شبح إعادة توطين سكان غزة يخيم على شبه جزيرة سيناء
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
آلاف الفلسطينيين، خاصة من مزدوجي الجنسية، ينتظرون عند معبر رفح الحدودي مع مصر، فهل يفتح أمامهم؟
مع تصاعد التوتر والقتال بين إسرائيل وحركة حماس، يمكن القول إن معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر سيكون بمثابة "شريان الحياة الوحيد" الذي يربط القطاع المحاصر مع العالم الخارجي.
مختارات مصر تدعو لقمة دولية وبلينكن "واثق" من عبور المساعدات إلى غزة رغم دعوة الإدارة الأمريكية.. شكوك حول فتح معبر رفح لساعات! عبور المئات لمعبر رفح بعد فتحه اليوم بشكل دائم دول بمقدورها لعب دور "الوسيط" بين حماس وإسرائيل؟ بايدن: احتلال إسرائيل لقطاع غزة سيكون "خطأ كبيرا"
ومنذ أيام، تقف مئات الشاحنات المحملة بالأدوية والمواد الغذائية والمياه والمساعدات الإنسانية على الجانب المصري من المعبر انتظاراً لقرار فتحه. وتقول منظمة الصحة العالمية إن مساعدات تكفي لأكثر من 300 ألف شخص جاهزة لدخول القطاع في أي وقت، مشددة على أن هناك حاجة ماسة للمساعدات في الوقت الذي تشدد فيه القوات الإسرائيلية من حصارها على القطاع بما يشمل منع إمدادات المياه والغذاء والوقود.
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على وضع خطة لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة دون أن تستفيد منها حماس.
ورغم ذلك، لم يفصح رأس الدبلوماسية الأمريكية عن تفاصيل الخطة أو جدول زمنها فيما يأتي ذلك في ظل استمرار مساعي الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة للتوسط من أجل تمهيد الطريق أمام دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
ومنذ بدء موجة التصعيد الأخيرة، ينتظر آلاف الفلسطينيين - بعضهم من مزدوجي الجنسية - منذ أيام على الجانب الفلسطيني من المعبر على أمل حصولهم على إذن لدخول الأراضي المصرية.
ورغم ذلك، ما زال الغموض يكتنف موافقة حماس للفلسطينيين من أجل عبور الأراضي المصرية حيث نُقل عن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تدير قطاع غزة، قوله قبل الحرب بأنه "لن تكون هناك هجرة من قطاع غزة إلى مصر".
وخلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء (17 أكتوبر / تشرين الأول 2023)، أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أنه لا يمكن استقبال اللاجئين في الأردن ولا في مصر، مشيرا إلى أن هذا "خط أحمر"، بحسب بيان الديوان الملكي.
الجدير بالذكر أن السلطات المصرية أغلقت معبر رفح على إثر تعرضه للاستهداف بشكل مستمر جراء التصعيد بين إسرائيل وحماس.
قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية إنه "لن تكون هناك هجرة من قطاع غزة إلى مصر"
ماذا يقول القانون الدولي؟
من جانبه، دعا عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، السلطات الإسرائيلية إلى التراجع عن قرارها بقطع الكهرباء والماء ومنع دخول المواد الغذائية والوقود إلى القطاع. وفي مقابلة مع DW، قال إن "قطع المساعدات والخدمات الحيوية يشكل عقاباً جماعياً ضد السكان المدنيين في غزة وسيعرض حياة المزيد من الناس للخطر. استخدام التجويع كسلاح في الحرب ممنوع".
ودعا الحقوقي المصري السلطات المصرية إلى فتح معبر رفح على الفور: "مصر ليست طرفاً في الصراع العسكري الدائر، لكنها طرفاً في اتفاقيات جنيف". ويشير الباحث الحقوقي إلى اتفاقيات تعد ركيزة القانون الدولي الإنساني الذي ينظم القواعد التي تطبق خلال الصراعات والنزاعات المسلحة.
وأضاف أنه يقع على عاتق مصر "واجب السماح بإيصال المساعدات وتسهيلها، وأيضاً هي ملزمة بالسماح للمدنيين الفارين بالدخول إلى بر الأمان، لكن إسرائيل هي الأخرى ملزمة بالسماح لهؤلاء المدنيين بالعودة إلى غزة بمجرد وقف التصعيد العسكري".
وفي السياق ذاته، أفاد موقع "مدى مصر" الاستقصائي المستقل الأسبوع الماضي بأن السلطات المصريةنصبت خياماً واتخذت تدابير أمنية في منطقة عازلة يبلغ طولها 14 كيلومترا بجوار معبر رفح. ويقول مراقبون إن مثل هذه الخطوات تشير إلى أن هناك استعدادات لاستقبال لاجئين قادمين من غزة رغم التصريحات المصرية التي تنفي ذلك.
ويعد معبر رفح المنفذ الرئيسي والوحيد لسكان غزة على العالم الخارجي خاصة بعد أن أغلقت إسرائيل معبري ايرز وكرم أبو سالم منذ هجوم السبت.
سيناريو عام 2008
ويشير سيمون فولفغانغ فوكس، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية بالجامعة العبرية في القدس، إلى أن السلطات المصرية تخشى من أن تكون إسرائيل "تعتزم الشروع في خطة لإعادة توطين الفلسطينيين في سيناء".
وفي مقابلة مع DW، أضاف "رفضت مصر هذا الطلب منذ عقود، وسيكون من الصعب طرح هذا الأمر أمام الشعب المصري في الوقت الراهن، حتى لو كان مصحوباً بقيام الولايات المتحدة بتخفيض كبير لديونها على مصر".
وتخشى مصر من سيناريو فرار بعض سكان غزة إلى الأراضي المصرية عبر معبر رفح حيث أكدت القاهرة رفضها إقامة ممرات آمنة لدخول اللاجئين الفلسطينيين.
وما زال في ذاكرة العديد من المصريين اقتحام معبر رفح في عام 2008 بعد حصار دام أشهراً. وفي هذا السياق، أضاف فوكس أن "الأولوية القصوى لمصر تتمثل في تجنب مثل هذا السيناريو بأي ثمن".
على ضوء ذلك يواصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التأكيد على أن الأمن القومي هو "مسؤوليته الأساسية"، ودعا سكان غزة إلى البقاء "والصمود على أرضهم".
الجدير بالذكر أن حماس ترتبط بعلاقات تاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تأسست في مصر إبان عشرينيات القرن الماضي، وقد جرى حظر الجماعة عام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس السابق المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي.
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
مظاهرة مؤيدة لإعادة انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً لمصر
الانتخابات الرئاسية على الأبواب
بدورها، أشارت سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية ومقرها لندن، في مقابلة مع DW إلى أن السيسي "يعمل على تحقيق التوازن بين المصالح الإقليمية والمصالح المصرية في هذا التوقيت الحرج".
الجدير بالذكر أن مصر ستشهد في ديسمبر/كانون الأول المقبل انتخابات رئاسية تأتي وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد أعباء الديون. وفي السياق ذاته، تتعرض مصر لضغوط أمريكية لإعادة فتح الحدود مع قطاع غزة مقابل مساعدات اقتصادية، لكن الأمر أثار الكثير من الجدل في مصر.
ورغم إجماع المراقبين على أن فوز السيسي بولاية رئاسية جديدة متوقعاً خاصة مع خروج المرشح أحمد طنطاوي، الذي كان يُنظر إليه بأنه كان الأقدر على منافسة السيسي، من السباق الانتخابي بعد أن أعلن أنه لم يستوف سوى نحو نصف عدد التوكيلات المطلوب لترشحه رسمياً لرئاسة البلاد.
وفي ذلك، قالت فاكيل "رغم أن فوز السيسي يعد بالأمر المتوقع، إلا أنه لا يرغب في زيادة عدد اللاجئين في سيناء على المدى الطويل".
جنيفر هولايس / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: غزة اسرائيل حماس معبر رفح المساعدات الانسانية مصر سيناء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جو بايدن التهجير معبر كرم أبو سالم غزة اسرائيل حماس معبر رفح المساعدات الانسانية مصر سيناء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جو بايدن التهجير معبر كرم أبو سالم السلطات المصریة قطاع غزة معبر رفح إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
WP: سكان حماة يستعيدون ذكريات أول مذبحة ارتكبها الأسد ضدهم
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، أعدّته لويزا لافلاك، من مدينة حماة التي عاشت في الثمانينات من القرن الماضي "مجزرة رهيبة" على يد قوات حافظ الأسد، والد رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد.
وفي التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "الناجين من أول مذبحة لعائلة الأسد يتذكرون الآن ما حدث، ويتحدثون بحرية وبدون خوف"، مردفة: "المذبحة هذه كانت بمثابة النموذج الذي قام عليه القمع في نظام الأسد بسوريا".
وأضاف التقرير: "اليوم وقد هرب الأسد الابن أصبح بمقدور الناس حكاية قصصهم"، متابعا: "إنه وعلى مدى أربعة عقود، تأكّدت عائلة الأسد من أن الرعب الذي ارتكبته ظل مخفيا وصامتا، فقد قامت وعلى مدى شهر من الحصار بقتل عشرات الآلاف من سكان المدينة، ثم تصيدت من حملوا ذاكرتها".
"ترددت قلة من سكان المدينة في غرب سوريا في وصف ما حدث خلال عام 1982، ونظروا من خلف ستار النوافذ حيث راقبوا الجنود وهم يفصلون الرجال عن النساء لإعدامهم. وحاولوا نسيان مجموعات الكلاب التي انتشرت في شوارع المدينة بعدما مزقوا الأجساد" بحسب التقرير.
وأبرز: "فقد كانت حماة التي قام من خلالها حافظ الأسد بتعزيز وحشية عائلته من خلال سحق انتفاضة للإخوان المسلمين. وفي هذا الشهر، انهار حكم العائلة في سوريا، وانزاح جدار الصمت الذي بنته على المجزرة، وفي مدى أيام قليلة".
واسترسل: "قادت قوات المعارضة التي خاضت حربا استمرت لمدة أكثر من عقد حملة عسكرية خاطفة من معقلها الرئيسي في شمال البلاد إلى العاصمة، دمشق وتفوقت على دفاعات قوات بشار الأسد التي انهارت معنوياتها واستولت على العاصمة، بينما فرّ الرئيس إلى روسيا".
وأكد: "على قمة تلة مغطاة بأشجار الصنوبر بالقرب من حماة، حيث خسرت القوات الحكومية معاركها الأخيرة مع مقاتلي المعارضة، كانت الأرض مغطاة بالزي العسكري الأخضر، والطعام الذي حملته القوات معها إلى الجبهة وكانت أجسادهم مرمية على العشب حيث سقطوا".
ويقول سكان المدينة، وفقا للتقرير نفسه، إنّ: الخسارة الفادحة تضخمت بحجم صدمة المذبحة المخفية والتي جعلت روح حماة فارغة.
ومن نواح عديدة، كانت حملة حافظ الأسد هنا بمثابة المخطط الذي استخدمه ابنه لسحق المظاهرات المناهضة للحكومة في عام 2011، ما أدى لانزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
وعلى الرغم من أن معظم السوريين لم يعرفوا أبدا تفاصيل ما حدث هنا، إلا أنهم فهموا أن حماة كانت مرادفا للمذبحة، وبمثابة تحذير من أن الموت أو السجن هو ثمن الوقوف في وجه النظام.
وقبل ظهور سجن صيدنايا سيئ السمعة، كان هناك سجن تدمر حيث سجن رجال حماة وأعدموا فيه. ووصف أحد السجناء السابقين وهو شاعر، ما جرى في السجن بأنه: "مملكة الموت والجنون".
ولدت ميساء زلوخ في عام 1982 في ظل الحصار الحكومي. أخبرتها عمتها أن والدها كان حنونا واجتماعيا، لكن الرجل الذي رباها لم يكن لديه أصدقاء على الإطلاق. لقد قتل أو اختفى أولئك الذين نشأ معهم. قالت زلوخ: "كان خائفا لدرجة أنه لم يكن يثق في أي شخص".
وأوضحت أن المرة الأولى التي رأته يبكي فيها كانت عندما دخلت المعارضة المدينة في 5 كانون الأول/ ديسمبر، حيث أدرك أخيرا أن النظام على وشك السقوط. وقالت: "كان الأمر لا يصدق، لقد كان سعيدا للغاية. قال إنه كان يعتقد أن هناك سبع عجائب فقط في هذا العالم، لكن الآن أصبحت هذه العجائب ثمانيا".
وعلى مقعد في المنتزه ضحك حامد شعبان، ذو 54 عاما، وصديقه، عند سؤالهما عن المرة الأولى التي تحدثا فيها عن مجزرة حماة قبل 42 عاما، وقال معا: "الآن".
ومن المكان الذي جلسا فيه كان بإمكانهما رؤية الساحة العامة التي كانت تعج بالمتظاهرين في عام 2011، وهم يرقصون ويهتفون ويطالبون بالتغيير السياسي. وعندها فتحت قوات الأمن النار عليهم، ثم شكلت "لجان تحقيق" لاعتقال دائرة متزايدة الاتساع من المدنيين بتهمة التورط في الاحتجاجات، سواء كانت حقيقية أو متخيلة.
وقال شعبان: "كنت أشاهد من بعيد آنذاك. كنا نعرف ثمن الانتفاضة، وكنا خائفين جدا".
وفي حي الكيلانية، على الجانب الآخر من النهر ونواعيره الشهيرة، توقّف المارة للاستماع بينما بدأ جيرانهم في مشاركة الذكريات التي احتفظوا بها لسنوات عديدة. وكانت القوة التي أرسلها النظام في عام 1982 مكونة من 12,000 جندي، بقيادة رفعت الأسد -قائد سرايا الدفاع-، الأخ الأصغر لحافظ الأسد.
وقصف جنوده أحياء بأكملها وحولوها إلى أنقاض. وكان الحصار المفروض على المدينة يعني أنه لم تكن هناك أي فرصة للهروب. ثم جاءت عمليات "التطهير"، كما قال السكان.
وأشار أحدهم إلى المساحة الفارغة حيث كان منزل عائلته، وهو يروي كيف شاهد المسلحين يتنقلون من منزل إلى آخر. وأشار آخر إلى سطح قال إنه شاهد طفلا صغيرا أصيب برصاصة وهو يصرخ طلبا للطعام.
وتحدث رجل، قال إنه لا يزال خائفا جدا الكشف عن اسمه: "من الصعب أن نصدق أن هذا يحدث، حتى أكون صادقا، لم نتخيل ذلك أبدا. كنا نعتقد أنهم بنوا نظاما سوف يستمر إلى الأبد".
وحتى في داخل الأسر، كانت مناقشة المذبحة أمرا خطيرا جدا، لدرجة أن معظم الآباء حذّروا أطفالهم من عدم التحدث عنها أبدا. وعليه، فعندما بدأ عبد العزيز شمة، ذو 57 عاما بالتقاط الصور من أجل إعادة بناء الأحياء في عام 2011، قرّر أن يضعها على منصات التواصل الاجتماعي مستخدما اسما مستعارا. ومع مرور الوقت واتته الشجاعة، وبدأ بمقابلة سكان المدينة ومعرفة ما حدث في عام 1982.
وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر وبعد فرار الأسد، قرّر شمة وضع فيديو لحماته فاطمة منتش والتي كانت ولأول مرة قادرة على حكاية ما رأته وعاشته بالكامل.
وقال شمة: "كانت تبدأ الحديث، لكنها لم تستطع الاستمرار. لم تكن قادرة على إنهاء حديثها"، مضيفا: "جاء الجنود إلى منزلها وأخذوا اثنين من أبنائها وواحدة من بناتها. وضربوا بقية أفراد الأسرة ونهبوا المنزل وسرقوا المال أثناء مغادرتهم. ولم تسمع أي شيء عن أطفالها المفقودين".
وأبرزت أنها سعت للتنفيس عن حزنها من خلال الجلوس مع نساء أخريات من المدينة يشتركن معها بالألم، وعندما كانت تصلي، لكنها لم تكن تعرف ما إذا كانت ستدعو للإفراج عن ولديها وابنتها راوة أو الدعوة لأراوحهم وراحتهم في موتهم". وقالت: "كنت أبكي ليل نهار وأتمنى لو أستطيع أن أراهم. حتى لو كانوا موتى. أريد أن أراهم موتى".
وقام شمة بالحديث أمام الكاميرا قائلا: لكل الأمهات اللاتي شاهدن قتل أولادهن، حتى ولو لم يكونوا يحملون أسلحة؛ ولم يكونوا إرهابيين، كانوا أبناء الشام، وأضاف: "نريد نشر هذه القصص، فكل واحد لديه قصة".
وتقول الصحيفة إنّ: الكثيرين من الذين كانوا في سن النضج عندما دخلت قوات النظام المدينة عام 1982، هم في عداد الموتى الآن. وأوضح شمة أن عمته التي أعدم زوجها محمد وستة من أبنائها مصابة بمرض الزهايمر، وتمر عليها أيام جيدة وأيام صعبة.
وعندما زارتها الصحيفة بمنزل العائلة، هذا الأسبوع، كانت أمينة برادة، 88 عاما طريحة الفراش ومغطاة بأغطية ثقيلة لحمايتها من البرد. ولم تكن شبكة الكهرباء عاملة بعد سنوات من الفساد والأزمة الاقتصادية.
وفي ذهن برادة كان الأمر لا يزال وكأنه في سنوات الثمانينات. وكلما فتح الباب الأمامي، اعتقدت أنه ابنها الأصغر، مخلص الذي كان في سن 11 عاما وأنه قد عاد من المدرسة. وكانت تصرخ "أين هم"، وهي تنادي في الليل وتقول "لماذا لم يعودوا إلى المنزل". واقترب شمة من السرير وانحنى وقبّل خد عمته بينما لفت يديها حول خصره واحتضنته بقوة. وظل يقول لها "لا بأس" "يمكننك الاستراحة الآن".