داخل إحدى غرف العمليات، وقف عبدالبر الربايعة، صارخاً بعد فقدان 3 أفراد من أسرته جراء القصف الإسرائيلى على مستشفى الأهلى، المعروف إعلامياً بمستشفى المعمدانى، فالشاب الذى ذهب لمداواة جراح ذويه عقب تعرّض منزلهم للقصف، أصبح غير قادر على إنقاذهم، بعدما تعرض المستشفى للقصف.

«عقلى رافض يستوعب، أخى أحمد وعمتى فوزية، وبنتى دانية، كلهم راحوا، جيت هنا أعالجهم من إصابتهم بعد ما بيت أخى تم قصفه وتدميره صباح أمس، وكنا بانتظار إجراء جراحة لعمتى وأخى، لكن فجأة ودون إنذار قصف الطيران الإسرائيلى المشفى الملىء بالناس، كلنا حاولنا نجرى نختبئ فى الغرف وإلى الخارج، لكن ما لحقنا»، عبارات مؤلمة وصف بها «الربايعة» خلال حديثه مع «الوطن»، الوضع المأساوى فى مستشفى المعمدانى.

صراخ وعويل ومحاولة بعض الشباب إنقاذ الأطفال وسحبهم إلى أماكن اختباء آمنة داخل المستشفى، هكذا كان الوضع وفق الربايعة: «كلنا كنا بنحاول ننقذ الأطفال، لكن بنتى من شدة الخوف وجرى الناس ما لقيتها وبعدين عثرت عليها فى طرقة المشفى لكن متوفاة، ظليت أصرخ وكلمت ابن عمى ييجى، بعدين عمتى كبيرة فى السن لقيناها متوفاة، وأخى ارتقى شهيداً، ما بعرف عدد الشهداء، لكن المشفى مكدّس بالجثث، أطفال وشيوخ وكبار وعجزة، كنا بنحاول مع الأطباء إنقاذ ذوينا، لكن راحوا وخدوا قلوبنا معاهم، ما بقى غير ذكرياتنا». وفق تقديرات مبدئية لوزارة الصحة الفلسطينية، قالت إن قصف المستشفى أسفر عن استشهاد قرابة 500 شهيد، وسقوط مئات المصابين والجرحى فى مجزرة فادحة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلى، مساء اليوم الأول.

وتداولت وسائل التواصل الاجتماعى، مقطع فيديو مؤثراً لأحد شهود العيان فى مكان الحادث الأليم، وهو يروى لحظات من مشهد القصف على مستشفى المعمدانى، مما أدى إلى إصابة والده وأخيه: «كنا منتقلين من المنزل جالسين عند خالى فى المستشفى، ضربوها، وأخى وأبى اتصابوا، ربنا على الظالم، ربنا لا ينسانا». كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى، صورة لطفلة فلسطينية صغيرة ممسكة بقطعة خبز فى يدها التى توجد بها «الكانيولا» لتلقى العلاج اللازم داخل مستشفى المعمدانى، الذى تعرّض للقصف، وجرى نقلها إلى مستشفى الشفاء، كان وجه الطفلة مغطى بالدماء وعلامات الحزن تسيطر عليها، الأمر الذى جعل كثيراً من رواد مواقع التواصل الاجتماعى يتعاطف معها ويدعو لها بالشفاء. وحسب ما رواه الصحفى الفلسطينى أحمد حجازى، مصور «طفلة الخبز» المصابة، فى تصريحاته لـ«الوطن»، فقد تعرض منزل الطفلة «سوار طوطح»، فى حى الزيتون بقطاع غزة، للقصف من قِبل طائرات الاحتلال الإسرائيلى: «الطفلة كانت فى المعمدانى بعد قصف منزلها، وحالياً بتتلقى العلاج فى مستشفى الشفاء، لكن فيه شهداء من نفس عائلتها».

حالة الطفلة الفلسطينية التى لم يتجاوز عمرها العامين، مستقرة وتتلقى العلاج اللازم فى مستشفى الشفاء الطبى بقطاع غزة، حسب ما كشفه الصحفى الفلسطينى، مشيراً إلى أن الأوضاع صعبة فى قطاع غزة، مطالباً الجميع بالدعاء للعائلات والشهداء.

منظمة الصحة العالمية كشفت عن أن الهجوم على المستشفى الواقع فى شمال قطاع غزة، والذى أودى بحياة المئات غير مسبوق فى نطاقه، وقال أحمد المنظرى، المدير الإقليمى للمنظمة لشرق المتوسط، إن المستشفى كان به مرضى وعاملون فى مجال الرعاية الصحية ونازحون داخلياً، عندما تعرّض للقصف، وهو واحد من 20 مستشفى فى شمال غزة يواجه أوامر إخلاء من الجيش الإسرائيلى، مضيفاً: «كان من المستحيل تنفيذ أمر الإخلاء، نظراً لانعدام الأمن حالياً، والحالة الحرجة للكثير من المرضى، ونقص سيارات الإسعاف والموظفين والطاقة الاستيعابية للأسرّة فى النظام الصحى والمأوى البديل للنازحين».

المجزرة الإسرائيلية بحق المرضى والجرحى والمدنيين أثارت موجة غضب فى الكثير من المدن والعواصم حول العالم، ففى العاصمة الكندية أوتاوا، تجمع متظاهرون أمام مكتب رئيس الوزراء للاحتجاج على المجزرة الإسرائيلية، كما شهدت العاصمة الألمانية برلين وقفة احتجاجية، تنديداً بالمجزرة. وأحاطت جموع من قوات الأمن الألمانية بالمتظاهرين. وحاولت تفريقهم بالقوة، فى حين شهدت مدينتا مالمو وأوبسالا السويديتان مظاهرات تندّد بالمجزرة الإسرائيلية. وخرجت مظاهرة أمام مبنى وزارة الخارجية فى العاصمة الإسبانية مدريد ندّدت بالعدوان الإسرائيلى، وفى عاصمة البوسنة والهرسك سراييفو، احتج متظاهرون على المجزرة الإسرائيلية فى وسط المدينة التاريخية القديمة، حاملين أعلام فلسطين والبوسنة والهرسك.

وفى العاصمة الدانماركية كوبنهاجن، تظاهر المئات تنديداً بمجزرة مستشفى المعمدانى، وطالب المتظاهرون بوقف الجرائم الإسرائيلية التى تُقترف فى قطاع غزة. وتوجه مئات من المتظاهرين إلى محيط السفارة الأمريكية شمال بيروت، حيث عملت القوى الأمنية على تفريقهم بإلقاء الغاز المسيّل للدموع. وخرجت مسيرات غاضبة فى مدن تونسية، تنديداً بسقوط الآلاف من القتلى الفلسطينيين تحت القصف الإسرائيلى لغزة، وأشعل القصف غضباً عارماً فى الشارع التونسى، مع انتشار صور ومقاطع فيديو مروّعة للضحايا، وبينهم عدد كبير من الأطفال، ووسط تعزيزات أمنية كبيرة، تجمع مئات التونسيين فى شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة، حاملين الرايات الفلسطينية، وأحاطت أعداد منهم بمقر السفارة الفرنسية بالشارع نفسه، احتجاجاً على انحياز باريس لإسرائيل، كما خرجت مسيرة فى وسط صفاقس وفى مدن أخرى.

«بايدن»: إسرائيل وافقت على دخول المساعدات إلى غزة من مصر

من جانبه، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن إن إسرائيل وافقت على دخول مساعدات إلى غزة من مصر، وأضاف، فى مؤتمر صحفى، اليوم: «سألت الحكومة الإسرائيلية أن توافق على المساعدات الإنسانية لإنقاذ الحياة فى غزة على أن يتم التحقق منها وأن تصل المساعدات إلى المدنيين وليس حماس». وتابع: «وافقت إسرائيل على إدخال المساعدات من مصر إلى غزة، وإذا استغلت حماس المساعدات فإنها ستبرهن مجدداً على أنها غير مكترثة بالفلسطينيين وسوف تمنع الأسرة الدولية عن تقديم هذه المساعدة».

وواصل: «بالتعاون مع مصر، فإن الأمم المتحدة ووكالاتها وشركاء فى المنطقة سنبدأ بتحريك القوافل فى أسرع وقت ممكن، وبشكل منفصل طلبت من إسرائيل بأن يسمح للجمعية الدولية للصليب الأحمر بأن تصل إلى الرهائن».

فى سياق متصل، فشل مجلس الأمن الدولى، اليوم، فى تبنِّى قرار لوقف إطلاق النار فى غزة، خلال الجلسة الطارئة التى دعت إليها روسيا والإمارات.

ووفقاً لقناة «القاهرة الإخبارية»، فقد صوَّتت الولايات المتحدة للمرة الثانية بحق النقض «الفيتو» ضد مشروع قرار برازيلى يدين الحرب بين إسرائيل وحماس. وقال رئيس جلسة مجلس الأمن الدولى: «للأسف، المجلس لم يتمكن من تبنِّى قرار بشأن النزاع الإسرائيلى الفلسطينى».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مجزرة المعمداني مستشفى المعمداني غزة فلسطين الرئيس عبد الفتاح السيسي مستشفى المعمدانى فى المعمدانى

إقرأ أيضاً:

الطائرات الحربية الإسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات بقطاع غزة

قال بشير جبر، مراسل قناة «القاهرة الإخبارية» من خان يونس، إن الطائرات الحربية الإسرائيلية تواصل استهداف المخيمات بقطاع غزة، خاصة مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، مشيرا إلى استهداف شقة سكنية داخل أحد منازل المخيم.

جهود الإغاثة والإنقاذ

وأشار «جبر»، خلال رسالته على الهواء، إلى أن سيارات الإسعاف والطواقم الإغاثية هرعت إلى المواقع المستهدفة، بحثا عن الشهداء والمفقودين والمصابين، موضحا أن منطقتي بيت لاهيا وجباليا تشهدان عمليات عسكرية وقصفا مستمرا من المدفعية الإسرائيلية منذ أكثر من 75 يوما.

استهداف مستشفى كمال عدوان

ولفت المراسل، إلى أن الآليات العسكرية الإسرائيلية تتقدم باتجاه مشروع بيت لاهيا، مستهدفة مستشفى كمال عدوان بإطلاق رشاشات ثقيلة وقذائف على بواباته الرئيسية، مؤكدا أن المستشفى الذي تعرض لدمار واسع، يعد الوحيد الذي يقدم خدمات جزئية للجرحى والمصابين.

مقالات مشابهة

  • محاصرون بمستشفى كمال عدوان بغزة: نواجه خطر الموت ولا نستطيع دفن الشهداء
  • الإبادة الإسرائيلية في غزة.. الشهداء يصلون إلى 45259 ألفا
  • بينهم أطفال ونساء.. سقوط عشرات الشهداء والمصابين الفلسطينيين في غارات إسرائيلية على قطاع غزة
  • هجوم إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان في غزة
  • مستشفى كمال عدوان تحت النار
  • 4 شهداء في قصف رفح ومحيط مستشفى كمال عدوان
  • حزب الله يحاذر الرد على الخروقات الإسرائيلية وانتشال جثث الشهداء متواصل
  • وسط هتافات غاضبة.. مئات الفلسطينيين يشيعون ضحايا غارة إسرائيلية في طولكرم
  • الطائرات الحربية الإسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات بقطاع غزة
  • محدث: إسرائيل ترتكب "مجزرة" جديدة باستهداف شقة سكنية في مخيم النصيرات