حول الانقسامات الدولية التي برزت بعد حرب غزة، كتب ستيفن إيرلانغر في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أنه بينما حط الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، في إسرائيل للإعراب عن التضامن الذي لا يخبو لهذا البلد الواقع في الشرق الأوسط، وسط أزمة متفاقمة بعد الانفجار المميت في مستشفى بقطاع غزة، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يزور بكين، ويجتمع مع الزعيم الصيني شي جينبينغ، سعياً إلى إبراز شراكة "بلا حدود".

إن الرحلتين المتناقضتين تعكسان كيف أعيدت صياغة المشهد السياسي عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا، وكيف تغير المشهد السياسي على أوسع نطاق بعد الحرب بين إسرائيل وحماس، التي تحكم قطاع غزة.

وتشكل روسيا والصين وإيران بالفعل محوراً جديداً حول أوكرانيا، محور يعبرون عنه، اقتصادياً وإستراتيجياً وحتى إيديولوجياً، وتعتمد روسيا على أسلحة من إيران وعلى ودعم ديبلوماسي من الصين للقتال في أوكرانيا.. وإيران التي تعاني العزلة هي سعيدة فقط بامتلاك شركاء تجاريين جدد وبمصدر معين من الشرعية الدولية، والصين التي يعاني اقتصادها، قد وفرت مليارات الدولارات من طريق استيراد كميات قياسية من النفط من دول تخضع للعقوبات الغربية، على غرار روسيا وإيران.

ومعاً، وجدوا قضية إيديولوجية في التنديد وتحدي الولايات المتحدة باسم اصلاح النظام الدولي القائم، الذي يهيمن عليه الغرب منذ الحرب العالمية الثانية.

#بايدن يدرس طلب تمويل لإسرائيل بـ 10 مليارات https://t.co/HvpFaHdoVM

— 24.ae (@20fourMedia) October 19, 2023

وبينما يفعلون ذلك، لا يخفون المظالم التي يشعرون بها حيال الطريقة التي كانت تمضي بها الأمور في الماضي.. وعلى الرغم من ذلك، يرى كل جانب نفاقاً في الجانب الآخر، ما يجبر على نحو متزايد الدول على الانحياز إلى هذا الجانب أو ذاك.

وأبرزت حرب اسرائيل وحماس اتساع الخلافات بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة ثانية.. ولا تقتصر هذا الخلافات على الطرف الذي يجب توجيه اللوم إليه في تصعيد العنف، بل إن المسألة تتعلق أيضاً بالآراء المتنافسة فيما يتعلق بالقواعد التي يجب أن تقوم عليها العلاقات العالمية، وحول من يجب أن يحددها.

ويقول المحلل الألماني أولريتش سبيك: "إن هذا نزاع آخر يتسبب باستقطاب بين الديموقراطيات والمعسكر الاستبدادي الذي يضم روسيا والصين وإيران.. إنها لحظة أخرى من الإيضاح الجيوسياسي، على غرار أوكرانيا، حيث يتعين على الدول أن تحدد مواقفها".

كيف تستفيد إيران من الصراع بين #إسرائيل و #حماس؟#غزة https://t.co/2cUcN1gXdi pic.twitter.com/9CtXrppQCe

— 24.ae (@20fourMedia) October 19, 2023

وبدعم من الصين، صورت روسيا هجومها على أوكرانيا بأنه دفاع ضد التخريب الغربي لدائرة النفوذ الثقافي والسياسي التقليدي لموسكو.. أما الولايات المتحدة وأوكرانيا فقد صورتا حرب روسيا على أنها جهد عدواني من أجل إعادة الاستعمار، ما ينتهك الأعراف الدولية والسيادة.

وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، ربما لا توجد منطقة تبدو فيها وجهات النظر المتنافسة أكثر وضوحاً.

ورفضت روسيا والصين إدانة حماس.. وعوضاً عن ذلك، انتقدتا إسرائيل على تعاملها مع الفلسطينيين، خصوصاً قرارها قطع المياه والكهرباء عن غزة، فضلاً عن ارتفاع حصيلة القتلى.. وقد دعتا إلى وساطة دولية ووقف للنار قبل أن تقرر إسرائيل أن حربها الشاملة قد بدأت.

وبعد الرعب الذي حصل ليل الثلاثاء، عندما قتل مئات الفلسطينيين بضربة بعدما كانوا يبحثون عن ملجأ من القصف الإسرائيلي في مستشفى بغزة، فإن المتوقع أن تكثف روسيا والصين دعواتهما إلى وقف فوري للنار.. واستناداً إلى وكالة ريا-نوفوستي الروسية للأنباء، فإن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وصف الانفجار بأنه "جريمة" و"عملاً مجرداً من الإنسانية"، وقال إنه يتعين على إسرائيل أن توفر صوراً بالأقمار الإصطناعية لإثبات أنها لم تكن تقف وراء الهجوم.

وعلى الرغم من النفي الإسرائيلي بالمسؤولية عن الانفجار، فإن ردود الفعل العنيفة بين الفلسطينيين والمواطنين العرب العاديين، جعلت رحلة بايدن إلى إسرائيل أكثر إحراجاً.

وتقف روسيا والصين مع الشعب الفلسطيني في طلب التحرر وتقرير المصير، بينما من وجهة نظر واشنطن، فإن موسكو وبكين تنكران الاحتمالات ذاتها عن الأوكرانيين والتيبتيين والإيغور وحتى عن التايوانيين.

الرئيس الصيني: سنعمل مع #مصر للمساعدة بتحقيق استقرار #الشرق_الأوسط #غزةhttps://t.co/sNr9kiBiQF

— 24.ae (@20fourMedia) October 19, 2023

ومن طريق رفضهما لوم حماس، وإظهار وقوفهما إلى جانب المسألة الفلسطينية، تنشد روسيا والصين مشاعر أوسع فيما يعرف بالجنوب العالمي، وفي مناطق واسعة من أوروبا أيضاً.. ومن وجهة نظرهما فإن إسرائيل تمارس سياسة استعمارية من خلال احتلالها للضفة الغربية، وتشجيعها المستوطنين اليهود في الأراضي الفلسطينية، وعلى عزلها 2.3 مليون شخص في غزة، ممن يخضعون في الأيام العادية لقيود مشددة على حرياتهم.

والجنوب العالمي، وهي عبارة تشير إلى الدول الناشئة، هي منطقة حيوية للتنافس العالمي الجديد بين الغرب والخيار الصيني - الروسي، وفقما قالت هانا نوتي مديرة برنامج أوراسيا في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الصين روسيا إيران أمريكا روسیا والصین

إقرأ أيضاً:

رغم رفض روسيا..بريطانيا: 30 دولة مستعدة لدعم وقف النار في أوكرانيا

قالت الحكومة البريطانية الإثنين أن "عدداً كبيراً" من البلدان أعرب عن استعداده لإرسال قوات لضمان وقف محتمل لإطلاق النار في أوكرانيا، في سياق "التحالف الطوعي للدول"، الذي تسعى باريس ولندن إلى تشكيله.

وبعد يومين من مؤتمر افتراضي للبلدان الداعمة لكييف بمبادرة من الحكومة البريطانية، قال متحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر: "نتوقّع مشاركة أكثر من 30 بلداً" في التحالف مع "عدد كبير من الدول التي ستوفّر جنوداً وعدداً أكبر سيقدّم إسهامات أخرى".
وبعد انطلاق المفاوضات بين روسيا وإدارة دونالد ترامب للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، يسعى كير ستارمر وإيمانويل ماكرون إلى تشكيل هذا التحالف لثني موسكو عن انتهاك هدنة محتملة.
وقال المتحدث إن "رئيس الوزراء أشار في نهاية الأسبوع إلى أن الإسهامات ستختلف باختلاف البلدان وقد أطلقت مباحثات عملانية حول ما يمكن لتحالف الدول تقديمه". لوضع خطة لتشكيل قوة حفظ السلام في أوكرانيا.. قادة جيوش غربية يجتمعون في لندن - موقع 24يجتمع قادة جيوش عدة دول في لندن هذا الأسبوع لصياغة خطط "محكمة" لتشكيل قوة لحفظ السلام في أوكرانيا، في الوقت الذي تواصل فيه موسكو رفض وقف إطلاق النار.

ومن المقرر أن يجتمع مسؤولون عسكريون من البلدان الداعمة لكييف الخميس في بريطانيا للمضي قدماً في هذه المباحثات، وفق ما أعلن رئيس الوزراء البريطاني السبت. وبالإضافة إلى إرسال قوات إلى أوكرانيا، وهي فكرة أعربت بلدان منها فرنسا، وبريطانيا عن تأييدها، قد تقضي الإسهامات بتوفير دعم لوجستي وتقني لقوة مقبلة لحماية وقف إطلاق النار، أو استضافة الطواقم، حسب المتحدث باسم كير ستارمر.
وفي المقابل لا تزال روسيا تعارض بالكامل فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا.
وأشار المتحدث إلى أن "روسيا لم تطلب رأي أوكرانيا عندما نشرت قوات من كوريا الشمالية على الجبهة العام الماضي".

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: نتنياهو يعيد إشعال الحرب ضد غزة لفرض تنازلات من حماس
  • روسيا تتخذ خطوة نحو الحل السلمي مع أوكرانيا
  • “لحظة يالطا”.. نيويورك تايمز تصف مكالمة بوتين وترامب بالتاريخية
  • أستاذ علوم سياسية: روسيا تقبلت عرض الهدنة مع أوكرانيا بحذر
  • رغم رفض روسيا..بريطانيا: 30 دولة مستعدة لدعم وقف النار في أوكرانيا
  • نيويورك تايمز: لا تخدع نفسك.. جامعة كولومبيا لن تكون النهاية
  • والتز: سياسة بايدن تجاه أوكرانيا كادت أن تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة
  • بالفيديو.. نيويورك: الشرطة تبحث عن مشتبه به أشعل النار في أحد المارة قرب تايمز سكوير
  • نيويورك تايمز: حملة مدمرة تطال التعليم الجامعي في أميركا
  • ماكرون: قد نرسل قوات إلى أوكرانيا دون موافقة روسيا