فلسطين والجيش العربي الأردني … وهل ننسى كل تلك التضحيات !؟
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
#فلسطين و #الجيش_العربي_الأردني … وهل ننسى كل تلك #التضحيات !؟
#هشام_الهبيشان
لقد كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه حارساً أميناً وسنداً قوياً لكل قضايا الأمة العادلة، ولايمكن لأحد اليوم ان يزايد او ان يتمادي اويتغاضى او ان يزرو حقائق التاريخ، فالجيش العربي الاردني، قدم الشهداء لفلسطين وهذا واجب علينا وعليه، واضرحة شهداء الجيش العربي الأردني بالقدس وما حولها هي شاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل دفاعه عن قضايا الأمة العادلة، ولكل من يزايد اليوم ويحاول تشويه صورة وتاريخ وتضحيات وأمكانيات هذا الجيش، أدعوه اليوم لقراءة التاريخ جيداً، فهو الحكم والشاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل قضايا الأمة العادلة ، والقضية ليست قضية أمكانيات ، بقدر ما هي قضية مبادئ راسخة وثابته.
وبالحديث عن المراحل والتحديات والتضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني للأمة العربية ولفلسطين تحديداً، نقرأ بالتاريخ انه ومن خلال معارك فلسطين بالعام 1948، فقد كان للجيش العربي الاردني دورآ فاعلاً بهذه المعارك وبمواجهة المحتل الصهيوني، رغم أنه أقل الجيوش العربية عدداً وعدة، ومع ذلك كان هو صاحب الانتصارات في حرب 1948، وقد استطاع الجيش العربي الأردني أن يحقق انتصارات ميدانية مهمة واستثنائية، وكانت ثمرة البطولات العسكرية الأردنية أن تم الحفاظ على القدس وطرد الصهاينة منها وإفشال المخططات الصهيونية، آنذاك، في احتلال الضفة الغربية، التي خاض فيها الجيش العربي الأردني معارك ضارية، ومستميته، ويعود له وللجيش العربي السوري الفضل الميداني، الوحيد، في الحفاظ عليها، وقد حددت مهام الجيش العربي الأردني بمعارك 1948 بالزحف نحو القدس ورام الله فقط فحررهما إلا أن تخلف القوات العربية الأخرى أدى إلى إتساع جبهة القتال الأردنية، وهنا يقول “بن غوريون – الزعيم الصهيوني ورئيس وزراء الكيان المسخ“- إن مصير الحرب، يتوقف على القتال بين الجيش الإسرائيلي، والجيش الأردني، فإما أن يخترق الجيش الأردني مثلثنا، أو أن نقوم نحن، باختراق مواقعه، فإذا نجحنا، نكون قد أوشكنا أن نكسب الحرب، فالجبهة الرئيسية التي تواجهنا، هي التي يتمركز بها الجيش الأردني، في منطقة القدس وجبالها (منطقة وسط فلسطين)، وليس تلك التي يتمركز بها الجيش المصري في النقب، أو باقي الجيوش في الجليل”.
مقالات ذات صلة غزة ..عٍزةٌ ونصر 2023/10/18وقد خاض الجيش العربي الأردني أكثر من 44 معركة واشتباك مع الميلشيات الصهيونية في الضفة الغربية ما بين عامي (1948-1967)، أهمها معركة السموع في لواء الخليل، انتهت جميعها بالنصر وبدحر الميلشيات الصهيونية الغازية، ومن اهم المعارك التي خاضها الجيش العربي الاردني بمدينة القدس هي معارك اللطرون وباب الواد والنوترادم و هي خير دليل على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الاردني في فلسطين، فقد استمرت معركة اللطرون تحديدآ من 15 ايار حتى 23 ايار 1948، وكانت مقدمة لتحرير القدس وإخراج القوات الصهيونية منها حيث استطاع 1200 جندي بطل أردني من الدفاع عن القدس وتحريرها بمقابل 6500 مسخ صهيوني، و كانت خسائر الميلشيات الصهيونية كبيره في هذه المعركة ،وقاد القوات الأردنية الراحل البطل المشير حابس المجالي،وقاد الميلشيات الصهيونية المقبور أرئيل شارون الذي أصبح في ما بعد رئيسا لوزراء (2001-2006) الكيان المسخ، وقد جرح المقبور أرئيل شارون في المعركة ووقع أسيرا بيد الجيش العربي الأردني وقد أسره يومها البطل النقيب حابس المجالي “انذاك ” -المشير فيما بعد، وتم تبديله بـ “أسير عربي” عندما جرى تبادل الأسرى بعد الهدنة الثانية.
في معارك حزيران 1967، وبعد أن تم توقيع اتفاقية الدفاع المشترك بين الأردن ومصر في 30 أيار 1967 فقد وضع الجيش العربي الأردني في حالة تأهب قصوى، وجرت معارك على طول الجبهة وحارب الجيش العربي الأردني من جديد في القدس واللطرون وباب الواد وجبل المكبر وتل الرادار وتل الشيخ عبد العزيز وتل النبي صموئيل والشيخ جراح والمطلع ونابلس وجنين وطولكرم والخليل وبالرغم من قلة العدد والعدة وانعدام الغطاء الجوي “الموعود”، وهذ ما أنتج حينها خسائر كبرى وتضحيات كبرى قدمها الجيش العربي الاردني بهذه المعارك فما تعرض له الجيش العربي الأردني من خسائر جسيمة بهذه المعارك لايقدر ولايحصى، حتى أن بعض السرايا قاتلت حتى أخر رجل فيها، وهذا دليل وشاهد حي على روح التضحية والشجاعة والإصرار على القتال حتى آخر طلقة وأخر رجل عند المقاتل الأردني، وهذا ما أجبر العدو قبل الصديق على أن يشهد لهذا الجيش بالشجاعة والاحتراف والتفاني، فقد صرح أحد جنرالات الميلشيات الصهيونية “بأن هذه الحرب كان يمكن أن تسمى حرب الساعات الستة لا الأيام الستة لولا صمود الجيش الأردني الذي بقي يحارب منفردا أياما فيما انهزم بعض الآخرون خلال ساعات”.
وبعد هزيمة عام 1967، وهذه النكسة الكبرى التي أصابت العرب كل العرب، تمادى العدو الصهيوني بعدوانه على العرب، تحت شعار “الجيش الصهيوني الذي لايقهر”، وهذا ما أفرز حينها عدوان صهيوني واضح وصريح على الدولة الاردنية، وحينها كانت الملحمة الكبرى للجيش العربي الاردني ولقوى المقاومة الفلسطينية بمعركة الكرامة التي ردت الكرامة للعرب كل العرب، ففي 21/3/1968 شن الكيان المسخ هجوما بواسطة 15 ألف مسخ ومظلي مدعومين بقصف مدفعي وجوي على جميع مواقع الجيش العربي الأردني وقوى المقاومة الفلسطينية الأمامية والخلفية، وواجهة الفرقة الثانية الأردنية وحاولت الميلشيات الصهيونية التقدم عن طريق أربع مواقع على طول الجبهة الأردنية المحاذية لحدود الاراضي الفلسطينية المحتلة، وحينها سطر الجيش العربي الاردني وقوى المقاومة ملحمة أسطورية بالصمود، وهذا ما عبر عنه الصهيوني حاييم بارليف رئيس أركان الميلشيات الصهيونية في حديث له نشرته جريدة هارتس يوم 31/3/68 “إن عملية الكرامة كانت فريدة من نوعها ولم يتعود الشعب في “إسرائيل” مثل هذا النوع من العمليات، وبمعنى آخر كانت جميع العمليات التي قمنا بها تسفر عن نصرلقواتنا، ومن هنا فقد اعتاد شعبنا على رؤية قواته العسكرية وهي تخرج متنصرة من كل معركة أما معركة الكرامة فقد كانت فريدة من نوعها، بسبب كثرة الإصابات بين قواتنا، والظواهر الأخرى التي أسفرت عنها المعركة مثل استيلاء القوات الأردنية على عدد من دباباتنا والياتنا وهذا هو سبب الدهشة التي أصابت المجتمع الإسرائيلي إزاء عملية الكرامة “، و تعتبر معركة الكرامة أول انتصار كامل لجيش عربي على الميلشيات الصهيونية حيث استطاع الجيش العربي الأردني وبالتعاون مع قوى المقاومة في منطقة الكرامة بالاغوار تحقيق النصر على الميلشيات الصهيونية وتحطيم أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”.
وفي معركة تشرين التحريرية وبغض النظر عن نتائجها، فقد قدم الجيش العربي الاردني ملحمة اسطورية أخرى بتاريخ تضحياته بسبيل هذه الأمة، ففي حرب عام 1973 التقطت كتيبة الاستطلاع السورية الميلشيات الصهيونية يصرخون مخاطبين قادتهم “أنقذونا من اللواء الأردني انهم يتقدمون باتجاهنا ولا يعرفون التراجع ونحن نخلي مواقعنا لهم “وقد سلم التسجيل إلى قائد اللواء الأردني (40) اللواء الركن خالد هجهوج المجالي بعد انتهاء هذه المعركة في الغروب من قبل العماد مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري، وهنا يعلق أحد القادة السوريين على اداء الجيش العربي الأردني بمعركة تشرين ويقول” هؤلاء رجال صنعتهم الحرب بعد انبهاره بأدائهم في الحرب.
ومن هنا لايمكن لأحد ان ينكر حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بمعارك الامة ضد اعدائها، فقد قدم الجيش العربي الاردني منذ تأسيسه ولليوم الاف الشهداء من افراده بسبيل خدمة قضايا الأمة، وخصوصآ بعد قرار الراحل الملك الحسين تعريب قيادة الجيش في 1/3/1956 م، والملك الحسين كان همه أن يجعل الجيش العربي جيشا قوياً مدربآ ومسلحاً بأحدث الأسلحة، ليكون قادرا على القيام بمهامه في الدفاع عن الوطن وعن قضايا الأمة كل الأمة، وعمل على تطويره من وحدات صغيرة إلى جيش مزود بأحدث الأسلحة والخدمات والكفائات المتطورة التي نشاهدها اليوم في مختلف تشكيلات القوات المسلحة.
ختاماً، لقد كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه حارساً أميناً وسنداً قوياً لكل قضايا الأمة العادلة، ولايمكن لأحد اليوم ان يزايد او ان يتمادي اويتغاضى او ان يزرو حقائق التاريخ، فالجيش العربي الاردني، قدم الشهداء لفلسطين وهذا واجب عليه، واضرحة شهداء الجيش العربي الأردني بالقدس وما حولها هي شاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل دفاعه عن قضايا الأمة العادلة، ولكل من يزايد اليوم ويحاول تشويه صورة وتاريخ هذا الجيش، أدعوه اليوم لقراءة التاريخ جيداً، فهو الحكم والشاهد على حجم التضحيات التي قدمها الجيش العربي الأردني بسبيل قضايا الأمة العادلة.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
hesham.habeshan@yahoo.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الجيش العربي الأردني التضحيات الجیش الأردنی
إقرأ أيضاً:
الحركة الإسلامية والجيش السوداني: لعبة التصنيفات وإساءة التوصيف
كتب الدكتور عزيز سليمان استاذ السياسة و السياسات العامة
في خضم الصراعات السياسية التي عصفت بالسودان في العقود الأخيرة، برزت قوى الحرية والتغيير كتيار سياسي طامح لقيادة المشهد الوطني، لكنها وقعت في فخ التعميمات الخاطئة والاتهامات غير المسؤولة. لقد حاولت هذه القوى، بمساندة آلتها الإعلامية، ربط الجيش السوداني القومي، بكامله، بالحركة الإسلامية، في محاولة لتشويه صورته وتقويض دوره كمؤسسة وطنية. هذا التوصيف المتهافت لم يتوقف عند حد التعميم، بل تجاوزه إلى اختزال الجيش في شخصيات بعينها، كعلي كرتي وسناء حمد، في محاولة لتسطيح الواقع السياسي المعقد وتغذية الاستقطاب. هذا المقال يسعى لتفنيد هذه الرواية، وكشف زيف الادعاءات التي تحيط بهذه الشخصيات، مع إبراز الفشل الفكري للسياسيين غير الإسلاميين في مواجهة التيار الإسلامي.
- علي كرتي: أسطورة مختلقة أم ذكاء تنظيمي؟
علي كرتي، الذي يُشار إليه أحيانًا كـ”رأس الحركة الإسلامية”، ليس سوى رمز تضخم حضوره بفعل الدعاية المناهضة أكثر من حقيقة دوره السياسي. كرتي، الذي شغل منصب وزير الخارجية في عهد النظام البائد، لم يكن يومًا مفكرًا سياسيًا أو صاحب رؤية استراتيجية. خبرته السياسية، إن وجدت، كانت إدارية بحتة، تقتصر على تنفيذ سياسات النظام دون إبداع فكري يُذكر. لقد رفعته قوى الحرية والتغيير، عن غير قصد، إلى مرتبة “العقل المدبر”، في محاولة لإضفاء طابع شخصي على صراعهم مع الحركة الإسلامية.
علي ذات نسق رافعة "السيليكون الناطق" حميدتي و صمتهم المريب في تحركاته السياسية و قبولهم بوضعه نائبا لرئيس مجلس السيادة
لكن، وفي تناقض صارخ، يُنسب إلى كرتي وتنظيمه ذكاء تنظيمي استثنائي، حيث استطاعوا، كما يُزعم، حماية السودان من الانهيار الكامل عبر تأسيس كتائب خاصة ساندت الجيش في مواجهة التمرد. هذه الرواية، رغم مبالغتها، تُظهر كيف استغلت الحركة الإسلامية الفراغ السياسي والإعلامي لتعزيز صورتها كقوة وطنية. لكن الحقيقة أبسط: كرتي ليس عبقريًا سياسيًا، بل مجرد عنصر في نظام تنظيمي استفاد من ضعف خصومه. مساهماته الفكرية في السودان شبه معدومة، وتأثيره الحقيقي لم يتجاوز حدود الدعاية التي غذاها خصومه.
- سناء حمد: ظلال علي عثمان وغياب الشخصية السياسية
أما سناء حمد، فهي نموذج آخر للشخصيات التي تم تضخيم دورها بشكل غير مبرر. كواحدة من الأسماء المرتبطة بالحركة الإسلامية، حاولت قوى الحرية والتغيير تصويرها كرمز للنفوذ الإسلامي في الجيش. لكن تاريخ سناء حمد يكشف عن شخصية تفتقر إلى الاستقلالية السياسية، وتعمل كمجرد تابع لعلي عثمان محمد طه، أحد أبرز قادة النظام البائد. لم تُعرف سناء بأي إسهام فكري أو رؤية سياسية، بل كانت جزءًا من آلة تنفيذية تخدم أجندة النظام دون إبداع أو تميز.
إن محاولة ربط الجيش بسناء حمد ليست سوى محاولة يائسة لتشويه المؤسسة العسكرية. فسناء، ككرتي، لا تملك الخبرة أو الكفاءة لإدارة شؤون الدولة، ودورها لم يتجاوز التماهي مع خطاب النظام السابق. إن اختزال الجيش في مثل هذه الشخصيات هو إهانة لتاريخه القومي وتضحياته في الحفاظ على وحدة البلاد.
- فشل المعارضة الفكري وتضخيم الخصم
إن أبرز ما يميز السياسيين السودانيين غير الإسلاميين هو عجزهم عن مواجهة التيار الإسلامي على المستوى الفكري. لم يتمكنوا يومًا من تقديم بديل فكري متماسك يفضح محدودية الإسلاميين أو يكشف هشاشة رؤيتهم. بدلاً من ذلك، لجأوا إلى استراتيجية التشويه والتعميم، فنسبوا الجيش بكامله إلى الحركة الإسلامية، في محاولة لاستمالة الرأي العام و تنفيذ خطة كاتب الرواية . لكن هذه الاستراتيجية ارتدت عليهم، إذ استغلت الحركة الإسلامية هذا التوصيف لتعزيز صورتها كمدافعة عن الوطن.
في هذا السياق، برزت مسميات مثل “كتائب الـبراء” التي قاتلت إلى جانب الجيش، مما أكسبها احترامًا شعبيًا لم تكن لتحظى به لولا الأخطاء الإعلامية لخصومها. لقد حولت الحركة الإسلامية، بذكاء، الاتهامات الموجهة إليها إلى فرصة لتأكيد وجودها كقوة وطنية، في حين فشلت قوى الحرية والتغيير في تقديم رواية بديلة تحترم عقلية الشعب السوداني.
خاتمة: الوطن فوق المصلحة
إن السياسي الصادق هو من يميز بين مصلحة الوطن ومصالحه الضيقة. الجيش السوداني، كمؤسسة قومية، ليس ملكًا لفصيل أو شخصية، بل هو رمز للوحدة الوطنية. محاولات ربطه بالحركة الإسلامية أو اختزاله في أسماء مثل علي كرتي أو سناء حمد ليست سوى انعكاس لضعف الخطاب السياسي لدى خصومهم. في المقابل، استطاعت الحركة الإسلامية استغلال هذه الأخطاء لتعزيز صورتها، لكن ذلك لا يعني أنها تملك رؤية فكرية حقيقية تخدم السودان.
السودانيون، شعب لا يُهزم، أثبتوا عبر تاريخهم أنهم قادرون على مواجهة أي تسلط، مهما طال الزمن. إن عظمة هذا الشعب تكمن في تمسكه بالوطن، وإجلاله لمن يقاتل دفاعًا عنه، سواء كان جيشًا قوميًا أو كتائب شعبية. لكن التحدي الأكبر يبقى في بناء خطاب سياسي يتجاوز الاتهامات السطحية، ويؤسس لمستقبل يحترم عقلية هذا الشعب وتضحياته.
quincysjones@hotmail.com