قال الشيخ طاهر فاروق زيد، مدير إدارة حوار بدار الإفتاء المصرية، إنه ينبغي عند معالجة أو تناول أي قضية من القضايا التي تشغل قطاعًا كبيرًا من الناس، وتتشابك بين تخصصات مختلفة أن يتم تناولها بشكل شامل ومتكامل، لأنه من القصور النظر إليها من زاوية معينة وإغفال باقي زوايا النظر؛ ذلك أن المعالجة وقتها ستكون معالجة ناقصة وربما متحيِّزة، ومن ضمن المسائل التي تتجاذبها مجموعة من وجهات النظر "المسألة الجنسية"، وما يتفرع عنها من ممارسة في أرض الواقع ترتب عليها أحكام سواء شرعية أو قانونية.

جاء ذلك خلال كلمته بالجلسة العلمية الثانية "الفتوى والتحديات الفكرية والأخلاقية" ضمن فعاليات مؤتمر "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة" مضيفًا أن العصر الحديث طرح مجموعة من التحديات التي تستهدف الإنسان من حيث هو إنسان، وتهدد نظرته لنفسه وللكون الذي يعيش ويتحرك من خلاله، وللدين الذي يعتنقه، ومن ضمن تحديات الألفية الثالثة "التحديات الأخلاقية"، ولا أدلَّ على ذلك من حالة السيولة الأخلاقية التي نحيا فيها، والتي تجعل الإطار الذي نحكم به على أي فعل بالقبول أو الرفض مستبطنًا حالة سائلة غير ثابتة نسبية لا يحكمها إطار جامع محدَّد لا حكم للشرع أو القانون فيها، هذا ما تؤدي إليه دائمًا حالة السيولة سواء الفكرية أو المعرفية أو الدينية أو الأخلاقية.

وأشار الباحث إلى أن سلامة ونجاة الإنسان في تحديد ما هو عليه، وتتمثل إشكالية اضطراب الإنسان في تحديد هُويته إلى جانب إشكاليات اجتماعية ودينية مترتبة على ذلك، ومن أهم الهُويات التي تعوق الإنسان في حياته إن لم يدرك كنهها ويتوصل إليها، هي تلك التي تُعرف بـ"الهُوية الجنسية"؛ ذلك أن الهوية الجنسية سيرورة معقدة تبدأ من الحمل لتستمر من خلال مظاهر النمو النفسي الجنسي، وتتحدد من خلال تفاعل بين مظاهر موضوعية وأخرى ذاتية، تعطي الفرد الإحساس بالانتماء إلى جنس محدد، حيث إن جنس الإنسان يتحدد بعوامل عديدة مجتمعة. 

الفطرة هي الخلقة الأولى التي خلق الله الخلق عليها

وشدد على أن الفطرة هي الخلقة الأولى التي خلق الله الخلق عليها، وركّب فيها الاستعداد الأوَّلي للتعلم والمعرفة، فاستقبال الإنسان هنا للمعرفة التي توجه أصل فطرته للقبول أو الرفض هو الاكتساب والتحصيل. فهناك إذن دوافع فطرية أصيلة، وهناك كذلك دوافع اكتسابية يكتسبها الإنسان من البيئة والتربية والأفكار والمعتقدات التي تمر بعقله وقلبه.

وأوضح أن الغريزة المُركَّبة في الإنسان في نظر الشرع لها طُرق محددة في طريقة تفريغها والكيفية التي بها تتم، لأنَّ أفعال الإنسان في الدنيا وقت تكليفه لها تعلقات بأحكام شرعية، فما من فعل يفعله المكلف إلا وللشرع فيه حكم، فإما يكون واجبًا، وإما مستحبًّا، وإما مباحًا، وإما مكروهًا، وإما حرامًا، فيوجه الإنسان ممارسته وأفعاله وفق الأحكام الخمسة.

وأكد أن الشريعة تناولت صور الشذوذ الجنسي بالتفصيل ونفرت منها ووصفتها بالفواحش ونصَّت على عقوباتها، وهي نوعان: المثلية الذكورية، المثلية الأنثوية.
وأما عن دَور الفتوى في معالجة هذه الظاهرة (المثلية الذكورية، والأنثوية) فقال: إن الفتوى الشرعية من الأمور التي تساعد في حالة الاستقرار المجتمعي، والقضاء على الظواهر السلبية، وفي هذا الإطار سعت دار الإفتاء المصرية إلى إصدار فتوى علمية مؤصلة بخصوص حالة الشذوذ الجنسي وما يحيط بها، وما يعتريها من أفكار، وما انبنى عليها من فلسفات مادية، تحاول ألا يكون للنهج الديني مكان في ممارسة الناس، وهو ما تأباه الأديان وأتباعها.

وعن تعامل الفتوى مع ظاهرة تحويل الجنس أكد الباحث أن الفتاوى الصادرة من دار الإفتاء المصرية حاولت الوقوف على رأي الطب في هذه المسألة، فاستخدمت مصطلح "التصحيح"، بدلًا عن "التحويل" وهناك فارق كبير بين المصطلحين، فالتصحيح يعني: تحديد أحد المسارين للإنسان الذكورة أو الأنوثة، والتحويل هو: إنشاء مسار جديد على حساب مسار قديم، مشيرًا إلى أن هناك فارقًا بين المسارين، فالتصحيح يتعامل مع الحالة على أنها حالة مرضية، تُعدُّ من قبيل الاضطرابات الجنسية، وتعرف بـ"Transsexualism" الذي تتطلب تدخُّلًا جراحيًّا، يحدد المسار الأقرب لطبيعة الإنسان وما يظهر عليه من أمارات أكثر من الأمارات الأخرى.

وشدد على أنّ التحويل لا يعد نوعًا من الاضطراب، ولكنه إرادة حرَّة بها يقرر الشخص أنه يريد التحويل كحق من حقوقه؛ ولهذا توافق فتاوى دار الإفتاء المسار الأول وهو التصحيح، وترفض المسار الثاني وهو التحويل.

واختتم مدير إدارة حوار كلمته بالتأكيد على أن "المسألة الجنسية" أعم من كونها العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة، لكنها اتخذت أشكالًا من الاتساع استوجب ذلك إمعان النظر في كل جديد يحيط بها، وأنَّ هناك فرقًا بين مصطلح "الفطرة" وبين مصطلح "التنشئة"، وأن الجنس بمعنى النوع البيولوجي يختلف عن الجندر وهو النوع الاجتماعي، كما تطرحه الأدبيات الحديثة، وكذلك التطبيع مع المصطلحات الحديثة لن يجعلها تأخذ الشرعية، كالمثلية الذكورية بديلًا عن اللواط، والمثلية الأنثوية بديلًا عن السحاق، فضلًا عن أنَّ الموقف الإفتائي يؤكد على مصطلح "التصحيح" ويرفض "التحويل".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: قضية القضايا المسائل الإنسان فی على أن

إقرأ أيضاً:

في 6 نقاط.. مرصد الأزهر يصدر روشتة للوقاية والحد من الشذوذ الجنسي

كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، روشتة للوقاية والحد من الشذوذ الجنسي، أعدته وحدة البحوث والدراسات.

وأوضح المرصد، خلال الروشتة أن الوقاية والحد من الشذوذ الجنسي تتطلب اتباع نهج شامل يجمع بين التربية السليمة، والدعم النفسي، والتوعية المجتمعية.

روشتة الحد والوقاية من الشذوذ الجنسي

وجاءت الروشتة على النحو التالي:

1 - التربية السليمة:

تبدأ من المنزل من خلال توجيه الأطفال منذ الصغر نحو تعرّف هويتهم الجنسية الطبيعية، والحوار المفتوح حول الثقافة الجنسية، وتطوير علاقة صحية مع الجسم والجنس الآخر، بما يعزز الفطرة الطبيعية، كما يجب أن يغرس الأهل والمربين قيم الأخلاق والعفة، وتعليم الأطفال أهمية الروابط الأسرية الصحيحة والمبنية على الزواج بين الرجل والمرأة.

2 - التوعية الجنسية المبكرة:

من المهم تقديم تثقيف جنسي يتناسب مع الأعمار المختلفة، يركز على بيان أهمية العلاقات الطبيعية، ويشرح بشكل علمي وسليم العواقب النفسية والاجتماعية لأية سلوكيات جنسية غير طبيعية تخالف الفطرة الانسانية.

3 - الدعم النفسي والتربوي:

- الاضطرابات النفسية التي قد يواجهها الفرد في الطفولة أو المراهقة، مثل: الاكتئاب، أو القلق، أو الصدمات، والتي قد تؤثر على تطور الهوية الجنسية، والتدخل النفسي المبكر، بما يمكن أن يمنع تطور هذه الاضطرابات وتحولها إلى سلوكيات جنسية غير طبيعية، فالأطفال الذين ينمون بثقة في هويتهم وقدراتهم هم الأقل عرضة للتأثر بالضغوط الخارجية التي قد تدفعهم إلى الشذوذ أو الاضطرابات الجنسية.

4 - الإشراف على المحتوى الإعلامي والتقني المقدّم للمجتمع وخاصة النشء والمراهقين بهدف الحد من التعرض للمحتويات الضارة بما في ذلك الأفلام والبرامج التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، والتي تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل وعي الشباب حول العلاقات الجنسية، فالإشراف على المحتوى والتوجيه نحو مصادر تثقيفية سليمة يحمي النشء والشباب من التبني غير الواعي للسلوكيات الشاذة، فيجب أن يكون للأهل دور في مراقبة استخدام أبنائهم للإنترنت، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، لمنع التعرض لأي محتوى غير مناسب قد يؤثر على توجهاتهم.

5 - التدخل العلاجي المبكر من خلال العلاج النفسي ففي حال ظهور علامات على توجهات جنسية غير طبيعية (الشذوذ الجنسي)، من المهم تقديم الدعم النفسي والعلاج السلوكي في وقت مبكر.

6 - يعدّ العلاج السلوكي المعرفي من أهم الأساليب العلاجية التي تسهم في تعديل الأفكار والسلوكيات الجنسية غير السوية، ودعم الأسر في فهم كيفية التعامل مع أي اضطراب جنسي يظهر عند أحد أفرادها وتوفير الوقاية من تطوره، كما يجب على الأهل طلب المشورة من مختصين في حال ملاحظة سلوكيات جنسية غير طبيعية على الأبناء.

الشذوذ لا يرتبط بالفطرة أو الطبيعة

وشدد المصدر، على أن الشذوذ لا يرتبط بالفطرة أو الطبيعة أو التكوين الفطري في الإنسان كما يزعم البعض، بل هو اضطراب نفسي وجنسي يُولد من عمق معاناة أو تشوه في النمو العاطفي والنفسي للفرد، وحين نعود إلى الجذور العلمية والنفسية لهذا السلوك، نجد أن الشذوذ الجنسي لا يصدر إلا عن أشخاص مذبذبين في هويتهم، مضطربين في مشاعرهم، لا يعتنقون إيمانًا صحيحًا، ولا يتبعون فكرًا قويمًا، إنما هم أشخاص ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أوراق شجر في فصل الخريف تعصف بهم الرياح يمينًا ويسارًا ويتجهون إلى كل ما هو غريب غير مألوف، بدافع التجريب أو التمرّد على الطبيعة أو إشباع رغبات شيطانية تأباها النفوس السوية وترفضها الشرائع كافة.

اقرأ أيضا..

فرصة ثمينة لتعزيز التعاون.. السيدة انتصار السيسي تلتقي قرينة رئيس كولومبيا

هل يتم تعطيل الدراسة بسبب الأمطار؟.. الأرصاد تكشف التفاصيل

وزارة الثقافة تُطلق أبلكيشن "نونو" حول أدب الطفل

تسبب أمراض خطيرة.. خبير يُحذر السيدات من الطبخ في الأواني السيراميك -(فيديو)

مرصد الأزهر الشذوذ الجنسي الحد من الشذوذ الجنسي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: أحمد المسلماني رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام.. وأسامة كمال عضوا الأخبار المتعلقة مرصد الأزهر: ارتفاع مؤشر الهجمات الإرهابية في باكستان في أكتوبر الماضي أخبار مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة التطرف الاستهلاكي أخبار في الذكرى الأولى للعدوان.. الأزهر يستعرض أبرز انتهاكات الاحتلال في غزة أخبار مرصد الأزهر: اقتحامات مكثفة للمسجد الأقصى مطلع خلال 2024 أخبار أخبار مصر أحمد المسلماني رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام.. وأسامة كمال عضوا منذ 15 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر في 6 نقاط.. مرصد الأزهر يصدر روشتة للوقاية والحد من الشذوذ الجنسي منذ 19 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر

مقالات مشابهة

  • حكم العلاج بالحجامة في الشريعة والسنة
  • رقم ضخم.. عدد العائلات التي مسحت من السجل المدني في قطاع غزة
  • مقاصد الشريعة بين ظاهر النص وباطنه.. مقارنة بين ابن عاشور والإمام الشاطبي
  • مرصد الأزهر: بعض المنصات الإعلامية تلعب دورًا كبيرًا في تطبيع الشذوذ الجنسي
  • من المنزل تبدأ الوقاية.. مرصد الأزهر يشدد على أهمية التربية الجنسية الصحيحة
  • في 6 نقاط.. مرصد الأزهر يصدر روشتة للوقاية والحد من الشذوذ الجنسي
  • محام: الدولة اتخذت إجراءات غير مسبوقة لتحسين حالة حقوق الإنسان
  • حلقة عمل حول تحويل المهارات إلى منتج تسويقي بمحافظة مسندم
  • العنف ضد النساء.. ما وضع المرأة العراقية؟
  • بالفيديو.. لندن تشهد لقاء وتكريم أطول امرأة في العالم التركية روميسا التي تناولت الشاي مع أقصر امرأة بالعالم الهندية جيوتي