مطلقو النار على أقدامهم والطاعنون لظهورهم
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
د.حمود عبدالله الأهنومي
لقد حشرتنا وجميعَ أحرار أمتنا الأحداثُ المؤلمة في غزة في زاوية، وحُقّ لكثير منا أن يتساءل: (متى نصر الله؟)، و(أين محور الجـهاد والمقاااومة؟)، و(أين صواريخ اليمن ومسيراته؟)، وهذا التساؤل طبيعي إذا ما أتى في إطار التهيئة النفسية والتربوية للمجتمع؛ ليكون بمستوى التحدي القائم، ومن هنا يفترض أن نتحرك في هذا التوجه الذي يوضح طبيعة الصراع، ويعرّي العدو، ويستنهض الأمة المغلوبة على أمرها؛ لتكون جزءا من عملية المواجهة القادمة والحتمية والحاسمة أيضا.
في نفس الوقت دأبَ أولياءُ إسرائيل على التحرُّك في اتجاهين: اتجاه تأييدها بشكل علني، وهذا ما أظهرته جولات الصراع الماضية، وهذه الجولة أيضا بشكل واضح، ورأينا كتابا وسياسيين وإعلاميين عربا ومسلمين ويمنيين يصطفون اصطفافا واضحا مع إسرائيل، ويلعنون كل من يواجهها، ويصارعها، بينما يتوارى الاتجاه الثاني خلف إدانته الظاهرية لجرائم إسرائيل؛ ليوجه حملة شعواء ضد كل من يواجهها، باعتبارهم عملاء إيران، وأدواتها، سنة وشيعة، ولا يفتأ هؤلاء الأولياء عن توجيه اللوم والتوبيخ والتشكيك والتقريع لدول وشعوب وحركات محور الجهاد والمقاومة، فهم يلعنون إسرائيل مرة، ولكنهم يوجهون عشرات اللعنات لكل من يقف في وجهها، وهذه طريقة كثير من السياسيين والإعلاميين التابعين لهم.
لا أنزعج من هؤلاء ولا من أولئك؛ لأن هذا هو دورهم المرسوم لهم من أسيادهم، بل أنزعج من إخوتي الأحرار والشرفاء، وأبناء محور الج.هاد والمقا.ومة الذين قد ينجرون بفعل ضغوط عاطفية، أو شعورٍ ديني متسرّع، أو ابتغاء الحفاظ على الصورة المثالية التي يرسمها أحدنا لنفسه أمام متابعيه في مواقع التواصل، أو في الواقع، الذين نجحوا في تأطيره وتأطير انفعالاته، فينطلق ليصوب بندقية كلماته في بعض الأحيان نحو أرجل المقاومين، ويطعن في ظهورهم، من خلال التهكم، والسخرية، وإصدار الأحكام، ضد المحور نفسه وقياداته، ووصل الحال ببعضهم إلى أن بات يلعن الجميع، يلعن إسرائيل، ويلعن حركات المقاومة ومن يقف داعما لهم، ويشكك في مصداقيتهم، وباتت كل كلماته وتغريداته تتشابه تماما مع تغريدات إيدي كوهين، وكامل الخوداني، أو تصريحات أفيخاي أدرعي، أو محمد جميح، أو غيرهم.
مثلنا مثل مجموعة ذهبت للجهاد في سبيل الله تحت قائد، نعتقد صدقه، وأهليته، وقد جرّبناه حكيما شجاعا خائفا من الله متقيا، ولكننا نتحرك معه في ظروف معينة، فلدينا بنادق وأسلحة خفيفة، بينما عدوانا لديه طائرات ودبابات، وبنية عسكرية متطورة، فيحاول قائدنا أن يتخذ القرارات التي تتناسب مع وضعيتنا في حرب عصابات، ويحاول أن يتحين الفرص التي يمكن من خلالها أن يشن الهجمات المؤلمة للعدو، ويتجنب العمليات المتهورة التي قد تقضي على تحركنا من أول يوم، وقد يتطلب الموقف التأخير في الرد؛ لكي تتحقق بعض الأهداف التكتيكية كاستنزاف العدو، وغير ذلك؛ ولهذا قد يتأخر في شن العملية أسبوعا أو أسبوعين، وعنده من المعلومات والحيثيات التي ليست عندنا، ولكننا نرى في نفس الوقت أن هذا العد.و يشن عمليات مدمرة على أهلنا، وقد يستشهد بعض مجاهدينا.
في هذه الظروف قد يرى أحدُنا رأيًا غير رأي القائد فيه سرعة اتخاذ القرار، ونرى أن القائد بإمكانه أن يسرِّع بعمليته، وأن يخرجنا من الوضع المحرج لنا أمام أصدقائنا الذين أكثروا من لومنا وتقريعنا، وأمام أعدائنا الذين يتحدّوننا ويستفزوننا، وهنا يخرج بعضنا ليُعْلِيَ صوته ضد قائدنا، وأنه مفرِّط فينا، ولا يتحرَّك، وأنه يُفْتَرَضُ أن نرد بسرعة، وأن نذهب سريعا للمواجهة حتى ولو استلزم الأمر أن تنتهي حركتنا تماما، ثم يتطور موقف هذا البعض إلى درجة أن يشكِّكَ ويسخَرَ من قرارات قائدنا، ثم يصل به الأمر إلى أن يظن أن قائدنا بات متآمرا مع العد.و، أو أنه ضعيف، وجبان، ثم تصل به القناعة إلى أن يترك المعركة ضد العدو والاستمرار فيها، ويوجه بندقيته إلى رفاق سلاحه، ويرى فيهم العدو القريب الذي يجب أن يواجه أولا؛ الأمر الذي سيمكن العدو من أن يبيدنا جميعا.
يا قومنا .. لقد أهلك (التنطُّطُ) كثيرا من المجاهدين قبلكم، لمّا انطلقوا مجاهدين بغير تسليم لقائدهم، فانتهوا في نهاية المطاف في الجانب الآخر من التاريخ، وفي هذا المقام يمكن استحضار كيف أغرق (المتنطّطون) (المجتهدون) الإمام عليا عليه السلام في بحر من المشكلات، والتعلات، والخذلان، ثم لما جاء الإمام الحسن عليه السلام حاول تلافي الموضوع بأن أمرهم أن يبايعوه على أن يكونوا (سلما لمن سالم، وحربا لمن حارب)؛ لكي يعلمهم هذا المبدأ العظيم الذي أُتُوا من قِبَله، ومع ذلك لم يصل إلى نتيجة معهم، فنطّ بعضهم إلى معاوية، وآخرون بقوا معه ثم جاؤوا إليه بعد أن عقد الصلح المؤقت مع معاوية ليقولوا له: (السلام عليك يا مذل المؤمنين)؛ لأنهم كانوا ينظرون في أكمام قمصانهم ليجدوا من بداخلها أرفع من أن ينتظر التوجيهات من القائد، فضلوا وأضلوا، وأورثوا الأمة بوارا وخسارا.
أخي المتنطط .. لا أظنك أكثر دهاء من الإمام الخامنئي، ولا أكثر حكمة من السيد نصر الله، ولا أكثر شجاعة من الشيخ الخزعلي، ولا أكثر تقوى وخشية لله من السيد عبدالملك الحوثي، فهون عليك نفسك، وأعد نفسك لتكون لبنة بناء وجهاد، خيرا من أن تجدها مثقاب فتنة، وسيفا يطعن أهله في ظهورهم.
هنا أنا لست من أنصار الجمود، وعدم إبداء الآراء المفيدة، ولكني من أنصار طرح الآراء والمقترحات بطريقة النصيحة والتذكير وإبداء الاستعداد التام ورفع وتيرة المعنويات، التي على ضوئها القائد يتخذ قراره السليم، أما أن يتحوَّل أحدُنا إلى قنّاص لأرجله بدلا من أرجل العدو، وطاعن لظهره، بدلا من طعن ظهر العدو، فهذه لعمري قاصمة الظهر، وهي الطريقة التي ملأت قلب الإمام علي قيحا، وانتهت برأسه مشدوخا في الكوفة، وبولده الإمام الحسن مطعونا في مظلم ساباط، وبولده الحسين مذبوحا في كربلاء.
ومن لم يكن له من نفسه واعظ فلن تنفعه المواعظ..
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
دلالات تصعيدية خطيرة: 26 غارة اسرائيلية في نصف ساعة
عاد الواقع الجنوبي ليتقدم أولويات المشهد الداخلي واكتسب دلالات تصعيدية نوعية وإضافية في مسار الاختراقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل عبر استباحة الحدود الجنوبية للمتدينين المتشددين وتركهم يمارسون شعائر مزعومة على مقربة من الحدود وتبعتها غارات جوية كثيفة ليلاً، حيث سجلت في غضون نصف ساعة، 26 غارة إسرائيلية متتالية تنقّلت من القطاعين الغربي والأوسط والشرقي وصولاً إلى منطقتي الزهراني وجزين، ما أثار هلعاً وأدّى في بعض المناطق إلى التهافت على محطات الوقود خشية تطور الوضع، فيما سُجّل نزوح محدود من بعض الأماكن.
وكتبت" النهار": اثار الحادث الخطير أمس بترك مئات المتشددين اليهود ينتهكون الحدود اللبنانية بزعم ممارسة شعائر دينية مخاوف من أن تكون إسرائيل ماضية نحو فرض أمر واقع احتلالي إضافي بعد احتلالها للتلال الخمس الحدودية وتوسيع تحصيناتها، بما يشكل ضغطاً محرجاً على العهد والحكومة ويضع الإدارة الأميركية في عين الشبهة المتسعة بتغطية إسرائيل فيما يفترض بالجانب الأميركي أن يلتزم تعهداتها ودوره الراعي للاتفاق بالوقوف ضد التصعيد الإسرائيلي المفتعل.
وكتبت مراسلة «الأخبار» في الجنوب آمال خليل، أن الاستباحة الإسرائيلية استمرت في زمن تثبيت وقف إطلاق النار. حيث استعاد أهل البلدات الحدودية مشاهد ما بعد نكبة 1948، عندما كانت العصابات الصهيونية تستبيح البلدات الجنوبية من دون رقيب أو حسيب، وكانت الدولة اللبنانية تتسلح بالاستنكار والمناشدات. فمشهد عشرات المستوطنين وهم يؤدّون صلوات تلمودية في تلة العباد في أطراف بلدة حولا، بدا وكأنه يدخل لبنان عنوة في زمن التطبيع، بعد زمن النقاط المحتلة والمناطق العازلة، فيما علم أن الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الحكومة في السراي الحكومي أمس لأعضاء لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، أُرجئ إلى أجل غير مسمى.
وبحسب مصادر مواكبة، فإن لجنة الإشراف برئاسة الجنرال الأميركي غاسبر جيفرز «تضغط على الحكومة وأركان الدولة لتمرير التعيينات العسكرية كما صاغتها أميركا التي اختارت ضباطاً لتولي مهام حساسة، وتبتزّ لبنان عبر صمت اللجنة الخماسية عن الاعتداءات الإسرائيلية، بل والتغطية عليها».
تدنيس المستوطنين لتلة العباد جاء بالتزامن مع منع أهالي حولا من الوصول إلى منازلهم فوق التلة منذ وقف إطلاق النار، إذ تبلغت لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار من دولة العدو بأن تلة العباد الواقعة على ارتفاع أكثر من 900 متر باتت منطقة عازلة يُمنع على الأهالي الوصول إليها، بعدما دمّرت كل المنازل المحيطة وجرفت الحقول المحاذية للعباد. وثبّت الجيش نقطة على المفرق المؤدي إلى الموقع لمنع المواطنين من الوصول إليه.
وكتبت" البناء": خطفت سلسلة الغارات الإسرائيلية المفاجئة على الجنوب الأضواء، في خرق فاضح للقرار 1701 وتفاهم وقف إطلاق النار ما يستوجب من الدولة اللبنانية اتخاذ إجراءات وخطوات عملية باتجاه لجنة الإشراف الدولية في الجنوب والدول الفاعلة ومجلس الأمن الدولي، للضغط على العدو الإسرائيلي لوقف اعتداءاته وانتهاكاته، وفق ما تشير مصادر سياسية والتي أبدت استغرابها إزاء الصمت الرسميّ لا سيما من الحكومة اللبنانية مما يقوم به العدو الإسرائيلي حتى من مواقف الإدانة، وكذلك صمت ما يُسمّى «السياديين» الذين يدعون ليل نهار الى تسليم سلاح حزب الله للدولة ويتناسون استمرار الاحتلال الاسرائيلي لأجزاء من الجنوب والاعتداءات اليومية على القرى والمدنيين. وحملت المصادر لجنة الإشراف والولايات المتحدة الأميركية والحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية مسؤولية تمادي العدو الإسرائيلي بعدوانه على الجنوب، محذرة من أن استمرار العدوان وعجز الحكومة عن اتخاذ خطوات جديدة لحماية لبنان وأرضه وسيادته ومواطنيه، سيمنح أهالي القرى الجنوبية ومن خلفهم المقاومة اتخاذ قرار التصدّي لهذه الهمجية الإسرائيلية في اللحظة المناسبة ما يُعيد التوتر إلى الحدود ويطيح باتفاق وقف إطلاق النار ويقوّض العهد الجديد المدعوم أميركياً وغربياً وعربياً. وتساءلت المصادر كيف يمكن لأركان الدولة والحكومة والوزراء الحديث عن استعادة ثقة المواطنين اللبنانيين بالدولة وبجيشها ومؤسساتها وعلاقاتها الدولية لحماية لبنان فيما العدو الإسرائيلي يستبيح السيادة وينتهك القرارات الدولية ويقتل المدنيين اللبنانيين؟ وكيف يتحدّثون عن استعادة الثقة الدولية بلبنان وجذب الاستثمارات الخارجية والسياح الخليجيين والعرب والأجانب والحرب الإسرائيلية على لبنان لم تنتهِ بعد؟
وكان الخرق الإسرائيلي الجديد للسيادة اللبنانية، تمثل في دخول مجموعة من يهود الحريديم إلى "قبر العباد" الواقع ضمن الأراضي اللبنانية عند أطراف بلدة حولا الحدودية، صباحاً، تحت غطاء" زيارة دينية" نظّمها الجيش الإسرائيلي إلى الموقع لزيارة قبر لـ"الحاخام آشي". وأدّى مئات الحريديم، طقوساً دينية عند القبر. ولفتت صحيفة "معاريف" إلى أن نحو 900 من الحريديم دخلوا إلى قبر الحاخام آشي على الحدود اللبنانية بظل إجراءات أمنية مشددة من قبل القوات الإسرائيلية.
وفي هذا الإطار صدر عن قيادة الجيش- مديرية التوجيه، بيان جاء فيه: "في سياق مواصلة العدو الإسرائيلي اعتداءاته وخروقاته لسيادة لبنان، عمد عناصر من قوات الجيش الإسرائيلي إلى إدخال مستوطنين لزيارة مقام ديني مزعوم في منطقة العباد- حولا في الجنوب، ما يمثل انتهاكاً سافراً للسيادة الوطنية اللبنانية". وأضاف البيان: "إن دخول مستوطنين من الكيان الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية هو أحد وجوه تمادي العدو في خرق القوانين والقرارات الدولية والاتفاقيات ذات الصلة، ولا سيما القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار". تُتابع قيادة الجيش الموضوع بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان- اليونيفيل".
وأطلقت القوات الاسرائيلية أمس النار على عدد من شباب بلدة كفركلا الحدودية قبالة الجدار الإسمنتي بالقرب من بوابة فاطمة. وأفيد عن اصابة مواطنين من فريق "جهاد البناء" المكلفة الكشف على الأضرار التي خلفها العدوان الاسرائيلي وشخص آخر من التابعية السورية وصفت حالته بالحرجة. وليل أمس شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات متلاحقة وكثيفة استهدفت مناطق بين بلدتي ياطر وزبقين وبيت ياحون والزرارية ووادي برغز وجبل الريحان حيث بلغ عدد الغارات ست غارات.