مع تزايد تهديدات الاحتلال بتنفيذ العملية البرية في قلب غزة استمرارا لعدوانه المستمر منذ اثني عشر يوما، قدرت أوساطه العسكرية أنه سيتعين على قواته المسلحة التوغل في عمق غزة، وهي المنطقة التي يعمل فيها الآلاف من نشطاء حماس من خلال شبكة الأنفاق، مما سيجعل من أي هجوم بري بمثابة كارثة على حياة المدنيين في غزة، كما ينطوي على مخاطر جسيمة بالنسبة للقوة العسكرية الإسرائيلية التي ستنفذه.



دان أركين المحلل العسكري في مجلة يسرائيل ديفينس ذكر أن "الخطر الأساسي يكمن في أن مثل هذا الهجوم سوف يوسع دائرة القتال، وستضطر القوة العسكرية الإسرائيلية للتوغل في عمق غزة، وهي المنطقة التي يعيش فيها عشرات آلاف الفلسطينيين، ويعمل آلاف من أعضاء حماس من خلال شبكة من الأنفاق، ولتحقيق هدف القضاء على حماس، ستحتاج إسرائيل قتالا طويلا ودمويا ضد مقاتلي حرب العصابات، الذين يعرفون جغرافيا قطاع غزة المكتظ بالسكان".

ونقل في تقرير ترجمته "عربي21" عن رافائيل كوهين، الباحث في العلوم السياسية بمعهد راند الأمريكي أن "العملية البرية ستكون قذرة للغاية، ولن يكون من السهل اقتلاع كل ما هو موجود هناك في عمق غزة، ولتحقيق ذلك لابد من شن عملية عسكرية واسعة النطاق تستمر فترة طويلة، ويسقط فيها كثير من الضحايا، وهناك تعقيدات إضافية متعلقة بإنقاذ أكثر من 199 مختطفاً، بينهم أمريكيون وجنسيات أخرى، فضلا عن كون هذه العملية البرية قد تؤدي لاندلاع جبهة جديدة مع حزب الله".


وأضاف أن "المسؤولين الإسرائيليين مصممون على الانتقام بعد أن قتلت حماس 1300مستوطنا وجندياً، لذلك يبدو الهجوم البري وشيكاً بعد أن أمر الاحتلال من مليون مواطن في غزة مغادرة منازلهم باتجاه الجنوب، بينما تغلق مصر حدودها، وتمنعهم من الخروج، وفرض الاحتلال حصارا على القطاع أدى لقطع الوقود والكهرباء، وتحذيرات من أزمة إنسانية، وإذا أراد نتنياهو الوفاء بوعده بالقضاء على حماس، فسيتعين عليه إرسال جيشه إلى عمق غزة، رغم أن التأخير بدخولها ينبع من الحاجة للاستعداد، وممارسة الضغط على الفلسطينيين، والحاجة لجمع معلومات استخباراتية عن المختطفين، لمعرفة الأماكن التي لا يجب مهاجمتها".

فيل أندرو، خبير استشارات الأزمات في مجموعة باكس، وقضى 21 عاما في مكتب التحقيقات الفيدرالي يتعامل مع قضايا الرهائن، ذكر أنه "من المهم جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخبارية، وقد كان تأجيل العملية البرية خطوة إسرائيلية محسوبة، لأنها تتمتع بالقدرة على تحديد وتيرة العمليات، ولن يكون سهلا تحديد مكان الأسرى المختبئين في مواقع مختلفة في غزة، ويخضعون لسيطرة حماس، لكن إسرائيل تخاطر عندما تهدد بتدمير حماس، دون إطلاق سراح المختطفين أثناء احتجازهم وهم على قيد الحياة بعد أن هددت حماس بقتلهم إذا تواصل الضغط عليها".

الجنرال رونين إيتسيك عميد الكلية العسكرية الأسبق، أكد أن "الاعتقاد بإمكانية القضاء على حماس دون عملية برية هو وهم يجب التخلص منه، لأنه لا توجد قدرة حقيقية على إحداث تغيير جذري في الوضع في غزة دون اتخاذ إجراء ميداني، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال العملية البرية، بعد أن شهدت السنوات الأخيرة اشتداد الجدل حول الحاجة لهذه العملية في عصر النيران الدقيقة وقدرات التكنولوجيا في البحر والجو، رغم الحاجة لها في ظل معارك المدرعات والتحرك في العمق العملياتي لأراضي العدو".

وأضاف في مقال نشرته مجلة يسرائيل ديفينس، وترجمته "عربي21" أن "هناك جنرالات قالوا في السنوات الأخيرة إننا لا نحتاج لهذه العملية البرية بزعم أنه لا يوجد تهديد وجودي حقيقي على إسرائيل، واليوم بعد هجوم حماس المفاجئ تبين أنهم كانوا مخطئين، رغم أن كل الصراعات الأخيرة في إسرائيل أشارت إلى اتجاه مختلف، لأنه لا تزال هناك أوساط في الجيش والمستوى السياسي تعتقد أن الحروب يمكن حلها بإطلاق نيران دقيقة مع تجنب المناورات البرية التي يمكن من خلالها الوصول بعمق أراضي العدو، الذي أصبحت أكثر تحصيناً بفعل الأنفاق الضخمة تحت الأرض".


وأشار إلى أنه "يمكن القول أن حماس بنت كل قوتها على مر السنين تحت الأرض، وحقيقة وجود العدو تحت الأرض، واستثمار موارد هائلة في بناء قدرات إطلاق الصواريخ، تتطلب عملاً واسع النطاق على الأرض، ولا توجد قدرة حقيقية على تغيير الوضع بشكل جذري دون القيام بعمل بري، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المناورة البرية، وطالما أن المستوى السياسي الإسرائيلي صرح في بداية الحرب الحالية أن الجيش مطالب بتدمير الذراع العسكري لحماس، فهذه مهمة تتطلب مناورة برية".

وأوضح أنه "لهذا الغرض، سيتعين على الجيش تدمير الجزء الأكبر من القوة القتالية للحركة، تتطلب تفكيك نظام القيادة والسيطرة، ومسح مناطق القدرات القتالية، ولو أمكن الحصول عليها جزئيًا من الجو، فبعضها سيختفي، ولا يمكن ملاحقته إلا من الأسفل، وإن الهجوم بغرض التدمير المنهجي لقدرات الإطلاق لا يتم من الجو فقط، لأن القوات الجوية ستكون مسئولة عن منع دخول الجهات المعادية في الدائرة الثانية مثل حزب الله، مما يستدعي مناورة برية في غزة فقط، تكون ضخمة ودقيقة جداً، لاستهداف مناطق الثقل العسكري لحماس".

تشير هذه القراءات الإسرائيلية الى سعي الاحتلال لتحقيق أهدافٍ متعددة من العدوان البريّ الذي يلوّح به على غزّة، عسكرية وسياسية وأمنية، لكنه لا يضمن تحقيقها أمام العوائق التي قد تعترضه، ما قد يجعله يطيل أمد هذا العدوان وجغرافيته، طالما أنّه يحظى بإسناد أمريكي، وليس فقط لانتزاع "صورة نصر" كما جرت العادة، لأننا اليوم أمام عدوان مختلف عن سابقه، وهو يزعم أن مشاهد الدمار الحالية تمنحه ما يكفي من الصور، فيما تبقى شراسة المقاومة، ودخول جبهات أخرى على خط المواجهة، كفيلة بكبح جماح هذه الاجتياح البرّي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس هجوم بري حماس غزة هجوم بري دولة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العملیة البریة عمق غزة من خلال فی غزة بعد أن

إقرأ أيضاً:

حماس: مقتل إحدى المحتجزات في منطقة تتعرض لعدوان إسرائيلي شمال غزة

حماس.. أعلنت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، مساء اليوم السبت، مقتل إحدى المحتجزات في منطقة تتعرض لعدوان إسرائيلي شمال قطاع غزة، حسبما ذكرت قناة القاهرة الإخبارية.

وأكدت حماس في بيان لها: «لا يزال الخطر محدقا بحياة محتجزة أخرى كانت مع المحتجزة التي قتلت شمال قطاع غزة».

وأضافت حماس: «مجرم الحرب نتنياهو وحكومته وقادة جيشه يصرون على الإمعان في التسبب بمعاناة أسراهم ومقتلهم».

وأشارت حماس، إلى أنه على الاحتلال الإسرائيلي الاستعداد للتعامل مع اختفاء جثث أسراه القتلى بسبب التدمير الواسع واستشهاد بعض الأسرى.

عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة

ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي مستمرا في عدوانه على قطاع غزة حتى اليوم السبت 23 نوفمبر 2024 الذي يوافق اليوم 414 منذ بداية عدوانه، الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023، بعدما أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية، شارة البداية لمعركة طوفان الأقصى.

وارتفع عدد شهداء غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 44176 شهيدا، حسبما أعلنت الصحة الفلسطينية، وأضافت أن عدد الإصابات ارتفع إلى و104473 مصابا

وتواصل مصر وساطتها الدبلوماسية بمشاركة قطر، من أجل الضغط على إسرائيل، لإتمام صفقة تبادل المحتجزين مع حركة حماس، والقبول بوقف إطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين، حيث أنه لا يمكن تجاهل الوضع الكارثي الذي يمر به سكان قطاع غزة، الذين يواجهون الموت بسبب الجوع ونقص الدواء، جراء استمرار العدوان المتواصل منذ 7 أكتوبر الماضي.

اقرأ أيضاً«القاهرة الإخبارية»: هناك خطوط عريضة مقترحة للصفقة مع «حماس» تشمل مرحلة إنسانية لوقف الحرب

أول تعليق من «حماس» على قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال «نتنياهو» و«جالانت»

البيت الأبيض: مصر وقطر جزء من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: عصابة نتنياهو تروج معلومات كاذبة لإنقاذه
  • حماس: إعدام شاب وطفل في يعبد سيزيد إصرار شعبنا على مقاومة الاحتلال
  • قيادي في حماس: أرض غزة ستظل مقاومة والعدو إلى زوال
  • مسؤول إسرائيلي: صفقة غزة قريبة.. وحماس "مستعدة للتنازل"
  • مسؤول إسرائيلي: صفقة غزة قريبة.. وحماس "مستعدة للتنازل"
  • بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
  • حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة
  • حماس: مقتل إحدى المحتجزات في منطقة تتعرض لعدوان إسرائيلي شمال غزة
  • مقتل 16 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة بغزة
  • بعيو: لا يمكن استمرار تأجيل النتائج وإلاّ تعرضت العملية الإنتخابية البلدية كلها للفشل