسة قبل ظهر اليوم في المجلس النيابي برئاسة النائب ميشال موسى وحضور النواب الأعضاء وممثلين عن الادارات المعنية.
اثر الجلسة، قال النائب موسى: "يشكل العدوان الاسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني في غزة ومناطق اخرى خرقا صريحا وفاضحا للقانون الدولي الانساني، وخصوصا المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر استهداف المدنيين وممتلكاتهم، فضلا عن البروتوكول الاول الملحق والذي ينص على ضرورة حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة".
أضاف :"علاوة على ذلك، فان الهجمات على المنشآت الطبية تتعارض مع أحكام المادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية الوحدات الطبية وتحظر استهدافها، كما والمادتين 12 و13 من البروتوكول الاول الملحق بالاتفاقية الذي يرعى حق الجرحى والمرضى في الحصول على العناية الطبية وتحظر على نحو صريح استهداف المستشفيات والوحدات الصحية، لذلك، فان تدمير المستشفى المعمداني واستهداف المئات من المرضى والنازحين المعزولين يشكل انتهاكا صارخا لابسط قواعد النزاعات المسلحة ويصنف بجريمة ضد الانسانية".
وأشار الى أن "هذه الفاجعة تأتي بعد حملة إعلامية اسرائيلية لاخلاء المستشفيات، مما يثبت التهمة على الكيان الاسرائيلي ويدينه كمرتكب لانتهاكات خطيرة ازاء اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الاضافية". وعلق موسى على استهداف الصحافيين على الحدود، وقال ان ذلك يودي بحياتهم كما حصل مع الشهيد عصام العبدالله، ويشكل انتهاكا صارخا لسلامتهم وللحرية الصحافية وحقوق الانسان، الامر الذي يضرب عرض الحائط المادة 79 من البروتوكول الاول الملحق باتفاقيات جنيف، والتي تلزم الاطراف المتحاربة بتحييد لا بل حماية الصحافيين أثناء النزاعات المسلحة وقرار مجلس الامن الدولي رقم 1738، والقاعدة 34 من الدراسة الدولية للجنة الدولية للصليب الاحمر. مضيفاً: "ان الاستمرار في هذه الاعمال الوحشية يمثل اهانة لقيم الانسانية كما ينذر بانزلاق المنطقة الى مزيد من الفوضى والدمار وبشكل جرائم حرب كما وصفتها المادتان 32 و33 من اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الثاني الملحق بها".
وتابع: "لذلك ينبغي على المجتمع الدولي التحرك بشكل فاعل وفوري لضمان حماية الحقوق والحياة الانسانية في غزة المنكوبة ووضع حد لهذه الاعتداءات ومنه توسع رقعة النزاع. كما وتتطلب هذه الانتهاكات الخطيرة التحقيق الفوري والمساءلة القانونية وفقا للقانون الدولي الانساني والمواثيق العالمية ذات الصلة، وتاليا ملاحقة المسؤولين الاسرائيليين كمجرمي حرب وانزال العدالة الجنائية بهم. فضلا عن ذلك، يجب تسهيل انعقاد مجلس الامن الدولي فورا وانجاح عمله باتخاذ القرارات والاجراءات اللازمة للتصدي لهذه الانتهاكات وفق مندرجات الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، كما وعلى مجلس حقوق الانسان في جنيف التحرك فورا وضمان القضية والعمل على حماية حقوق الانسان وتحقيق العدالة بعيدا عن السياسة ومصالح الدول الكبرى على حساب حقوق الانسان".
وأصدرت اللجنة توصيات، دانت فيها بكل "مكوناتها الاعتداء على الصحافيين والمواطنين العزل في لبنان وما يجري من اعتداءات ومجازر في فلسطين. وبخاصة المجزرة التي حصلت نتيجة قصف وتدمير المستشفى المعمداني في غزة".
وطلبت من الحكومة "تحضير الارضية المناسبة للخدمات الاساسية من صحة ونقل وأمور معيشية استباقيا على امل ألا تتطور الامور وتتسع".
وأكدت اللجنة ان "حرية التعبير عن الغضب والموقف مقدسة، لكن يجب الا تذهب الى الاعتداء على الاملاك الخاصة والعامة لتبقى تعبيرا صافيا عن قضية وموقف محقين".
كما طلبت الى الحكومة "تشكيل لجنة من وزارات الخارجية والعدل والدفاع والاعلام من أجل تكوين ملف قانوني حقوقي لكل الخروق والاعتداءات الاسرائيلية ومواكبة الاحداث، إضافة الى درس سبل وآليات المراجعات والشكاوى للاعتداءات الاسرائيلية".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
فلسطين تعرّي المفاهيم الأخلاقية للمجتمع الدولي
إذا أرادت واشنطن تطبيق القواعد التي تتحدّث عنها في إصرارها على بقاء النظام الدولي كما هو، فعليها أولا أن تفعل ذلك مع حلفائها الذين يتمتّعون بحصانة غير عادية تحُول دون مساءلتهم أو محاسبتهم على ما يأتون من فظائع. وأبرزهم إسرائيل التي ترتكب المجازر وحروب الإبادة والتهجير دون رادع قانوني.
إسرائيل تدرك جيدا حجم الخسائر البشرية في جنودها وتأثيرها المعنوي والميداني، المقاومة في لبنان وفي غزة تكبّد الاحتلال خسائر يومية في عتاده وجنوده. ولا يجد نتنياهو وحكومته المتطرّفة من حل لحفظ ماء الوجه أمام الجبهة الداخلية سوى قصف المدنيين كالعادة، وإيقاع القتلى والجرحى في صفوف الأبرياء في جباليا ومناطق أخرى من غزة وفي بيروت والضاحية الجنوبية.
وكما اعتقدوا أنّهم أنجزوه في غزة، فإنّ غاية إسرائيل الاستراتيجية من مواجهة المقاومة اللبنانية هي «تقليص الخطر الذي يشكله حزب الله على أمن إسرائيل وعلى استقرار المنطقة»، من خلال إضعاف قوّته وتحويله إلى لاعب هامشي غير ذي صلة تجاه المعادلات الإقليمية.
وبناء على هذه الرؤية الإسرائيلية المبتورة، يجب أن تتركز المعركة الفعالة لإضعاف حزب الله، في فصله عن مصادر قوته، وهنا تأتي عمليات القصف والترهيب وتهجير السكان في محاولة لتأليب العمق الشعبي ضد المقاومة، ناهيك من محاولات أمريكية إسرائيلية مشتركة لخلق جبهة سياسية داخلية قادرة على تهميش حزب الله وعزله سياسيا.
إسرائيل لا تتردّد في استغلال أي فرصة لتوسيع حدودها حتى تحول دون إمكانية قيام دولة فلسطينية، وهو ما تقوم به عمليا في سياق حرب الإبادة والإجرام والمجازر اليومية في غزة، ولربما تكون قد نجحت فعلاً في تحقيق تلك الغاية التوسعية في ظل صمت عربي، ودعم غربي يجعلها تتصرف بناء على منطق لا يعرف الشفقة. سياسة الأرض المحروقة التي لا تترك الشجر ولا البشر، ولا يهمّ تتالي المجازر في حق المدنيين بشكل يومي أمام عالم يتابع إجراما لا مثيل له في عصر «التقدم والحضارة الإنسانية»، التي قالوا إنها تطوّرت.
يحدث كل ذلك رغم أن هذه ليست هي سياسة الولايات المتحدة، على الأقل فيما يتعلق بدعم حل الدولتين، الذي تكرّره الإدارة الأمريكية، وكذلك قضية المستوطنات، إلا أن التوسع مستمر أسبوعا بعد آخر، وتحت أنظار أمريكا والعالم بمجالسه الأمنية وهيئاته التحكيمية، ولا يوجد في واشنطن من يجرؤ على عمل شيء لوقفه. لم يحصل ذلك في عهد جو بايدن، ولن يحصل مع دونالد ترامب أيضا هذا مؤكد. الرجل الذي يتصرف بالديمقراطية في وطنه لن يساهم أبدا في الحقوق والحريات السياسية للفلسطينيين، أو لأي شخص آخر بتأكيد صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نفسها.
أغلق ترامب البعثة الفلسطينية في واشنطن، وأنهى التمويل الأمريكي لوكالة الأونروا، وأعلن وزير خارجيته مايك بومبيو أن المستوطنات مجرد أمر عادي، ولا تشكل انتهاكا للقانون الدولي على الإطلاق. كما اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، وهي ليست خطوة معادية للفلسطينيين بشكل مباشر، ولكنها نذير لما يخطط للقيام به في ما يتعلق بالأراضي المحتلة في الضفة الغربية. لقد نقلت إدارته السفارة الأمريكية إلى القدس، معترفة فعليا بسيادة إسرائيل على المكان بأكمله دون أن تعلن ذلك. وقد أدت هذه الخطوة إلى تدمير الفلسطينيين وتدمير دعمهم لحل الدولتين.
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة
لقد صُمّمت «اتفاقيات أبراهام» لتجعل من إسرائيل المفوض الإقليمي المعلن للولايات المتحدة. وها هو دونالد ترامب يتمكن من ضمان فترة رئاسية أخرى، وبالتالي سيكون لتلك السياسة عواقب كارثية على المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. إسرائيل تعتقد فعليا بأن لديها الحق في الاعتراض على القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة داخل المنطقة. إذن، في ما لو قيض لسياسة ترامب أن تتكرس من جديد، ستصبح إسرائيل بالفعل هي المفوضة بها والمسؤولة عنها، بما يعني استمرار الصراع الذي تشعل نيرانه قوة عسكرية لطالما كانت هي المبادرة بالعدوان.
ظهرت اتفاقيات إبراهيم في عام 2020، وهي شكل خيالي من أشكال السلام كان المقصود منه، على الأقل بالنسبة لبنيامين نتنياهو وترامب، الالتفاف على الفلسطينيين وتركهم بلا دولة. وكانت التداعيات شعورا فلسطينيا عاما بالتخلي. وبالنسبة لحماس، غضبا من احتمالية صفقات التطبيع المستقبلية. دفعت إسرائيل ثمن هذا الغضب في السابع من أكتوبر. ويدفع الفلسطينيون ثمن رد فعل إسرائيل.
صحيح أن الحرب لم تبدأ في عهد ترامب. لقد أشعل النار فقط حتى «اشتعل المبنى بالكامل» تحت إشراف شخص آخر ليس بريئا. حان الوقت لكي يحدد المستوى السياسي خطة إنهاء الحرب في غزة وفي الشمال «قبل أن نغرق في الوحل» كما جاء في صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أيضا. رئيس الموساد ديدي برنيع يصرّ على ضرورة ربط الساحات. وفي كلا الساحتين صُوّر انتصار جزئي لاسترضاء قاعدة كل طرف، من القضاء على السنوار، إلى أوهام رفع العلم الإسرائيلي على أنقاض عيتا الشعب. الآن بعد كل هذا، كل شيء في أيدي المستوى السياسي.
أمريكا التي تدعم إسرائيل في أعمالها العدوانية وإجرامها المطلق، تشير إخفاقاتها في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا والعديد من البلدان الأخرى، إلى أنها ستلقى مع كيانها الصهيوني المصير نفسه في غزة وفي لبنان.
وهي دلائل تاريخية على إخفاقات الولايات المتحدة المخزية، وتكاليف التدخل الخارجي وعقدة التوسع الامبراطوري. وسيكون لهذه الحروب في الشرق الأوسط انعكاسات كبرى على النظام الدولي المترنح، هذا «النظام الدولي القائم على قواعد» الذي انتهى في نظر بكين وموسكو تحديدا، بعد أن أصبح مكشوفا حجم الانتهازية والمعايير المزدوجة المتبعة من قبل القائمين عليه.
وكيف أنّ المصالح والرغبة في تواصل النفوذ هو ما ينطبق على استراتيجية واشنطن في المنطقة، وفي غيرها من مناطق العالم. لعبة القواعد وتغيير الأنظمة التي مارستها واشنطن مع حفنة من البلدان الأوروبية لن تقودهم إلى أي مكان بعد الآن. وهو ما يعني تمسك الدول العظمى الصاعدة بإعادة توزيع القوة الاستراتيجية، وهي دول تدعو في كل مرة واشنطن وحلف الناتو إلى الاستماع جيدا إلى الصوت العادل للمجتمع الدولي. والتوقف عن التحريض على المواجهة والتنافس، وأن يساهموا بشكل حقيقي في السلام والاستقرار في العالم. وبالتالي تدارك سقوط الضمائر وتهاوي المفاهيم الحقوقية لعالم تعرّى إنسانيا وأخلاقيا أمام اختبار الحق الفلسطيني وحجم الجرائم ضد الإنسانية.
القدس العربي