في الأسبوع الثاني من العدوان على قطاع غزة تتعالى أصوات داخل إسرائيل مطالبة بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وذلك لارتكابه جرائم حرب في غزة، فيما يرى البعض أنه يخوض حربا ضد القطاع من أجل خلاصه الشخصي.

 

ويرى منتقدو نتنياهو أنه فاقد للحس الإستراتيجي، وأن مبلغ طموحه هو الانتقام بقتل المدنيين العزّل وتدمير غزة.

وللوقوف على هذا الانقسام الإسرائيلي، وتداعيات عملية طوفان الأقصى على الكيان وحجم الأزمة التي خلّفتها، نرصد بعض الأصوات المطالبة باستقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته ومحاسبته على جرائم حرب.

 

مصالح ضيقة

 

في مقال نشرته له صحيفة هآرتس الإسرائيلية، طالب الصحفي الإسرائيلي نحميا شترسلر برحيل نتنياهو فورا دون تأخير، واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بالعجز عن قيادة شعبه خلال الحرب، وحمّله المسؤولية عما يجري الآن.

 

وقال شترسلر، في مقاله الذي عنونه بـ"ليس غدا، وليس الأسبوع المقبل، على نتنياهو أن يرحل الآن" إن نتنياهو غير لائق لقيادة البلد، ولا يمكنه البقاء في منصبه ولو ليوم واحد آخر.

 

ويرى شترسلر أن نتنياهو إذا ما قاد الحرب، فإنها لن تكون حربا ضد حماس، بل حربا من أجل خلاصه الشخصي. وقال إن كل التحركات في الحرب وكل الاتصالات الدبلوماسية ستكون موجهة نحو هدف واحد فقط، وهو بقاؤه في السلطة. الأمر الذي لن يتيح لإسرائيل تحقيق النصر في الحرب على حد تعبيره.

 

واستعرض الصحفي الإسرائيلي عدة نقاط تبرهن على أن نتنياهو يتحمل مسؤولية ما يجري الآن، من بينها تفكيك المجتمع الإسرائيلي وإضعاف الجيش من خلال إصراره على التعديلات القضائية التي عصفت بالداخل الإسرائيلي خلال الأشهر التسعة الماضية.

 

واتهمه بالإسهام في تقوية حماس وتسهيل تحويل الأموال التي تغذّت عليها المقاومة الفلسطينية، كما حمّله المسؤولية عن مقتل 1400 يهودي واختطاف 200. وقتل مدنيين في غزة بقصف عشوائي.

 

وقال إن نتنياهو كان يزعم بأن حماس في مرحلة دفاع عن النفس، وليست خطرة، لذلك قلّص حجم الجيش في غلاف غزة، فقام بنقل كتيبة ونصف الكتيبة من حدود غزة إلى الضفة الغربية، مما سهّل على حماس القيام بالعملية.

 

الحرب ليست حلا

 

وفي مقال آخر في صحيفة هآرتس أيضا، قدمت الكاتبة الصحفية، زيف ستال، شهادتها على الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري على مستوطنات بغلاف غزة. وانتقدت أداء الحكومة في التعامل مع الهجوم، كما انتقدت إقدام الحكومة على شن حرب على غزة.

 

وقالت ستال: "كنت هناك أزور عائلتي الحبيبة في كيبوتس كفار عزة، حيث ولدت وترعرعت، وحيث يعيش شعبي، وعائلتي، وزملائي وأصدقائي، أصدقاء والديّ، أعضاء الكيبوتس، مجتمع متماسك. كنت في داخل المنزل عندما بدأنا ندرك ما يحدث حولنا، كنت هناك، ورائحة الموت التي ملأت مروج وأرصفة طفولتي لا تزال في أنفي. وما زال الخوف يقبض على عضلاتي ويسري في عروقي إلى اليوم. بعد ساعات طويلة من الاختباء تم إنقاذنا".

 

وترى أن السبيل لإنهاء المعركة ممكن فقط من خلال حل سياسي لا عسكري كما تفضل حكومة نتنياهو.

 

وقالت ستال "يجب علينا أن نوقف دورة الموت هذه. علينا أن نستثمر كل قوتنا وطاقتنا في المساعي الرامية لإنهاء الصراع، وهي كيفية بناء مستقبل سلمي وآمن لجميع الذين يعيشون في هذا المكان. لن تنتهي المواجهة بكلمات مثل "الردع" و"الضربة النهائية" و"الحاسمة". ولن يأتي الهدوء إلا عبر الوسائل السياسية".

 

ورأت أن القصف العشوائي الذي يتعرض له قطاع غزة، وقتل المدنيين ليسا حلاً، وإنما يؤديان لإطالة أمد العنف والحزن والفجيعة.

 

انقسام وتخوين

 

وفي هآرتس أيضا، كتب الصحفي الإسرائيلي، يوسي فيرتر، عن تهرّب نتنياهو من المسؤولية وخطورة سياساته على إسرائيل في تعزيز انقساماتها الاجتماعية وسوء إدارته الدفاعية.

 

وقال فيرتر "في 27 مارس/آذار، أي بعد يوم من إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، كتبت هنا: اعتبارًا من الليلة الماضية، أصبح بنيامين نتنياهو، رسميا وأخيرا، الرجل الأكثر خطورة على وجود دولة إسرائيل. إن غرفة رئيس الوزراء يشغلها رجل يشكل خطرا واضحا وملموسا وقائما على أمن الدولة وثباتها وتماسكها ونسيجها الاجتماعي".

 

وأضاف "واليوم ما زال نتنياهو مستمرا في المضي قدمًا في تدمير بنيتنا التحتية الجماعية المتهالكة، الاجتماعية والاقتصادية والدفاعية. ومن المحزن أن نقول إنه حتى في أصعب الأوقات التي تمر بها إسرائيل، فإنه يبدو أن نتنياهو لم يتوقف لا عن أسلوب عمله، ولا فيما يتعلق بعدم تحمله للمسؤولية، ولا بشأن حساباته السياسية وخططه للمستقبل".

 

وسلط فيرتر في مقاله الضوء على حالة الانقسام الحادة في المجتمع الإسرائيلي والتراشق بالتهم بين اليسار واليمين الإسرائيليين، مشيرا إلى أن ذلك يأتي في إطار التحضير لرواية ما بعد الحرب، والجهات التي سيتم إلقاء اللوم عليها بشأن ما حدث. وقال إن أنصار نتنياهو، الذين وصفهم بأنهم سيئو السمعة، أغرقوا وسائل التواصل الاجتماعي بسيل من الرسائل الكريهة إلى حد الغثيان.

 

ويصف الكاتب الإسرائيلي حرب التخوين المستعرة بين فئات المجتمع فيقول: "في وسائل الإعلام، تتجهز كلاب نتنياهو الهجومية للانقضاض. وقد وعدت مراسلة تلفزيون نتنياهو مشاهديها بأنه سيأتي اليوم الذي تقوم فيه بمحاسبة صحيفة هآرتس عن مسؤوليتها في الحرب".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: رئیس الوزراء

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يتحين الوقت المناسب لإقالة رئيس الشاباك

طلب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو ، من جهاز الأمن العام (الشاباك)، إعداد تقييم أمني يسمح له بتجنب الإدلاء بشهادته في محاكمته المقررة في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس"، مساء اليوم، الإثنين.

وذكرت الصحيفة أن مكتب نتنياهو توجه مؤخرا للشاباك وطلب من الجهاز تحديد ما إذا كان من الممكن اعتبار أن نتنياهو غير قادر على البقاء لفترات طويلة في أماكن ثابتة تكون معروفة مسبقًا للجمهور، في محاولة من رئيس الحكومة للتملص من جلسة المحكمة.

ومع ذلك، رفض الشاباك تقديم هذا التقييم، وبدلاً من ذلك بدأ في عملية فحص شاملة للتأكد ما إذا كان من الممكن إجراء شهادة نتنياهو أمام المحكمة كما هو مخطط لها مع مراعاة متطلبات الأمن الخاصة برئيس الحكومة، بحسب ما أوردت "هآرتس".

في الأيام الأخيرة، ضغط مقربون من نتنياهو عليه لإقالة رئيس الشاباك، رونين بار، بشكل فوري. وقال مسؤولون كبار في جهاز الأمن إن الضغط جاء نتيجة رفض بار تقديم تقييم يرضي نتنياهو بشأن هذا الموضوع.

ووفقًا للمصادر، فإن قرار بار إجراء فحص في إمكانية إجراء المحاكمة من الناحية الأمنية سرّع الدعوات لإقالته، وذلك في ظل حملة إعلامية واسعة من قبل وزراء في الحكومة ضد رئيس الشاباك الذي يطالبون بإقالته على خلفية إطلاق قنابل إنارة باتجاه منزل نتنياهو في قيسارية.

ووفقًا لتقرير نشرته موقع "واللا"، فإن نتنياهو يفكر فعلاً في إقالة بار، ويتساءل عما إذا كان يمكنه استخدام إطلاق عدد من المعارضين قنابل إنارة تجاه منزله، كذريعة لـ"فشل أمني" يبرر إقالة رئيس الشاباك.

وفي الأيام الأخيرة، يقوم الشاباك بإجراء سلسلة من العمليات ضمن التقييم الذي طلب منه إعداده. وفي هذا السياق قام مسؤولون كبار في الجهاز بزيارة المحكمة المركزية في القدس ، للبحث عن حلول أمنية تمكن من إجراء الشهادة مع ضمان أمن نتنياهو.

ويعد التقييم المقدم من الشاباك ذا أهمية خاصة بالنسبة لنتنياهو، الذي يصر على تأجيل بدء شهادته. فبعد أن رفضت هيئة القضاة في محكمته طلب تأجيل شهادته بسبب اعتبارات أمنية، يأمل المقربون من نتنياهو أن يحصلوا على تقييم رسمي من الشاباك يتيح ذلك.

وقال مسؤول كبير في جهاز الأمن إنه "إذا لزم الأمر، فإنهم سيعززون الحماية على يائير نتنياهو في ميامي بغض النظر عن التكلفة، ولكنهم لن يقدموا تقييمًا أمنيًا إلا إذا كان الأمر ضروريًا ويستلزم ذلك فعلاً".

ورفض مكتب نتنياهو التعليق على تقرير "هآرتس"، في حين نفى تقرير "واللا" بشأن عزم نتنياهو إقالة بار، وقال مكتب نتنياهو إن "الخبر غير صحيح على الإطلاق، ولم يتم إجراء أي نقاش حول الموضوع".

ومع ذلك، أدلى وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، بتصريحات تطالب بإقالة بار، كما قام إعلاميون مقربون من نتنياهو، بتغريدات تطالب بإقالة رئيس الأركان، هرتسي هليفي، ورئيس الشاباك، اعتقال ناطق باسم نتنياهو على خلفية "تسريب وثائق أمنية".

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يتحين الوقت المناسب لإقالة رئيس الشاباك
  • بوادر انقسام أوروبي بعد سماح واشنطن لكييف بضرب العمق الروسي
  • الاحتلال الإسرائيلي: لا نية لإقالة رئيس الشاباك على خلفية استهداف منزل نتنياهو
  • إسرائيل تنفي عقد مباحثات لإقالة رئيس الشاباك على خلفية استهداف منزل نتنياهو
  • ما الذي يفكر فيه سفير واشنطن الجديد في إسرائيل؟.. هذه أهم مواقفه السابقة
  • قوات الاحتياط.. جدار الأمن الإسرائيلي الذي يريد أن ينقض
  • إسرائيل.. رئيس الموساد يقدم مقترحات جديدة بشأن غزة خلال اجتماعه مع نتنياهو
  • العراق يدعو لوقف جرائم "إسرائيل" في غزة ولبنان
  • هآرتس: ثلث قتلى الحرب الإسرائيليين من قوات الاحتياط
  • هآرتس: القضاة لم يبتلعوا الطُعم الذي حاول نتنياهو استغلاله