” أمريكا ” تسحق الشعب الفلسطيني
تاريخ النشر: 19th, October 2023 GMT
أحمد يحيى الديلمي
ظل الكثيرون من العرب والمسلمين بالذات محدودي الفهم يعتقدون أن أمريكا مجرد داعم لدولة الكيان الصهيوني ومحرض لها على الآخرين ، لكن طوفان الأقصى الفعل الميمون بكل مقاييس الكلمة كشف الأوراق إلى آخرها بعد أن تحولت أمريكا هي العدو ، وهي التي تتولى بنفسها إدارة المعركة، وبدأت الزيارات تتوالى على الأراضي المحتلة ، وزير الدفاع الذي أكد أن طرف في المعركة ثم وزير الخارجية الذي بادر إلى القول “أنا لم أتي إلى هُنا بأعتباري وزيراً لخارجية أمريكا بل باعتباري يهودياً جاء يدافع عن أرضه” وهكذا نائب قائد المنطقة المركزية كلهم كانت تصريحاتهم واضحة وعلنية بأننا نحن من نُدير المعركة واكتملت الجوقة بحضور بايدن بنفسه إلى الأرض المحتلة بعد أن ظل يصرح تصريحات فاضحة ولم يخجل وهو يتحول إلى مجرد مُسرب للإشاعات والدعايات الكاذبة، عندما قال أنه رأى بنفسه الفلسطينيين يذبحون الأطفال والنساء ، وبادرت إدارة البيت الأبيض إلى نفي هذا الخبر ، لكنه في الأساس كشف عن كمية الحقد المتراكمة بداخله عن العرب والمسلمين ، وعن معدن الرجل وأصله الخبيث .
وفي زيارته الأخيرة للأرض المحتلة التي تحدث عنها عرب الجنسية في الخليج بأنها ستنقذ الشعب الفلسطيني مما يعانيه ، وإذا به يعلن بصراحة بأنه جاء للنقاش مع الزعماء الصهاينة حول إمكانية الاجتياح البري ويؤكد أن أمريكا ستكون طرفاً في هذا الاجتياح ، يا لهم من عرب، ويا له من زعيم لا يخجل ولا يحترم نفسه !!
كنا نعتقد في الماضي أن “بايدن” مصاب بالشذوذ الجنسي فقط ، وإذا بنا نكتشف أنه يعاني من مرض أكثر خطورة وهو الشذوذ الفكري ، وهذا الداء الخطير هو الذي يوجه الرجل ويجعله يتخبط في تصريحاته ومواقفه .
قبل حوالي ثلاثين سنة كُنا مع الرئيس المرحوم ياسر عرفات في شيرتون صنعاء ، وكان في لقاء خاص مع عدد من الأُدباء والصحفيين الفلسطينيين، وفي معرض حديثه كان يُبرر الإقدام على خطوة أوسلو ، قال : (أنا أبحث عن قطعة أرض ينطلق منها الفلسطيني ويدفن فيها ، لأني لا أخشى عليكم وعلى القضية إلا من إخواننا العرب ، فهم قد يتنكرون لكل فلسطيني ويمنعونه من دخول أراضيهم ويحجبون عليه حتى الماء والهواء ، والخشية الأكبر من إخواننا عرب الخليج هؤلاء كلما زادت أموالهم أزدادوا تمسكاً بالحياة ، وتمسكهم بالحياة يدفعهم بالخوف وبالتالي يرتهنون إلى أي شيء حتى إلى اليهود إذا رأوا أنه مصدر للحماية) أنظروا كيف تحققت نبوءة الزعيم الفلسطيني رحمة الله عليه ، فلقد كان حصيفاً سياسياً محنكاً، وهو الذي عرف كيف يُدير العرب اللعبة، وكيف يخذلونه في الكثير من المواقف ، لذلك جعل أوسلو مجرد مدخل للحصول على قطعة أرض ينطلق منها الفلسطيني في صراعه مع الصهاينة وضمان البقاء .
والآن يبدو أن زعماء الكيان الصهيوني أكتشفوا المغزى الذي ذهب إليه ياسر عرفات ، فها هم يعيدون الكرة ويحاولون تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه كما حدث في عام 1948م ، لكن آنى لهم ذلك ، كنت أعتقد بسذاجة ومعي الكثير من السذج من أبناء أمتنا أن رؤية “بايدن” لجثث الأطفال والنساء وسماعه عن أسر أبيدت عن بكرة أبيها وأخرى فقدت أكثر من 30 إلى 40 شهيدا وثالثة لم يبق منها إلا طفلة ابنة عام ، إلى جانب جثث الشُهداء الذين ضاقت بهم ثلاجات الموتى ، وأصبحوا يضعون من تبقى منهم في ثلاجات حفظ الآيسكريم ، كنا نعتقد أن هذه المشاهد الغاية في البشاعة ستُحرك في الرجل القليل من النخوة والإباء والكرامة الإنسانية وتنعش ضميره الميت عندما يُدرك أن شعباً يُباد بكامله ، مع ذلك وبكل صلافة وحقد وكراهية لكل ما هو إنساني طالب بإخراج من يسميهم الرهائن ، وإدانة حماس باعتبارها مصدر للإرهاب .
أيها العرب المطبعون والمتأمركون أين أنتم من هذه المواقف المخجلة والمهينة إلى متى ستظلون تركعون في مزابل أمريكا وتحجون إلى البيت الأبيض؟! هل آن الأوان أن تتحرك فيكم النخوة والدم العربي؟! الأمر زاد عن حده وتجاوز كل منطق ويحتاج إلى وقفة صارمة من العرب والمسلمين، إن كانوا ما يزالون عرباً ومسلمين ، مالم فإن الله سبحانه وتعالى سيتولى بعنايته المجاهدين الأبطال في غزة ويمدهم بالنصر من عنده ، وهذا ما ليس بعيد عن الخالق سبحانه وتعالى ، لأنه لا يترك المظلوم دون أن ينتصف له من الظالم ، وكل آمالنا معقودة عليه وعلى الشرفاء من أبناء أمتنا الذين لا يزال لديهم القليل من النخوة والكرامة – النصر إن شاء الله صبر ساعة، كما قيل – الرحمة للشهداء الأبطال – الشفاء للجرحى – الحرية للأسرى ، والله من وراء القصد..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وكيل الأزهر: مأساة الشعب الفلسطيني تحدث أمام مجتمع دولي يقف متفرجًا
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الأحد، أن انعقاد النسخة الخامسة من الأسبوع العربي للتنمية المستدامة بجامعة الدول العربية، تحت عنوان «حلول مستدامة من أجل مستقبل أفضل: المرونة والقدرة على التكيف في عالم عربي متطور» يثبت أن الدولة المصرية مواكبةٌ لما يجري في الساحة من حراك اقتصادي واجتماعي، وأنَّها حريصة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الذي يؤكد دومًا أهمية توفير حياة كريمة لجميع المصريين، واهتمام أجهزة الدولة بمقاومة ومكافحة الفقر وهو ما تبينه بوضوح الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة، رؤيةِ مصر2030، التي تمثِّل إرادةً حقيقيَّةً نابعةً من قراءةٍ واعيةٍ للواقع، ومن فكرٍ منظمٍ، ومن أملٍ في مستقبلٍ مختلفٍ.
الجامع الأزهر: أعداؤنا يريدون شبابنا بلا هوية حتى يسهل عليهم النيل من أوطاننا التسامح في الإسلام.. ندوة لـ”خريجي الأزهر” بتشادوأشار خلال كلمته في المؤتمر الذي عقد بجامعة الدول العربية بالتعاون مع الشركاء من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وعدد من الهيئات المعنية في مصر والمنطقة العربية، إلى أهميَّة هذا المؤتمر التي تكمن في محاولة إيجاد صيغٍ للتكامل بين: (التنميةِ المستدامة والاقتصادِ الإسلامي بهدف مقاومةِ الفقر) وتبعاته، وذلك من خلال تعزيز الحوار والتفاهم والتفاعل بين الخبراء والمتخصصين في مجالات التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي؛ لبلورة رؤية شاملة حول مقاومة الفقر، ورسم السياسات الحقيقيَّة لمواجهته. كما يمثل المؤتمر جرس إنذار إلى كل العقلاء في العالم كي يتكاتفوا ويكثفوا جهودَهم من أجل انتشال الفقراء من واقعهم المؤلم، حتى لا يصبحوا فريسة سهلة لجماعاتِ العنف والجريمة والإرهاب الذي يصيب الجميع بالألم.
وقال إن التنمية المستدامة ليست شعارا، بل هو واجب تفرضه الظروف المتغيرة، ولقد أصبحت هذه التنمية المستدامة هدفا ساميا لأي وطن يسعى نحو التقدم والريادة، وسبيلا للمحافظة على الهوية من أي اختراق أو استهداف. وفي ضوء ذلك واستجابةً لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يعنى الأزهر الشريف بنشر ثقافة الاستدامة، والتأصيل لها، والتوعية بأهميتها، وترسيخ قيمها، وتحقيق أهدافها في المجتمع، وفي مقدمة هذا (مقاومة الفقر)، فعقد الأزهر العديد من المؤتمرات التي تتعلق بالتنمية المستدامة، ومواجهة أزمات الحياة، ومنها: مؤتمر «مواجهة الأزمات المعيشية وتداعياتها.. رؤية شرعية قانونية» بكلية أصول الدين بالمنصورة، ومؤتمر «التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر من منظور الفقه الإسلامي والقانون الوضعي» بكلية الشريعة والقانون بتَفهنا الأشراف.
وأشار خلال كلمته إلى جهود الأزهر في هذا المسار، وقال إن الأزهر الشريف لم ينفصِل عبر تاريخه الطويل عن قضايا الواقع ومشكلات الأمة ومعضلات المجتمع؛ حيث أسهم برجاله وعلمائه وجميع منسوبيه وقطاعاته وأدواته المتعددة والمتنوعة، في تحقيق التكامل بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي؛ من أجل مقاومة الفقر بكافة صوره وأشكاله، وفي إطار هذه الجهود تم إنشاءُ (بيت الزكاة والصدقات المصري) الذي قام بتنفيذ العديد من البرامج التي تهدف إلى مد يد العون إلى الفقراء والمحتاجين والغارمين والمرضى، الذين يجدون صعوبة في تحمل نفقات الحياة وتحمل أعبائها.
ودعا وكيل الأزهر إلى تعزيز التكامل بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي من أجل القضاء على الفقر وآثاره، فهذا لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحة. وأن يسير هذا جنبًا إلى جنب مع التنمية في البناء القيمي والأخلاقي والروحي للإنسان، وصيانة حياته حاضرًا ومستقبلًا. وإن هذا التكامل بين التنمية المستدامة بمفهومها الإسلامي الأكثر شمولًا وعمقًا، والاقتصاد الإسلامي بأدواته المتعددة ينبغي أن يتجاوز الحلول المؤقتة المسكِّنة، إلى حلول دائمة تعزز العدالة الاجتماعية، وتدعم توزيع الثروات على نحو صحيح.
وأوضح وكيل الأزهر أن الاقتصاد الإسلامي يسعى إلى المحافظة على الحياة ومكوناتها ومواردها وإنسانها، بما فيه من أدوات متعددة تقوم على تبادل المنافع بين الغني والفقير، والتي يتربح منها الأغنياء ليزدادوا غنًى، وتساعد الفقراء في الارتقاء بحالهم، وتحسين معيشتهم، والحد من درجة الفقر لديهم، ومنها أنواع الزكاة والصدقات، ومنها الحرص على التوزيع العادل للثروة، ومنها تشجيع العمل والإنتاج، ومنها تطوير الموارد البشرية، ومنها دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومنها دفع الشركات والمؤسسات إلى مباشرة مسؤوليتها المجتمعية وغير ذلك من أدوات. فضلا عن أنواع العقود المستحدثة كشركات العِنان والمضاربة، وغيرها من أنواع الشركات التي أباحتها وأقرتها الشريعة الإسلامية، والتي تعمل على الحد من الفقر، وتحقق التنمية المستدامة للفرد والمجتمع.
وأردف وكيل الأزهر أن الفقر مشكلةٌ صعبة تعاني منها معظم المجتمعات، وللقضاء على هذه المشكلة وآثارها لا بُدَّ من الوقوف على أسبابها. فالفقر ظاهرة ذات جذور متشابكة، وإن ما يدور على الساحة العالميَّة اليوم، من حروب وقتل وتدمير من أبرز الأسباب السياسية والاجتماعية التي تصنع الفقر، وترهق به المجتمعات لفترات طويلة؛ لما ينتج عنها من تدهور اقتصادي وعمراني، يتبعه تراجعٌ وتَدَنٍّ في مستوى المعيشة، وفقدانٌ لمقومات الحياة الأساسية، ناهيك بما تتركه الحروب من خلل سياسي مقصود، وكلما اتسعت رقعة الفقر والجوع والتهميش ابتعد العالم عن الأمن والاستقرار.
وذكَّر وكيل الأزهر الحاضرين في المؤتمر والضمير العالمي بمأساة الشعب الفلسطيني الأَبي، وما يعانيه الأبرياء الذين يتخطفهم الجوع والخوف، ويتوزعون ما بين ألم التهجير والتشرد والجوع، وبين قسوة القتل والتنكيل والترويع، من كِيانٍ محتلٍ ظالمٍ لا يَرقب فيهم إلًا ولا ذمة، فيما يقف المجتمع الدُّولي متفرجًا وعاجزًا عن مساعدتهم ووقف معاناتهم. مشيرًا فضيلته إلى أن التكامل المنشود بين التنمية المستدامة والاقتصاد الإسلامي لمواجهة الفقر، يواجه تحدياتٍ كبيرة في التنفيذ والمتابعة، وهو ما يتطلب تعاونًا دوليًّا وإرادة سياسية قوية، وبناء منظومة شاملة تحقق الأهداف المرجوة من هذا التكامل.