قبل حرب طوفان الأقصى بعشرة أيام فقط، مرت علينا الذكرى الثالثة والعشرين لانتفاضة الأقصى عام 2000، والتي كانت زيارة شارون للمسجد الأقصى سبب اشتعالها. وجاءت الانتفاضة أيضا بعد رفض عرفات ما عرضته عليه إسرائيل في محادثات كامب ديفيد 2000، وأهمها تأكيد سيادتها على المدينة المقدسة، وأن يكون لها ما تحت الأقصى، حيث كان حفر الأنفاق تحت الأقصى يجري على قدم وساق في محاولة صهيونية لتقويض أساسات الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه.



كانت هذه الانتفاضة بداية مرحلة جديدة في الصراع مع العدو. مرحلة أثبتت فشل نهج أوسلو، وأن المقاومة هي خيار الشعب الفلسطيني وسبيله الوحيد لتحقيق حريته واستقلاله. وعلى الرغم من الاختلال الرهيب في موازين القوى بين طرفي الصراع؛ فقد حقق الفلسطينيون أثناء الانتفاضة وبعدها نتائج مهمة:

ـ التأكيد على أن الأقصى هو لب الصراع، والرمز الذي يتوحد حوله الفلسطينيون والأمة كلها، وأي محاولة للمس به دونها خرط القتاد.

ـ انسحاب شارون أحادي الجانب من غزة دون الحصول على أي تنازلات من حماس، أو أي ضمانات إقليمية ودولية لمنع حماس من انتاج وإطلاق الصواريخ على إسرائيل.

ـ التطور الكبير في آليات وأساليب المقاومة على كافة الأصعدة، واتساع مدى صواريخها من كيلومتر واحد في بدايات القسام إلى صواريخ تغطي كل مكان يتواجد فيه العدو الآن، كما زادت قدرتها التدميرية بشكل كبير، ودخلت ساحة الصراع أسلحة جديدة كالمسيرات والحرب السيبرانية.

ـ العجز الإسرائيلي الكامل أمام المقاومة رغم الحصار الخانق المفروض على القطاع والحملات العسكرية المتكررة على غزة. وهو عجز مازال مستمرا حتى اليوم.

ـ التغيير المهم في العقيدة القتالية الإسرائيلية من هدف تحقيق النصر الكامل إلى هدف جز العشب، أي الاكتفاء بمحاولة تحقيق معادلة الردع مع المقاومة.

ـ اتساع ساحات المواجهة مع العدو، اتساعا مكانيا لتشمل كل فلسطين بما فيه الداخل المحتل عام 1948، ومناطق نفوذ السيطرة الصهيونية في الغرب، والاتساع الإعلامي على كافة وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ثم المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني الدولي.

أهمية الكتاب

إن قراءة هذا الكتاب الذي بين أيدينا اليوم تتيح لنا فهم سر التغير الكبير والدراماتيكي في مسار الصراع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال منذ الانتفاضة الأولى وحتى اليوم:

ـ فشل طريقة الحرب التقليدية –الجيل الثالث من الحرب - التي كانت تستخدمها الدول العربية مع العدو، وفشلت في تحقيق أي نتائج إيجابية فيها، باستثناء حرب 1973 التي حققت نصرا مهما وإن كان ليس كاملا.

إن الهزيمة المستمرة للقوى الكبرى من قبل خصوم الجيل الرابع الأضعف بكثير تجعل من الضروري فهم هذا الشكل الجديد من الحرب والتكيف وفقا لذلك. في الواقع، لا يوجد شيء غامض حولها، فهي مثل كل الحروب تسعى إلى تغيير الموقف السياسي للعدو، وتستخدم أنظمة الأسلحة المتاحة لتحقيق هذه الغاية، وهي تعكس المجتمع التي هو جزء منه.ـ نجاح طريقة الحرب غير التقليدية ـ الجيل الرابع من الحرب ـ والتي ينفذها فتية سلاحهم الحجر، أو شباب سلاحهم المولوتوف، أو مقاتلون سلاحهم صواريخ وقذائف تصنع في مخارط بسيطة وبأدوات تتوافر في كل سوق وبيت. وفوق ذلك كله: إيمان لا يتزعزع، وإرادة لا تلين. والنتيجة مذهلة بكل المقاييس: كسر إرادة هذا الاحتلال المتغطرس، وتركيعه على الأرض.

 من هو صاحب كتاب المقلاع والحجر ؟

طُبع كتاب المقلاع والحجر في الولايات المتحدة عام 2004. ومؤلفه هو الكولونيل الأمريكي توماس هايمس. وهو ضابط سابق بمشاة البحرية الأمريكية، وتشمل مجالات الطابع المتغير للحرب، والاستراتيجية العسكرية، والمفاهيم التشغيلية، وحروب التمرد. وقد حصل على بكالوريوس العلوم من الأكاديمية البحرية في عام 1975، ويحمل الدكتوراه في التاريخ الحديث من جامعة أكسفورد.

رسائل ومعاني مهمة لغلاف الكتاب

اختار توماس هايمس غلافا لكتابه صورة الشهيد البطل فارس عودة في انتفاضة الأقصى، وهو يتصدى لدبابة الميركافا فخر الصناعة الإسرائيلية، بحجر في يده، وجرأة وجسارة في قلبه. صورة بحق تغني عن ألف مقال، وتلخص طبيعة الحرب في القرن الحادي والعشرين، والنتائج التي تترتب عليها: دبابة تنسحب أمام فتى صغير لا يزيد عمره عن ثلاثة عشرة عاما. لذا، ينبغي لنا أن نتوقف عندها، ونتأملها مليا، فهي تحمل الكثير من المعاني والدلالات:

حرب داود وجالوت

حرب داود وجالوت هو اسم شائع في المراكز الغربية للجيل الرابع من الحرب. ولها معاني مهمة في الوعي الديني الغربي، فهي ترتبط في ذهنه بانتصار دواد الإسرائيلي على جالوت الفلسطيني. ولكن الوضع قد تغير اليوم، فداود الأمس قد صار جالوت اليوم. وسلاح النصر الذي كان بيد داود الأمس قد انتقل إلى الشعب الفلسطيني اليوم، وبالتالي، فالنتيجة المتوقعة، كما تشي بها الصورة، هي انتصار الشعب الفلسطيني في الانتفاضة الثانية مثلما انتصر في انتفاضة الحجر "الانتفاضةالأولى".

سلاح الإرادة هو سلاح النصر

أراد توماس توماس هايمس من خلال هذه الصورة أن يلخص طبيعة حرب الجيل الرابع، فهي صراع إرادات لا دبابات، فالطرف الأضعف صاحب الإرادة الأعلى هو الذي يحقق النصر، ويفرض إرادته السياسية على الطرف الأقوى حتى مع امتلاكه واحتمائه بحصون فولاذية متحركة أو راجمات موت طائرة.

لا يوجد مستحيل

تؤكد صورة الغلاف أنه في حروب المقاومة: لا يوجد مستحيل، وأن سلاح الإعلام من الممكن أن يقلب دفة الحرب لصالح المقاومة، يقول الكاتب الصهيوني يوعز هندل تحت عنوان "تهديد استراتيجي"   في صحيفة يديعوت بتاريخ 12/12/2012: " للحجارة في الشرق الاوسط قدرة على اشعال حرب. والحجارة في أكثر الحالات لا تقتل، فهي تجرح أو تخدش، وتضر بالصورة في الأساس. في نضال تكون الصورة التي تخرج فيه الى الخارج هي الشأن كله ، لا يمكن الاستخفاف بهرب جنود الجيش الاسرائيلي من رماة حجارة ، وتأثيرات الرسالة".

توقع مبكر لنتيجة الحرب في العراق وأفغانستان

كتب توماس هايمس هذا الكتاب وقت احتدام الحرب الأمريكية على كل من أفغانستان والعراق. وكأن صورة الغلاف هي قراءة مهمة للكاتب لنتيجة الصراع، الذي تغيرت استراتيجته، فتغيرت موازين النصر وتغير الطرف المنتصر. وكأن الكاتب يرسل رسالة لأمريكا والتحالف الغربي الذي دخل بقضه وقضيضه في تحالف دولي شن حربا ظالمة على كل من العراق وأفغانستان، فكانت النتيجة كما توقع الكاتب أن يهزم كلا من داود العراقي وداود الأفغاني جالوت أمريكا والغرب هزيمة أشد مرارة وإيلاما من هزيمة أمريكا في فيتنام.

أهمية سلاح المقاومة

سلاح المقاومة مهما كان بسيطا فهو مؤثر، والنار دائما من مستصغر الشرر. وحماس التي تعتبرها إسرائيل اليوم أسوأ كوابيسها بدأت عملها المقاوم كما قال الشيخ أحمد ياسين في شهادته على العصر ببندقية واحدة. المهم هو أن تطور المقاومة أساليبها وإمكانايتها ومجالات عملها، فالبناء الكبير هو عبارة عن حجارة صغيرة، والصورة الكبيرة تصنع من نقط وخطوط صغيرة.

لأطفال فلسطين تاريخ يستحق أن يروى

أحد المعاني المهمة لغلاف الكتاب، وإن كان الكاتب لم يرده بالطبع، هو أن لأطفال فلسطين تاريخ يستحق أن يروى، ويدون، ويدرس، ويحتفل به، وتصنع له المسلسلات والأفلام. تاريخ سطره بالدم أبطال صغار السن، لكنهم رجال سموا بهامتهم فوق هامات الكثير من الرجال. فمن هو فارس عودة الذي صار عنوانا على انتفاضة الأقصى: إنه أحد أبناء غزة العزة، خرج مع غيره من أبطال فلسطين الصغار والكبار، الرجال والنساء، الشباب والشيوخ للدفاع عن الأقصى المبارك. وقد نال شرب الشهادة في 8 نوفمبر 2000 أثناء المواجهات مع الاحتلال.

موجز الكتاب

جاء الكتاب في مقدمة وسبعة عشر فصلا، من بينهما فصل عن الانتفاضة الأولى، وآخر عن الانتفاضة الثانية. لكننا نقدم في هذا الموجز ما أراد الكاتب توصيله للقارئ من خلال العرض المنهجي لحروب الجيل الرابع: استراتيجية وتطبيقا:

فرحة لم تتم

في الأول من مايو آيار 2003، أعلن جورج بوش الأبن نهاية القتال في العراق. ابتهج معظم الأميركيين بهذا الإعلان؛ لكن الذين يدرسون التاريخ أدركوا أن الجزء السهل قد انتهى. في الأشهر التالية، رد العراقيون بقوة. وصف بعض النقاد هذه الهجمات بأنها غير متوقعة وشكل جديد من أشكال المقاومة. وانتقد آخرون الحكومة لعدم استعدادها لهذا المستوى من الفوضى والمقاومة. كانت قوات التحالف، التي هزتها مقاومة واسعة النطاق في عدة مدن، تكافح من أجل توفير الأمن. الحقيقة هي أن الحرب دخلت مرحلة جديدة.

سمات حرب الجيل الرابع

تستخدم حرب الجيل الرابع جميع الشبكات والوسائل المتاحة: سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، لإقناع صانعي القرار السياسي لدى العدو بأن أهدافهم الاستراتيجية غير قابلة للتحقيق، أو مكلفة للغاية أكثر من الفائدة المتصورة:

ـ إنها شكل متطور من أشكال الحرب، وتقوم على المبدأ الأساسي القائل بأن الإرادة السياسية المتفوقة، عندما تُستخدم بشكل صحيح، يمكن أن تهزم قوة اقتصادية وعسكرية أكبر.

ـ على عكس الأجيال الثلاثة السابقة من الحرب والتي كانت تعتمد على عدد المقاتلين وتسليحهم وأنواع سلاحهم وفنون المناورة، فإن حروب الجيل الرابع لا تحاول الفوز من خلال هزيمة القوات العسكرية للعدو، وإنما تهاجم مباشرة عقول صانعي القرار لدى العدو لتدمير إرادته السياسية.

حروب الجيل الرابع حروب طويلة، تقاس بالعقود بدلا من الشهور أو السنوات.

الدول التي خسرت هذا النوع من الحرب

حرب الجيل الرابع هو النوع الوحيد من الحرب الذي خسرته أمريكا على الإطلاق. خسرته ثلاث مرات من قبل في: فيتنام في ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي، وفي لبنان عام 1982، وفي الصومال عام 1993. وليست أمريكا فقط هي التي هُزمت في هذا النوع من الحرب. بل كان هذا النوع هو سبب هزيمة الفرنسيين في فيتنام في خمسينيات القرن الماضي،وفي الجزائر في حرب التحرير. كما خسرها الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي. كما خسرته إسرائيل في الانتفاضتين الأولى والثانية.

محاولة للفهم

إن الهزيمة المستمرة للقوى الكبرى من قبل خصوم الجيل الرابع الأضعف بكثير تجعل من الضروري فهم هذا الشكل الجديد من الحرب والتكيف وفقا لذلك. في الواقع، لا يوجد شيء غامض حولها، فهي مثل كل الحروب تسعى إلى تغيير الموقف السياسي للعدو، وتستخدم أنظمة الأسلحة المتاحة لتحقيق هذه الغاية، وهي تعكس المجتمع التي هو جزء منه.

لا يظهر لنا التاريخ الحديث أن الاتجاه نحو حرب غير تقليدية فحسب، بل يظهر أيضا الخصائص الاستراتيجية والتشغيلية والتكتيكية التي ستتخذها الحرب المستقبلية. وحقيقة أن غير التقليدية أو 4GW فقط قد نجحت ضد القوى العظمى يجب أن تكون عنصرا أساسيا في مناقشة تطور الحرب.حدث هذا التطور، لأن الأشخاص العمليين حلوا مشاكل محددة تتعلق بمعاركهم ضد أعداء أكثر قوة. لقد ابتكرها الممارسون ورعوها واستمروا في تطويرها ونموها في مواجهة أعداء لم يتمكنوا من التغلب عليهم باستخدام الحرب التقليدية ، لذا سعوا إلى استخدام مسار مختلف. ومن خلال عملية مؤلمة من التجربة والخطأ، قام كل ممارسوا حروب الجيل الرابع بتعديلها طبقا لدروس معركته الخاصة. والنتيجة التراكمية هي شكل جديد من أشكال الحرب.

وفي تناقض صارخ مع الحروب التقليدية، فإن حروب الجيل الرابع قد انتهى كل منها بتغييرات كبيرة في الهيكل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للأراضي التي كانت مسرحا لها.

رسالة حروب الجيل الرابع

الرسالة واضحة لكل من يرغب في تغيير ميزان القوى السياسي: الحرب غير التقليدية فقط هي التي تعمل ضد القوى القائمة. لا يظهر لنا التاريخ الحديث أن الاتجاه نحو حرب غير تقليدية فحسب، بل يظهر أيضا الخصائص الاستراتيجية والتشغيلية والتكتيكية التي ستتخذها الحرب المستقبلية. وحقيقة أن غير التقليدية أو 4GW فقط قد نجحت ضد القوى العظمى يجب أن تكون عنصرا أساسيا في مناقشة تطور الحرب.

بصفتنا جالوت الوحيد المتبقي في العالم، يجب أن نشعر بالقلق من أن داود العالم قد وجد حجرا ومقلاعا يعملان.

لماذا تفشل القوى الكبرى في حروبها اليوم؟

تعتمد استراتيجية الحرب لدى القوى الكبرى على التكنولوجيا البحتة. وبشكل أساسي، تتجاهل رؤية البنتاغون لتطوير القوات المسلحة الأمريكي نجاح حرب الجيل الرابع 4GW في العقود الخمسة الماضية. وكأن أعداء المستقبل المفترضون سيتجاهلون الماضي، ويقاتلون أمريكا عن طيب خاطر في حملة عالية التقنية وسريعة الحركة تعزز كل نقاط قوتنا مع تجنب نقاط ضعفنا. تتجاهل خطة التطوير ببساطة أي إجراء يتخذه خصم ذكي ومبدع لإلغاء تقنيتنا. في الواقع، لا يتم حتى النظر في النطاقات الواسعة من العوامل الأخرى التي تؤثر بشكل مباشر على الحرب.

مفاهيم وزارة الدفاع هذه لا تسأل أبدا: كيف ستبدو الحرب المستقبلية؟، كيف نتعرف عليها أثناء تطورها؟، وكيف نستجيب لها؟

لقد قادتنا ثقتنا العليا في التكنولوجيا وتجاهلنا المتعمد للجوانب الإنسانية للحرب إلى دخول حرب من الجيل الرابع معركة 4GW ونحن مجهزون فقط بأدوات التكنولوجيا العالية المناسبة لمعركة من الجيل الثالث 3GW.

لحسن الحظ، على عكس وزارة الدفاع، فقد اتخذ مؤلفون آخرون نهجا أوسع بكثير لمسألة سبب تغير الحرب. ففي كتاب "تحول الحرب"، يسلط مارتن فان كريفليد الضوء على إخفاقات الجيوش النظامية في التعامل مع هذا التهديد المتطور. ويشير إلى أن المتمردين والثوار والإرهابيين قد تعلموا هذا النمط الجديد من الحرب، وكانوا أكثر مهارة في ذلك من الجيوش. وقال كريفيلد: إن الجيوش التقليدية والأسلحة عالية التقنية من المرجح أن تصبح غير ذات صلة. فقد شهدت السنوات الخمسين الماضية تآكلا أساسيا لاحتكار الدولة لاستخدام القوة. لذا، فأغلبية الحروب المستقبلية ستكون من النوع المعروف بحروب منخفضة الكثافة، وهو الاسم الشائع استخدامه لحروب الجيل الرابع.

نقطتان مهمتان

هناك نقطتان لهما أهمية خاصة بخصوص حروب الجيل الرابع 4GW تتعلقان بالجدول الزمني لها والطرف المهزوم فيها:

ـ تقاس صراعات الجيل الرابع بعقود بدلا من شهور أو سنوات. قاتل الفيتناميون لمدة ثلاثين عاما. ومازال الفلسطينيون يقاتلون منذ 1967. واستغرق الأفغان عشر سنوات لهزيمة السوفييت.

ـ هزمت حروب الجيل الرابع 4GW القوى العظمى. فهُزمت بسببها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في مناسبات متعددة.

عندما نبدأ دراستنا التاريخية للتحولات في الحرب، من الضروري أن نضع في اعتبارنا التحولات الرئيسية التي حدثت النشاط البشري مع انتقال العالم من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلوماتي. والتحول في اللاعبين السياسيين في الساحة الدولية، وكيفية تواصل الفرد وتحديد الولاءات الشخصية. يظهر التاريخ أن التغيرات المجتمعية بهذا الحجم لا يمكن أن تحدث دون تغيير جوهري في الطريقة التي تدار بها الحرب اليوم.

التعليق

الدرس الكبير الذي نخرج به من هذا الكتاب أن مسار التاريخ لم تعد ترسمه القوى الكبرى وحدها؛ بل صار للمستضعفين دور في كتابة التاريخ وصناعة المستقبل متى امتلكوا الإرادة القوية لتحقيق ذلك. فالمقاومة تستطيع أن تصنع النصر.

هذا هو درس النصف الثاني من القرن العشرين والسمة الأساسية للقرن الحادي والعشرين. وهذا ما يجب أن يكون أمام أعيننا في حرب طوفان الأقصى التي تواجه فيها غزة تحالفا دوليا تتزعمه الولايات المتحدة، والقوة العسكرية الرئيسية فيه هي إسرائيل مدعومة بأكبر حاملتي طائرات في العالم قوات دلتا الأمريكية ودعما غير محدود من السلاح الأمريكي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب العرض امريكا كتاب عرض نشر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حروب الجیل الرابع غیر التقلیدیة التی کانت من الحرب لا یوجد حرب غیر من خلال یجب أن

إقرأ أيضاً:

الميدان الغزاوي يتكلّم: من يملكِ الإرادةَ والميدان يفرِضْ معادلة النصر

يمانيون../
في مشهدٍ يختصرُ سنواتٍ من التجربةِ القتاليةِ والخِبرة العملياتية، تُثبِتُ فصائلُ الجهاد والمقاومة الفلسطينية في غزة، قدرتَها على إدارةِ معركة معقَّدة متعددة الأبعاد، في مواجهة واحدة من أكثر الجيوش تطوُّرًا في المنطقة.

وفي الوقت الذي تُكثّـفُ فيه قواتُ الاحتلال الإسرائيلي من هجماتها على القطاع وتدفع بثلاث فِرَقٍ هي من أفضل فرقها العسكرية إلى جبهات القتال، ترد المقاومة بعملياتٍ نوعية تكتيكية تعيد خلط الأوراق وتُظهِرُ هشاشةَ الرواية الصهيونية حول “القضاء على البنية التحتية للمقاومة”.

الموقف العملياتي خلال الـ48 الساعة الماضية:

وفيما أكّـدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصهيونية، أن رئيس الأركان في جيش الكيان أبلغ الطاقمَ الوزاري المصغَّر بوجود “نقص كبير في عدد المقاتلين بالجيش”.

اعترفت إذاعة جيش الاحتلال، بأن “قوةً من الجيش دخلت لأحد المنازل في حي الشجاعية، وتم محاصَرتُها ووقعت في كمين، ويتم إجلاؤُهم الآن عبرَ مروحيات وحدة الإنقاذ ٦٦٩”.

بدورها، أعلنت كتائبُ القسَّامِ الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في بيان، أمس الأحد، “تمكّن مجاهدو القسام من تفجير منزل مفخخ مسبقًا في قوة صهيونية خَاصَّة تسللت إلى منطقة أبو الروس شرق مدينة رفح جنوب القطاع وأوقعوهم بين قتيل وجريح”.

من جانبها، قالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، في بيان لها اليوم الاثنين: “تمكّن مجاهدونا من قنص قنّاص صهيوني كان يعتلي تلةَ المنطار بحي الشجاعية شرق مدينة غزة”.

وأكّـدت الأحد، قصفَها بقذائف الهاون النظامي (عيار 60) تمركزًا لجنود وآليات الاحتلال “الإسرائيلي” المتوغلين في منطقة محور رفح الذي يسمِّيه العدوّ محور “موراج”، وبصواريخ (107) موقع قيادة وسيطرة لجيش العدوّ في منطقة “عوض الله” بمخيم يبنا”.

كما أعلنت المقاومة أنها سيطرت على طائرتين من نوع “كواد كابتر” خلال تنفيذهما مهامَّ استخباريةً وسط قطاع غزة.

وقالت كتائب الشهيد “أبو علي مصطفى” في بيان الأحد: “أسقطنا طائرة مسيّرة للاحتلال من طراز “بوما ريدر”، أثناء تنفيذها مهامَّ استخباريةً وعدائيةً شرقي غزة”.

سياسيًّا، قالت حركة حماس: إن “الأسرى الصهاينة لن يعودوا بالتصعيد العسكري بل بقرار يرفض نتنياهو اتِّخاذه”، مؤكّـدةً على أنه “لن يحرز وحكومته أي تقدم بمِلف الأسرى دون صفقة تبادل؛ فالتصعيد مقامرة خاسرة على حساب أسراه”.

مقاومة غزة تتحدَّى آلةَ الحرب وتُسقِطُ روايةَ الاحتلال:

موقع “المسيرة نت” مستشرفًا آراء الخبراء العسكريين في قراءةٍ تحليلية لواقع الميدان خلال الساعات الـ48 الماضية في غزة، والذين لفتوا إلى تحولٍ نوعي في مفهوم الحرب “اللامتناظرة”، فالمقاومة الفلسطينية لم تعد مُجَـرّد مجموعات فدائية تعمل بردود أفعال آنية، بل باتت تمثل منظومة قتالية متكاملة.

ويؤكّـد الخبراء أن المقاومة تعتمد على العمل وفق بنك أهداف استخباراتي دقيق، يتضح من اختيار التوقيت ونوع الأهداف بدقةٍ عالية، وعلى مرونةٍ ميدانيةٍ في الحركة والتخفي والكمائن والقنص؛ ما يدل على تدريب ميداني متقدم، وتنسيقٍ عالٍ بين الوحدات المختلفة.

ويشير الخبراء إلى أن المقاومة استطاعت دمج الوسائل النارية التقليدية بالتكنولوجيا، عبر اعتراض الطائرات المسيرة الإسرائيلية، أَو استخدام طائرات استطلاع للرد التقني على الهجمات.

كما تفوقت المقاومة في إدارة موازيةٍ للجبهة النفسية والإعلامية، والتي تمثلت في بياناتٍ دقيقة ومصوّرة تربك الجبهة الداخلية للعدو وتكسب تعاطف الرأي العام الداخلي والعالمي.

ومن منظورٍ تكتيكي -بحسب الخبراء- فقد فشلت القوات الإسرائيلية حتى اللحظة في فرض السيطرة النارية أَو البرية على مناطق الاشتباك، وهذا مؤشر حاسم على توازن ردعي بات حقيقيًّا وملموسًا في الميدان.

ومن الناحية الاستراتيجية، فَــإنَّ عدم القدرة على الحسم، مع تصاعد الخسائر النفسية والعسكرية والسياسية، يعكس عجز المنظومة العسكرية الإسرائيلية عن فهم طبيعة الخصم، الذي لا يقاتل فقط؛ مِن أجلِ النصر، بل؛ مِن أجلِ الوجود.

معادلة التفوق الميداني.. من يملك زمام المبادرة؟

وأثبتت التطورات الميدانية خلال الـ 48 الساعة الماضية، أن المقاومة لا تزال تحتفظ بمبادرة الردع والرد، عبر استخدام تكتيكات حرب عصابات متقدمة، شملت حتى الآن، وفقًا لبيات المقاومة؛ تفخيخ المنازل واستهداف القوات المتسللة كما حدث الأحد، شرق “رفح”.

واعتمدت المقاومة على القنص كما حدث في “حي الشجاعية”، مع استخدام الأسلحة الصاروخية المتنوعة (قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى)؛ ما ينفي المزاعم الإسرائيلية بالقضاء على القوة الصاروخية.

كما يؤكّـد إسقاط طائرات مسيرة استخبارية (بوما ريدر)، والسيطرة على طائرات (كواد كابتر)، على تقدم تقني متزايد لدى وحدات الدفاع الجوي التابعة للمقاومة.

وفي سياق رسائل الأسرى، تواصل المقاومة المعركة النفسية والسياسية، حَيثُ وجهت المقاومة صفعة معنوية وسياسية جديدة لحكومة الاحتلال حين أكّـدت أن مصير الأسرى لن يُحسم بالنار بل بقرار سياسي ترفضه القيادة الإسرائيلية.

وبهذا التصريح، وضعت حماس المجرم “نتنياهو” أمام مسؤوليةٍ مباشرةٍ تجاه عائلات الأسرى الصهاينة، ما يضاعف الضغط الداخلي ويخلق انقسامًا في بيئة القرار داخل الكيان الممزق أصلًا.

موقف العدوّ العملياتي.. تعثر رغم التفوق التقني

ورغم الدعمِ اللوجستي والاستخباري اللامحدود، والاعتمادِ على فِرَقٍ مدرَّبة (كالفرقة 36 في رفح، والفرقة 143 في الشابورة وتل السلطان، والفرقة 252 شمال القطاع)، تُظهِرُ النتائج الميدانية أن الاحتلال عاجز عن تحقيق أي اختراق فعلي أَو نصر ميداني حاسم.

ووفقًا للمعطيات الميدانية، فَــإنَّ المعارك خلال الـ 48 الساعة الماضية تكشفُ عنْ استنزافٍ مُستمرّ في العنصر البشري والمعدات، كما أن اعتمادَ العدوّ على تكتيك “الأرض المحروقة” بلا مكاسبَ استراتيجية، يؤكّـدُ الفشلَ المتكرّر في رصد وتدمير شبكة الأنفاق ومخابئ السلاح رغم التطور التكنولوجي.

وخاضت المقاومة اشتباكًا مركَّبًا، على شكل اشتباكٍ ناري مباشر عبر القذائف والكمائن والقنص، واشتباك تقني في مواجهة الطائرات المسيّرة، واشتباك نفسي وإعلامي عبر البيانات الميدانية والتسجيلات المصوَّرة؛ ما يعكس تطورًا غير مسبوق في أداء فصائل الجهاد والمقاومة من حَيثُ التنظيم، ووحدة القرار، وامتلاك أدوات الحرب الشاملة.

ورغم الحرب المدمّـرة التي تشنها آلة الحرب الصهيونية منذ “555” يومًا، تقفُ المقاومة الفلسطينية اليوم كقوةٍ عسكرية منضبطة، قادرة على مجاراة جيش الاحتلال الإسرائيلي في ميدان الحرب الحديثة، وتوجيه ضربات موجعة تفقِدُه توازنَه السياسي والميداني.

وهذه الحقيقة لا تنبع فقط من عناد القتال والمواجهة، بل من معادلةٍ جديدةٍ عنوانُها: “مَن يملِكِ الإرادَة والميدانَ، يفرِضْ معادلةَ النصر”.

عبدالقوي السباعي| المسيرة

مقالات مشابهة

  • نزع سلاح المقاومة الفلسطينية: المعركة الأخيرة للمحتل
  • ‏تسريب الهجوم البري الأمريكي في اليمن: قراءة استراتيجية في تكتيكات الحرب غير المعلنة
  • وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
  • كتاب: اغتصاب العقل البشري
  • حماس ترد قريبا على مقترح الوسطاء وترفض نزع سلاح المقاومة
  • ماذا وراء الحديث عن نزع سلاح المقاومة كشرط لوقف الحرب في غزة؟
  • فصيل فلسطيني يُعقّب على الشرط الإسرائيلي للتهدئة بنزع سلاح المقاومة
  • الميدان الغزاوي يتكلّم: من يملكِ الإرادةَ والميدان يفرِضْ معادلة النصر
  • مقترح مصري جديد يتضمن نزع سلاح المقاومة وحماس ترد بالرفض
  • الهدنة مقابل السلاح.. حماس ترد على مقترح جديد لوقف الحرب في غزة