(عدن الغد)خاص:

تحليل يقرأ في إمكانية تنفيذ المبادرة الحوثية بشأن إدارة مدينة تعز وتجنيبها الصراع وإنهاء الحصار والمظاهر المسلحة فيها..

ما مدى إمكانية تطبيق مبادرة الحوثيين.. أم أنها مجرد مناورة سياسية؟

هل يمكن أن تتوافق الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي حول تفاصيل إدارة موحدة لمدينة تعز بشكل ناجح؟

كيف يمكن أن تنهي المبادرة- في حالة تنفيذها- الحصار المفروض على تعز وإنهاء الصراع فيها؟

هل يصبح التوافق حول تعز منطلقاً لنواة التسوية الشاملة لإحلال السلام في اليمن؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

مثلت تعز الملف الإنساني الأكثر وجعا في الأزمة اليمنية، وهي المدينة التي تعاني حصارا مطبقا من قبل آلة الحرب الحوثية منذ أكثر من ثماني سنوات، كبد مواطنيها مشقة التنقل بين مسافات وعرة وشاسعة للتواصل مع مناطقها ومديرياتها المقطعة أوصالها، والتي باعدت مليشيات الحوثي أسفارها تحت وطأة حصارها الذي وصل حدا لا يطاق من التبعات الإنسانية المؤلمة، بشهادة المنظمات الأممية والدولية.

وفي الوقت الذي تم التوصل إلى حلول- ولو جزئية- للعديد من الملفات الإنسانية الأخرى في الأزمة اليمنية، جميعها لصالح مليشيات الحوثي، مثل فتح مطار صنعاء وتشغيل ميناء الحديدة، إلا أن حصار تعز ظل مستعصيا عن الحل، بل إنه تحول إلى ورقة ابتزاز بيد الحوثيين، أبت التسليم أو الاقتناع بضرورة تخفيف معاناة المواطنين المحاصرين داخل المدينة منذ سنوات.

حتى أن المليشيات وصلت إلى مستوى اتهام الحكومة الشرعية برفض قبول فتح طرقات تعز المحاصرة، تحت مزاعم أنها هي الأحرص على فتح تلك الطرقات، رغم أنها هي من تحاصر وهي من تمنع دخول المواد الأساسية والاحتياجات الملحة إلى المدينة المحاصرة، وتضطر ساكنيها إلى اتباع سبل شاقة ومتعبة تفاقم مآسيهم وتضاعفها.

وكعادتها، خرجت مليشيات الحوثي بمبادرة تبدو وفق وصف المراقبين بـ(الغريبة)، وذلك في إطار توجهها لاستخدام معاناة تعز الإنسانية كورقة ضغط سياسية أو لزيادة شعبيتها من خلال الادعاء بحرصها على الوضع الذي آلت إليه المدينة بسبب حصار الحوثيين أنفسهم وتعنتهم برفع عوامل الكارثة التي تعيشها المدينة المنكوبة.

> المبادرة الغريبة

في خضم الحديث عن فشل -أو على الأقل تعثر- المفاوضات بين الحوثيين والسعوديين من جانب، وعدم وجود أية بوادر للتوافق بين المليشيات الانقلابية والحكومة الشرعية، خرج الحوثيون بمبادرة لافتة، ومختلفة في مضامينها عن الواقع الذي تعيشه البلاد، والمرحلة المعقدة التي وصلت إليها.

جاءت المبادرة على لسان رئيس ما يُعرف بـ(المجلس السياسي الأعلى) في صنعاء، القيادي الحوثي مهدي المشاط، الذي قدم مبادرة سياسية لإنهاء الصراع المسلح في محافظة تعز، وذلك خلال خطاب ألقاه المشاط ضمن لقاء موسع شهدته المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي في المحافظة ذاتها.

والغريب في المبادرة التي اطلعت (عدن الغد) على تفاصيلها، أنها تضمنت تشكيل إدارة موحدة لإدارة محافظة تعز تتشكل من الحكومة الشرعية والحوثيين، وبحسب المبادرة فإن هذه الإدارة ستقوم بإنهاء جميع المظاهر المسلحة في عموم مديريات المحافظة وفتح الطرقات، بل إن الحوثيين أعلنوا استعدادهم التام للشروع في هذه المبادرة، معتبرين انها ستنهي الصراع بشكل كامل في تعز.

تلك كانت تفاصيل المبادرة الحوثية الأخيرة، والتي أثير حولها الكثير من الجدل بشأن حقيقتها، ومدى جدية المليشيات في تنفيذ مثل هذه الأفكار، رغم أنها تملك في يديها أسباب وعوامل رفع الحصار الذي تفرضه على مدينة تعز، والتخفيف من وطأة التداعيات الإنسانية لهذا الحصار، قبل حتى أن تعلن عن أية خطوات سياسية في هذا الإطار، وهو ما يجعل من المبادرة غريبة إلى حد ما.

كما أن صعوبة إيجاد توافق حقيقي بين الحوثيين والشرعية اليمنية تحول دون تحقيق مثل هذه الخطوات والإجراءات التي تعتبر- بحسب مراقبين- خطوة متقدمة جدا، تجعل من الحوثيين يُقدمون (العربة على الحصان)، إن جاز التعبير، في مسيرة للتسوية السياسية اليمنية، والتي تحتاج أولا بناء الثقة بين الجانبين قبل الخوض في أمور الإدارة المشتركة أو الموحدة والتي تشكل مرحلة متقدمة عما يجري على الواقع حاليا.

وأصحاب هذا الطرح، يعتقدون أن الحوثيين كان بإمكانهم القبول بأية مبادرات إنسانية سابقة، كانت تعرض عليهم خلال مختلف جولات التفاوض والمشاورات التي تمت مع المليشيات، سواءً من قبل الحكومة الشرعية نفسها، أو عبر مبعوثي الأمم المتحدة المتلاحقين، أو حتى خلال المفاوضات الأخيرة مع السعوديين في الرياض.

بل إن المشككين بمبادرة المشاط الحوثية، يرون أن الحوثيين سبق وأن رفضوا إدراج ملف الحصار على تعز وفتح معابرها وطرقاتها ضمن بنود الهدنة الأممية التي استمرت ستة أشهر، منذ أبريل/نيسان عام 2022، وحتى أكتوبر/تشرين أول من نفس العام، وهو ما يثير الكثير من الجدل والاستغراب وحتى الريبة حول هذه المبادرة.

> إمكانية التطبيق

ورغم أن هناك من يشكك في مبادرة الحوثيين، ومدى تطبيقها واقعيا، ويعتبرونها أنها مجرد مناورة سياسية، للاستهلاك الإعلامي والترويج للجماعة، في محاولة تبييض وتجميل موقفها المتورط في الحصار وخنق تعز.

غير أن هنام من يعتقد في المبادرة الحوثية أملا يمكن البناء عليه، بل يجب اقتناصها وعدم شيطنة أي خطوات يقدم عليها الحوثيون مهما كانت صعبة التحقق أو التنفيذ، خاصة في ظل انغلاق كافة السبل الكفيلة بإيجاد حلول أو تقديم مقترحات مُرضية لكافة الأطراف التي تنادي بوضع حد لما يجري في تعز من صراعات ومعاناة إنسانية.

وبناء على ما سبق، فإن أي رفض للمبادرة الحوثية سيُحمل على أنه رفض للحلول التي يقدمها الحوثيون، وهذا سيدعم موقفهم وسيجعلهم يظهرون بمظهر الجهة الحريصة على رفع الحصار، بينما يرفض الآخرون ذلك، ما يزيد من أسهم الحوثيين عند أنصارهم، ويضع خصوم الحوثي في موقف الاتهام.

في المقابل، فإن أي اقتناص للمبادرة الحوثية، حتى وإن كانت مجرد مناورة سياسية، سيُحسب لصالح الشرعية التي سارعت للتجاوب مع هذه المبادرة، وفي نفس الوقت سيضع الحوثيين أمام اختبار حقيقي لقياس مدى صدق مبادرتهم.

وكل تلك الاحتمالات يعتبرها المؤمنون بمبادرة الحوثي أنها تصب لمصلحة المليشيات التي على ما يبدو أنها (رمت الكرة في ملعب خصومها)، وما على الحوثيين إلا انتظار ردة الفعل الأخرى، وهو ما يصنفه هؤلاء بأنه انتصار سياسي آخر للجماعة الانقلابية في مواجهة خصومها.

لكن الحقيقة أن الانتصارات السياسية التي يعتقد أنصار الحوثي أنهم يحققونها هنا وهناك، في الداخل والخارج، يقابله فشل وهزيمة أخلاقية يدركها العالم قبل اليمنيين، من خلال ممارساتهم وانتهاكاتهم بحق اليمنيين كافة، شمالا وجنوبا، وتأتي تعز في قلب كل هذه الانتهاكات التي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وإبادة جماعية.

> إنهاء المعاناة

فيما يتعلق بواقع الحال، وبعيدا عن الآراء المتضاربة لكل من الحوثيين وخصومهم ومواقف كل طرف من المبادرة الخاصة بتعز، يرى آخرون أن الوضع في تعز لا يحتمل المزايدات، حيث أن الحصار قد تسبب بمعاناة ومأساة يجب أن تتوقف فورا، دون النظر إلى المكاسب السياسية التي تتداخل فيها أساليب المكر السياسي ومراعاة المصالح الذاتية بعيدا عن مصالح المتضررين من الضحايا المدنيين.

وأي توافق يمكن أن ينشأ بين الحوثيين والشرعية يجب أن ينطبق من منطلق إنساني بحت، حتى تنجح أية خطوات، تسعى لتجسيد الإدارة المشتركة والموحدة وفق المبادرة الحوثية، وفي الواقع فإن هذه النظرة هي من يجب أن تُعمم على كل الوضع اليمني المكتوي منذ بداية الحرب والأزمة تحت ويلات الجوع والفقر والمعاناة المركبة، وليس في تعز فقط، وإن كانت هي صاحبة الوضع الأكثر سوءا.

وهذا البُعد من تنفيذ المبادرة الحوثية، إذا تم ترجمته على الواقع، وتم توحيد إدارة مدينة تعز بشكل مشترك وموحد من قبل الحوثيين والشرعية وبشكل ناجح ومثالي، فإنه لا محالة سيُنهي الحصار عن المدينة، وسيضع حدا للصراعات الدائرة حول تعز، ومن المؤكد أنه سيُفضي في نهاية المطاف إلى بعث الأكل من جديد في إمكانية تلافي الخلافات والنظر مرة أخرى إلى مستقبل بلاد دمرتها الحرب وأكلت فيها الأخضر واليابس ولم تُبق ولم تذر.

وذلك من خلال أن يتحول هذا النموذج الناجح للإدارة المشتركة لتعز، إلى معيار سينطلق منه الفرقاء لتشكيل نواة أولية لتسوية سياسية شاملة لإحلال السلام في اليمن، وإنهاء الأزمة وتجاوز الخلافات، والالتفات إلى مصير الشعب اليمني في كل مكان من الوطن، شماله وجنوبه، والعودة مجددا إلى جادة الصواب والانخراط مرة أخرى في الحياة العصرية الخالية من الحروب والصراعات.

وكما كانت مدينة تعز على مدى تاريخها السياسي في اليمن قديما وحديثا منطلق التحولات العظيمة في البلاد، يمكن لها أن تعيد دورها الوطني هذا من خلال تلقف مبادرة المليشيات بإيجابية والبناء عليها لإنهاء الحرب في اليمن وضع حد للصراع، وهذا كله يتوقف على مدى جدية هذه المبادرة الحوثية.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: الحکومة الشرعیة هذه المبادرة مدینة تعز فی الیمن من خلال فی تعز

إقرأ أيضاً:

تحقيق أمريكي: اتفاق ستوكهولم الفاشل.. الصفقة الأممية التي أنقذت الحوثيين من الانهيار

كشف تحقيق نشرته صحيفة "ناشيونال انترست" الأمريكية عن العلاقة الخفية بين المنظمات الأممية والتدخلات الأممية في تقوية نفوذ مليشيا الحوثي في اليمن، بالإضافة إلى الدور البارز الذي لعبته واشنطن في تمكين الجماعة من السيطرة الميدانية الواسعة نتيجة القرارات والضغوط الخاطئة على حلفاء الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مشيراً إلى أن الفرصة التاريخية سانحة حالياً لتصحيح هذا الخطأ..

وطالب التحقيق، الذي ترجمته وكالة خبر، المجتمع الدولي بضرورة تحمل "مسؤولياته التاريخية في تمكين صعود المليشيا الحوثية خلال الصراع اليمني المستمر منذ عقد. فبينما شكل الدعم الإيراني المستمر -عبر شحنات الأسلحة والتدريب- العمود الفقري للقدرات العسكرية الحوثية، إلا أن السياسات الدولية المتناقضة ساهمت بشكل لا يقل خطورة في تعزيز نفوذ هذه الجماعة".

وأكد التحقيق أن المساعدات الإنسانية تحولت "إلى شريان حياة للنظام الحوثي، بينما حولته الدبلوماسية الغربية المتذبذبة من جماعة متمردة إلى قوة إقليمية تهدد الملاحة الدولية اليوم".

ولفت التحقيق إلى أنه في عام 2016، لم يتجه التركيز الدولي نحو انتهاكات الحوثيين، بل انصب على ما وصفته منظمات دولية غير حكومية بأنه "أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان".

وتطرق إلى أن مليشيا الحوثي "استخدمت صوراً لأطفال يمنيين يعانون من سوء التغذية في حملات جمع التبرعات التي نظمتها منظمات مثل "ميرسي كور" و"أوكسفام"، مشيراً إلى أن الأخيرة صرحت بأنها أنفقت ثلث إيراداتها عام 2019 على نفقات غير برامجية تشمل التكاليف الإدارية والتسويقية.

وفي خضم هذا الاهتمام الدولي، يقول التحقيق، إن الحركة الحوثية "استغلت الوضع لتعزيز نفوذها، مما منح قيادتها شرعية سياسية لم تكن تتمتع بها من قبل."، مستشهدا على ذلك بجلوسها مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على طاولة مفاوضات واحدة مما عزز "مكانتها السياسية أكثر من الانتصارات العسكرية وحدها". بل إن الحركة ذهبت إلى أبعد من ذلك حين أعلنت في يوليو 2016 عن تشكيل مجلس سياسي رسمي لإدارة شمال اليمن، في خطوة عززت من ادعائها بالشرعية، وفقا للصحيفة.

مصادر مالية غير مباشرة

وبحسب التحقيق الأمريكي، مثل نموذج المساعدات الإنسانية الدولية أحد المصادر المالية غير المباشرة للحركة الحوثية، حيث أصبح يشكل أحد أكبر المكونات الفردية في الناتج المحلي الإجمالي لليمن.

ويجدد التحقيق تأكيده أن قيادة المليشيا الحوثية المدعومة من إيران "لم تكتف بتحصيل الرسوم العابرة التي تفرضها مليشياتها على المساعدات، بل عززت نفوذها المحلي عبر السيطرة على شبكات توزيع المساعدات الإنسانية، مما أكسبها ولاءً مجتمعيًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها".

في المقابل، وجد المزارعون والتجار المحليون أنفسهم عاجزين عن منافسة تدفق المساعدات الغذائية المجانية التي توزعها المنظمات الدولية والأممية، مما دفع بهم إلى هاوية الفقر المتزايد. وأدى هذا الوضع إلى تآكل القاعدة الإنتاجية المحلية، فتحوّل اليمن من بلد يعتمد جزئيًا على إنتاجه الزراعي إلى سوقٍ تعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد والمساعدات الخارجية.

الاتفاق المثير للجدل

وبعد عامين من المفاوضات التي وصفها التحقيق بـ"العقيمة" تحت مظلة الأمم المتحدة، "شن التحالف في سبتمبر 2018 هجوما بريا واسعا لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي من قبضة الحوثيين - المنفذ الذي كان يمر عبره 80% من المساعدات الإنسانية، والمصدر الرئيسي لتمويل المليشيا"، الا انه "عندما أوشكت القوات اليمنية-السعودية-الإماراتية على حسم المعركة، تدخل المبعوث الأممي مارتن غريفيث بعملية وساطة عاجلة، نجحت في دفع الأطراف إلى توقيع اتفاق ستوكهولم المثير للجدل في ديسمبر 2018".

لكن الاتفاق -الذي نص على وقف إطلاق النار المحدود وانسحاب القوات من حول الحديدة- بقي حبرا على ورق. وفق تأكيد التحقيق الأمريكي، مشيراً إلى أنه "خلال السنوات الثلاث اللاحقة، استمرت الاشتباكات على جبهات متعددة دون هوادة". وفوق هذا خرج الحوثيون وحدهم كالمستفيد الأكبر من الاتفاق، حيث منحهم شرعية دبلوماسية غير مسبوقة، ورسخ وجودهم كفاعل رئيسي".

وأضاف أنه "في فبراير 2021، شنت الحركة الحوثية- هجوما واسع النطاق استهدف محافظة مأرب، المعقل الأخير للحكومة اليمنية"، لافتا إلى أن "هذا التصعيد في وقت حاسم، حيث أعلنت إدارة بايدن الجديدة عن مراجعة سياستها تجاه الصراع، منتقدةً الضربات الجوية السعودية-الإماراتية ضد المواقع الحوثية، ومعلنةً وقف الدعم الأمريكي الرسمي للتحالف".

وتصاعدت وتيرة التطورات السياسية حين ألغى الرئيس بايدن في مارس 2021 تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوةٍ فسرها الكثيرون كمقدمة لدفع الأطراف نحو مفاوضات جديدة، بحسب التحقيق.

وعلى الأرض، استغلت المليشيا الحوثية هذا التحول السياسي، فشنت هجمات مكثفة أجبرت القوات المدعومة سعوديا وإماراتيا على الانسحاب من ثلاث جبهات استراتيجية: الحديدة ومأرب وتعز، حيث سيطر الحوثيون بسرعة على مواقع عسكرية حيوية.

تعقيدات المشهد اليمني

التطورات المتسارعة والتي كانت نتاج قرارات الإدارة الأمريكية في فترات متقاربة وحساسة، يبدو أن المليشيا الحوثية اعتبرتها مؤشراً ليس فقط لتحركها الميداني وانما لرفع سقف مطالبها على طاولة المفاوضات مما زاد المشهد تعقيداً، وهي الحسابات الخاطئة لإدارة بايدن، وأصبح المجتمع الدولي يدفع ثمنها قبل الشعب اليمني الذي غُرق في براثنها جراء ذلك.

يقول التحقيق إن جولات المفاوضات الأممية المتعاقبة للانتصارات الحوثية الأخيرة حققت تقدمًا محدودًا، مما كشف عن تعقيدات المشهد اليمني المتشابك، خصوصا وأن هذا الجمود صاعد من وتيرة "الضغط الدولي على السعودية لإنهاء تدخلها العسكري، ما أدى إلى توقيع اتفاق تاريخي مع إيران في مارس 2023 برعاية صينية".

وقد مثل هذا الاتفاق السعودي-الإيراني تحولًا جيوسياسيًا بارزًا، حيث سعت الرياض -منافستها التقليدية في المنطقة- إلى إيجاد مخرج سياسي لأزمة استنزفت مواردها لأكثر من ثماني سنوات. إلا أن هذا التقارب الإقليمي لم يفضِ إلى تسوية سريعة للأزمة اليمنية، إذ ظلت المليشيا الحوثية تتمسك بمكاسبها العسكرية وتصر على شروطها الخاصة في أي مفاوضات سلام.

وأشار إلى أنه منذ أكتوبر 2023، "تصاعدت التهديدات الحوثية للملاحة الدولية بشكل غير مسبوق، حيث استهدفت المليشيا ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر بعمليات قرصنة منهجية، وأطلقت صواريخ باليستية تجاه إسرائيل - كل ذلك دون أي محاسبة دولية جدية".

ودق التحقيق ناقوس الخطر من هذه المليشيا الإرهابية، والتي يرى أنها أصبحت قوة "إقليمية خطيرة" في تحول بأقل من عقد من الزمان بعد أن كانت "كيانا محليا"، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يعود إلى ما "تمتعت" به من "تمويل غير مباشر عبر شبكات المساعدات الإنسانية". هذا من جانب ومن آخر اتخذت من "اتفاقات وقف إطلاق النار الأممية غطاء للتوسع العسكري"، علاوة على ذلك "منحتها الدبلوماسية الدولية شرعية سياسية مكنتها من الجلوس كندٍّ للحكومة الشرعية".

واختتمت الصحيفة التحقيق بتحميل المجتمع الدولي "مسؤولية تاريخية عن هذا الواقع المأساوي، بعد أن ساهم -عن قصد أو غير قصد- في تعزيز نفوذ جماعة استبدادية احتجزت الشعب اليمني رهينة منذ انقلابها عام 2014".

وتؤكد الصحيفة أن هذه المسؤولية تكمن في الاستفادة الواسعة من "الضربات الجوية الحالية" التي تتلقاها مليشيا الحوثي من القوات الأمريكية، وتعزيزها بـ"العمليات البرية التي تنفذها القوات المعادية للحوثيين"، باعتبارها "الفرصة الأخيرة لتصحيح هذا المسار المشؤوم".

وأشارت إلى أن هذه الجهود سيُكتب لها النجاح، ولكنه مرهون بشرط واحد: "ألا تكرر الأمم المتحدة خطأها الفادح بإعلان وقف إطلاق نار جديد يمنح المليشيا المهلة التي تحتاجها لإعادة تجميع صفوفها".

مقالات مشابهة

  • ما هي الورقة التي حذر “الحوثي” من تفعيلها ان مضت واشنطن في حماقتها 
  • تحليل استراتيجي امريكي: البنية الصاروخية لـ”الحوثيين” متنوعة ومحمية جيداً 
  • تحليل استراتيجي يكشف أدوار إيران في تعزيز الوجود الحوثي بالسودان وإريتريا وجيبوتي
  • تحقيق أمريكي: اتفاق ستوكهولم الفاشل.. الصفقة الأممية التي أنقذت الحوثيين من الانهيار
  • تحليل يؤكد تزييف الاحتلال لروايته بشأن استهداف المسعفين بغزة.. نمط مألوف من الإنكار
  • وزير الاتصالات: مبادرة الرواد الرقميون مجانية وتتحمل تكلفتها الحكومة
  • تحليل يؤكد تزييف الاحتلال لرايته بشأن استهداف المسعفين بغزة.. نمط مألوف من الإنكار
  • القاذفات الشبحية تدخل المعركة لتدمير المخابئ والكهوف.. التصعيد الأمريكي يعزز فرص «الشرعية» للتحرك ضد الحوثيين
  • تحليل أمريكي: ما أبرز التحديات التي ستواجه ترامب بشأن القضاء على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • تحليل أمريكي يُرجح فشل أي محاولة لتدمير قدرات الحوثيين الصاروخية.. لن ينهاروا بسهولة (ترجمة خاصة)