منذ بدأ العدوان الإسرائيلي على غزة عقب اجتياح حركة حماس المستوطنات في غلاف غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م، تعرض المدنيون والعزل لوابل من القصف والقتل العشوائي والذي طال المساجد والمستشفيات، ولم يفرق بين صغير أو كبير، مقاتل أو أعزل، وكعادتها في الملمات فقد استثمرت السعودية ثقلها السياسي للدفاع عن الشعب الفلسطيني الأعزل تجاه هذا العدوان.
منذ اليوم الأول للعدوان، أظهرت السعودية دعمها عبر البيانات الصحفية عن الخارجية السعودية، مستنكرة العمل الإجرامي الإسرائيلي وآخرها قصف مستشفى المعمداني وقتل المئات وأن هذه جريمة شنيعة، هذه التحركات يقودها ولي العهد من خلال توجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظهما الله، ويقود الملف السياسي الخارجي وزير الخارجية، واضطلعت القيادة بمهمات جسيمة للضغط على الدول والحكومات من أجل هدنة إنسانية تنقذ ما تبقى من أشلاء غزة المثخنة بالصواريخ والقنابل.
وعلى الصعيد الشعبي فقد تحدث السعوديون لدعم الفلسطينيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وشكلوا مجموعات ضغط إلى جانب مستخدمي المنصات الإعلامية حول العالم، غير أن هناك قطاع من السعوديين بدأ يحتفظ بصوته، وخصوصا بعد الربيع العربي، حيث بدأ يدرك أن هناك أدوار خفية وصراعات من تحت الطاولة لا يفهمها وتحتاج لحكمة القادة السياسيين الذين يدركون أبعاد الصراع ويدركون المستفيدين من هذه الحروب العبثية التي أرهقت الشرق الأوسط، فأعطى هؤلاء الأشخاص صوتهم لبيانات وزارة الخارجية السعودية، رغم تعرضهم لموجات تدفعهم لـ "لتعاطف القسري".
لقد فطن قطاع عريض من السعوديين أنه يتم جرهم لمعارك صوتية هدفها جعل المواطن السعودي في مواجهة مع حكومته من خلال تحريض بعض الصوات النشاز مستغلة العاطفة الدينية والعربية، وعندما تنكشف غبار هذه الحروب يظهر للسعوديين أن هناك من استغل أصواتهم، وأن من الفضل لزومهم الصمت، ومنح ألسنتهم وحساباتهم في وسائل التواصل لقيادة وطنهم ولبياناتها الصحفية وهذا ما رأيناه وشاهدناه في الكثير من الأزمات التي ظهرت وطرأت مؤخرا.
يصمت السعوديون ليس خوفا من أحد، ولكن لأن كثيرا منهم يدرك ويثق في حكمة القيادة السياسية للمملكة ويدرك أنه بعد انكشاف غبار الحروب ستظهر أن ما تقوله القيادة والسياسيون هو الصحيح، ولذلك فضلوا دعم قرارات القيادة بدلا من الانسياق وراء الشعارات الرنانة والأصوات الفارغة التي لا يهمها الوطن العربي بقدر همها ما تكسبه من مال ودعم وتأثير.
بقي القول، إن القيادة السياسية السعودية تلقى دعما واسعا من قبل المواطن الذي يثق أنها تبذل ما في وسعها لدعم القضايا العربية والإسلامية وأولها القضية الفلسطينية، وأن كثيرا من الذين يرددون الشعارات ويحرضون المواطن ضد قيادته في الأزمات هم محرضون ويبحثون عن دعم لحركاتهم السياسية وشعاراتهم الثورية ومآرب أخرى.
حسن النجراني
باحث في المحتوى والإدارة الإعلامية بجامعة كمبلوتنسي مدريد - إسبانيا
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
مخيم جباليا هيروشيما غزة التي يدمرها الاحتلال الإسرائيلي
يحاول الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من شهر تهجير سكان شمال قطاع غزة قسرا، من خلال فرض حصار مشدد وتدمير واسع للمنازل والمباني، مانعا الدخول والخروج إلا عبر حواجز أقامها لتفتيش النازحين لغزة وإلى الجنوب.
ووثقت مقاطع فيديو وصور على مدار عام كامل من الحرب دمارا واسعا ألحقه الاحتلال الإسرائيلي بالأحياء السكنية والمساجد والمدارس في غزة. وكان أحدث توثيق صورة جوية لمخيم جباليا، تظهر مسح المربعات السكنية وحجم الإبادة التي يتعرض لها المخيم.
View this post on InstagramA post shared by وسيم خليف (@wsym._.2003)
لاقى هذا المشهد انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل مغردون فلسطينيون وعرب مع الصورة التي تظهر سحبا كثيفة من الدخان تغطي المنطقة بالكامل، وهذا يوحي بأن المنطقة قد تحولت إلى رماد.
وتعليقا على ذلك، كتب الداعية الفلسطيني جهاد حلس تدوينة على منصة "إكس": "هذه ليست القنبلة النووية التي سقطت على هيروشيما، هذه مدينة جباليا التي تباد الآن على مرأى ومسمع العالم أجمع".
هذه ليست القنبلة النووية التي سقطت على هيروشيما، هذه مدينة جباليا التي تباد الآن على مرأى ومسمع العالم أجمع !! pic.twitter.com/JwVTx52siA
— جهاد حلس، غزة (@Jhkhelles) November 6, 2024
كما علق أحد المدونين: "عملية نسف كارثية تحدث الآن في شمال غزة بهدف تشكيل محور جديد. الجيش يضع خططا عسكرية فوق الأحياء السكنية المكتظة، ومن يختار البقاء سينتهي به الحال تحت أنقاضها؛ هذه سياسة مسح إجرامية".
أما الصحفي الفلسطيني محمد حمدان، فكتب: "صعد الدخان حاملا رمادا من بشر وحجر وتبخرت ذكرياتنا وأحلامنا، لا شيء يبرر ذلك، لا شيء يشبه ذلك، لا شيء يعوض ذلك".
وكتب مغرد آخر بمشاعر مختلطة: "جزى الله الفلسطينيين عنا كل خير؛ فقد كان لأمتهم شهداء أحياء بعقيدتهم التي يجب أن تسود وتتجاوز الحدود".
عملية نسف كارثية ضخمة تحدث الآن في شمال غزة بهدف تشكيل المحور الجديد.
محور عسكري يُنشأ فوق المباني والعمارات في منطقة ذات كثافة معمارية هائلة.
من تبقى في منازله سينتهي به المطاف تحت الأنقاض؛ إنها عملية مسح إجرامية لأرض مكتظة بالسكان . https://t.co/BkAJSOV6L3 pic.twitter.com/xz4JNJ2cyB
— Tamer | تامر (@tamerqdh) November 6, 2024
كما تفاعل مغردون آخرون مع الصورة بقولهم: "منظر يندر مشاهدته إلا في الحروب العالمية؛ جباليا تُباد بدعم ومباركة من أنظمة عربية شقيقة. غزة تُمحى بالكامل وفق سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها جيش الاحتلال وسط حصار خانق على العائلات".
وشارك مراسل قناة الجزيرة، أنس الشريف، مقطع فيديو على حسابه بمنصة "إكس" يظهر فيه حجم المعاناة في شمال غزة، حيث يشهد قصفا ونسفا وإطلاق نار ونزوحا.
ويرى كثيرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استغل انشغال العالم بالانتخابات الأميركية لتنفيذ أخطر مراحل إبادة شمال غزة، ودفع سكان الشمال للنزوح بهدف السيطرة على الأراضي بحجة "الأمن".
صورة جوية حديثة لجباليا التي تتعرض للمسح والإبادة
جباليا تباد .. كل غزة تباد و تدمر.. سياسة الارض المحروقة ????#جباليا_تُباد pic.twitter.com/r6s7VvtVMR
— ???????????????????? ???? (@amany__wishes) November 6, 2024
وأعرب بعض المغردين عن استغرابهم من تفجير الاحتلال لمخيم جباليا المكتظ بالسكان وسط صمت عالمي.
كما أشار بعض المغردين إلى أن الدول العربية ما زالت تعيش حالة غياب عن الوعي، وكأن الأمر يحدث على كوكب آخر، مع أنها قد تكون أول من سيدفع الثمن.
وقال المدون عفيف الروقي: "صورة جوية حديثة لجباليا التي تتعرض للإبادة؛ العائلات الآن بلا مأوى، كل غزة تُباد وتُدمر وفق سياسة الأرض المحروقة".
صورة جوية حديثة لجباليا التي تتعرض للمسح والإبادة
العائلات الان في الطرقات تجلس ولا تجد لها مكان لتنام به#جباليا_تُباد تباد .. كل غزة تباد و تدمر.. سياسة الارض المحروقة ????
#جباليا_تُباد #يحيى_السنوار #ترمب #أمريكا #أوباما #فلسطين pic.twitter.com/VmnXINgSqP
— عفيف الروقي (@AfifAlRoqi511) November 6, 2024
وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن التدمير الهائل للمنازل والمباني في شمال قطاع غزة واستعدادات الجيش للاحتفاظ بالأراضي من خلال تعبيد الطرق وإنشاء البنية التحتية، كلها إجراءات تشي بالاستعداد لضمها بحكم الأمر الواقع، وإقامة مستوطنات فيها على غرار تلك المقامة في الضفة الغربية.
وقد وضعت إسرائيل خطة الجنرالات في شمال غزة في سبتمبر/أيلول 2024، بهدف تهجير سكان شمال قطاع غزة قسرا، وذلك بفرض حصار كامل على المنطقة، بما في ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية، لتجويع من تبقى من المدنيين، وكذلك المقاومين ووضعهم أمام خيارين إما الموت وإما الاستسلام.
وتشن إسرائيل بدعم أميركي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على غزة، خلفت آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.