من جورج إبراهيم .
أبوظبي في 19 أكتوبر/ وام/ مع اقتراب انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغيّر المناخ "COP28"، الذي تستضيفه دولة الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر المقبلين، يتزايد الحديث عن الذكاء الاصطناعي وقدرته على تقديم حلول مبتكرة لمجابهة التحديات البيئية أو المساهمة في الحد من البصمة البيئية للكثير من الصناعات والأعمال.


وفي هذا الشأن، أكد خبراء ومتخصصون في قطاع التكنولوجيا لوكالة أنباء الإمارات “وام”، أن قدرات الذكاء الاصطناعي على دعم مسيرة الاستدامة العالمية لا تقتصر على قطاع معين بل تشمل القطاعات الاقتصادية كافة، وذلك في وقت تعتبر فيه مشكلات التغير المناخي والتدهور البيئي من أبرز التحديات التي تواجه الإنسانية ولا تقتصر مجابهتها على قطاع محدد .
وأوضح الخبراء أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الاستدامة ومواجهة التغير المناخي، يشمل التخطيط واستخدام التقنيات والحلول والرقابة على تنفيذ المهام على اختلافها بأقل الموارد وبأدنى حد ممكن من الانبعاثات.
وتشمل المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورا مهما فيها على سبيل المثال لا الحصر، "الطاقة والمياه والنقل والزراعة والصناعة وسلاسل التوريد".. ويمكن استخدامه لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنازل والمكاتب والشركات، وتحسين وترشيد إدارة المياه وإعادة تدويرها.
فمن جانبه قال سلطان الحجي، نائب رئيس الجامعة للشؤون العامة وعلاقات الخريجين في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، إن الذكاء الاصطناعي يسهم في تعزيز القدرة على محاكاة الواقع بدقة، وبالتالي العمل على حل القضايا والتحديات البيئية بسرعة وكفاءة.
وأوضح أن التكنولوجيا يمكن أن تسهم في إيجاد الثغرات وتحديد نقاط الهدر للموارد، وكذلك أماكن وآليات الحد من استهلاك الطاقة وإيجاد الحلول الاستباقية لبعض التحديات.
وسلط الضوء على العديد من الأمثلة التي يدخل فيها الذكاء الاصطناعي، ويمكنه من خلالها الحد من استهلاك المياه والطاقة، ومنها الحلول الخاصة بعمليات تبريد المعالجات ومراكز إدارة البيانات دون استهلاك المياه، وكذلك عمليات الرقابة باستخدام التكنولوجيا في المصانع وغيرها.
من جهته أكد كارل كراوثر، نائب الرئيس، لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة “ألتيريكس”، أن المؤسسات التي لا تحرص على “ إطلاق قيمة البيانات” ودمج الرؤى المستخرجة منها في صنع قرارات الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات تكون عرضة لفقدان فرص كبيرة في السوق.
وقال : “تعيق الطبيعة اللامركزية للبيانات وأشكالها المختلفة إضافة إلى التعقيدات المرتبطة بدمجها، التعامل معها وإدراتها بسلاسة ويتطلب التغلب على هذه التعقيدات تحليلات يسهل الوصول إليها وتمكين الخبراء من استخلاص الرؤى في الوقت الفعلي، ويؤدّي تبني التقنيات المبنية على البيانات إلى سد الفجوة وتسهيل اتخاذ القرارات المستنيرة وتحسين كفاءة الطاقة وتحديد فرص الحد من إهدارها”.
وأشار إلى الرؤى المستندة إلى البيانات والذكاء الاصطناعي كأدوات قوية لمساعدة الشركات على إطلاق العنان لطاقتها بكفاءة، من خلال أتمتة عمليات جمع البيانات وتحليلها إذ تسمح الأتمتة وتحليلات البيانات للشركات بالوصول إلى البيانات المتعلقة باستهلاكها للطاقة في أي وقت، حتى لو كانت منعزلة في أقسام وأشكال مختلفة.
وأوضح أنه من خلال دمج مصادر البيانات المتنوعة مثل العدادات الذكية وبيانات الاستهلاك والتسعير، يتمكّن الذكاء الاصطناعي من تحليل هذه المعلومات ونمذجتها لتقديم صورة واضحة عن الاستخدام والتكلفة والحد من الهدر، كما يستطيع الذكاء الاصطناعي التنبؤ بنقص المنتجات و فرص الحد من الهدر، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ما يجعله وسيلة حاسمة لمواجهة تحديات الطاقة الحالية والمستقبلية، مؤكداً أن استثمار المؤسسات في الأتمتة وتحليل البيانات خطوة مهمة نحو استشراف مستقبل أكثر استدامة.
من ناحيته قال تايلور سميث، نائب الرئيس المدير العام للأتمتة الصوتية لحلول وخدمات الإنتاج في شركة “هانيويل العالمية”، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في ضمان كفاءة استخدام الطاقة، فعلى سبيل المثال تعمل تكنولوجيا البناء سواء كان ذلك من خلال خوارزميات الصيانة التنبؤية أو أدوات التحكم في الإضاءة وأنظمة التحكم في المناخ على تقليل استهلاك الطاقة.
وأوضح أن ضبط استهلاك الطاقة يقلص الحاجة إلى الغاز والنفط والأنواع الأخرى التي تصدر ثاني أكسيد الكربون أو الغازات الدفيئة الضارة.
وأشار إلى أن الحديث عن مساهمة الذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستدامة لا يقتصر على الطاقة بحد ذاتها بل على الكثير من المجالات الأخرى كتحسين كفاءة سلاسل التوريد للمستهلكين، من خلال إمكانية تقليل عدد الطرود واحتياجات التغليف والنقل.
من جانبه أكد محمد الزواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في "سنوفليك"، أهمية الذكاء الاصطناعي في تعزيز أهداف الاستدامة عبر مختلف القطاعات والمجالات.
وأوضح أن تحقيق وتعزيز فائدة الذكاء الاصطناعي في مجال الاستدامة، يتطلب أن تتأكد المؤسسات والشركات من وجود استراتيجية أساسية للبيانات عبر مختلف مستوياتها قبل المبادرة بتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أنه ومن خلال ذلك، تجمع المؤسسات البيانات من مختلف الأقسام ومن مؤسسات الطرف الثالث في مصدر واحد مما يؤدي إلى القضاء على مركزية تلك البيانات.
وقال إنه بعد أن يتم تسخير البيانات بالشكل اللازم يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي كطبقة تدير البيانات وتمكّن المؤسسات من تحسين استخدامات مواردها وطاقاتها بكفاءة من خلال الجمع بين التحليلات الاستنتاجية والاستقرائية وبين النمذجة التنبؤية ما يقلل من بصمتها البيئية.
وتحدث عن استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات، مستشهداً بمبادرات المدن الذكية التي تعتبر ركيزة لتحقيق أهداف دولة الإمارات، وأشار إلى إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين وسائل النقل وتقليل الازدحام وتعزيز التنمية الحضرية المستدامة إضافة إلى ذلك، تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل تتبع البصمة الكربونية وتتبع عمليات الاستدامة والتحقق منها، على تمكين الشركات والأفراد من اتخاذ قرارات صديقة للبيئة.
من ناحيته قال رامي كشلي نائب الرئيس الأول في الشرق الأوسط وتركيا لدى "سوفتوير أي جي" ، إن حماية البيئة لم تعد مسؤولية جهة واحدة وإنما مسؤولية البشرية ككل، ولا شك أن التكنولوجيا تعتبر ركيزة أساسية في إيجاد الحلول التي تساعد في ضمان خلق بيئة أعمال وشركات أكثر استدامة وصداقة مع البيئة.
وأشار إلى أن أثر التكنولوجيا في رحلة الاستدامة لمؤسسة ما يبدأ من مرحلة التخطيط مروراً بتبني تقنيات يمكن أن تسهم في تقليل الهدر سواء في استهلاك الطاقة أو استهلاك مختلف المواد التي تدخل في أغلب الصناعات والأعمال، وصولاً إلى الرقابة على تنفيذ الخطط والتقنيات.
ولفت إلى أنهم عملوا مع العديد من الجهات الحكومية للتخلي عن استخدام الورق، مشيرا إلى أن التكنولوجيا التي أسهمت في الوصول إلى ذلك الهدف لم تسهم فقط بالوصول إلى توفير الورق وما يقود إليه من التخلي عن استهلاك موارد معينة، وإنما قادت أيضا إلى تسهيل إنجاز المعاملات عبر أنظمة تكنولوجية ذكية دون الحاجة إلى الحضور الشخصي ما يسهم بدوره في خفض الحاجة إلى التنقل واستهلاك الطاقة.
من جهتها قالت منى عيسى آغ، نائب الرئيس، الشرق الأوسط وأفريقيا لحلول أمن الطاقة في “شنايدر إلكتريك”، إن الابتكار يشكّل أمراً بالغ الأهمية لتحقيق تحوّل كهربي شامل حول العالم، وذلك بالتزامن مع عملهم من أجل مستقبل أكثر استدامة، مضيفة أن الدور المحوري للرقمنة ومراكز البيانات يتيح لهم إمكانية التأسيس لتحوّل جذري مستدام في العصر الرقمي.
بدورها قالت ميرلا تونتس مديرة التسويق في حكوكة إستونيا، إنه مع تزايد التوجه العالمي نحو التقليل من الانبعاثات الكربونية في مختلف القطاعات، تبرز أهمية اعتماد استراتيجيات خضراء من قبل مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة، ولتنفيذ هذه الاستراتيجيات وضمان الوصول إلى الأهداف لابد من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وذكرت العديد من الأمثلة على استخدامات الذكاء الاصطناعي في تطوير القطاعات كافة، ففي مجال النقل على سبيل المثال باتت السيارات الذاتية القيادة والتي تستخدم الطاقة النظيفة أحد الحلول، وفي مجال الصناعة بات الذكاء الاصطناعي أكثر قدرة على ضبط الهدر ومراقبة العمليات الإنتاجية وحصر الانبعاثات، وكذلك الأمر في مجال البناء والعقارات مع الوصول إلى تجمعات سكنية ومدن ذكية صديقة للبيئة.

دينا عمر/ جورج إبراهيم

المصدر: وكالة أنباء الإمارات

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی فی للذکاء الاصطناعی استهلاک الطاقة الشرق الأوسط نائب الرئیس الوصول إلى وأشار إلى العدید من وأوضح أن فی مجال من خلال الحد من إلى أن

إقرأ أيضاً:

«معلومات الوزراء» يعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات وتحليل البيانات

أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تبنيه خلال الفترة الحالية تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة؛ لتقديم نماذج تحليلية متقدمة تساعد على التنبؤ بالتوجهات المستقبلية، بما يسهم في دعم صانع القرار، وفقاً لأعلى المستويات التكنولوجية المستخدمة في هذا الإطار، في إطار الحرص على مواكبة أحدث التكنولوجيا واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة كجزء من رؤية الحكومة المصرية نحو توطين هذه التقنيات المتقدمة.

تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات

وفي تقرير له، أشار مركز المعلومات إلى أن هذا التوجه يأتي في ظل تقنيات تكنولوجية يشهدها عصرنا الحالي تتطور بشكل مستمر وسريع، وهو ما يجب أن يتواكب معها ويستفيد منها جميع المتعاملين في مجال المعلومات بالشكل الذي يساعد على تقديم خدمة مميزة للمستفيدين وبالصورة التي تخدم مختلف جوانب التنمية.

وأوضح المركز، في تقريره، أن دوره كمركز فكر للحكومة المصرية يفرض ضرورة الاستفادة من كل ما هو جديد من تقنيات تكنولوجية ومعلوماتية يمكن أن يضعها أمام متخذي القرار؛ لمساعدته على أداء دوره بسرعة وكفاءة، وتقديم مختلف التحليلات والمؤشرات المدعومة بالتقنيات والتكنولوجيا الحديثة.

البوابة القانونية للتشريعات المصرية

وفي الوقت نفسه، أشار المركز إلى أنه في الآونة الأخيرة تمكن من دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف الارتقاء بمستوى مخرجاته، ومنها على سبيل المثال البوابة القانونية للتشريعات المصرية، التي تعد أول قاعدة تشريعات حكومية مصرية وعربية وأفريقية يوطن بها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة كأساس في آلية البحث، كما تحتوي البوابة على روبوت للدردشة (AI Chatbot) بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي (Open AI – GPT) لتطوير البوابة القانونية للتشريعات المصرية وتمكين الباحثين من البحث في محتوى التشريعات والأحكام والفتاوى. 

ونوه المركز، أنه يعد نماذج محاكاة للتنبؤ بعدد من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتطوير لوحات معلوماتية ذكية (Smart Dashboards) تتضمن سيناريوهات ونماذج للتنبؤ بالمؤشرات الاقتصادية بالاعتماد على هذه التقنيات، فضلاً عن تحليل التصنيفات الائتمانية باستخدام الذكاء الاصطناعي لعدد من تقارير الرأي الائتماني لمجموعة من الدول الصادرة عن وكالة «موديز»، من خلال عرض التطور الزمني لأبرز الإيجابيات والسلبيات التي تضمنتها التقارير، وإعداد خرائط تفاعلية تعرض العلاقة بين أهم المتغيرات التي شملتها التقارير. 

تطوير نظام رقمنة مستندات المكتبة

وأكد المركز على استمرار سعيه لتطوير نظام استخلاص الفرص الاقتصادية بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI)، وتطوير نظام رقمنة مستندات المكتبة وإعداد الملخص والكلمات الدالة بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي (OPEN AI - GPT)، وتطوير نظام إدارة علاقات الخبراء والعملاء، وتحليل مشاركات الخبراء واستخلاص المرئيات بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن ذلك يقوم المركز بتوفير عدد من التطبيقات الذكية المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي ؛ لتحليل المحتوى المعرفي لمنصة المشاركة المجتمعية «حوار»، وتعزيز آليات التواصل مع الخبراء والمواطنين.

بالإضافة إلى ذلك، يتم تطوير مساعد الموظف الذكي (GENIE – AI Chatbot) ؛ للرد على جميع الاستفسارات المعلوماتية للعاملين بالمركز عن اللوائح الداخلية وأدلة الموارد البشرية بالمركز، وذلك لتوفير الوقت والجهد؛ ولضمان بيئة عمل ذكية تساعد على أداء الأعمال بسهولة وإبداع وكفاءة

وأوضح المركز أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة يأتي كونها هدف استراتيجي يسعي من خلاله للتميز، ليكون في مرتبة متقدمة دائما ضمن مراكز الفكر الحكومية على المستوى الإقليمي أو العالمي، مشيراً إلى أنه قد فاز خلال السنوات الخمس الأخيرة بالعديد من الجوائز الدولية في مجالات عمله كافة؛ حيث فاز في يونيو 2022 بجائزة (SAG Award) الأمريكية الممنوحة لإصدارة المركز الرقمية "وصف مصر بالمعلومات" من بين نحو 100 ألف مؤسسة دولية حول العالم.

مقالات مشابهة

  • هواوي تستعرض تأثير الذكاء الاصطناعي على مراكز البيانات
  • أزمة التغير المناخي في أفريقيا والمطالب الأفريقية في «كوب 29»
  • البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي: قوة محركة لصنع السياسات وتعزيز الابتكار"
  • ضمن مناقشات مؤتمر AIDC حول توطين الذكاء الاصطناعي.. كيف ستعيد مراكز البيانات تشكيل الاقتصاد؟
  • «معلومات الوزراء» يعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات وتحليل البيانات
  • "مجلس التمور".. خبراء عالميون يبحثون تأثير التغير المناخي على زراعة النخيل
  • خبراء: تحويل المهارات إلى استراتيجيات ضرورة يفرضها الذكاء الاصطناعي
  • خبراء وجامعيون يدعون في ندوة في طنجة إلى تقنين الذكاء الاصطناعي
  • مؤتمر AIDC يستعرض حلول الطاقة المستدامة لتشغيل مراكز البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي
  • انطلاق معرض ومؤتمر AIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والحوسبة السحابية