الخليج الجديد:
2024-11-16@04:32:21 GMT

أبعاد عديدة لعمليات غزة

تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT

أبعاد عديدة لعمليات غزة

أبعاد عديدة لعمليات غزة

أجواء المستحيل هى التى تؤسس لحركات مقاومة خارجة عن سيطرة السلطة الحاكمة.

هل صار الدين من ضرورات فرض الموقف الأمريكى؟ أم أنه هذا الدين (اليهودي) بالذات؟

هل قدر بلينكن خطورة هذه السابقة على العمل الدبلوماسى فى علاقات أمريكا الخارجية بل وفى العلاقات الدولية بشكل عام؟

المطلوب الآن تنبيه الغرب لضرورة وقف الاندفاع نحو كارثة محققة لو استمر قادته فى محاباة إسرائيل على حساب أمم أخرى.

توسع الإسرائيليون فكوفئوا، قتلوا ولم يعاقبوا، مزقوا فلسطين ولم يحاكموا، هددوا أمن واستقرار الشرق الأوسط 75 عاما ولم يؤاخذوا.

سقطت مبادرة أو فكرة حل الدولتين، أو هكذا تردد الرأى فى مختلف الأرجاء. لم يعد ممكنا تجديد الاقتناع بصدق نوايا واشنطن وراء هذا الحل.

هل نتوقع من معظم أعضاء جهاز الأمن القومى الأمريكى أن يكرروا فعل رئيس الدبلوماسية (بإعلان يهوديتهم) عند تنفيذهم مهام سياسية أمريكية خارج أمريكا؟

تأكد أن الدول العربية التى وقعت على اتفاقيات صلح أو سلام مع إسرائيل نادمة على ما فعلت أو صارت بعد ما فعلته إسرائيل بغزة والضفة الغربية أقل حرصا على التزام الاتفاقات وأبعد نظرا.

كان موقف الغرب مخزيا. لا أجد كلمة تناسب ما فعله الغرب وما رددت ألسنة حكامه وممثليه إلا كلمة الخزى. أكد حق إسرائيل فى اعتبار أى مقاومة فلسطينية لاحتلالها إرهابا وليس مقاومة.

سبت سيسجله التاريخ العربى فى سجلات الشرف وتسجله سجلات أخرى تحت عناوين منها يوم السباق نحو النفاق، ويوم انكشاف مرة أخرى عنصرية زعماء الغرب، ويوم عادت الصليبية منتشية بأسماء أخرى.

* * *

كان يوم سبت. سبت تلون فى الكتابات والتعليقات بألوان شتى. للبعض كان سبتا أبيض ولأعدائهم كان سبتا أسود ولآخرين كان سبتا أحمر. سبت سوف يسجله التاريخ العربى فى سجلات الشرف وتسجله سجلات أخرى باعتباره يوما ممتدا تحت عناوين شتى منها عنوان يوم السباق نحو النفاق، وعنوان يوم انكشفت للناس مرة أخرى عنصرية زعماء الغرب فى شكل مرض خبيث ومقيم، ويوم عادت منتشية الصليبية تحت أسماء أخرى.

ويوم نسى العالم أو تناسى أن هناك حربا ناشبة فى أوكرانيا، ويوم سمعنا وزير خارجية دولة عظمى يعلن على الملأ فى لحظة انتشاء أو تكبر أنه بعث نفسه فى مهمة دينية وليس لصفة سياسية أو وظيفية.

ويوم ساد الوجوم والترقب معظم عواصم العرب، ويوم تنفست كل من الصين وروسيا الصعداء لانفراجة بدت تبرق لصالحهما، ويوم ذهبت الظنون بحكام دول شتى أن حلم نكبة ثانية كثيرا ما راودها على وشك أن يتحقق.

ويوم حققت حركة مقاومة حلم الملايين بأفراد معدودين وهو اليوم الذى قررت فيه إسرائيل تدعمها أمريكا تدمير قطاع غزة وتهجير سكانه.

كان يوما ليس ككل الأيام، فعل بأهل غزة ما فعل وخلف من بعده أياما بأحداث ليست أقل أهمية. فيما يلى أعرض للنقاش بعضا منها.

* * *

أولا: كان موقف دول الغرب مخزيا. لا أجد كلمة تناسب ما فعله الغرب وما تردد على ألسنة حكامه وممثليه إلا كلمة الخزى. أكد حق إسرائيل فى أن تعتبر أى مقاومة فلسطينية لاحتلالها فلسطين إرهابا وليس مقاومة. العالم كله بما فيه يهود بولندا قاوم النازيين ولم يصنفهم الغرب إرهابيين.

أمريكا نفسها قاومت الحكم الإنجليزى ولم تسجل فى تاريخها هذه المقاومة كحركة إرهاب. لم نعرف إلا فى غزة أن الغرب يقف كتلة واحدة تبارك تدمير شعب بمؤسساته ومساكنه وأطفاله ونسائه لأنه يأوى أفرادا يقاومون. قيل فى موقف هذا الغرب إنه يستخدم عنف الإسرائيليين ليشن حربا صليبية جديدة ضد أهل المنطقة.

جاءت ردود زعماء فى الغرب من نوع رد السيدة أورسولا رئيسة الاتحاد الأوروبى مخيفا وكاشفا عن درجة من العنصرية أعلى بكثير من كل ما تصورناه عن السياسيين من ألمان عهد هتلر.

حركوا ومعهم مؤسسات إعلامية غربية شهوة إسرائيل لتهجير سكان غزة إلى صحراء سيناء. أثاروا جميعا موجة من الكراهية عمت أجواء أوروبا فى سابقة لا مثيل لها فى التاريخ الحديث.

ثانيا: كادت إسرائيل تطيح بأحد أهم أحلامها، أقصد اتفاقات أبراهام. خرجت المظاهرات في أكثر من معقل من معاقل اتفاقات أبراهام مثل المملكة المغربية والبحرين تؤكد الرفض الشعبى لها على أرض الواقع والتجربة.

من ناحية أخرى تأكد أن الدول العربية التى وقعت على اتفاقيات صلح أو سلام مع إسرائيل إما نادمة على ما فعلت أو صارت بعد ما فعلته إسرائيل بغزة والضفة الغربية أقل حرصا على التزام هذه الاتفاقات وأبعد نظرا.

ثالثا: لسنا فى حاجة لكثير من الخبرة فى الشؤون الدولية لنقرر أن أوكرانيا خرجت خاسرة من انتقال الحملة الغربية إلى غزة وأن كلا من روسيا والصين خرجتا بنصيب عال من تعاطف العرب والمسلمين فى كل مكان. خرجتا بهذا النصيب دون أدنى تدخل مباشر. اكتفتا بتأكيد حق الفلسطينيين فى التحرر والاستقلال.

رابعا: سقطت مبادرة أو فكرة حل الدولتين، أو هكذا تردد الرأى فى مختلف الأرجاء. لم يعد ممكنا تجديد الاقتناع بصدق نوايا واشنطن وراء هذا الحل. ما فعلته أمريكا خلال عشرة أيام فى التعامل مع هذه الأزمة قدم الدليل الناصع على سوء النية نتيجة هيمنة أقلية إثنية دينية على مفاتيح القرار فى الولايات المتحدة، والعكس أيضا صحيح.

هذا التطور كفيل بأن يثير اليأس فى دوائر صنع السياسة فى حكومات عربية كثيرة راهنت على هذا البديل. معنى هذا التطور العودة للتفكير فى مستحيلات علما بأن خبرتها تؤكد على حقيقة أن أجواء المستحيل هى التى تؤسس لحركات مقاومة خارجة عن سيطرة السلطة الحاكمة.

مرة أخرى تعود العلاقات مع إسرائيل تشكل هاجسا أساسيا فى عواصم عربية كثيرة. مرة أخرى ينتعش الشك فى كل هذه العواصم حول الثقة فى قدرات أو نوايا دول الغرب وبخاصة أمريكا تجاه قضايا حماية أمن واستقلال وسلامة الدول العربية الحليفة.

خامسا: بناء على ما استجد خلال الأيام الأخيرة لن نكون مبالغين أو متشائمين إذا توقعنا توسعات فى المستوطنات وزيادة فى بناء الجديد منها. لاحظنا ولا شك لاحظت الدول الغربية أن المستوطنين هم فى الحقيقة جيش آخر لإسرائيل، بل هو الجيش الأهم فى المستقبل بعد أن يكتمل تسليح المستوطنين.

سمعنا إدانات لا تخلو من لهجة الإرهاب المضاد صدرت عن مسؤولين فى واشنطن وبروكسل تتهم حماس بالوحشية ولم نسمع على امتداد الشهور الأخيرة إدانة أوروبية أو أمريكية واحدة لحملات الترويع والقتل العمد لمدنيين فلسطينيين فى الضفة الغربية، والتى هى فى حقيقة الأمر كانت مثل غيرها من أدوات الرعب المتطرف وراء قرار حماس بالتحرك فى غزة.

سادسا: أعترف بأننى مستاء لما تردت إليه الدبلوماسية الأمريكية فى السنوات الأخيرة. مستاء للفوضى الضاربة أطنابها فى كل القارات، بما يعنى فشل أمريكا فى فرض قيادتها وعجزها عن نشر قناعاتها الأيديولوجية.

مستاء للممارسات الشاذة، أو فلنقل الممارسات الأمريكية غير المألوفة ولكن الخطيرة فى مراميها، النموذج البارز من هذه الممارسات إعلان وزير الخارجية الأمريكية وهو على سلم الطائرة الرئاسية لتوها فى مطار بن جوريون أنه يأتى فى هذه المهمة بصفته اليهودية.

هل نتوقع من معظم أعضاء جهاز الأمن القومى الأمريكى أن يكرروا هذا الفعل من رئيس الدبلوماسية عند تنفيذهم مهام سياسية أمريكية خارج أمريكا؟ هل صار الدين ضرورة من ضرورات فرض الموقف الأمريكى؟ أم أنه هذا الدين بالذات؟ هل قدر السيد بلينكن خطورة هذه السابقة على العمل الدبلوماسى ليس فقط فى علاقات أمريكا الخارجية بل فى العلاقات الدولية بشكل عام؟

أتخيل فى المستقبل دبلوماسيا أمريكيا يقدم نفسه باسمه وديانته فى مهمة خارجية فيرد عليه المضيف المكلف باستقباله باسمه مضيفا أنه هندوسى الديانة أو بوذى أو لا دينى أو مسلم أو مسيحى كاثوليكى.

هل كان القصد زيادة فى طمأنة الطرف الإسرائيلى أم زيادة فى ترويع شعوب الشرق الأوسط ومنها شعب فلسطين، بعد أن صارت الحرب فى نظرهم دينية. هكذا فهم الناس القصد من وراء هذا الإعلان المثير من جانب رئيس الدبلوماسية الأمريكية.

أخشى مع الكثيرين أن تستفحل الظاهرة متمنيا ألا يكون مصرع الطفل الفلسطينى بولاية إلينوى الأمريكية بطعنات من رجل متأثر بحملة الكراهية غير المسبوقة فى الإعلام الغربى بداية مسيرة عنف وغضب متبادل. خطأ آخر ترتكبه إدارة سياسية منهكة يحسب عليها ضمن أخطاء أخرى لا تقل خطورة.

سابعا: فرد واحد استطاع أن يشعل حربا ويدفع الغرب كله للتأهب لحماية إسرائيل ويفرض على العرب وضعا جديدا فى علاقاتهم بها وبالغرب! هذا الفرد أثار زوبعة فى إسرائيل تحت عنوان إصلاح القضاء ليتهرب من إدانته بالفساد ونهاية دوره السياسى، لم يحصل على ما أراد فشن حربا ضد قطاع غزة مراهنا على أن تمتد الحرب لتصبح حربا إقليمية ثم شبه دولية.

نتنياهو بالفعل قرر أن يأخذ معه المعبد بأسره إلى الدمار طالما ظل سيف المحكمة على رقبته. وقد حدث. كل «إسرائيل المؤسسات» غير مطمئنة الآن لتربعه على عرش قرار السلم والحرب فراحت تقيده بحكومة ائتلاف وطنية، وإن كانت أغلبيتها غير مختلفة معه تماما فى الأساليب والهدف.

* * *

المطلوب الآن تنبيه الغرب إلى ضرورة وقف الاندفاع نحو كارثة محققة لو استمر قادته فى محاباة إسرائيل على حساب أمم أخرى. توسعوا فكوفئوا، قتلوا ولم يعاقبوا، مزقوا فلسطين ولم يحاكموا، هددوا أمن واستقرار الشرق الأوسط لسبعين عاما ولم يؤاخذوا.

*جميل مطر مفكر سياسي، دبلوماسي مصري سابق

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب فلسطين أمريكا احتلال إسرائيل التاريخ العربي الشرق الأوسط عمليات غزة حل الدولتين اتفاقات أبراهام مرة أخرى على ما

إقرأ أيضاً:

أمريكا في المراحل النهائية لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله

أفادت قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل لها نقلا عن إعلام إسرائيلي بأن مسؤولين أكدوا أن المحادثات مع واشنطن بشأن الترتيب لإنهاء العمليات العسكرية ضد حزب الله في مراحلها النهائية.

وتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في معركة ضارية استمرت لعدة ساعات، أسفرت عن مقتل ستة من جنوده، في حين أصيب جندي سابع بجروح متوسطة، في عملية لحزب الله تصدى من خلالها لتوغل الجيش الإسرائيلي جنوبي لبنان، بالتزامن مع الإعلان عن توسيع العمليات البرية لقرى الخط الثاني.

كاتب صحفي: إرادة ترامب تتوافق مع حكومة نتنياهو في توسيع مساحة إسرائيل نتنياهو ينشر شعار لواء جولاني وقلب مكسور بعد مقتل 5 في لبنان


وجاءت المعركة، التي اندلعت صباح يوم أمس، جاءت في إطار هجوم واسع شنه الجيش الإسرائيلي على قرى الخط الثاني في المنطقة الحدودية جنوبي لبنان، "في مناطق لم يشهد فيها من قبل عمليات تمشيط أو اقتحام برية"، بحسب ما أوردت إذاعة الجيش الإسرائيلي.

وذكرت إذاعة الجيش أن "قوات من لواء غولاني واللواء المدرع 188 التابعة للفرقة 36 واصلت صباح اليوم عملياتها في المنطقة الحدودية، على مشارف ما يُعرف بخط القرى الثاني في القطاع الغربي جنوبي لبنان"، بهدف "السيطرة على مواقع إستراتيجية".

مقالات مشابهة

  • عاجل.. تغييرات عديدة في تشكيل مصر الرسمي أمام كاب فيردي بتصفيات أمم إفريقيا
  • سفير أمريكا الجديد في إسرائيل: أعارض حل الدولتين ولن أستخدم مصطلح الضفة الغربية
  • صحيفة عبرية: أمريكا تعد خططا بالشراكة مع إسرائيل لإسقاط النظام بإيران
  • كمال ماضي: أمريكا تمتلك 100% من كروت الضغط على إسرائيل
  • أمريكا في المراحل النهائية لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله
  • أمريكا تتهم موظفًا في تسريب خطط إسرائيل لضرب إيران
  • سفير أمريكا المنتظر إلى إسرائيل يعلن دعمه ضم الضفة الغربية
  • هل تعود أمريكا مرة أخرى نحو سياسة بناء الدول؟
  • أمريكا تدعم إسرائيل عسكريًا في الحرب على غزة بـ40 مليار دولار
  • مرشح ترامب لسفير أمريكا في إسرائيل: ضم الضفة الغربية "احتمال وارد"