عربي21:
2025-03-17@09:04:22 GMT

نظام السيسي والحرب على غزة

تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT

أتم السيسي قرابة العشر سنوات في حكم مصر، مما يوفر مدى زمنيا كافيا لقراءة سياسته تجاه هذا الملف، تولى السيسي زمام الأمور في مصر بشكل فعلي في 2013 بعد انقلاب عسكري دموي على حكم الإخوان المسلمين، وهي الحركة الأم لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007.

اعتبر السيسي أن مشروع الحركة الإسلامية خطر استراتيجي على مصر والمنطقة، وسعى بكل قوة مع حلفائه الخليجيين لتجفيف منابع الإسلام السياسي وتصنيف الإخوان كحركة إرهابية في كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين.



اعتبر السيسي وحلفاءه حركة حماس امتدادا مسلحا لمشروع الإسلام السياسي، وعمل مع حلفائه على تشويه صورتها بكل السبل المتاحة وكاد أن يصنفها كحركة إرهابية في مصر لكنه تراجع عن ذلك اضطرارا، حتى يمكنه لعب دور الوسيط في الملف الفلسطيني، بينما قامت السعودية باعتقال عدد من كوادر ومنسوبي الحركة في 2019 ولم تفرج عن عدد منهم حتى اليوم.

استهدف السيسي منذ 2014 تدمير الأنفاق الواصلة بين القطاع المحاصر ومصر بشكل ممنهج، بدءا من تفجيرها حتى إغراقها بالمياه بشكل غير مسبوق، حيث كان نظام مبارك يغض الطرف عن بعض هذه الأنفاق كنوع من أوراق الضغط والمساومة مع إسرائيل.

ظهرت نوايا السيسي تجاه حماس في معركة الجرف الصامد التي شنها الاحتلال ضد غزة في كانون الأول/ ديسمبر 2014، حيث دعم السيسي إنهاء حكم حماس في القطاع، وكان له دور في عرقلة مفاوضات التهدئة في القاهرة لمنح إسرائيل مزيدا من الوقت لتصفية البنية التحتية العسكرية لحماس.

في آب/ أغسطس 2015 قام مسلحون مجهولون باختطاف 4 فلسطينيين من باص الترحيل الذي يقل الفلسطينيين المسافرين من معبر رفح إلى مطار القاهرة لغرض الدراسة أو العلاج؛ اتضح لاحقا أن المختطفين من عناصر الكوماندوز البحري التابع للقسام، حيث جرى تعذيبهم من قبل المخابرات المصرية للكشف عن القدرات البحرية لحماس والتي ظهرت لأول مرة في حرب غزة 2014.

في آذار/ مارس 2016 اتهم وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار؛ حماس علانية بتدبير اغتيال النائب العام المصري هشام بركات وأعقب ذلك حملة إعلامية لشيطنة حماس واتهامها بالعمل على إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية.

اتخذ النظام المصري بعد تلك الحادثة نهجا مغايرا في التعامل مع الحركة، حيث رأى الحركة كواقع يجب التعامل معه والاستفادة منه بدلا من العمل على القضاء عليه، خاصة مع تزايد الضغوط الأمريكية على النظام من حين لآخر، فوجد أن الملف الفلسطيني ورقة رابحة يمكن التفاوض من خلالها مع الغرب ويضمن له وضعا مؤثرا إقليميا مع فقدانه العديد من الأوراق الأخرى، وتعاظم الدور السعودي والإماراتي في المنطقة.

في معركة سيف القدس 2021 حاول النظام لعب دور مغاير عن حرب 2014، واتخذ موقفا أكثر دبلوماسية كما وعد بنصف مليار دولار لإعمار غزة؛ لم يصل منها القطاع شيء يذكر حتى يومنا هذا، كما وعد بإرسال آليات لرفع الأنقاض والمساعدة في إعادة بناء المباني المهدمة، وهو ما لم يحدث أيضا.

اعتبر نظام السيسي معبر رفح كورقة مساومة أساسية مع الحركة تضمن له بقاء القاهرة كمركز لإدارة الملف الفلسطيني، إضافة إلى البعد الاقتصادي حيث يفرض النظام ضرائب باهظة على البضائع المتجهة إلى غزة.

فيما يخص الموقف الحالي للنظام تجاه الحرب في غزة، يجب الانتباه أولا لسلوك النظام تجاه محددات الأمن القومي لمصر قبل تفسير سلوكه الحالي تجاه غزة وخاصة قضية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.

إن تفريط النظام في الجزر الاستراتيجية (تيران وصنافير) لصالح السعودية وتحويل مضيق تيران من ممر مائي مصري إلى ممر دولي يحق لإسرائيل استخدامه؛ ينسف شعار النظام أن الأمن القومي لمصر خط أحمر. كذلك فإن وثيقة إعلان المبادئ الخاص بمياه النيل الموقّع في الخرطوم في آذار/ مارس 2015 والذي استخدمته إثيوبيا كذريعة قانونية لحرية التصرف في مياه النيل دون موافقة دول المصب؛ يمثل طعنة أخرى لهذا الشعار، وهي الاتفاقية التي حذرت الأجهزة السيادية السيسي من التوقيع على بنودها الفضفاضة.

وكثير من الشواهد الأخرى كالموقف من انقلاب الدعم السريع على الجيش السوداني، وسيناريو الفوضى والتقسيم الذي يجرى تطبيقه في السودان وعدم التدخل تحت ضغط الإمارات.. تكشف بوضوح عن نهج نظام السيسي في التعامل مع قضايا الأمن القومي المصري.

بالعودة للمشهد الحالي وتصريحات النظام الرافضة لتهجير الفلسطينيين، تبدو هذه التصريحات للوهلة الأولى متوافقة مع صالح القضية وبقاء الفلسطينيين في أرضهم، لكن ليس هناك في تاريخ النظام وممارساته خلال العقد الماضي ما يدعم هذا التفسير فيما يخص الحفاظ على مصالح الأمن القومي المصري أو العربي، لكن التفسير المنطقي هو أن النظام من المستبعد أن يسمح بتواجد مليونا غزاوي، بمن فيهم عشرات الآلاف من المقاتلين معظمهم من الإسلاميين، في سيناء، وهو ما يمثل بيئة خصبة وجغرافيا أوسع للعمل ضد إسرائيل، بل وربما العمل ضد النظام نفسه بعد أن يتدخل ضدهم بالقمع والتنكيل حماية لإسرائيل، كما حدث مع الجماعات المسلحة في سيناء في بدايات ظهورها.

كذلك فإن غلق ملف غزة سيُفقد النظام أحد أهم أوراقه التفاوضية مع الغرب وأمريكا وما تبقى من وزنه الاقليمي، أيضا فإن بديل حماس في القطاع قد لا يكون إسرائيل أو عباس أو حتى دحلان بالضرورة، بل يمكن أن تكون حركات جهادية متطرفة على غرار تنظيم الدولة. لذلك فإن موقف النظام من قضية التهجير متفهم تماما في ظل هذه التهديدات التي تمس أمن النظام
في المقام الأول.

ومع هذا لا يجب اعتبار موقف النظام من التهجير موقفا نهائيا وغير قابل للتفاوض، فالنظام يعاني أزمة مالية خانقة كادت تشل حركته مع توافق إقليمي ودولي على التوقف عن الضخ المالي المفتوح كما كان الحال في السنوات الماضية، وتقديري أنه يمكن للنظام مراجعة موقفه مقابل ثمن مكافئ وربما يتم التفاوض حول هذا الملف مع الأمريكيين.

لا يزال معبر رفح مغلقا حتى من قبل التهديد والقصف الإسرائيلي، ولا تزال غزة بدون طعام أو ماء أو كهرباء، وتكاد المستشفيات تتوقف عن العمل كليا خلال ساعات، ويخرج المسؤولون في مصر ليقولوا إن مصر لم تأخذ الإذن بعد من إسرائيل لإدخال مساعدات.

حقيقة لا أتعجب من موقف نظام السيسي تجاه غزة والمقاومة، لكني أتعجب من إشادة بعض العقلاء بهذه المواقف.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السيسي مصر غزة التهجير مصر السيسي غزة التهجير مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمن القومی نظام السیسی النظام من

إقرأ أيضاً:

جوهر المشكلة – الحركة الإسلامية

لكل أزمة سبب رئيس هو المرتكز الأساس لحدوثها، الحرب في السودان غطّت سماءها سحب الكذب والتضليل، وأضحى السؤال عمّن أطلق رصاصتها الأولى مثل جدل الدجاجة والبيضة، وكادت أن تضيع ملامح بدايات الحرب، وكيف شاهد وسمع الناس أصوات الرصاص بالمدينة الرياضية وطيبة، وبذات الذاكرة السمكية تبخرت من قبل ذكرى خطيئة انقلاب يونيو 1989، وما تبع الانقلاب من تخلق لنظام حكم الحركة الإسلامية، ونسي الناس أن حرب اليوم لم تـندلع فجأة، وتغافلوا عن إرهاصاتها وعلاماتها التي بدأت مع الانقلاب، الذي قاده العميد الركن عمر حسن كادر الحركة بالجيش، وأصاب الكثيرين الزهايمر فأخذوا ينسبون كل الجرائم والموبقات، التي أتى بها نظام حكم الحركة الإسلامية إلى قوات الدعم السريع حديثة التأسيس، ولم يقدم فقهاء دولة (القرآن) شرحاً للناس عن إمارات ساعة انفجار الحرب، البادئة منذ حروب الجنوب وجبال النوبة وجبل مرة، أن تلك المحطات علامات مرور على الصراط الطويل الموصل لقيامة اليوم، فكل مبتدأ له منتهى، ومنتهى الحرب يكون بإنهاء أثر المتسبب الأول، والبادئ الأظلم، فقد اغتصبت الجماعة الباغية السلطة وتمتعت بها، وأساءت استخدامها، وأشعلت نيران الحروب بآلياتها – أجهزتها الأمنية والعسكرية، فلا يوجد حزب ولا جماعة أخرى بالسودان مسؤولة بصورة مباشرة عن هذه النهايات المأساوية غير الحركة الإسلامية.
إنّ جوهر المشكلة هو هذا التنظيم الأخطبوط والسرطان المتجذر في جسد الدولة والمجتمع، وليس شماعة التمرد المزعوم ولا الاستهداف الخارجي والعملاء (قحت، تقدم، صمود، قمم)، أو الغزو الأجنبي (عرب الشتات)، كما يدّعي اعلام التنظيم المضلل ومعاونوه، إنّ آفة البلاد تكمن في الأذى الجسيم والجرم المتسلسل الذي الحقه التنظيم بسكان السودان، التنظيم الحركي الإسلامي الذي يغالب سكرة الموت، في حربه غير محسوبة العواقب التي أقدم عليها، يقاوم خروج الروح بالصعقات الكهربائية الإقليمية ليفيق من السكرة، التي أصابته جراء التفكيك الأمني والعسكري الذي ألحقته به الضربات القاسية من قوات الدعم السريع، فنشط عبر علاقاته الممتدة مع التنظيم العالمي للنهوض مجدداً بسبب ما تعرض له من هزّة، فهو لا يدين لحلفائه في الداخل بفضل، حتى الذين تصالحوا معه من منطلقات جهوية من بعض الشيوعيين والبعثيين والأنصار والاتحاديين والمتمردين السابقين، لن ينالوا ما يصبون إليه من مطامح سياسية، لأن أولويات الحركة الإسلامية تنظيمية إقليمية وعالمية، وضريبتها المستحقة الدفع تجاه الممولين العالميين باهظة، وعندما يحين موعد سداد الفاتورة لن يجد داعموها من أحزاب وحركات الداخل ما يسدون به الرمق، وبناءً على التسريبات فإنّها باعت معادن الأرض مقدماً، ورهنت موانئ البلاد للسادة أصحاب المصلحة – الممولين العالميين، ولا عزاء للمغفلين النافعين.
إنّ جميع المليشيات الجهوية وحركات دارفور المسلحة، المقاتلة في صفوف الحركة الإسلامية في نسختها الأخيرة التي يقودها علي كرتي، لن يكون لها علو كعب بين مليشيات التنظيم العقائدية – البراء وغيرها، وقد بدأ التذمر يطفو للسطح بين قائد مليشيا قبيلة الشكرية العميل المزدوج، وكتائب التنظيم المالكة للسلاح الحديث، فمعلوم أن تنظيم الحركة الإسلامية منذ يومه الأول بعد اغتصابه للسلطة، استمرأ صناعة المليشيات، والتي من بعد نفاذ الغرض المصنوعة من أجله يقوم بحرقها وكنسها، في ازدراء وتحقير واستعلاء وغرور، دون حسبان لركن ركين من أركان مقاصد الشريعة الإسلامية - الحفاظ على النفس، فجوهر المشكلة يكمن في وجود هذا التنظيم الذي تلاعب بأرواح المواطنين، وتندر وتهكم على موتهم تحت ركام قصف طيرانه الأجير، بإطلاق وصف "المشاوي" و"الكباب" على جثامين الشهداء الفقراء من المسلمين السودانيين، فهذه الحركة الإسلامية ومنذ سطوتها على السلطة ظلت تعمل على شراء السلاح بموارد السودانيين، لتسفك دمهم بنفس السلاح، فلم يجد المواطنون منها خيراً، وقد أدت كل الأدوار القذرة التي أنكرتها فيما بعد وألصقتها بالآخرين – التآمر (مع إيران وتركيا ومصر ضد السودان)، والارتزاق، والزج بالمليشيات الأجنبية وإشعال الحروب، فجوهر مشكلة السودان يكمن في الحركة الإسلامية – النسخة الأخيرة.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
  • نظام ساير والثورة في النماذج الاقتصادية... هل نحن أمام نظام مالي جديد؟
  • الذكرى الرابعة عشر للثورة.. سوريا بدون نظام الأسد
  • طرق دبي تنجز 40% من مشروع ترقية نظام نول للدفع الرقمي
  • جوهر المشكلة – الحركة الإسلامية
  • «طرق دبي» تنجز 40% من مشروع ترقية نظام «نول» للدفع الرقمي
  • (تسلسل زمني) أبرز محطات الثورة السورية من انطلاقها حتى إعلان الدستور
  • إجراءات أمنية مشددة في سوريا تزامنا مع إحياء ذكرى الثورة
  • عاجل | مجلة إيبوك الإسرائيلية عن تقديرات أمنية: نظام الشرع قد يغض الطرف عن عمليات ضد إسرائيل من داخل سوريا
  • ترامب: أجريت مناقشات مثمرة مع بوتين والحرب في أوكرانيا قد تنتهي