صيام داود .. حكمه وكيفيته ولماذا لم يلزمه النبي محمد؟
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
أفضل الصيام صيام داود أمر بينته السنة النبوية المطهرة عن خاتم الأنبياء والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن النبي سن لنفسه صيام الاثنين والخميس فما الحكمة؟
أفضل الصيام صيام داودتقول دار الإفتاء في بيان حكم صيام سيدنا داود عليه السلام، ردا على السؤال: ما حكم صيام سيدنا داود عليه السلام؛ فإني سمعت من أحد الأصدقاء أن صيام نبي الله داود عليه السلام هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وما كيفيته؟
وقالت الإفتاء صيام نبي الله داود عليه السلام من أفضل صيام التطوع وأحبه إلى الله سبحانه وتعالى؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ»، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ؟ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.
وكيفيته: صيام يوم وإفطار يوم، بشرط ألَّا يضعفه الصوم على هذه الكيفية عما هو أفضل منه من الواجبات والحقوق اللازمة لربه عزَّ وجلَّ أو لعباده سبحانه وتعالى.
حكم صيام سيدنا داود عليه السلام وكيفيتهصيام سيدنا داود عليه السلام هو نوع من صيام التطوع، وهو من أفضله، وهو: صوم يوم، وفطر يوم، وهو أفضل من صوم الدهر كله، وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه، وأخبر بأنه من أجلِّ وأحبِّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلَّ؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ، صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا» متفقٌ عليه، وفي لفظ آخر: «أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا» أخرجه الترمذي في "سننه".
وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ»، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ؟ «لاَ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.
قال القاضي عياض في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (4/ 127، ط. دار الوفاء): [ومعنى قوله: "أحب الصيام": أي أكثر ثوابًا وأعظمه أجرًا] اهـ.
صيام سيدنا دواد عليه السلام أحب الصيام إلى الله عزَّ وجلَّإنما كان صيام نبي الله دواد عليه السلام هو الأحب إلى الله عزَّ وجلَّ، والأكثر ثوابًا وأجرًا؛ لما فيه من المداومة والمولاة في أداء عبادة الصوم.
وقد أخبرت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» متفقٌ عليه، واللفظ للمسلم، هذا بجانب كونه أصعب على النفس بمصادفة مألوفها يومًا ومفارقته يومًا آخرًا.
قال العلامة الكرماني في "الكواكب الدراري" (6/ 191، ط. دار إحياء التراث العربي): [وإنما صار ذلك أحب إلى الله من أجل الأخذ بالرفق على النفوس التي يخشى منها السآمة التي هي سبب إلى ترك العبادة، والله يحب أن يديم فضله، ويوالي إحسانه] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "فيض القدير" (1/ 171، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(أحب الصيام) المتطوع به (إلى الله) تعالى؛ أي: أكثر ما يكون محبوبًا إليه، والمراد إرادة الخير بفاعله (صيام) نبي الله (داود) عليه السلام، وبيَّن وجه الأحبية بقوله: (كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا)، فهو أفضل من صوم الدهر؛ لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يومًا ومفارقته يومًا] اهـ.
نصوص الفقهاء في أفضلية صيام سيدنا داود عليه السلاماستقرت على هذا أقوال الفقهاء بأن أفضل الصيام صيام سيدنا داود عليه السلام.
قال العلامة الشلبي الحنفي في "حاشيته على تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/ 332، ط. الأميرية): [وأفضل الصيام: صيام داود، صُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا] اهـ.
وقال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 236، ط. المكتبة العصرية): [(و) منه -أي: الصيام المندوب- (كل صوم ثبت طلبه والوعد عليه بالسُّنَّة) الشريفة؛ (كصوم داود عليه) الصلاة و(السلام.. وهو أفضل الصيام وأحبه إلى الله تعالى)؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أحب الصيام إلى الله صيام داود»] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 432، ط. دار الكتاب الإسلامي): [فصوم يوم وإفطار يوم أفضل منه -أي: من صوم الدهر-؛ لخبر "الصحيحين"] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المقنع" (ص: 105، ط. مكتبة السوادي): [وأفضله -أي: صوم التطوع- صيام داود عليه السلام، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا] اهـ.
ما فضل الصدقة للمريض؟.. النبي أوصى بها للشفاء من 3 أمراض حكم الصلاة على النبي أثناء الصلاة أو قراءة القرآن ضابط أفضلية صيام سيدنا داود عليه السلاموعليه: فإن من أفضل صيام التطوع هو صيام نبي الله داود عليه الصلاة والسلام إلا أن هذه المشروعية والفضيلة مقيدة بضابطين:
الأول: ألَّا يؤدي الصيام على هذا النحو إلى إضعاف البدن من القيام بواجباتها.
قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "المبدع شرح المقنع" (3/ 47، ط. دار الكتب العلمية): [(وأفضله -أي: صوم التطوع- صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا).. وشرطه: أن لا يضعف البدن حتى يعجز عما هو أفضل من القيام بحقوق الله تعالى، وحقوق عباده اللازمة؛ فإن أضعف عن شيءٍ من ذلك كان تركه أفضل، ولهذا أشار الصادق في حق داود عليهما السلام: «ولا يفر إذا لاقى» فمن حق النفس اللطف بها حتى توصل صاحبها إلى المنزل] اهـ.
الثاني: ألَّا يؤدي الصيام على هذا النحو إلى الملل والسآمة، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» متفقٌ عليه، وفي رواية أخرى: «إِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَكُمْ بِهِ طَاقَةٌ» أخرجها الإمام مالك في "الموطأ".
قال العلامة أبو الوليد الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (1/ 213، ط. مطبعة السعادة): [وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة» يحتمل معنيين: أحدهما: الندب لنا إلى تَكَلُّفِ ما لنا به طاقة من العمل. والثاني: نهينا عن تَكَلُّفِ ما لا نطيق، والأمر بالاقتصار على ما نطيقه، وهو الأليق بنفس الحديث وقوله: (من العمل) الأظهر أنه أراد به عمل البر؛ لأنه ورد على سببه.. وقوله: (ما لكم به طاقةٌ) يريد والله أعلم ما لكم بالمداومة عليه طاقةٌ] اهـ.
وشددت بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ صيام نبي الله داود عليه السلام من أفضل صيام التطوع وأحبه إلى الله سبحانه وتعالى، وكيفيته: صيام يوم وإفطار يوم، بشرط ألَّا يضعفه الصوم على هذه الكيفية عما هو أفضل منه من الواجبات والحقوق اللازمة لربه عزَّ وجلَّ أو لعباده سبحانه وتعالى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صيام أفضل الصيام صيام الإثنين والخميس أحب الأعمال إلى الله النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وآله وسلم قال سبحانه وتعالى ا أن النبی هو أفضل من رضی الله اهـ وقال إلى الله ى الله ع صوم یوم من أفضل
إقرأ أيضاً:
حكم الصلاة على النبي في السجود بدلا من التسبيح.. رد مفاجئ من الإفتاء
أكد الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- تعد من أنواع الدعاء التي يُثاب عليها المسلم، حيث تشكل الصلاة على النبي إحدى العبادات العظيمة التي ينال بها العبد الأجر وتزداد بها حسناته وتُكفّر بها السيئات.
وأضاف أن تعظيم وإكرام النبي وإظهار المحبة له، يُعد من الأمور التي تكمل إيمان المسلم وتجعله في مرتبة عالية من الإيمان، واستشهد بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
وذكر أيضاً حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي جاء فيه: "من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً"؛ وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره.
حكم ذهاب المرأة بمكياج كامل وملابس كاشفة لحضور زفاف.. أمين الفتوى يحذر أدعية شفاء الأبناء من المرض.. احرص عليها يوميا لعلك صادف وقت الاستجابةوتابع "ممدوح"، خلال رده على سؤال حول جواز الصلاة على النبي أثناء السجود، بأن السجود هو موضع قرب العبد من ربه، وأفضل وقت للدعاء والتضرع لله.
وأشار إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي يقول فيه: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء"؛ حديث رواه مسلم في صحيحه. وأوضح أنه يُستحب للعبد أن يعظم ربه في الركوع ويدعو بإلحاح في السجود، فالدعاء في هذه اللحظة مُستجاب بإذن الله، وأنه عندما يحمد العبد ربه ويصلي على النبي في سجوده، فإن ذلك من أسباب استجابة الدعاء.
أذكار وأدعية في السجود مأثورة عن النبيكما أورد الشيخ أحمد ممدوح بعض الأذكار والدعوات المأثورة التي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو بها في سجوده، حيث جاء عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في سجوده وركوعه: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح"، وهو من التسبيحات التي توضح تعظيم الله وقداسته. ومن الأذكار التي وردت عن النبي في السجود أيضاً قوله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين"، كما جاء في صحيح مسلم.
وأضاف أيضاً من الدعاء المأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في السجود، ما روي عن الرسول: "اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"، وهو من الأدعية التي كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يكررها في سجوده لبيان خضوعه وذلّه بين يدي الله وتعبيره عن الإقرار بعظمة الله وعجزه عن إحصاء نعم الله عليه.
وأكد الشيخ ممدوح في النهاية أن الدعاء في السجود له أهمية خاصة، وأن استغلال هذه اللحظات في الدعاء والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعد من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، مُشدداً على ضرورة استحضار الخشوع والتواضع في هذه اللحظات من العبادة.