تحدث المحاضر الإسرائيلي في جامعة تل أبيب ميخائيل ميلشتاين عن السيناريوهات التي تلي إسقاط حماس في قطاع غزة، ومن سيخلف حركة المقاومة الإسلامية في الحكم، قائلا إن الاحتمالات "كلها سيئة".

وكتب ميلشتاين، في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، "حتى لو افترضنا أن اجتثاث حركة حماس وارد، فماذا بعد ذلك؟ احتلال إسرائيلي طويل الأمد، عملية عسكرية سريعة وخروج يخلّف فراغا؟ دخول السلطة الفلسطينية، أو هيئة حكم محلي بمساعدة مصر".

وأوضح الكاتب في مقال بعنوان "من سيحكم غزة؟ هذه هي الاحتمالات، وكلها سيئة" أن المصطلح الأكثر تكرارا في إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري هو "إسقاط حماس"، لكن وضع هدف كهذا، على افتراض أنه ممكن عسكريا، يستوجب تحليلا إستراتيجيا معمقا، ووضوحا بخصوص هذا السيناريو الذي تسعى إسرائيل للوصول إليه، والأهم من هذا كله، توجه أكثر يقظة، والذي على ما يبدو لم يكن متوفرا عشية الهجمات الأخيرة لحماس.

وأضاف الكاتب أن "تنظيم حماس يسيطر على القطاع بشكل دكتاتوري منذ 2007، وفعليا هذا التنظيم مغروس بعمق في كافة شرائح المجتمع الغزي، لأكثر من 70 عاما، منذ أن كان ينشط بصورته السابقة كإخوان مسلمين".

وأوضح الكاتب أن "توجيه ضربة قاصمة للتنظيم يعني تحييد كافة أطر قيادته، واغتيالا واسع النطاق لكبار مسؤوليه، ودمارا لمؤسساته، خاصة المدنية منها بما فيها المؤسسات الدعوية، والتي تعتبر أداته للتواصل مع الجمهور، وتجفيف مصادره المالية، واعتقالا جماعيا لعشرات الآلاف من ناشطيه".


"لا يمكن القضاء على فكرة حماس"

وأوضح الكاتب أنه "على عكس ما حصل مع داعش، الذي دُحر من الائتلاف الدولي، فإن الحرب في غزة لا يمكنها القضاء على فكرة حماس، لأنها مغروسة في الوعي الجماعي الفلسطيني".

ورأى الكاتب أن "الهدف الذي تسعى نحوه إسرائيل يختلف عن اجتثاث النازية الذي حصل في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه أقرب إلى عملية اجتثاث حزب البعث الذي حاول الأميركيون فعله في العراق، بعد إسقاط نظام صدام حسين، لكن هذه العملية لم تحظ قط بالتأييد".

وأضاف الكاتب "علينا أيضا الاعتراف بقلة البدائل وضعف إمكانية حدوثها، فبعضها سيئ، والبعض الآخر أكثر سوءا، وكل واحدة من هذه البدائل يشكل تحديات موازاة مع عدم اليقين بخصوص ما يمكن حدوثه مستقبلا".

وأوضح الكاتب أنه "يوجد بديلان أشد سوءا، ومن الأفضل الامتناع عنهما، أولهما إعادة احتلال القطاع ثم فرض حُكم إسرائيلي طويل الأمد، وهو سيناريو تحفّظ عليه الرئيس الأميركي جو بايدن علنا قبل عدة أيام. وهذا الخيار سيجبي من إسرائيل ثمنا أمنيا واقتصاديا باهظا، ومن شأنه إغراقها على نمط ما حصل في العراق وأفغانستان".

وأضاف الكاتب أن "البديل الثاني هو التسبب في انهيار حماس ثم الخروج السريع من القطاع بشكل يُحدث فراغا سيؤدي إلى فوضى وجلب عناصر جهادية من كافة أنحاء الشرق الأوسط والعالم، وستحاول جعل غزة حلبة مواجهة ضد إسرائيل".


"تغيير عميق"

وتابع الكاتب "توجد إمكانيتان إضافيتان مع عدم وضوح معقولية تنفيذهما، وربما يكونان أقل سوءا لإسرائيل. أولاهما، بذل جهد لإعادة السلطة الفلسطينية للسيطرة على القطاع، وهذا يستوجب التحرر من الفكرة الوهمية لحكومة إسرائيل القائلة إن السلطة الفلسطينية هي عدو أكثر سوءا من حماس، وأصلا ليس واضحا إن كانت السلطة التي تسيطر بصعوبة على الضفة الغربية معنية بقبول مهمة معقدة كهذه. فحتى إن قبلها أبو مازن على ظهر دبابة إسرائيلية، فليس واضحا مدى نجاحه فيها".

وذكر ميلشتاين أن "البديل الثاني هو بلورة هيئة سياسية حاكمة بديلة على أساس عناصر محلية في القطاع، مثل رؤساء البلديات والقبائل، وشخصيات عامة بارزة، مع إدماج عناصر في السلطة، وبدعم خارجي واسع، خاصة من مصر. وحتى في هذه الحالة، فإن الحديث يدور حول هدف ليس واضح المعقولية".

وتابع "في كل السيناريوهات، سيكون من الواجب إقامة نظام مراقبة على خط الحدود، بما في ذلك معبر رفح الذي يشكل شريانا إستراتيجيا للتهريب بالنسبة لحماس".

واعتبر الكاتب أن "النقاش حول ذلك اليوم، بما في ذلك طبيعة نظام الحكم الذي سيقوم عند الحدود المصرية مع غزة، يستوجب نقاشا معمقا وخططا مرتبة، حتى قبل المناورة البرية، ومحاولة إسقاط حكم حماس. فقط على المدى الزمني الأبعد، يمكن الحديث عن تغيير عميق في القطاع، بالتوازي مع خروج جماهيري ضد فكرة حماس، والكارثة التي أنزلها التنظيم على رؤوس الغزيين، وهو صوت لا نسمعه اليوم ألبتة".

وخلص الكاتب إلى أن "مثل هذا التغيير مرتبط ببُعد الوعي، وهذا لن يحدث إلا نتيجة للتحولات التي ستحدث في بؤر خلق الوعي الجمعي، ولا سيما في أنظمة التعليم والدين والإعلام، التي ظلت لفترة طويلة تعزز سردا أحادي البعد وتخلق عالما من القيم خاليا من التعاطف مع الآخر، ومعظمها يبرر أعمال العنف، ولا تشجع على النقد الذاتي، وبالطبع لا تعكس استعدادا للاعتراف بإسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الکاتب أن

إقرأ أيضاً:

بعد قصف إسرائيلي مُدمّر .. خروج مستشفى المعمداني في غزة عن الخدمة

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم الأحد، أن طائرات الاحتلال الإسرائيلي شنت قصفًا مباشرًا استهدف المستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، مُخلّفة دمارًا واسعًا في أحد أقدم وأهم المرافق الصحية في القطاع، وذلك في وقت يعاني فيه النظام الصحي من انهيار شبه تام نتيجة الحرب المستمرة والحصار الخانق.

وفي بيان رسمي، قال المكتب الإعلامي إن طائرات الاحتلال أطلقت أكثر من صاروخ بشكل مباشر على المستشفى، الذي كان يضم مئات المرضى والجرحى، إلى جانب الطواقم الطبية والمرافقين. 

وأكد أن المستشفى المعمداني يؤدي دورًا حيويًا في تقديم خدمات الرعاية الصحية لأكثر من مليون فلسطيني في محافظتي غزة وشمال غزة، وهو ما يجعل استهدافه بمثابة "جريمة حرب مكتملة الأركان" في ظل ما وصفه بـ "الإبادة الجماعية" التي يتعرض لها السكان المدنيون في القطاع.

جيش الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة لسكان في قطاع غزةخبير استراتيجي: مصر الوحيدة القادرة على تحطيم أحلام إسرائيل في غزةخبير : ترفيع العلاقات مع إندونيسيا يعزز التحركات لدعم غزة ورفض التهجيرإعلام فلسطيني: 3 شهداء في غارة إسرائيلية على مدرسة للنازحين شمال غزةمديرة كنائس من أجل السلام: ما يحدث في غزة انتهاك صارخ للقانون وتطهير عرقيعبد الغفار: 2000 طبيب مصري سجلوا أسماءهم لإعادة إعمار القطاع الصحي في غزةمصر - إندونيسيا شراكة استراتيجية .. ويؤكدان ضرورة بدء إعمار غزةالاتحاد الأوروبي والأونروا يحذران من كارثة إنسانية وشيكة في غزة

وأشار البيان إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سبق له أن دمّر 34 مستشفى في قطاع غزة وأخرجها عن الخدمة بالكامل، في إطار ما وصفه بـ "خطة ممنهجة" للقضاء على ما تبقى من القطاع الصحي، بالإضافة إلى قصف عشرات المراكز الطبية والمؤسسات الصحية، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف والمواثيق الدولية التي تحظر استهداف المنشآت الطبية تحت أي ظرف.

ويأتي هذا القصف في سياق تصعيد عسكري جديد بدأته إسرائيل منذ 18 مارس الماضي، بعد توقف دام نحو شهرين منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير، دون أن تتمكن الأطراف من التوصل إلى تفاهمات لتمديده أو الانتقال إلى مرحلته الثانية.

تصعيد عسكري وإعادة احتلال محتملة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في وقت سابق أنه أصدر تعليمات للجيش بتنفيذ "إجراء قوي" ضد حركة "حماس"، على خلفية ما وصفه برفض الأخيرة إطلاق سراح الرهائن وعدم التجاوب مع مقترحات وقف إطلاق النار. 

وقد تبع هذا التصريح إعلان من وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن توسيع نطاق العملية العسكرية، كاشفًا عن وجود خطط تهدف إلى السيطرة على مساحات واسعة من قطاع غزة وضمّها إلى ما سماها "منطقة التأمين الدفاعية" في جنوب القطاع.

جيش الاحتلال الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة لسكان في قطاع غزةخبير استراتيجي: مصر الوحيدة القادرة على تحطيم أحلام إسرائيل في غزةخبير : ترفيع العلاقات مع إندونيسيا يعزز التحركات لدعم غزة ورفض التهجيرإعلام فلسطيني: 3 شهداء في غارة إسرائيلية على مدرسة للنازحين شمال غزةمديرة كنائس من أجل السلام: ما يحدث في غزة انتهاك صارخ للقانون وتطهير عرقيعبد الغفار: 2000 طبيب مصري سجلوا أسماءهم لإعادة إعمار القطاع الصحي في غزةمصر - إندونيسيا شراكة استراتيجية .. ويؤكدان ضرورة بدء إعمار غزةالاتحاد الأوروبي والأونروا يحذران من كارثة إنسانية وشيكة في غزة

من جهتها، حمّلت حركة "حماس" الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو كامل المسؤولية عن انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، واتهمتها بـ"الانقلاب على التفاهمات"، مما يعرض حياة الأسرى في غزة لـ"مصير مجهول"، وفق تعبيرها. وتوعدت الحركة بردّ مناسب على استمرار العدوان، في حين تتزايد التحذيرات الدولية من انهيار شامل للأوضاع الإنسانية في القطاع.

ويُعد القصف الأخير الذي استهدف المستشفى المعمداني مؤشرًا خطيرًا على تدهور غير مسبوق في الوضع الصحي والإنساني في غزة، وسط تزايد الدعوات الدولية بضرورة وقف الحرب وإنهاء استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية.

 
 

مقالات مشابهة

  • بعد قصف إسرائيلي مُدمّر .. خروج مستشفى المعمداني في غزة عن الخدمة
  • وفد من حماس بالقاهرة وصحيفة تكشف تفاصيل عرض إسرائيلي جديد
  • معهد بحوث إسرائيلي يكشف عن 3 خيارات أمام تل أبيب في قطاع غزة.. ما هي؟
  • ما الاحتمالات في إصابة جندي لواء غولاني جنوبي غزة؟ الفلاحي يجيب
  • كاتب إسباني: تفاصيل خطة إسرائيل لإخلاء رفح وعزل غزة بالكامل
  • السلطة المحلية بأمانة العاصمة تدين استمرار المجازر الوحشية التي يرتكبها العدو الأمريكي بحق المدنيين
  • إسرائيل تُطوّق الفلسطينيين بـالسور الحديدي في الضفة الغربية
  • في أوضاع سيئة .. الاحتلال يفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة / شاهد
  • جولان: نتنياهو يرفض تحمل المسؤولية حتى بعد الكارثة التي شهدتها إسرائيل
  • كاتب إسرائيلي: الحكومة تناقش طريقتين لتحقيق أهدافها في غزة