كتب ابراهيم بيرم في" النهار": فتح حزب الله كما هو معلوم أبواب المواجهات على الحدود الجنوبية أمام الكثير من الاحتمالات المبنيّة على وعد بالعديد من المفاجآت في الأيام العشرة الأولى التي تلت انطلاق "طوفان القدس" ونجح الحزب في ابتداع نوع من المنازلات مع القوات الإسرائيلية،

يبقى السؤال: هل هذا النهج الذي اتبعه الحزب خلال الأيام العشرة الخوالي وكلّف الحزب أكثر من 16 عنصراً ما زال صالحاً للاتباع في مرحلة ما بعد مجزرة المستشفى المعمداني وأن الحزب سيعود إليه ثانية؟

ما يزيد في مشروعية السؤال هو أن الحزب سبق أن جاهر بعد ساعات من انطلاق حماس في عمليتها بموقف جوهره رهن مسألة دخوله في المواجهة من الحدود الجنوبية بمسار التطورات الميدانية في غزة، وتحديداً بمسألة هل ينفذ العدو تهديده ووعيده بهجوم بري على غزة يجتاح فيه القطاع المحرر منذ نحو عشرين عاماً وينجح عبره في سحق حماس كما توعّد قادته؟

ثمة من يرى أن الإسرائيلي لم يعد محتاجاً بالأصل للإقدام على اجتياح بري لغزة، فالمدينة استحالت بمعظمها إلى أنقاض قد لا تصلح للحياة بعدما سُوّي أكثر من نصف مبانيها بالأرض واضطر ما يقرب من نصف قاطنيها للنزوح في تيه ثالث، وبذا فقدت المدينة وقطاعها مزية أنها أكبر تجمّع للاجئين في أصغر بقعة جغرافية من معالمها أنها استعصت طوال سنوات تحررها على الاحتلال وخاضت معه ثماني حروب متتالية.

ويصعب كثيراً لا بل يستحيل الحصول على جواب جليّ من الحزب عن مثل هذا التساؤل الذي يطرحه عليه كثر منذ اليوم الأول للمواجهات. فالحزب معتصم بالصمت و"الغموض البنّاء" معتبراً ذلك جزءاً من إدارة المواجهة وجزءاً أساسياً من عناصر قوته.


فضلاً عن ذلك، فإن الحزب يرد بأنه اعتاد منذ انطلاقته الأولى ألّا يقدم ولا يحجم على خطوة أو فعل تحت وطاة أي ضغوط أو تساؤلات توجّه إليه من هذه الجهة أو تلك، أو أن يُستدرج إلى دور رد الفعل. ومع ذلك فإن بعض من هم على صلة بعقول الحزب الاستراتيجية يسمحون لأنفسهم بتعميم تصوّر تقريبي لما يمكن أن يكون عليه سلوك الحزب بعد مجزرة المستشفى وهو ينهض على الأسس الآتية:

– أن الحزب ما زال يحافظ على دور المدافع لا المهاجم وأنه استطراداً لم يتجاوز بعد حدود البلاد.

– أن الحزب من هذا الموقع بالذات (الدفاعي) يمارس ضغوطاً عسكرية على الاحتلال الذي صار عنده مكبّل اليدين وعاجزاً عن المبادرة، لأنه صار خاضعاً للنصيحة الأميركية التي أملت عليه ألّا يوسّع نطاق المواجهة على نحو يبرر للحزب بالذات دخول المعركة لأن من شأن ذلك أن يعدّل الاتجاهات ويبدّل الحسابات.

– من نافل القول أن الحزب على تنسيق عبر إدارة مشتركة مع "حماس" والفصائل الأخرى. وعلى أساس هذا يرسم خطواته. وهو يرى أن حديث القيادي في الحركة خالد مشعل الذي رأى أن كل فعل الحزب العسكري هو دون المطلوب وغير كافٍ، هو نوع من مزايدة غير المطلعين على بواطن الأمور لأن الأمر تقني بحت تجهل تفاصيله الكثير من القيادات السياسية العاملة عند "حماس" فكيف بالقيادات "الشرفية" البعيدة عن دائرة القرارات الكبرى.

– أن الإسرائيلي هو في ذروة الارتباك بدليل عودته إلى الحديث عن "أيام قتالية" علماً بأنه يعرف أن لا وجود لهذا المصطلح في القاموس العسكري...

– أن الحزب يرى نفسه غير معنيّ بالإجابة عن السؤال المطروح عما إن كان سيعيد بعد مجزرة المستشفى النظر في مواقفه والأهم في خطواته العملانية من الآن فصاعداً، لأنه شريك مباشر في المنازلة الدائرة، لذا يُفترض أن يكون الشركاء معاً يحسبون الحساب لأيّ مستجد وطارئ، إذ لا يمكن في معركة على هذا القدر العالي من الجسامة أن تترك فيها الأمور للمصادفات وردات الفعل.

وفي السياق عينه، ثمة معلومات تتحدث عن أن المجزرة قد أجّلت فعلاً عسكرياً كان يحضّر له الحزب في ليل المجزرة خصوصاً أنه كان قد سخّن الجبهة الجنوبية على نحو غير مسبوق، ولا سيما بعد كلام المرشد الإيراني، والمسؤولين الإيرانيين قبله.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: بعد مجزرة المستشفى أن الحزب

إقرأ أيضاً:

الحزب يُحضّر للحرب... كيف علّقت إسرائيل على خطاب نصرالله؟

ذكر موقع "الميادين" أنّ وسائل إعلام إسرائيلية وصفت خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، في تشييع  الشهيد فؤاد شكر، بأنه كان "هجومياً جداً".

وأشار الإعلام الإسرائيلي إلى أنّ أهم ما جاء في الخطاب هو "حديثه عن دخول حزب الله مرحلة جديدة من القتال"، بعد أن تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمر باستهداف الضاحية الجنوبية لبيروت.

وأكّد أنّ السيد نصرالله "يُبقي إسرائيل في حالة توتر، من خلال تهديده الدراماتيكي بأنّ عليها أن تنتظر الرد الآتي بالتأكيد".

ولفت الإعلام الإسرائيلي إلى أنّ نصرالله ومن خلال كلامه عن الهجوم على الضاحية وتأكيده على أنّه عدوان وليس ردّ على مجدل شمس، وإشارته إلى قتل مدنيين بينهم أطفال، "يمنح شرعية للرد الذي قد يحصل"، فيما "يمكن الاستخلاص من كلامه هذا عن شكله"، والحديث هنا عن معادلة السيد التي تثبّت أنّ "المدنيين مقابل المدنيين". 

وفي السياق، قال محلل الشؤون العسكرية في "القناة 13" الإسرائيلية ألون بن دافيد، تعقيباً على الخطاب: "سمعنا نصرالله يهدد بالرد بشكل قاسٍ، ونحن نأخذ كلامه بجدية، لأنّنا نرى حزب الله يقوم بتحضيرات للحرب".

وتابع أنّ حزب الله "لا يريد الحرب"، ولكنّه "يعلم أنّ الرد القاسي الخاص به يحتمل أن يقود إلى حرب، ولذلك يستعد لهذا السيناريو، كما يستعدون في إسرائيل في ما يخص الدفاع الجوي". 

بدوره، قال معلق الشؤون العربية في "القناة 13" حيزي سمنتوف: "يُتوقّع أن يرد حزب الله بشكل استثنائي، وأكبر ممّا اعتدنا عليه بالتصعيد في الشمال، والمقصود بذلك هو إطلاق طائرات من دون طيار انقضاضية، وصواريخ، إلى عمق أكبر في إسرائيل".

وأشار إلى أنّ "إيران تخطط كما حصل في السابق لإطلاق صواريخ وطائرات مُسيّرة. وفي حال حصل ذلك، فقد يكون بمشاركة اليمنيين، وأيضاً العراق وسوريا، الذين يشعرون أن لديهم إمكانية أن يفعلوا أكثر من السابق، وهذا التحدي الكبير لإسرائيل". (الميادين)

مقالات مشابهة

  • رحمه الله.. كان رجلا
  • آخر كلمات هنية: إذا غاب سيد قام سيد
  • الاحتلال يقصف محيط المستشفى الميداني الأردني بتل الهوى
  • الحزب يُحضّر للحرب... كيف علّقت إسرائيل على خطاب نصرالله؟
  • إيران تشيِّع هنية في جنازة رسمية وتتوعد إسرائيل بالانتقام
  • حماس: مجزرة الشجاعية تضاف لسلسلة مجازر الاحتلال الطويلة
  • مجزرة خان يونس تصعيد مستمر وهجمات متبادلة
  • مَنْ دخل إلى الضاحية الجنوبية بعد الغارة؟
  • خطاب نصرالله: عن كل المحور
  • جنازة رسمية لرئيس حماس إسماعيل هنية في إيران