صحيفة عاجل:
2024-09-09@09:10:12 GMT

لماذا يصمت السعوديون الآن

تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT

منذ بدأ العدوان الإسرائيلي على غزة عقب اجتياح حركة حماس المستوطنات في غلاف غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، تعرض المدنيون والعزل لوابل من القصف والقتل العشوائي والذي طال المساجد والمستشفيات، ولم يفرق بين صغير أو كبير، مقاتل أو أعزل، وكعادتها في الملمات فقد استثمرت السعودية ثقلها السياسي للدفاع عن الشعب الفلسطيني الأعزل تجاه هذا العدوان.

منذ اليوم الأول للعدوان، أظهرت السعودية دعمها عبر البيانات الصحفية عن الخارجية السعودية، مستنكرة العمل الإجرامي الإسرائيلي وآخرها قصف مستشفى المعمداني وقتل المئات وأن هذه جريمة شنيعة، هذه التحركات يقودها ولي العهد من خلال توجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظهما الله، ويقود الملف السياسي الخارجي وزير الخارجية، واضطلعت القيادة بمهمات جسيمة للضغط على الدول والحكومات من أجل هدنة إنسانية تنقذ ما تبقى من أشلاء غزة المثخنة بالصواريخ والقنابل.

وعلى الصعيد الشعبي فقد تحدث السعوديون لدعم الفلسطينيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشكلوا مجموعات ضغط إلى جانب مستخدمي المنصات الإعلامية حول العالم، غير أن هناك قطاع من السعوديين بدأ يحتفظ بصوته، وخصوصا بعد الربيع العربي، حيث بدأ يدرك أن هناك أدوار خفية وصراعات من تحت الطاولة لا يفهمها وتحتاج لحكمة القادة السياسيين الذين يدركون أبعاد الصراع ويدركون المستفيدين من هذه الحروب العبثية التي أرهقت الشرق الأوسط، فأعطى هؤلاء الأشخاص صوتهم لبيانات وزارة الخارجية السعودية، رغم تعرضهم لموجات تدفعهم لـ "لتعاطف القسري".

لقد فطن قطاع عريض من السعوديين أنه يتم جرهم لمعارك صوتية هدفها جعل المواطن السعودي في مواجهة مع حكومته من خلال تحريض بعض الصوات النشاز مستغلة العاطفة الدينية والعربية، وعندما تنكشف غبار هذه الحروب يظهر للسعوديين أن هناك من استغل أصواتهم، وأن من الفضل لزومهم الصمت، ومنح ألسنتهم وحساباتهم في وسائل التواصل لقيادة وطنهم ولبياناتها الصحفية وهذا ما رأيناه وشاهدناه في الكثير من الأزمات التي ظهرت وطرأت مؤخرا.

يصمت السعوديون ليس خوفا من أحد، ولكن لأن كثيرا منهم يدرك ويثق في حكمة القيادة السياسية للمملكة ويدرك أنه بعد انكشاف غبار الحروب ستظهر أن ما تقوله القيادة والسياسيون هو الصحيح، ولذلك فضلوا دعم قرارات القيادة بدلا من الانسياق وراء الشعارات الرنانة والأصوات الفارغة التي لا يهمها الوطن العربي بقدر همها ما تكسبه من مال ودعم وتأثير.

بقي القول، إن القيادة السياسية السعودية تلقى دعما واسعا من قبل المواطن الذي يثق أنها تبذل ما في وسعها لدعم القضايا العربية والإسلامية وأولها القضية الفلسطينية، وأن كثيرا من الذين يرددون الشعارات ويحرضون المواطن ضد قيادته في الأزمات هم محرضون ويبحثون عن دعم لحركاتهم السياسية وشعاراتهم الثورية ومآرب أخرى.

حسن النجراني

باحث في المحتوى والإدارة الإعلامية بجامعة كمبلوتنسي مدريد - إسبانيا

المصدر: صحيفة عاجل

إقرأ أيضاً:

أخطر الحروب!

حاتم الطائي

الحروب النفسية أشد وطأة من معارك البارود والدبابات

نشر السلبية والتشاؤم لن يخدم سوى أعداء الوطن.. وعلينا التصدِّي لكل المخاطر

الحفاظ على اللُحمة الوطنية والاستقرار المجتمعي فرض عين على كل مُواطن

يُخطئ من يظن أنَّه بمنأى أو معزلٍ عمّا يدور من صراعات فكرية وسياسية وعسكرية واقتصادية وعلمية واجتماعية وثقافية حول العالم، فكُل ما يحدث في أي بقعة بالمعمورة، نتأثر به ويؤثِّر فينا، بطريقة أو أخرى، وما نظرية "تأثير الفراشة" سوى تفسير علمي لما قد تُحدثه أمور نعتقد أنَّها ليست ذات تأثير، في حين يتضح لاحقًا أنها أحدثت تأثيرًا كبيرًا، وغيّرت النتائج النهائية!

ومع انتشار استخدامات التقنيات المُتطوِّرة وصعوبة التمييز بين الحقيقي والمُزيَّف، بات استهداف الشعوب وضرب استقرارها وتفتيتها من الداخل، هدفًا استراتيجيًا لقوى الشر، وهذه القوى لم تعد محل شك أو استهزاء؛ بل صارت حقيقة ماثلة، نرى تأثيراتها في الكثير من الدول من حولنا؛ سواء كانت هذه القوى منظمات عابرة للحدود تعمل في السر أو العلانية تحت أي ستار، أو كانت حكومات دول وأجهزة استخباراتية وأمنية تنخُر في صلب المُجتمعات، وتسعى لإلحاق الضرر بها، عبر عدة أدوات ووسائل قد لا ينتبه إليها البعض، لكنها- بكل أسف- فاعلة في تحقيق مآربهم الخبيثة. وتندرج هذه المُخططات ضمن مفهوم "حروب الجيل الرابع"؛ أي الحروب القائمة على الاختراق المُجتمعي وتشتيت الصفوف وإنشاء جبهات داخلية مُتناحرة، وتوظيف الفضاء الإلكتروني ليكون ساحة لا محدودة لإنهاك المجتمعات.

ونحن في سلطنة عُمان، لسنا بعيدين عن أيادي المُخرِّبين والساعين لنشر الفتن والأحقاد بين فئات المجتمع، وفي ظل ما يموج به العالم ومنطقتنا من صراعات غير مسبوقة وحروب نفسية، لا يُمكن لعاقل أن يغفُل التهديدات الحقيقية لسلامة المجتمعات واستقرارها وتماسكها، ونحن من بين هذه المجتمعات. فقد انتشرت خلال الفترة الأخيرة روح تشاؤمية بين بعض المُواطنين، الذين أصابتهم نظرة سوداوية إلى محيطهم، وباتوا غير قادرين على رؤية أي نقطة إيجابية، بل لديهم قدرة عجيبة على تحويل الإيجابيات إلى سلبيات، لدرجة أنَّ قرارًا بتخصيص دعم حكومي لفئات بعينها في إطار جهود تحقيق العدالة الاجتماعية، يتحوَّل فجأة- لدى هؤلاء المُتشائمين- إلى دلالة على الظُلم الاجتماعي! في حين أنَّ الأولى بهم على الأقل إبراز إيجابيات هذا القرار الذي لم يكن معمولًا به من قبل، رغم التحديات المالية التي ما زالت تمر بها الدولة. وقس على ذلك أمورًا عدة، يتناولها البعض في مجتمعنا من زاوية ضيقة للغاية، رغم رحابة التطبيق، وسعة التنفيذ، لكن بسبب سيطرة النزعة السلبية على تفكير البعض، وكذلك انقياد آخرين لهم، باتت كل نقطة إيجابية في المُجتمع كتلة سلبية.

البعض يقول إنَّ هذه هي حرية الرأي والتعبير التي يكفلها القانون، ونقول لهم إن الرأي غير المُستند إلى دلائل لا قيمة له؛ بل هو افتراء ينبغي التصدي له، بالتثقيف والتوعية وتبصير النَّاس بحقائق الأمور.

وعندما نتأمل في أسباب تبني البعض للتشاؤم لا التفاؤل، والميل نحو السلبية لا الإيجابية، نُدرك عدة حقائق نوضحها كما يلي:

أولًا: أن الاستخدام المُفرِط لوسائل التواصل الاجتماعي تسبب في بناء قناعة زائفة لدى البعض بأنَّ ما يدور من نقاشات عبر هذه المنصات يعكس آراء المُجتمع وتوجهاته، وللأسف الشديد أن هناك مؤسسات رسمية ربما تتراجع عن قرار أو تتخذ قرارًا لمجرد أنَّ أحد مُستخدمي منصات التواصل الاجتماعي انتقدوا هذا أو طالبوا بذاك! وهذا ما يُمكن أن نُطلق عليه "إرهاب السوشال ميديا"؛ إذ تحوَّل الأمر إلى ساحة مفتوحة للعراك والنزاع وربما السب والقذف والتطاوُل، فقط إذا قرر البعض شن هجوم ضد فكرة أو ضد قرار أو ضد توجُّه. بينما لو أُجري استطلاع علمي مُجتمعي حول مسألة من المسائل لاختلفت النتائج عمّا نشاهده على منصات التواصل. وهذا يؤكد أنَّ تلك المنصات لا تعكس بالضرورة رأي الأغلبية من المجتمع، لكنها من المؤكد تعكس رأي أصحاب الصوت العالي وإن كانوا قِلة، وصاحب الصوت العالي ليس بالضرورة صاحب حق.

ثانيًا: أن هناك أطرافًا من مصلحتها بث السموم وإشعال الحرب النفسية، مُستغلين بعض التحديات أو حتى الأخطاء التي تحدث في كل دول العالم، فنجد تغريدة لأحدهم يُدلي برأيه في قضية بعينها، ورغم سطحية الرأي وعدم منطقيته في أحيان كثيرة، إلّا أن جموعًا كبيرة من المتابعين ينساقون وراء هذا الرأي ويتبنونه، ويعيدون نشره، حتى تترسخ قناعة بأنَّ هذا الرأي صواب، مع أنَّ حقيقة الأمر غير ذلك. وفي هذه الأثناء، تندسُ أطرافٌ لا نعلم حقيقتها ولا مصدرها، فتؤكد على هذا الرأي وتنشره كالنَّار في الهشيم مستغلين نظرية "الترند" أو الأكثر رواجًا، بهدف تأليب الرأي العام وزعزعة الاستقرار المجتمعي حيال قضية من القضايا. وعادة ما يُركزون على القضايا الحسّاسة، لا سيما إذا تعلقت بجريمة، أو بفئة مُجتمعية، أو قطاع حيوي مثل الصحة أو التعليم، ويكون الهدف الأساسي والرئيس تأليب الرأي العام، وبناء حالة من الجدل العقيم التي تصرف الأنظار عمّا هو مُهم وضروري لمواصلة مسيرة التنمية والتقدم.

ثالثًا: الاستهداف المُمنهج للدول والحكومات والشخصيات؛ حيث بات هذا النوع من الاستهداف مُنتشرًا عبر الفضاء الإلكتروني، مستغلين تقنيات حديثة تقوم على توظيف الذكاء الاصطناعي لإحداث ما يُعرف بـ"التزييف العميق"، فينتشر مثلًا مقطع فيديو يُسبِّب حالةً من البلبلة والارتباك المُجتمعي، ولا يُدرك الكثيرون أن هذا المقطع ليس حقيقيًا بكامله، وإنما أُجريت عليه تعديلات مُتعمَّدة بتقنيات عالية الدقة. وكذلك الحال مع الصور والأخبار المُزيَّفة، فتقرأ بيانًا صادراً عن جهة ما، لا يستطيع المواطن العادي أن يُميِّز صحته، في حين أن حقيقة الأمر أنه بيان مُزيَّف. ومن هنا تُصبح الدول والحكومات والشخصيات بمن فيهم الزعماء والقادة، في مرمى نيران المعلومات المُزيفة، فتقرأ أن مسؤولًا اختلس الملايين، أو أنَّ مؤسسة ما ينخر فيها الفساد؛ بل ووصل الأمر إلى إلحاق تهم العمالة والخيانة ببعض القادة والشخصيات في عدة دول، في إطار حملات استهداف مُمنهجة.

وكل ما سبق يؤكد أنَّ الحروب النفسية أشد خطرًا من حروب البارود والدبابات، لأنَّ الأخيرة هذه العدو فيها واضح ولا يمكن تجاهله، بينما الحروب النفسية العدو فيها خفي، أشبه بالشبح الذي لا نراه، يتلاعب بالعقول والناس، بكلمة أو صورة أو فيديو، يمارس الخداع والتضليل اعتمادًا على ضعف المنظومات أو عدم كفاءتها، يتعمّد التشويه وإطلاق التهم جزافًا لغياب الشفافية في كثير من الدول.

لقد بات العمل على صناعة الإحباط وتثبيط الهمم ونشر السلبيات والهدم من الداخل والتشكيك في مؤسسات الدولة وأداء الحكومات والمسؤولين، خطرًا داهمًا، تؤججه أيادٍ خفية تستغل بعض الإخفاقات هنا أو هناك والتي لا تخلو منها أي دولة، في إطار مُخطط مُنظَّم لتفكيك المجتمعات بعد هدم أعمدة الثقة، ومن ثم زيادة الفجوة بين الحاكم والمحكومين، ونشر التشكيك والتذمُّر والعدوانية على مراحل مُتدرِّجة، بما يُفضي في نهاية الأمر إلى الوصول إلى الدولة الفاشلة "Failed State"، مثل دُول عدة في منطقتنا منها ما يقع في جوارنا الإقليمي، ونسأل الله لهذه الدول النهوض من كبوتها.

ويبقى القول.. إنَّ الظرفية التاريخية التي تمر بها المنطقة والعالم من حولنا، ومخاطر الحروب النفسية وشق صفوف المجتمعات، وتعمُّد تعمية الرأي العام ونشر الأكاذيب والضلالات، كل ذلك يدفعُنا إلى حتمية التحلي بالحذر والحيطة والانتباه الشديد لكل ما يُراد لنا من أخطار، وليس بالضرورة أن يأتينا هذا الخطر من الخارج، فقد يأتي من أنفسنا، نتيجة انسياقنا الأعمى وراء فُقَّاعات هوائية لا تلبث أن تنفجر؛ ما يستدعي مِنَّا الحذر الشديد من الانجرار وراء صراعات وهمية وقضايا عبثية تُبعدنا عن مسارات التنمية الحقيقة، وأن يكون هدفنا الأسمى الحفاظ على لُحمتنا الوطنية، وترسيخ الاستقرار الاجتماعي، وتقوية التماسك المُجتمعي، لنظل أُمَّةً واحدةً صلبة، في مواجهة الريح العاتية التي تهُب علينا من كل اتجاه.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • محمد فوزي يكشف للوفد مطالب الجالية المصرية التي عرضت على وزير الخارجية والهجرة أثناء لقاءهم به بالامارات
  • الخارجية الأمريكية: نبارك النتائج التي خلصت إليها الانتخابات الرئاسية في الجزائر
  • أبو عبيدة يعلق على العملية البطولية التي نفذها المواطن الأردني وأسفرت عن مقتل ثلاثة صهاينة
  • السعوديون يسيطرون على كؤوس مهرجان ولي العهد للهجن
  • أخطر الحروب!
  • وزير الخارجية يشيد بالرعاية والاهتمام التي يحظى بها المصريين العاملين بالإمارات
  • الخارجية الفرنسية: ندعم جهود الوساطة التي تضطلع بها البعثة الأممية تمهيدًا لحل أزمة المركزي
  • تحت ضغط المجتمع.. إسبانيا تلغي جائزة مصارعة الثيران التي دامت عقدًا من الزمن
  • السعودية.. حقيقة إلغاء حساب المواطن واستبداله ببرنامج جديد
  • السعوديون يتألقون في “سباق الهجانة” وجزائرية تخطف شوط السيدات