يا ويل النساء من الجيش والدعم السريع!!

بثينة تروس

مر نصف عام من الأحزان التي غطت سحائب ظلامها كل بيت في السودان، منذ اندلاع لهيب الحرب العبثية في منتصف ابريل، وعلت أصوات دعاة استمرار الحرب والموت (البلابسة) وأضحت المطالبة بالسلام في عرفهم خيانة للوطن! وشاعت نفس ظاهرة الجدل التي أنكرت أن للإخوان المسلمين (دولة عميقة) بعد ثورة ديسمبر، وتوجت بنجاح الفلول في تعويق الحكم المدني الانتقالي، وتهديد قادته بالإغتيالات، والتكفير، ما بين (الزحف الأخضر) لحماية الشريعة، والمطالبة بالجهاد ضد الحكومة الانتقالية.

.

ولقد نجح أفراد قوات الدفاع الشعبي في الاصطفاف حول البرهان ودعموا انقلابه، ثم كانوا من أطلق الطلقة الأولى في المدينة الرياضية، ليبدأ فصل جديد شاع فيه الموت والدمار في بلد منهار اقتصادياً، ولا يزال يعاني من حالة توهان سياسي بلا هدى أو بصيرة، عجز فيه الساسة عن الاجتماع حول مكون مدني يوقف هذه الحرب المدمرة..

نعم لايزال الجدل مستمراً، حول ما هي مفاهيم التمرد، من الانتماء (الرحمي) لكلا الفصيلين المتقاتلين، اللذين يربط بينهم الحبل السري الإخواني الإسلاموي، وحرب (المكبراتية) تستعر وكل طرف فيها يكبر ويهلل قبل أن يعتدي ويقتل الطرف الآخر أو يقتل المواطنين الأبرياء، وكل منهما يطلق على قتلاه شهداء!

إن القوتين المتقاتلتين هما العدو الحقيقي للشعب، لا فاصل حاد بينها، ففي سبيل تمسك الإخوان بالسلطة استخدموا سلطة العسكر واللجنة الأمنية كرباج لإخضاع المدنيين، بعد أن منحوهم من ميزانية الدولة 82% وأبقوا لتعليم أبناء المواطنين 2%، وبدوره استخدم الجيش مليشيا الدعم السريع.. فحين تقاتلا في منتصف ابريل ارتكبا سوياً، الانتهاكات الفظيعة من موت، ومطاردات، واعتقالات طالت جميع فئات الشعب السوداني.. لم ترحم مريض، أو طفل أو عجوز..

وكانت أجساد النساء مسرحاً للعنف الجسدي، فهي حالة متواصلة الأمد في المشترك بين الجيش ومليشيات الدعم السريع/ الجنجويد، في فترات الحروب، وبالأحرى طوال فترة حكم الإخوان المسلمين، فقد تم ابتداع، سلاح الاغتصاب، وذل الشعب بامتهان كرامة رجاله ونسائه، لتصفية الخصومات السياسية، فهو بدعة الإسلاميين التي أجادوها طوال ثلاثين عاماً، كنموذج فريد لسوء أخلاق لم يعرفها السودان في تاريخ السياسة السودانية، حتى بلغوا بها شأو التخصص الوظيفي (اختصاصي اغتصابات).. وقد بلغ السوء ذروته في دولة الإسلاميين حينما أشاعت أعلى سلطة دينية (دكتور الترابي) قول السلطة الزمنية (المخلوع البشير) (إن اغتصاب الجعلي للغرابية يعد شرف لها)! وقتها لم تضج أو تثور الخرطوم وبقية الولايات لهذا الفقه المأفون الذي أباح أعراض السودانيات من هذه الجماعة المهووسة التي جعلت مليشيات الجنجويد ومليشيات الجيش والدفاع الشعبي فوق رقاب قبائل المتمردين بدارفور لتقوم بأعمال التطهير العرقي، وسرقة المواشي، والجمال كغنائم حرب، وحرق الرواكيب والقطاطي واغتصاب النساء أمام آبائهم وأزواجهم.

وحين اختلف اخوة الرحم، طبقت المليشيات المتقاتلة في الخرطوم، ما تم اباحته لها بواسطة الإخوان المسلمين! فالطرفان لا يؤمنان بالقوانين واحترام حقوق الإنسان، لذلك لم تكن نساء المركز بأوفر حظاً من رفيقاتهن في الهامش من حيث حقوق الكرامة! إذ سنت قوانين النظام العام، وما حوته من قوانين مخالفة الآداب العامة، والزي الفاضح، وقوانين الجلد، وترك تنفيذ تلك القوانين لرجل الشرطة وتقديراته وتفسيراته للقانون ولمعاييره الذاتية، طالما هي تخدم النظام الحاكم وسياسته في ذل النساء وكسر شوكتهن.

لذلك فإن تبادل الاتهامات بين مؤيدي الدعم السريع والجيش، في محاولة الصاق تهم الاغتصابات بفريق دون الآخر، دعوات فطيرة وساذجة، تعتمد على تجييش عاطفة الموالين للطرفين، والشاهد أن امتهان النساء وتحقيرهن وذلهن واستخدام سلاح الاغتصابات، يتم بواسطة الشقيقين، المتقاتلين.. ولا يمكن أن تنطمس أحزانه من ذاكرة الشعب، بل يحتاج ذلك لسنوات من التعافي والعلاج لكي تنمحي آثار حوادث اختطاف صبيات يخرجن للاحتطاب يتم اغتصابهن طوال الظهريات ثم إطلاق سراحهن عند مغيب الشمس، في قرى سكانها قلة، ومواردها شحيحة، حتى شاع مصطلح (فلانة قيلوا بيها).

والشاهد أنه لا يختلف اثنان أن المتقاتلين هما (أبناء المشروع الحضاري الإسلامي الذي اغتصب 200 من النساء في قرية تابت الصغيرة، وحين خرجت التظاهرات الاحتجاجية للسودانيين في المنافي في شتى أنحاء العالم، كذب الإعلام النساء والآباء والأهل المكلومين واصفاً للجريمة بأنها دعاوى المعارضة المغرضة لهدم دولة تحكيم الشريعة الإسلامية. وحين طالبت الأمم المتحدة قوات اليوناميد بالتحقيق، منعت الحكومة البعثة وعوقت وصولها إلى شمال دارفور، وحين وصلوا تم إرهاب وتخويف الناجيات من الاعتداءات الجنسية وأهلهن، حتى أنكروا ما حاق بهم من عدوان، خوف التنكيل بهم بعد مغادرة قوات التحقيق. والذي حدث لفتيات تابت، حدثننا عنه فتيات الاعتصام في تظاهرات 19 ديسمبر التي خرجت احتجاجاً على انقلاب البرهان وبحسب إفادات بعض المغتصبات فقد تم تهديدهن بفتح بلاغات جنائية ضدهن بممارسة الدعارة وذلك لإجبارهن على الصمت) من مقال سابق (سلاح الاغتصابات أوجاع السودانيين وشماتة الإسلاميين) 8 يناير 2023..

لقد أدخلت الحركة الإسلامية البلاد في متاهة من السوء والحروب والفساد، يصعب الخروج منها، وما استمرار هذه الحرب لما يربو على النصف العام، الا عمى بصيرة وعجز عن الاعتراف بأن المكر السيئ بأهله قد حاق، وأن الله لم ينصرها قط في أي معركة خاضتها.. وبالطبع لا سلام من دون عدالة.

tina.terwis@gmail.com

الوسومالاغتصاب البشير الترابي الجيش الدعم السريع الكيزان المشروع الحضاري الإسلامي المليشيات بثينة تروس تابت حرب 15 ابريل شمال دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاغتصاب البشير الترابي الجيش الدعم السريع الكيزان المليشيات تابت حرب 15 ابريل شمال دارفور الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مقتل طفل وإصابة آخرين في قصف للدعم السريع على أم درمان

أدى القصف العنيف إلى مقتل طفل وإصابة آخرين إصابات متفاوتة بينهم طبيبة اختصاصية أطفال تعمل بمستشفى بر الوالدين بأم درمان.

الخرطوم: التغيير

تعرضت مناطق في أم درمان شمالي العاصمة السودانية الخرطوم، إلى قصف عنيف من قبل قوات الدعم السريع اليوم الأربعاء، مما أدى لسقوط طفل قتيلاً وإصابة آخرين.

وتوجه اتهامات لقوات الدعم السريع بتعمد قصف المناطق المدنية في مدينة أم درمان منذ اندلاع حربها ضد الجيش السوداني في منتصف ابريل 2023م، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا منذ ذلك الوقت وحتى الآن.

وقالت وزارة الصحة ولاية الخرطوم في تصريح اليوم، إن “المليشيا المتمردة واصلت استهدافها الممنهج للمواطنين المدنيين العزل، وكثفت من قصفها على الأحياء السكنية بالثورات الحارات العاشرة والثامنة والثانية وقصفت مدرسة البلك بنات قبل دوام الطالبات بنصف ساعة”.

وأضافت: “أدى القصف العنيف الذي نفذته المليشيا صباح اليوم الأربعاء بالمدفعية الثقيلة إلى مقتل طفل وإصابة 5 آخرين إصابات متفاوتة بينهم طبيبة أخصائية أطفال تعمل بمستشفى بر الوالدين”.

وأدان مدير عام وزارة الصحة بالخرطوم، الوزير المكلف د. فتح الرحمن محمد الأمين، “استهداف المليشيا الممنهج والمستمر للمدنيين العزل بالمناطق  السكنية الآمنة  بمحلية كرري المكتظة بالسكان من الفئات العمرية المختلفة، وسلوكها في قصف المدنيين في ساعات الصباح التي تشهد حركة كثيفة للمواطنين والطلاب والكوادر العاملة بمرافق الدولة المختلفة وبالمستشفيات والمراكز الصحية”- حسب قوله.

واستنكر الوزير استهداف الكوادر الطبية بالقصف ومخالفة ذلك للقوانين الدولية والإنسانية، متمنياً الشفاء العاجل لاختصاصية الأطفال التي أصيبت في أحداث اليوم وكافة المصابين من المدنيين.

ومنذ اندلاع الحرب، تحولت العديد من المناطق السكنية والأسواق في الخرطوم وأم درمان إلى ساحة معارك، حيث تعرضت أحياء بأكملها للقصف والاشتباكات.

وتشهد أم درمان، خاصةً في محلية كرري، تصعيدًا مستمرًا للقصف، ما أدى إلى زيادة عدد الضحايا.

ويعد سوق صابرين- الذي استهدفه القصف عدة مرات- من أهم الأسواق التجارية في المنطقة، مما يجعل استهدافه يفاقم معاناة المدنيين الذين يعتمدون عليه في تأمين احتياجاتهم اليومية.

الوسومأم درمان الثورات الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان القصف المدفعي سوق صابرين كرري

مقالات مشابهة

  • مقتل طفل وإصابة آخرين في قصف للدعم السريع على أم درمان
  • الجيش السوداني: دمرنا أسلحة ومعدات عسكرية لميليشيا الدعم السريع في عدة مناطق
  • المصباح أبو زيد ..”مليشيا الدعم السريع” تلفظ آخر أنفاسها
  • الجيش السوداني يستعيد مدينة مهمة في ولاية سنار من قبضة الدعم السريع
  • عمران يرصد حياة الناس في الخرطوم بحري بعد تحريرها من الدعم السريع
  • الجيش السوداني: “الدعم السريع” هاجمت بمسيرات سد مروي شمال البلاد
  • الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!
  • «شرق النيل» في قبضة الجيش السوداني
  • مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد
  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟