5 جمعيات خيرية تدعم غير القادرين مادياً بجامعة قطر.. مساعدات مستمرة لتمكين محدودي الدخل من التعليم
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
5 أنواع من المساعدات لاستكمال الطلبة المتعثرين لدراستهم في الجامعة
5 مدارس لـ «السلم» تساعد غير القادرين على متابعة تعليمهم
السماح للعاملين بالقطاع الخاص بتقديم طلبات استثناء للتقديم بالمدارس الحكومية
تنخرط مؤسسات وجهات حكومية وخاصة عدة بالدولة في مجال تمكين المقيمين ذوي الدخل المنخفض من تعليم أبنائهم في بيئة تعليمية صالحة على كافة المراحل التعليمية ابتداء من التعليم المبكر حتى التعليم الجامعي.
وتتصدر المشهد في مجال مساعدات الدولة في مجال التعليم لذوي الدخل المنخفض، مدارس السلم التي تتوسع بشكل كبير سنويا من أجل استيعاب أكبر قدر من هذه الفئات لضمان الوصول غير المنقطع إلى التعليم الجيد لكل طفل.
وسعت مؤسسة التعليم فوق الجميع بالتعاون مع مؤسسات حكومية وخيرية عدة داخل الدولة لتحويلها إلى تجربة فريدة من نوعها تضم حاليا 5 مدارس وتستوعب آلاف الطلبة.
قال الدكتور يحيى الآغا مدير مدرسة « السَّلم» الثانية، في حوار سابق مع العرب إن مدارس «السَّلم» توفر فرصة لغير القادرين على متابعة دراستهم لأسباب اقتصادية، موضحا أن مدرسته تحتضن أكثر من 13 جنسية أغلبهم من سوريا واليمن وذلك لتضررهم من النزاعات والحروب ببلدانهم.
بصمة مهمة
وأضاف الآغا أن تجربة مدارس «السَّلم» أحدثت بصمة في مسيرة طلابها والعاملين بها، موضحا أن من شروط القبول أن يكون الطالب انقطع عن الدراسة لمدة عام كامل أو لم يسجل في مدرسة خاصة أو حكومية أو يكون قادما من خارج دولة قطر وبعد تقييم الأهلية المالية.
كما تسمح وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، لأولياء الأمور المقيمين الذين يعملون في الخاص والشبه حكومي والغير عاملين والذين لا يمكنهم تسجيل أبنائهم في المدارس الحكومية تقديم طلب استثناء للتسجيل، الأمر الذي يعد لافتة طيبة خاصة مع تخفيض رسوم الكتب والمواصلات لطلبة المدارس الحكومية.
التعليم العالي
وعلى المستوى الجامعي، تقدم جامعة قطر عبر قسم الخدمات المالية الطلابية، مساعدات مالية لطلبة البكالوريوس الذين يواجهون صعوبات مالية في تغطية نفقاتهم التعليمية، وتوفر هذه الخدمة أنواع مختلفة من المساعدات المالية لفئات مختلفة من الطلاب، خصصت لدعم تمكينهم ونجاحهم في جامعة قطر، وذلك وفقًا لسياسات وإجراءات محددة بناء على الوضع المالي والأكاديمي.
وخصصت الجامعة خلال العام الأكاديمي 2021 /2022، 35 مليون ريال لتوفير حزمة من المساعدات المالية، وقد استفاد 2690 طالبا وطالبة من هذه المساعدات منهم 1375 طالبا وطالبة تلقوا مساعدات مالية لسداد الرسوم الدراسية.
وتشمل المساعدات المالية التي تقدمها الجامعة، عدة أنواع هي المساعدة المالية الشهرية، والمساعدة المالية الطارئة، وإعفاء كامل أو جزئي من رسوم المواصلات، وتسديد كامل أو جزئي من الرسوم الدراسية، وتسديد كامل أو جزئي من رسوم السكن الجامعي، والتمويل الخارجي لبرامج المساعدات المالية بالتعاون مع بعض المؤسسات والجمعيات الخيرية الشريكة.
وتمثل مساعدات الدعم الخارجي لطلبة جامعة قطر عاملا فعالا في توفير الدعم المالي المناسب لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة ممن يواجهون صعوبات مالية لاستكمال تعليمهم الجامعي، وسعت جامعة قطر ممثلة في قسم الخدمات المالية الطلابية للتنسيق مع عدد من أهم المؤسسات المعنية بتقديم الدعم المالي لطلبة العلم عبر توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع عدد من المؤسسات منها قطر الخيرية ومؤسسة التعليم فوق الجميع عبر برنامج الفاخورة ومركز الإنماء الاجتماعي «نماء» ومؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية ومؤسسة عفيف الخيرية.
مساعدات خارجية
ويركز برنامج الفاخورة الذي تحتضنه مؤسسة التعليم فوق الجميع على تحسين الوصول للتعليم الجيد للأشخاص الضعفاء والمهمشين في البلاد النامية، باعتبارها أداة تمكين للتنمية البشرية، وقد تم خلال عام 2018 عقد اتفاقية تعاون بين جامعة قطر ومؤسسة التعليم فوق الجميع لتنفيذ عدد من المشاريع والبرامج لغرض دعم طلبة الجامعة المتعثرين مالياً في سداد رسومهم الدراسية واستكمال مسيرتهم التعليمية، وذلك بتمويل من بعض المؤسسات والشركات التي لديها شراكات مع مؤسسة التعليم فوق الجميع وتحت إشراف برنامج الفاخورة التابع للمؤسسة.
وفيما أعدت مؤسسة جاسم وحمد بن جاسم الخيرية، برنامج المكافآت المالية للطلبة القطريين المتميزين أكاديمياً من ذوي الدخل المحدود، وهو معني بتقديم مكافأة مالية فصلية مقدارها 5000 ريال لعدد من الطلبة القطريين المتعثرين مادياً والمتميزين أكاديمياً بهدف تحفيز طلبة جامعة قطر لبذل المزيد من الجهد والتفوق وخلق روح التنافس للاستمرار في مسيرة التميز من خلال تقديم الدعم المادي المناسب لمساعدتهم في توفير احتياجاتهم المالية الجامعية وغير الجامعية.
«سراج» و«نماء»
أما برنامج «سراج» لدعم التعليم الجامعي التي تتبناه مؤسسة عفيف الخيرية معني بتقديم مساعدة مالية فصلية لعدد من الطلبة غير القطريين من ذوي الدخل المحدود الملتحقين بالتخصصات العلمية، ويهدف هذا البرنامج إلى مساعدة هذه الفئة من الطلبة في استكمال تعليمهم الجامعي من خلال تقديم دعم مالي مناسب يساعدهم في تسديد رسومهم الجامعية الخاصة بالمواد الدراسية ورسوم الكتب الدراسية.
في حين، يقدم مركز الإنماء الاجتماعي «نماء» برنامج «تمكين طالب جامعي» لدعم الطالب الجامعي المتعثر مادياً من مواصلة تعليمه الجامعي عبر توفير الدعم المالي المناسب في تغطية كامل الرسوم الدراسية الخاصة بالمواد الدراسية، وذلك بعد التنسيق وتوزيع الأدوار بين كل من قسم الخدمات المالية الطلابية ومركز الإنماء الاجتماعي والطالب المستفيد من هذه الخدمة وفق آلية محددة تم الاتفاق عليها.
وإضافة إلى برنامج علِّم طالبا جامعيا الذي ترعاه مؤسسة قطر الخيرية ويهدف البرنامج الذي أطلق في عام 2015 إلى رفع معدّلات الالتحاق بالجامعة للطلبة الذين يعانون من صعوبات مادية تحول دون مواصلة تعليمهم الجامعي والاستمرار فيه. ويسعى من أجل تحقيق هذا الهدف لتطوير المحصلات الفردية والاجتماعية لهؤلاء الطلاب، عن طريق جمع التبرعات للمساهمة في سداد الرسوم الجامعية عن طلبة البكالوريوس أو التأسيسي.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر دعم الطلبة جامعة قطر الجمعيات الخيرية مؤسسة التعلیم فوق الجمیع المساعدات المالیة جامعة قطر من الطلبة
إقرأ أيضاً:
الاستدامة المالية .. بين الضريبة على الدخل وهيئة المشاريع
صدر يوم الأحد، الموافق 22 يونيو 2025، قانون الضريبة على دخل الأفراد في سلطنة عمان، في خطوة تعد الأولى من نوعها لإشراك الأفراد ذوي الدخل المرتفع في تمويل الإنفاق العام. وقد قوبل هذا القانون بتفاعل واسع، تراوحت فيه الآراء بين من يراه ضرورة لتعزيز الاستدامة المالية، ومن يتحفظ على توقيته وجدواه بالنظر إلى طبيعة المرحلة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
تباينت القراءات حول القانون، لكن يبقى السؤال الجوهري: هل يُفترض أن تأتي الضريبة بعد أن يتنوع الاقتصاد وتتسع قاعدته أم يمكن أن تستخدم كأداة لتسريع هذا التنوع ودعمه؟ هذا التساؤل لم يغب عن النقاشات الاقتصادية المعاصرة، بل طُرح مرارا مع كل محاولة إصلاح في الدول التي تعتمد على مصادر تقليدية للتمويل.
يناقش جوناثان جروبر، أستاذ الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في كتابه «المالية العامة والسياسة العامة»، المفارقة التي تواجه بعض الدول حين تسعى إلى فرض ضريبة الدخل قبل أن تتوفر لديها قاعدة اقتصادية متنوعة. ففي بيئات يعتمد فيها النشاط الاقتصادي بدرجة كبيرة على الإنفاق الحكومي، فإن الشرائح ذات الدخل المرتفع غالبا ما تستمد مداخيلها من عقود الدولة أو من فرص مرتبطة بالسياسات العامة، أكثر من اعتمادها على سوق تنافسية حقيقية.
وهذا يعني أن هذه الدخول ليست ناتجة عن اقتصاد منتج ومستقل، بل عن دورة مالية تبدأ وتنتهي في القطاع العام. فإذا ما تراجعت المشاريع الحكومية نتيجة لانخفاض الإيرادات - مثلا بسبب تراجع أسعار النفط - فإن هذه الدخول تنكمش تلقائيا، وهو ما يضعف من فعالية الضريبة على المدى الطويل، سواء من حيث عدد الخاضعين لها أو من حيث الإيرادات المحصّلة.
وفي سلطنة عمان، ما زال جزء كبير من المالية العامة يعتمد على الموارد الطبيعية، التي تتأثر بعوامل خارجية يصعب التحكم فيها. لذلك، فإن استدامة الضريبة تظل مرهونة بمدى تنوع الاقتصاد وقدرته على توليد دخول حقيقية من قطاعات إنتاجية متنوعة.
في المقابل، يرى اقتصاديون آخرون أن الضريبة يمكن أن تكون بداية للإصلاح، لا نتيجته. دوجلاس نورث، الحائز على نوبل في الاقتصاد، وريتشارد بيرد، أستاذ السياسات الضريبية في جامعة تورنتو، يقدمان وجهة نظر مختلفة مفادها أن إشراك الأفراد في تمويل الميزانية يدفع الدولة إلى تحسين كفاءة الإنفاق، وتوسيع فرص الاستثمار المحلي، ومراجعة أولوياتها بقدر أكبر من الانضباط المالي. فحين ترتبط الإيرادات بدخل الأفراد، تصبح الدولة أكثر التزاما بتحقيق بيئة اقتصادية مستقرة وعادلة.
ويرى الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي، أستاذ في مدرسة باريس للاقتصاد، وزميله جابرييل زوكمان من جامعة كاليفورنيا - بيركلي، أن إعادة توزيع الأعباء المالية من خلال ضرائب مدروسة تُعد من الأدوات التي تساعد على بناء توازن مالي مستدام، خصوصا إذا استُثنيت منها نفقات التعليم والعلاج والإنفاق المجتمعي كالزكاة والتبرعات والوقف. وهذا ما فعله قانون الضريبة في سلطنة عمان، حين حدد نطاقها بوضوح، وركز على الشرائح القادرة دون أن يمس الحاجات الأساسية للأسر.
ومن اللافت، وربما ليس من باب المصادفة، أن يصدر بعد يومين فقط المرسوم السلطاني رقم 57 / 2025 القاضي بتحويل الأمانة العامة لمجلس المناقصات إلى «هيئة المشاريع والمناقصات والمحتوى المحلي». هذا التعديل المؤسسي لم يكن شكليا، بل يؤشر إلى تحوّل أعمق في طريقة إدارة الإنفاق العام. فهذه الهيئة الجديدة، بصلاحياتها الواسعة، تتولى تنظيم الصرف على المشاريع، ومتابعة المحتوى المحلي، وضبط العقود، وتقديم خدمات الشراء الموحد، ما يعني أن الدولة - وهي تفرض ضريبة جديدة - تعيد في الوقت نفسه هندسة منظومة الإنفاق لضمان أعلى مردود من كل ريال يُنفق.
هذا التوازي بين قانون الضريبة وهيئة المشاريع يعكس رؤية متماسكة: لا معنى لأي مساهمة مالية من الأفراد إذا لم تقابلها مراجعة حقيقية لكفاءة الجهاز الإداري. ولا طائل من توسيع قاعدة الإيرادات إذا لم تتوازَ مع رفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق قيمة مضافة حقيقية داخل الاقتصاد الوطني.
من هنا، لا ينبغي أن يُفهم قانون الضريبة على دخل الأفراد في سلطنة عمان بمعزل عن بقية أدوات الإصلاح. فالتنويع الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق بإجراءات مالية فقط، بل لا بد أن يتزامن مع إصلاحات في التعليم، وسوق العمل، وبيئة الاستثمار. وما لم تكن هناك قدرة على إنتاج دخل مستقر خارج نطاق المشاريع الحكومية، فإن الضريبة ستظل محصورة الأثر، مهما بدت عادلة.
فالتحدي لا يكمن في فرض الضريبة بحد ذاته، بل في قدرتنا على توجيه عوائدها نحو أنشطة اقتصادية منتجة توفر فرصا جديدة وتدفع بعجلة النمو. الضريبة التي تُستخلص من دخل حقيقي ويُعاد توظيفها بكفاءة في مشاريع واضحة الأثر، يمكن أن تُسهم في بناء مستقبل أكثر استقرارا. أما إذا بقيت محصورة في دورة إنفاق حكومي غير متجددة، فإن أثرها لن يتجاوز المدى القصير.
فالاستدامة لا تتحقق من خلال القوانين وحدها، بل من خلال ما تثمره هذه القوانين على أرض الواقع. وعندما يرى الناس أثر مساهماتهم في تحسين التعليم، وتوسيع فرص العمل، وتطوير الخدمات، تنمو الثقة، ويتحول الالتزام المالي إلى شراكة واعية في بناء الغد.
سليمان بن سنان الغيثي محامٍ عماني