كيف تستفيد إيران من الصراع بين إسرائيل وحماس؟
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
أدى هجوم حماس على إسرائيل إلى إشعال الصراع المتقلب بين تل أبيب والفلسطينيين، ما يهدد بإشعال حرب أوسع مع عواقب مدمرة على الشرق الأوسط والعالم.. وبينما يجتاح الحزن والخوف المنطقة، هناك فائز محتمل واحد: إيران، التي تأمل قيادتها في استغلال العنف لصالحها، كما تقول صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير جديد.
تركزت التكهنات على الدور الذي لعبه الإيرانيون، إن وجد، في تنظيم هجوم حماس الأخير في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
لكن البحث عن بصمات إيران على خطط الهجوم هو أمر محير، كما يقول التقرير.
تعتمد حماس على التمويل الإيراني والدعم المادي المكثف، خاصة في بناء ترسانتها الصاروخية، بين مجموعة أوسع من الداعمين.. وعلى مدى العقد الماضي، أصبحت حماس، وهي جماعة مسلمة سنية، جزءاً لا يتجزأ من الشبكة الإيرانية الأوسع التي تضم الجماعات المسلحة الشيعية، بالتنسيق الوثيق مع الحرس الثوري الإيراني.. وقد ساهمت هذه الاستثمارات الإيرانية في إمكانية تنفيذ الهجوم على إسرائيل.
The peril now facing us: Israel invades, Iran intervenes – and this war goes global | Simon Tisdall https://t.co/IbWjJKodzk
— EndGameWW3 ???????? (@EndGameWW3) October 16, 2023ويؤكد التقرير أن طهران تبذل قصارى جهدها الآن لوضع نفسها في موقع المستفيد من العواقب المتفجرة.. فمنذ نشأتها مع ثورة إيران عام 1979، كانت الفوضى والحزم العملة المفضلة للجمهورية الإسلامية، واقتناعاً منها بأن احتضانها للثورات لم يكن سوى بداية لموجة أوسع من الاضطرابات، طورت الدولة الثورية بنية تحتية مخصصة للإطاحة بالوضع الراهن في جميع أنحاء العالم الإسلامي، من خلال مجموعات الوكالة والدعاية واستخدام العنف خارج الحدود الإقليمية.
وأعقب ذلك محاولات انقلابات واغتيالات وتفجيرات.. وعلى الرغم من أنه لم تتحقق الموجة الثورية ما هو متوقع، إلا أنه من خلال الحملات الإيرانية المبكرة ظهرت جماعة حزب الله اللبنانية، وهذا أعطى الجمهورية الإسلامية موطئ قدم على محيط خصمها الأول، إسرائيل، وقبضة خانقة على مستقبل لبنان.
مصالح طهرانوبحسب التقرير، أصبحت الجماعات المسلحة عنصراً أساسياً في الإستراتيجية الإقليمية والدولية للجمهورية الإسلامية، وقد أثبتت هذه الإستراتيجية فعاليتها في تخويف جيرانها، كما حدث في عام 1996 عندما قامت مجموعة مرتبطة بطهران بقصف مجمع أبراج الخبر السكني في السعودية، ما أسفر عن مقتل 19 عسكرياً أمريكياً.. وعلى إثر ذلك، تم نقل القوات الأمريكية إلى قاعدة أكثر أماناً، وفي النهاية تم سحب معظمها من المملكة.
ويضيف التقرير أن تجربة طهران الخاصة في الدفاع لم تؤد إلا إلى تعزيز شعورها بأن الصراع والفوضى يعملان على تعزيز مصالحها.. حتى غزو العراق لإيران عام 1980 عمل لصالحها من خلال حشد الوطنية الشعبية وتعزيز الدولة الثورية المنقسمة، وإقامة قاعدة صناعية دفاعية محلية قوية وتمكين النظام في نهاية المطاف من البقاء.
وعلى المحن تأتي الفرص كما يقول التقرير،فكل حريق متتالٍ في المنطقة يضع طهران في موقف أقوى، حتى غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003 ووجود 150,000 جندي أمريكي على حدودها، سرعان ما حول الأمور لصالح طهران.. لقد أزالت واشنطن التهديد الوشيك والمعترض للثيوقراطية، وفي النهاية ورثت الجمهورية الإسلامية دولة عراقية ضعيفة مليئة بالعملاء الإيرانيين.
استفادت طهران إلى أقصى حد من التهديدات الأخرى الواضحة لنفوذها الإقليمي، مثل الحرب السورية، من خلال تشكيل ميليشيات عابرة للحدود للمشاركة في القتال في سوريا وبناء شراكة إستراتيجية مع روسيا هناك أيضاً.
Hizbullah has gone to war before in support of Hamas, the militant group that runs Gaza. Its involvement in the current conflict would mark a significant escalation.
What is Hizbullah, and how great is the threat? We explain: https://t.co/XhfpnrsyYU ????
وحتى الآن، تخدم الأحداث في إسرائيل وغزة عدة أهداف إيرانية، بما في ذلك تعزيز مكانتها كمحور إقليمي وتشجيع شبكة وكلائها وعرقلة اتفاق السلام الإسرائيلي السعودي المتنامي، الذي كان من المتوقع أن يعزز عزلة إيران ويضعف إسرائيل، حيث تتعرض هذه الأخيرة لهجمات شرسة يمكن أن تعطي مزيداً من القوة لإيران وتعزز التوترات في المنطقة.
لكن يجب أن نلاحظ أن هذا التحليل يعبر عن وجهة نظر محتملة، ولا يعكس بالضرورة الواقع بشكل كامل.
فمن الجدير بالذكر أن العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية تعتبر جماعات مثل حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين وجماعة الحوثي في اليمن جماعات إرهابية.. وتشير الأدلة إلى أن إيران تقدم دعماً لهذه الجماعات من خلال تزويدها بالأموال والأسلحة والتدريب والدعم السياسي.
ومع ذلك، يجب أن نفهم أن هناك آراء متباينة بشأن الأنشطة الإقليمية لإيران ودورها في تشكيل الأحداث.. تواجه إيران أيضاً تحديات كبيرة في مجال السياسة الداخلية والاقتصاد، وهناك عوامل متعددة تؤثر في الديناميكيات الإقليمية والدولية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل حماس حزب الله لبنان من خلال
إقرأ أيضاً:
أزمات وانهيارات.. إيران المهزومة في الخارج ضعيفة داخلياً
قال الكاتب الصحفي كاي أرمين سرجوي، إن موقف إيران الإقليمي ضعف بشكل كبير في عام 2024؛ إذ عانت طهران من هزائم استراتيجية في غزة ولبنان، وبالأخص سوريا، التي انهارت بسرعة غير مسبوقة.
التخطيط للخلافة أصبح شغلاً شاغلاً ملحاً بالنسبة للنظام
وأضاف سرجوي، صحفي إيراني عمل في طهران لصالح مجلة "تايم" ووكالة "فرانس برس" وصحيفة "واشنطن بوست" وهو مقيم حالياً بأوروبا، في مقاله بموقع مجلة "تايم" الأمريكية، أن الإطاحة ببشار الأسد أدت إلى إجبار إيران على إجلاء ضباطها في فيلق القدس، مما ترك فراغاً حرجاً.
وتابع الكاتب: "أُهدرت استثمارات طهران الطويلة الأمد في سوريا، بما في ذلك 30 مليار دولار وأرواح لا حصر لها. وتؤدي هذه الانتكاسات بإيران إلى خسارتها لعدد من حلفائها، ولا سيما تقليص ما يسمى "محور المقاومة" إلى ميليشيات عراقية صغيرة والحوثيين في اليمن".
Recent regional setbacks have further weakened Iran’s hardliners at home, with increasing criticism from within the establishment holding them responsible for mismanagement and misdirection in the country’s foreign and domestic affairs.https://t.co/eEw6EdFasD
— Iran International English (@IranIntl_En) December 15, 2024وفي الوقت نفسه، تفوقت إسرائيل، خصم إيران الإقليمي، على طهران في عمليات تبادل الضربات. واستهدفت الضربات العسكرية الإسرائيلية منشآت الصواريخ والدفاع الجوي الإيرانية الحيوية بنجاح في حين فشلت عمليات الانتقام الإيرانية في إلحاق أضرار جسيمة بتل أبيب. ولم تتلق إسرائيل أي رد على هجومها في أكتوبر (تشرين الأول)، مما أثار معارضة عامة نادرة بين الموالين للنظام، الذين يشككون بشكل متزايد في كفاءة قيادته.
الانهيار الاقتصادي والاجتماعيوعلى الصعيد المحلي، يصف سرجوي إيران بأنها تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثورة 1979. فقد أدت سنوات من العقوبات الأمريكية إلى شل صناعة النفط الإيرانية، وعلى الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم، فإن إيران تواجه نقصاً في الغاز.
وبعد أن كانت إيران مصدرة للكهرباء في السابق، تكافح الآن لتلبية احتياجاتها المحلية. وانخفضت قيمة العملة الوطنية، الريال، بشكل حاد، حيث فقدت 46% من قيمتها خلال العام الماضي، مما يجعلها أضعف عملة في العالم.
Humiliated Abroad, #Iran Is Also Enfeebled at Homehttps://t.co/z3mzEPqKyl
— Yemen Details (@DetailsYemen) December 17, 2024وأدت التداعيات الاقتصادية إلى ارتفاع معدلات الفقر المدقع. ويعيش 30% من الإيرانيين تحت خط الفقر، ويقال إن 57% يعانون من سوء التغذية. وفي مواجهة تضاؤل الإيرادات، تفكر الحكومة في رفع أسعار الوقود المدعوم بشدة.
وتخاطر مثل هذه الخطوة بإشعال اضطرابات واسعة النطاق تذكرنا باحتجاجات "نوفمبر الدامي" في عام 2019، حيث قمعت القوات الحكومية المتظاهرين بعنف، مما أسفر عن مقتل 304 أشخاص على الأقل، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.
وأشار الكاتب إلى أن هذه الاحتجاجات كانت أخطر تهديد للنظام منذ ثمانينيات القرن العشرين، حيث امتدت إلى أكثر من 200 مدينة وأسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة الآلاف على يد قوات الأمن.
ورداً على ذلك، صادق البرلمان الإيراني المتشدد على مشروع قانون جديد للحجاب، مما يزيد من تقييد حريات المرأة. ويمثل التشريع محاولة النظام لإعادة تأكيد السيطرة ولكنه يخاطر بإعادة إشعال الغضب العام والانتفاضات الجماهيرية.
وعلى الرغم من حملات القمع التي يشنها النظام، فإن التحدي العام ما يزال قائماً، مستشهداً بمثال باراستو أحمدي، المغنية التي بثت حفلاً موسيقياً مباشراً من إيران إلى ملايين المشاهدين وهي لا ترتدي الحجاب؛ وهو عمل غير مسبوق منذ حظرت الثورة الإيرانية على النساء الأداء أمام جمهور من الذكور. ويسلط اعتقال أحمدي وإطلاق سراحها لاحقاً الضوء على قبضة النظام الهشة على السيطرة المجتمعية. علامات النظام الممزق وقال سرجوي إن مزاعم النظام بالحفاظ على "الأمن" الوطني قد انهارت بسبب بعض الحوادث التي كشفت عن ثغرات أمنية محرجة، مشيراً إلى اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في مجمع محصن بشدة في طهران خلال زيارة رسمية، والذي من المرجح أن يكون من عمل مخربين إسرائيليين.
وقع هذا الحادث بعد أسابيع فقط من وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية غامض، وهو الحدث الذي لم تقدم الحكومة أي تفسير موثوق له. وتكشف هذه الهفوات عن هشاشة أجهزة الأمن الإيرانية، مما يزيد من تآكل ثقة الجمهور. تراجع سلطة خامنئي وأزمة الخلافة وأشار الكاتب إلى أزمة الحكم الوشيكة في طهران، إذ يحكم المرشد الأعلى علي خامنئي ( 85 عاماً) منذ عام 1989 ولكن يقال إنه في حالة صحية سيئة. ورغم نفي التسجيلات المسربة التي تشير إلى وفاته الوشيكة، لكن حالة خامنئي المتدهورة بشكل واضح تعزز التكهنات.
وركز خامنئي في خطابه الأخير، المسجل مسبقاً دون بث مباشر،على قمع المعارضة وسط إحباط عام متزايد بسبب خسارة سوريا.
ولفت الكاتب النظر إلى أن التخطيط للخلافة أصبح شغلاً شاغلاً ملحاً بالنسبة للنظام. وعلى النقيض من الانتقال المستقر نسبياً في أعقاب وفاة آية الله الخميني في عام 1989، تواجه القيادة اليوم مزيجاً غير مسبوق من الانهيار الاقتصادي والاضطرابات المجتمعية وتآكل الشرعية. الخلاصة: مستقبل في مهب الريح وخلص كاي أرمين سرجوي إلى أن موقف إيران، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، محفوف بالمخاطر. ففي حين ينهار نفوذ طهران في الخارج، فإن اقتصادها وحوكمتها وتماسكها المجتمعي يضعف في الداخل. وفي مواجهة الاضطرابات الداخلية والخصوم الأجانب والفراغ القيادي الوشيك، يبدو مستقبل طهران في مهب الريح. والآن يتأرجح نظام إيران على حافة أزمة قد يكافح لاحتوائها.