مرور عام على وفاة مهسا أميني: النظام هو الذي أصبح يشعر بالخوف وليس الشعب
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
إعداد: طاهر هاني إعلان اقرأ المزيد
مرت سنة كاملة على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) إثر توقيفها في 13 سبتمبر/ أيلول 2022 من قبل شرطة الأخلاق في مدينة طهران واقتيادها إلى المخفر الذي انهارت به أثناء استجوابها من قبل شرطية.
ونقلت على التو هذه الطالبة، التي جاءت من محافظة كردستان إيران رفقة شقيقتها وأقاربها لزيارة طهران، إلى مستشفى بالعاصمة الإيرانية لتفارق الحياة بعد ثلاثة أيام من دخولها إليه، أي في 16 سبتمبر/أيلول 2022 تحديدا.
وأشعلت وفاة مهسا أميني شرارة الاحتجاجات التي عمت العديد من المدن الإيرانية، لا سيما طهران التي شهدت مظاهرات شعبية عنيفة شارك فيها جميع أطياف المجتمع، خاصة النساء للمطالبة بالحرية والديمقراطية وبعدم إلزامية ارتداء الحجاب وبالعيش بكل حرية وليس وفق قواعد الشريعة الإسلامية المفروضة من قبل نظام علي خامنئي.
عمال يرفعون لافتة عملاقة كتب عليها وسم مهسا أميني، مدينة العلوم، باريس، 30 يناير/ كانون الثاني 2023. © مها فريد عدد ضحايا ثورة أيلول 2022 في إيران غير معروف بشكل دقيقوتحولت مهسا أميني إلى رمز للدفاع عن الحريات العامة وإلى شخصية موحدة للاحتجاجات ولمطالب الإيرانيات والإيرانيين وإلى وجه إيراني جديد معروف على مستوى العالم.
هذا، وبلغت الاحتجاجات ذروتها بعد إعلان وفاة الشابة أميني إذ قامت النساء بحرق حجابهن أمام قوات الأمن، ورفعن شعارات مناهضة لنظام خامنئي من بينها "الموت للدكتاتور" أو "النساء، الحرية، الحياة". وبالإضافة إلى ذلك، أدت المشاكل الاجتماعية والأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها الإيرانيون منذ سنين بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليهم، إلى ارتفاع حدة المظاهرات، إذ أصبح المحتجات والمحتجين لا يطالبون فقط بالحرية وبارتداء ما يشاؤون، بل ينادون بإصلاحات اقتصادية وتحسين ظروفهم المعيشية والقضاء على الفساد والظلم.
ولم يكن يتوقع النظام الإيراني خروج عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع للتظاهر. فعوض أن يستجيب لمطالبهم، راح يستخدم القوة والعنف ضدهم. فيما قام باعتقال عدد كبير منهم، خاصة النساء اللواتي قررن تحدي قوات الأمن وخلع الحجاب في الشوارع.
ووفق الحصيلة التي أقر بها الحرس الثوري الإيراني الذي قام بقمع الاحتجاجات، فلقد تم قتل أكثر من 300 متظاهر وسجن المئات.
لكن منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو، تحدثت عن حصيلة مختلفة لعدد القتلى في طهران بسبب قمع السلطات للاحتجاجات، وقالت بأنها بلغت نحو 416 قتيلا. ولا يزال العدد الحقيقي لضحايا "ثورة أيلول 2022" الإيرانية غير معروف بشكل دقيق، شأنه شأن عدد الناشطين والمتظاهرين الذين يقبعون في سجون الجمهورية الإسلامية.
اقرأ أيضامن انتفاضة الطلاب في 1999 إلى قضية مهسا أميني... عقدان من الحركات الاحتجاجية في إيران من أجل نيل الحقوق والحريات
ظاهرة التسميم بالغاز زرعت الذعر في أوساط البنات الإيرانياتوفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، انتقلت شرارة الاحتجاجات إلى الجامعات والثانويات. ففي جامعة أمير كبير بطهران وفي جامعة أصفهان ومشهد، نظم الطلاب وقفات احتجاجية داخل الحرم الجامعي ورفعوا شعارات وهتافات مناهضة للنظام الإيراني، ما جعل قوات مكافحة الشغب تتدخل بعنف لتنهي الإضراب وتغلق الجامعات. نفس الأجواء عاشتها أيضا ثانويات العاصمة ومدن كبرى أخرى، حيث انضم الطلاب إلى الاحتجاجات وقاموا بغزو مواقع التواصل الاجتماعي وإيصال صور الاحتجاجات، لا سيما تلك التي تعرض على العالم صور قائد الثورة الإسلامية علي خامنئي وهي تسحق بأقدامهم.
امرأة تقص شعرها خلال احتجاج ضد النظام الإسلامي في إيران بعد وفاة مهسا أميني أمام السفارة الإيرانية في مدريد بإسبانيا في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2022. © رويترزوبمناسبة مرور أربعين يوما عن وفاة مهسا اميني، نظم متظاهرون مسيرة إلى بلدة سقز في محافظة كردستان إيران ومسقط رأس الشابة.
ووفق بعض المصادر، لقد استعملت الشرطة الإيرانية الرصاص الحي لتفريق المحتجين. أما في نوفمبر/تشرين الثاني وفي عز كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطر، قاطع لاعبو منتخب إيران لكرة القدم النشيد الوطني لبلادهم تعبيرا عن مساندتهم للأحداث وللمتظاهرين.
وأمام اتساع دائرة المظاهرات، صعد النظام الإيراني من حدة عنفه. فيما برزت ظاهرة جديدة تتمثل في التسميم بالغاز بعض الطالبات في الجامعات والثانويات. واتهمت المعارضة النظام الحاكم بالقيام بهذه الأفعال التي زرعت الخوف في قلوب البنات، لكن لحد الآن لم يتم التأكد من هوية الذين لجأوا إلى مثل هذه التصرفات.
"النظام الإيراني هو الذي أصبح يشعر بالخوف وليس الشعب"وانتهى عام 2022 في إيران في جو ساده الخوف والاعتقالات والمحاكمات القضائية ضد العديد من المتظاهرين الذين اتهموا بالتحريض على القيام بأعمال العنف وبعدم احترام قواعد اللباس الدينية. ولم تخمد نيران الاحتجاجات في إيران إلى يومنا هذا. بل بالعكس لا تزال الجمعيات النسائية والمدافعة عن حقوق الإنسان تدعو إلى التظاهر بشكل منتظم رغم عنف النظام.
هذا، وشبهت الكاتبة والمعارضة في حزب مجاهدي خلق ماسومي رؤوف ما يجري في إيران منذ سنة "ببركان ثائر يصعب أن يهدأ". وقالت في حوار مع فرانس24 "بدأ البركان يثور ضد النظام الإيراني منذ 44 عاما ولن ينتهي طالما النظام لم يتغير".
وتابعت "الجلادون لم يتغيروا. هم نفسهم في الحكم.... لم يتغيروا منذ مجيء الخميني لغاية علي خامنئي". وفي سؤال هل تغير وضع النساء الإيرانيات منذ وفاة مهسا أميني، أجابت "وضع النساء لم يتغير. الشيء الذي تغير، هو شجاعة هاته النساء اللواتي أصبحن لا يشعرن بالخوف مقارنة بالسنوات الماضية. الخوف غيّر المكان. النظام الإيراني هو الذي أصبح يشعر بالخوف وليس الشعب".
احتراق دراجة نارية للشرطة خلال احتجاج على وفاة مهسا أميني. طهران، إيران في 19 سبتمبر/أيلول 2022. © رويترز توجيه انتقادات للدول الغربيةوأردفت "الشباب في إيران عازم على تحقيق التغيير. ربما استطاع النظام قبل 40 عاما غسل دماغه وإقناعه بأن الثورة الإسلامية هي المخرج. اليوم الشبان يعارضون هذه الأفكار وهذا النظام الذي فشل في حل مشاكل المجتمع الإيراني والذي بدوره تغير كثيرا".
وعبّرت هذه المناضلة السياسية عن أسفها إزاء موقف الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. وتساءلت لماذا لم تستجب هذه الدول إلى مطالب المعارضة مثل تلك المتعلقة بإدراج قوات "الباسدران" الإيرانية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية؟ ولماذا لم يتم إغلاق السفارات الإيرانية في الخارج؟
اقرأ أيضاإيران: توقيف خال الشابة مهسا أميني قبل الذكرى الأولى لوفاتها
وأنهت "الدول الغربية تتعامل مع إيران كالطبيب الذي يتعامل مع شخص ميت، لكن رغم ذلك لا يريد أن ينزع من فمه أنبوب الأوكسجين".
أما الناشطة الاجتماعية وعارضة الأزياء الإيرانية نغزية التي فرت من إيران في 2017، فدعت المجتمعات الغربية إلى مساندة المعارضة الإيرانية وابن الشاه وهو محمد رضا لكي يصل إلى الحكم.
وقالت لفرانس24: "سهل جدا أن تقطع النساء الغربيات شعرهن مساندة للنساء الإيرانيات. لكن المساعدة الحقيقية تكمن في تقديم الدعم الحقيقي للمعارضة لكي تتخلص من نظام الإسلاميين". وأنهت "الإيرانيون يشعرون بالخوف الآن ولا يستطيعون الخروج مجددا إلى الشارع لأنهم لم يجدوا المساعدة من الدول الغربية التي تظهر كأنها متواطئة مع نظام الملالي".
أشخاص يشاركون في احتجاج ضد النظام الإيراني بعد وفاة مهسا أميني. إسطنبول، تركيا 10 كانون الأول/ ديسمبر 2022. © رويترز
طاهر هاني
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا ريبورتاج وفاة مهسا أميني علي خامنئي ذكرى احتجاجات إيران للمزيد حقوق المرأة النظام الإیرانی وفاة مهسا أمینی أیلول 2022 فی إیران
إقرأ أيضاً:
بعد تنفيذ أكثر من 75 عملية إعدام منذ بداية 2025 في طهران.. سجناء إيران يتحدون قرارات النظام.. واحتجاجات واسعة تجوب البلاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في ظل تنفيذ السلطات الإيرانية لما لا يقل عن 75 عملية إعدام منذ بداية هذا العام، يواصل السجناء في مختلف أنحاء البلاد احتجاجهم ضد عقوبة الإعدام من خلال حملة "ثلاثاء بلا إعدامات".
وصرّح محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج، لقناة إيران إنترناشيونال قائلًا: "هذه هي المرة الأولى التي يتحد فيها سجناء من خلفيات سياسية متباينة للاحتجاج بشكل منظم ومستمر ضد الإعدامات".
ارتفاع غير مسبوق في أرقام الإعدامبحسب تقارير مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، شهد عام 2024 تنفيذ أكثر من 900 حكم بالإعدام في إيران، وهو أعلى رقم منذ عام 2015. هذا الارتفاع أثار قلقًا متزايدًا بين خبراء الأمم المتحدة الذين دعوا إلى وقف فوري لعقوبة الإعدام.
وفي أعقاب موجة إعدامات طالت أسرى سياسيين في مدينة كرج بداية العام، أطلق سجناء سجن "قزل حصار"، المعروف بظروفه القاسية وارتفاع معدلات الإعدام فيه، الحملة في 30 يناير.
بدأت الحملة تحت اسم "إضراب ثلاثاء الإعدامات السوداء"، إذ يرتبط يوم الثلاثاء في السجون الإيرانية عادة بنقل المحكوم عليهم بالإعدام إلى الحبس الانفرادي قبل تنفيذ الحكم.
وفي نفس اليوم، انضم سجناء سياسيون من القسم النسائي في سجن "إيفين" سيء السمعة إلى الإضراب، من بينهم الحائزة على جائزة نوبل للسلام نرجس محمدي، وذلك بعد تنفيذ إعدامات بحق محمد قبادلو وفَرهاد سليمي قبل أسبوع فقط.
توسيع نطاق الحملةوفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية، شارك مئات السجناء السياسيين من 34 سجنًا على الأقل في حملة "ثلاثاء بلا إعدامات" على مدار عام كامل، ممتنعين عن الطعام والماء كل يوم ثلاثاء.
ويؤكد السجناء أن الجمهورية الإسلامية تستغل عقوبة الإعدام لقمع المعارضة السياسية، وهو ما أيدته منظمات دولية مثل منظمة العفو الدولية. وطالب المشاركون في الحملة بإلغاء ما وصفوه بـ"القتل العمد الذي ترعاه الدولة".
وصف أميري مقدم الحملة بأنها "نقطة تحول" في نضال الشعب الإيراني ضد عقوبة الإعدام، معربًا عن أمله في أن تكون بداية لحركة اجتماعية أوسع. وأضاف: "ندعو النقابات والمجموعات الطلابية والجمهور العام للمشاركة في هذه الحملة، والتعبير عن رفضهم للإعدامات بأي وسيلة ممكنة كل يوم ثلاثاء".
أوضاع السجناء المحكوم عليهم بالإعدامبحسب وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، يوجد في إيران حاليًا 54 سجينًا سياسيًا على قائمة الإعدام، بينهم 19 صدرت بحقهم أحكام نهائية من المحاكم العليا.
ومن بين هؤلاء السجينة الكردية الإيرانية پاخشان عزيزي، وهي ناشطة حقوقية وعاملة اجتماعية، حُكم عليها بالإعدام بتهمة "التمرد المسلح ضد الدولة". وأدانت منظمة العفو الدولية هذا الحكم، معتبرةً إياه جزءًا من سياسة استهداف الأقليات والنشطاء.
إيران: النسبة الأعلى عالميًا في الإعداماتتمثل إيران 74% من عمليات الإعدام المسجلة عالميًا خارج الصين، وفقًا لمنظمة العفو الدولية، رغم أن تعداد سكانها يشكل 1.1% فقط من سكان العالم.
في عام 2024، أعدمت السلطات الإيرانية 31 امرأة، وهو العدد السنوي الأعلى منذ 17 عامًا، أغلبهن في قضايا تتعلق بالعنف المنزلي أو الزواج القسري. كما أن إيران تتصدر قائمة الدول في إعدام الأقليات العرقية، الذين يواجهون تمييزًا منهجيًا ومحاكمات غير عادلة.
وشهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في إعدامات قضايا المخدرات، إذ زادت عمليات الإعدام المتعلقة بهذه القضايا 18 ضعفًا مقارنة بالفترة بين 2018 و2020، بحسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية.
تحذيرات من "مجزرة" وشيكةفي ديسمبر 2024، حذر السجين السياسي أحمد رضا حائري، من سجن قزل حصار، من أن السلطات تخطط لإعدام جميع السجناء المدانين بتهم مخدرات والذين صدرت بحقهم أحكام نهائية قبل حلول السنة الإيرانية الجديدة في 21 مارس.
وقال حائري: "السجون مكتظة بما يفوق طاقتها بثلاثة أضعاف، والمدعين العامين في المناطق المحيطة بطهران قرروا تسريع تنفيذ هذه الأحكام".
مع تصاعد الحملة وازدياد أعداد المشاركين، يبقى الأمل معقودًا على استمرار الضغط الداخلي والدولي لإنهاء عقوبة الإعدام في إيران، التي يصفها الناشطون بأنها أداة للقمع السياسي والانتهاكات الحقوقية الممنهجة.