خبراء ومتخصصون: للذكاء الاصطناعي دور محوري في مواجهة التغير المناخي
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ "COP28"، الذي تستضيفه دولة الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلين، يتزايد الحديث عن الذكاء الاصطناعي وقدرته على تقديم حلول مبتكرة لمجابهة التحديات البيئية أو المساهمة في الحد من البصمة البيئية للكثير من الصناعات والأعمال.
وفي هذا الشأن، أكد خبراء ومتخصصون في قطاع التكنولوجيا، أن قدرات الذكاء الاصطناعي على دعم مسيرة الاستدامة العالمية لا تقتصر على قطاع معين بل تشمل القطاعات الاقتصادية كافة، وذلك في وقت تعتبر فيه مشكلات التغير المناخي والتدهور البيئي من أبرز التحديات التي تواجه الإنسانية ولا تقتصر مجابهتها على قطاع محدد.
وأوضح الخبراء أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الاستدامة ومواجهة التغير المناخي، يشمل التخطيط واستخدام التقنيات والحلول والرقابة على تنفيذ المهام على اختلافها بأقل الموارد وبأدنى حد ممكن من الانبعاثات.
وتشمل المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا مهما فيها على سبيل المثال لا الحصر، "الطاقة والمياه والنقل والزراعة والصناعة وسلاسل التوريد".. ويمكن استخدامه لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنازل والمكاتب والشركات، وتحسين وترشيد إدارة المياه وإعادة تدويرها.
فمن جانبه قال سلطان الحجي، نائب رئيس الجامعة للشؤون العامة وعلاقات الخريجين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، إن الذكاء الاصطناعي يسهم في تعزيز القدرة على محاكاة الواقع بدقة، وبالتالي العمل على حل القضايا والتحديات البيئية بسرعة وكفاءة.
وأوضح أن التكنولوجيا يمكن أن تسهم في إيجاد الثغرات وتحديد نقاط الهدر للموارد، وكذلك أماكن وآليات الحد من استهلاك الطاقة وإيجاد الحلول الاستباقية لبعض التحديات.
وسلط الضوء على العديد من الأمثلة التي يدخل فيها الذكاء الاصطناعي، ويمكنه من خلالها الحد من استهلاك المياه والطاقة، ومنها الحلول الخاصة بعمليات تبريد المعالجات ومراكز إدارة البيانات دون استهلاك المياه، وكذلك عمليات الرقابة باستخدام التكنولوجيا في المصانع وغيرها.
من جهته أكد كارل كراوثر، نائب الرئيس، لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة “ألتيريكس”، أن المؤسسات التي لا تحرص على “ إطلاق قيمة البيانات” ودمج الرؤى المستخرجة منها في صنع قرارات الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات تكون عرضة لفقدان فرص كبيرة في السوق.
وقال: "تعيق الطبيعة اللامركزية للبيانات وأشكالها المختلفة إضافة إلى التعقيدات المرتبطة بدمجها، التعامل معها وإدراتها بسلاسة ويتطلب التغلب على هذه التعقيدات تحليلات يسهل الوصول إليها وتمكين الخبراء من استخلاص الرؤى في الوقت الفعلي، ويؤدّي تبني التقنيات المبنية على البيانات إلى سد الفجوة وتسهيل اتخاذ القرارات المستنيرة وتحسين كفاءة الطاقة وتحديد فرص الحد من إهدارها".
وأشار إلى الرؤى المستندة إلى البيانات والذكاء الاصطناعي كأدوات قوية لمساعدة الشركات على إطلاق العنان لطاقتها بكفاءة، من خلال أتمتة عمليات جمع البيانات وتحليلها إذ تسمح الأتمتة وتحليلات البيانات للشركات بالوصول إلى البيانات المتعلقة باستهلاكها للطاقة في أي وقت، حتى لو كانت منعزلة في أقسام وأشكال مختلفة.
وأوضح أنه من خلال دمج مصادر البيانات المتنوعة مثل العدادات الذكية وبيانات الاستهلاك والتسعير، يتمكّن الذكاء الاصطناعي من تحليل هذه المعلومات ونمذجتها لتقديم صورة واضحة عن الاستخدام والتكلفة والحد من الهدر، كما يستطيع الذكاء الاصطناعي التنبؤ بنقص المنتجات و فرص الحد من الهدر، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ما يجعله وسيلة حاسمة لمواجهة تحديات الطاقة الحالية والمستقبلية، مؤكداً أن استثمار المؤسسات في الأتمتة وتحليل البيانات خطوة مهمة نحو استشراف مستقبل أكثر استدامة.
من ناحيته قال تايلور سميث، نائب الرئيس المدير العام للأتمتة الصوتية لحلول وخدمات الإنتاج في شركة “هانيويل العالمية”، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في ضمان كفاءة استخدام الطاقة، فعلى سبيل المثال تعمل تكنولوجيا البناء سواء كان ذلك من خلال خوارزميات الصيانة التنبؤية أو أدوات التحكم في الإضاءة وأنظمة التحكم في المناخ على تقليل استهلاك الطاقة.
أخبار ذات صلةوأوضح أن ضبط استهلاك الطاقة يقلص الحاجة إلى الغاز والنفط والأنواع الأخرى التي تصدر ثاني أكسيد الكربون أو الغازات الدفيئة الضارة.
وأشار إلى أن الحديث عن مساهمة الذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستدامة لا يقتصر على الطاقة بحد ذاتها بل على الكثير من المجالات الأخرى كتحسين كفاءة سلاسل التوريد للمستهلكين، من خلال إمكانية تقليل عدد الطرود واحتياجات التغليف والنقل.
من جانبه أكد محمد الزواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في "سنوفليك"، أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز أهداف الاستدامة عبر مختلف القطاعات والمجالات.
وأوضح أن تحقيق وتعزيز فائدة الذكاء الاصطناعي في مجال الاستدامة، يتطلب أن تتأكد المؤسسات والشركات من وجود استراتيجية أساسية للبيانات عبر مختلف مستوياتها قبل المبادرة بتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أنه ومن خلال ذلك، تجمع المؤسسات البيانات من مختلف الأقسام ومن مؤسسات الطرف الثالث في مصدر واحد مما يؤدي إلى القضاء على مركزية تلك البيانات.
وقال إنه بعد أن يتم تسخير البيانات بالشكل اللازم يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي كطبقة تدير البيانات وتمكّن المؤسسات من تحسين استخدامات مواردها وطاقاتها بكفاءة من خلال الجمع بين التحليلات الاستنتاجية والاستقرائية وبين النمذجة التنبؤية ما يقلل من بصمتها البيئية.
وتحدث عن استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات، مستشهداً بمبادرات المدن الذكية التي تعتبر ركيزة لتحقيق أهداف دولة الإمارات، وأشار إلى إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين وسائل النقل وتقليل الازدحام وتعزيز التنمية الحضرية المستدامة إضافة إلى ذلك، تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل تتبع البصمة الكربونية وتتبع عمليات الاستدامة والتحقق منها، على تمكين الشركات والأفراد من اتخاذ قرارات صديقة للبيئة.
من ناحيته قال رامي كشلي نائب الرئيس الأول في الشرق الأوسط وتركيا لدى "سوفتوير أي جي" ، إن حماية البيئة لم تعد مسؤولية جهة واحدة وإنما مسؤولية البشرية ككل، ولا شك أن التكنولوجيا تعتبر ركيزة أساسية في إيجاد الحلول التي تساعد في ضمان خلق بيئة أعمال وشركات أكثر استدامة وصداقة مع البيئة.
وأشار إلى أن أثر التكنولوجيا في رحلة الاستدامة لمؤسسة ما يبدأ من مرحلة التخطيط مروراً بتبني تقنيات يمكن أن تسهم في تقليل الهدر سواء في استهلاك الطاقة أو استهلاك مختلف المواد التي تدخل في أغلب الصناعات والأعمال، وصولاً إلى الرقابة على تنفيذ الخطط والتقنيات.
ولفت إلى أنهم عملوا مع العديد من الجهات الحكومية للتخلي عن استخدام الورق، مشيرا إلى أن التكنولوجيا التي أسهمت في الوصول إلى ذلك الهدف لم تسهم فقط بالوصول إلى توفير الورق وما يقود إليه من التخلي عن استهلاك موارد معينة، وإنما قادت أيضا إلى تسهيل إنجاز المعاملات عبر أنظمة تكنولوجية ذكية دون الحاجة إلى الحضور الشخصي ما يسهم بدوره في خفض الحاجة إلى التنقل واستهلاك الطاقة.
من جهتها قالت منى عيسى آغ، نائب الرئيس، الشرق الأوسط وأفريقيا لحلول أمن الطاقة في “شنايدر إلكتريك”، إن الابتكار يشكّل أمراً بالغ الأهمية لتحقيق تحوّل كهربي شامل حول العالم، وذلك بالتزامن مع عملهم من أجل مستقبل أكثر استدامة، مضيفة أن الدور المحوري للرقمنة ومراكز البيانات يتيح لهم إمكانية التأسيس لتحوّل جذري مستدام في العصر الرقمي.
بدورها قالت ميرلا تونتس مديرة التسويق في حكوكة إستونيا، إنه مع تزايد التوجه العالمي نحو التقليل من الانبعاثات الكربونية في مختلف القطاعات، تبرز أهمية اعتماد استراتيجيات خضراء من قبل مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، ولتنفيذ هذه الاستراتيجيات وضمان الوصول إلى الأهداف لابد من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وذكرت العديد من الأمثلة على استخدامات الذكاء الاصطناعي في تطوير القطاعات كافة، ففي مجال النقل على سبيل المثال باتت السيارات الذاتية القيادة والتي تستخدم الطاقة النظيفة أحد الحلول، وفي مجال الصناعة بات الذكاء الاصطناعي أكثر قدرة على ضبط الهدر ومراقبة العمليات الإنتاجية وحصر الانبعاثات، وكذلك الأمر في مجال البناء والعقارات مع الوصول إلى تجمعات سكنية ومدن ذكية صديقة للبيئة.
المصدر: وامالمصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كوب 28 التغيرات المناخية الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی فی للذکاء الاصطناعی استهلاک الطاقة الشرق الأوسط نائب الرئیس الوصول إلى وأشار إلى العدید من وأوضح أن فی مجال من خلال الحد من إلى أن
إقرأ أيضاً:
خبراء الطاقة: مصر تملك فرصًا استثنائية لتصدير الطاقة المتجددة
أكدت قيادات قطاع الكهرباء والطاقة أن مصر أصبحت تُمثل لاعبًا استراتيجيًا محوريًا في ملف الطاقة المتجددة عالميًا، بفضل موقعها الجغرافي المتميز بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، وما تمتلكه من موارد طبيعية تؤهلها لتحقيق طفرة في إنتاج وتصدير الطاقة الخضراء، خاصة في ظل تزايد الحاجة العالمية لمصادر نظيفة ومستدامة للطاقة.
وقالت الدكتورة صباح مشالي، رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء بوزارة الكهرباء إن المنطقة الواقعة بين البحر الأحمر والبحر المتوسط تشهد مرور كميات هائلة من الطاقة تقدر بنحو 12 مليار متر مكعب من الغاز تمر عبر 3 أو 4 دول، وهي منطقة حيوية تمثل محورًا رئيسيًا لإمدادات الطاقة نحو أوروبا والأسواق العالمية.
وأضافت خلال مؤتمر غرفة التجارة الأمريكية اليوم الثلاثاء أن هذه المنطقة تستحوذ على 30% من حركة السفن العالمية، و80% من سوق الطاقة العالمي، ما يعزز أهميتها في تأمين تدفقات الطاقة مستقبلًا.
وأشارت مشالي إلى أن هناك تحديًا حقيقيًا يتمثل في التوسع في البنية التحتية لشبكة الكهرباء حتى نتمكن من تحقيق مستهدفات الدولة بالوصول إلى 42% من الطاقة المتجددة بحلول 2030، موضحةً أن تمويل هذه الشبكات تم حتى الآن من خلال قروض سيادية تم توجيهها للشركة المصرية لنقل الكهرباء، لكن هذا النموذج لم يعد مستدامًا.
وأكدت أنه يجري حاليًا البحث عن نموذج تمويلي جديد يضمن الاستدامة ويخفف العبء عن الدولة، ويعتمد على مشاركة القطاع الخاص أو على نموذج تمويل مختلط مثل النموذج الأسترالي بالتعاون مع مؤسسات استثمارية دولية، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بتحصيل العوائد بالجنيه المصري في مقابل التزامات بالدولار.
وفي السياق ذاته، قال المهندس يحيى شنكير، الرئيس التنفيذى السويدى للطاقة إنه من الضروري تحويل الطاقة المتجددة في مصر إلى مصدر رئيسي للتصدير، وليس فقط للاستهلاك المحلي، لأن قدرة الشبكة الوطنية لا يمكنها استيعاب نسب مرتفعة من الطاقة المتجددة قد تصل إلى 80% من إجمالي الطاقة المنتجة.
وأوضح أن هذا التوجه يحتاج إلى العمل على عدة محاور فنية واستثمارية وتشريعية، مع تطوير برامج لتخزين الطاقة مثل البطاريات المستقلة (Standalone Storage)، لتسهيل استقرار الشبكات.
وأشار شنكير إلى أن هناك بالفعل خطوات جادة لتفعيل الربط الكهربائي بين مصر واليونان وإيطاليا، تشمل تحديد نقاط الربط وتحديث الدراسات الفنية، مؤكدًا أن هذه المشروعات تمثل فرصة لمصر لتحويل مواردها من الطاقة إلى ما يشبه "منتج صناعي" يتم تصديره وجلب العملة الصعبة، على غرار المنتجات المصدّرة.
من جانبه، قال المهندس أسامة بشاي أوراسكوم للإنشاءات إن مصر تمتلك وفرة غير مسبوقة في مصادر الطاقة الشمسية والرياح، تجعلها من بين أكثر الدول كفاءة في إنتاج الطاقة المتجددة، خصوصًا على ساحل البحر الأحمر وفي جنوب البلاد. وأضاف أن مشروعات الطاقة المتجددة في مصر أغلبها تقودها شركات القطاع الخاص، مما يجعلها لا تمثل عبئًا على الموازنة العامة، بل تمثل قصة نجاح حقيقية في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وخلق فرص عمل.
وشدد بشاي على أن المنافسة في سوق الطاقة المتجددة أصبحت شرسة، خصوصًا مع دول مثل المغرب والسعودية، في ظل محدودية سلاسل الإمداد العالمية التي تهيمن عليها الصين حاليًا في مجالي الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.
وأكد على أهمية السرعة في التنفيذ وتسهيل بيئة الأعمال لجذب المستثمرين الدوليين، ودعم تمويل الشبكات الكهربائية حتى يتمكن القطاع من الوفاء بمستهدفات الدولة الطموحة.
واختتمت الجلسة بالتأكيد على أن مصر تمتلك كافة المقومات البشرية والتقنية والطبيعية لتصبح مركزًا عالميًا للطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، بشرط استمرار التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية، والعمل وفق خطة وطنية موحدة تنظر إلى الطاقة المتجددة ليس فقط كخيار بيئي، بل كمصدر استراتيجي للدخل القومي.