لجريدة عمان:
2025-01-16@00:16:39 GMT

كيف نجعل الغرب يفهمنا؟!

تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT

كيف نجعل الغرب يفهمنا؟!

لا يمكن أن نحمّل الفرد الغربي، وحده، مسؤولية الصورة الذهنية النمطية التي بناها عن العالمين العربي والإسلامي والتي كانت في الكثير من الأحيان مختزلة ومشوهة وغير مكتملة أبدا، وقد ساهمت بشكل كبير في تحديد مسارات ومواقف الغرب من قضايا العالم العربي وبشكل خاص القضية الفلسطينية التي لو وجدت دعما من الرأي العام العالمي لكان مسارها مختلفا عن المسار الحالي.

الناس في الغرب مأخوذون ومختطفون من قبل الآلة الإعلامية والتسويقية الضخمة هناك؛ فهي التي توجههم وتحدد مساراتهم وخياراتهم وتفضيلاتهم الثقافية والاستهلاكية اليومية. وتعمل الصهيونية العالمية من أجل أهدافها الاستعمارية على بناء صورة العرب والمسلمين في أذهان الغرب.. وإذا كان هذا الأمر مفهوما من اللوبي الصهيوني المسيطر على الغرب فمن غير المفهوم ألا يستطيع العرب حتى الآن بناء لوبيهم الخاص في قلب الغرب، وبناء مؤسسات إعلامية وسياسية هناك يستطيعون عبرها التأثير في الوعي الغربي وبناء الصورة الحقيقية عن أنفسهم لتقدمهم وفق نسيجهم الخاص المنبثق من ثقافتهم وفكرهم وتاريخهم ومساهماتهم في بناء الحضارة الإنسانية عبر التاريخ.

لقد أسس العرب بعض الصحف والمجلات في أمريكا وفي دول أوروبية ولكنها كانت مؤسسات إعلامية ناطقة باللغة العربية ولها هدف سياسي موجه للعالم العربي وليس من بين أهدافها التأثير في الغرب أو بناء صورة مختلفة للعرب، ولو كان لها هدف مثل هذا لخرجت باللغة الإنجليزية أو الفرنسية ولكان لها مشروع واضح المعالم.

وحتى عندما تطورت التكنولوجيا وسهلت عمل الإعلام لم يستطع العرب أفرادا وحكومات تأسيس صحيفة إلكترونية حقيقة توازي المؤسسات الإعلامية الغربية رغم توفر الإمكانيات المادية.. ولم تتأسس قناة تلفزيونية تستطيع أن تكون إلى جوار القنوات الغربية التي ما زالت تختطف الوعي الغربي، وبعض الوعي العربي، اللهم يمكن الحديث هنا عن قناة الجزيرة الناطقة باللغة الإنجليزية، ولكنها لا تكفي وحدها خاصة وأنها مرتبطة في الذهن الغربي بالجزيرة العربية.

وغير الإعلام لم يستطع العرب خلال سنوات الوفرة الماضية بناء مؤسسات علمية مرموقة تساهم في دعم تطور البشرية وتقدم لها مكتشفات علمية تحدث فارقا في حياة الناس رغم وجود العقول العربية التي تثري المؤسسات العلمية والبحثية في مختلف قارات العالم.

إذا عجزنا في العالم العربي أن نكون أقوياء في الجوانب العسكرية فلماذا لا نكون أقوياء في بناء المؤسسات العلمية والبحثية وتمويلها، وفي صناعة مفكرين وفلاسفة وعلماء في مختلف المجالات.. هذه قوة ناعمة لا يمكن أن يستهان بها في العالم اليوم وتستطيع أن تحدث تغييرا في بناء الصورة النمطية عن العرب والمسلمين، بل وتستطيع في النهاية بناء اقتصاد عربي قوي وموقف سياسي أكثر قوة.

لا نستطيع أن ننفي قدرة المؤسسات الإعلامية والبحثية في العالم الغربي في بناء الوعي العالمي والتأثير عليه حتى لو كان ذلك باستخدام التضليل والخداع ولكن النتيجة النهائية أنها تستطيع أن تحدث التأثير المطلوب منها وتحصل على الأثر.. وحتى نتمكن في العالم العربي من التصدي لكل هذا يتعين علينا أن نبني مؤسسات إعلامية قوية موجهة للغرب تكون لها مصداقية، ويكون لها صدى قوي على الجمهور العالمي وقادرة على مخاطبتهم بأدواتهم التي تستطيع الوصول إليهم.. لكن هذا الأمر يحتاج، أيضا، إلى إرادة سياسية عربية مشتركة والمبادرة في تقديم خطاب عربي قوي قادر على إثراء الغرب وفتح حوار معه، والتأثير عليه بأدوات التأثير التي تأسره الآن وتختطف وعيه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم فی بناء

إقرأ أيضاً:

برعاية السيد ذي يزن «البخّارة» تحصد جائزة مهرجان المسرح العربي.. وإشادة بالعروض التي «وظفت التكنولوجيات والرقمنة»

حصلت مسرحية " البخّارة" لـ"أوبرا تونس، قطب المسرح" على جائزة صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وذلك في حفل ختام مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، تحت رعاية صاحب السمو السيد ذي يزن بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، بتنظيم من الهيئة العربية للمسرح، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب والجمعية العمانية للمسرح.

وكان العرض الفائز من تأليف: صادق الطرابلسي وإلياس الرابحي، وإخراج صادق الطرابلسي. وتقدم المسرحية حكاية اجتماعية عميقة تعكس واقع الانسان المعاصر، في مواجهة آثار التلوث البيئي والاجتماعي، مستحضرة تفاصيل الحياة اليومية في بيئة خانقة تتلاشى فيها الأحلام، وتتصاعد فيها الصراعات.

وأعلنت الهيئة العربية للمسرح أن "القاهرة" ستكون هي الوجهة القادمة للمهرجان الذي يجوب أقطار المنطقة العربية، وكانت مسقط هذا العام هي حاضنة المسرح العربي، بعروض بلغت 15 عرضا في المسار الأول، و 4 عروض في المسار الثاني، إضافة إلى ندوات وورش عمل متنوعة.

مسرح متجدد

وألقى الفنان اللبناني رفيق علي أحمد رئيس لجنة التحكيم بيانا أشاد فيه بالمناخ الحر والإيجابي الذي وفرته الهيئة لعمل اللجنة التي تحمل على عاتقها تحقيق أهداف المهرجان في مسرح جديد ومتجدد، مسرح محترف، مسرح يحقق حلمنا جميعاً في مسرح عضوي ومشتبك مع قضايا أمتنا والإنسانية جمعاء".

وحول العروض قال رئيس لجنة التحكيم: "قدمت العروض جميعاً رؤى جديدة وجماليات تنحو نحو توظيف التكنولوجيات الجديدة والرقمنة، كما شهد المهرجان وجود ستة عروض من أصل خمسة عشر عرضاً في المهرجان بتوقيع ست مبدعات عربيات ومن أجيال مختلفة، وطرحت أعمالهن قضايا معاصرة تعيشها مجتمعاتنا وتلمست مكامن الأمل والألم، وتحيي اللجنة هذه الجهود الإبداعية الفارقة".

المسرحيات الختامية

وقدمت فرقة شادن للرقص المعاصر العرض قبل الأخير من عروض المهرجان ضمن العروض المتنافسة على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، وهو من إخراج شادن أبو العسل.

يطرح العرض قوة الجسد كأداة تعبير ومقاومة، مستعرضاً صراعاً إنسانياً أزلياً بين القمع والطموح نحو الحرية. وتميز العرض بشخصياته الرمزية الأربعة التي حملت أدوارها معاني عميقة ضمن سياق رمزي مليء بالتأويل.

الناقد جمال قرمي في قراءته للعرض المسرحية الفلسطيني "ريش"، تناول العديد من النقاط التي تبرز عمق العرض وحساسيته الفنية، مشيراً إلى أن رؤيته كممارس للعرض المسرحي جعلته يحب هذا العمل. واصفاً العرض بأنه يمثل"سلطة الصمت" في مواجهة الكلمة، حيث يرى في ذلك إيديولوجية الصمت الذي يعكس ما نعيشه في حياتنا اليومية. فالجسد في هذا العرض يتخذ مكانة رمزية، فيما الكلمات تأخذ دوراً ثانوياً في المجتمعات التي تعاني من القمع، ليصبح الجسد مساحة للمقاومة وأداة يستخدمها الفنان للتعبير عن قضايا وجودية وإنسانية.

"ريش" في نظر قرمي هو صرخة الروح المستلبة، حيث أن الجسد يتحول إلى سلاح للحرية في مواجهة التسلط وقيوده. ويعكس العرض مستويات عالية من الالتزام، ويعبر عن الواقع من خلال مزج الحركة المسرحية مع الرقص. كما أن العرض يعري مفهوم التحرر ويضيء قدرة الإنسان على المقاومة والتمرد.

وعن شخصية المرأة التي أدتها ماشا سمعان رأى قرمي أنهل تظهر في العرض كتجسيد للتمرد والتحرر، فتفتح آفاقاً جديدة وتتنقل عبر الألوان الأزرق والوردي، ليعتلي هيكلها الأنثوي في دور ذكوري، واختزال السلطة المطلقة التي تسيطر على المستلبين. بينما تظهر المرأة الدمية التي أدتها هيا خورية في حالة من الامتثال، حتى تصل إلى حالة التماهي الكامل مع القوى المسيطرة.

أما شخصية الرجل المستلب التي أداها عنان أبو جابر، فيعكس تفاعله مع الدمية تلك الحالة المشتركة بين المستلبين والمستبدين حسب قرمي. وهي تأتي كجزء من الصورة الرمزية التي يعكسها العرض، حيث تسلط الضوء على العلاقة بين الحرية والقبول بالواقع المفروض.

وعلى صعيد السينوغرافيا، يرى قرمي أن هذه العنصر يمثل نقطة محورية لدعم الحكاية وتعميق التأثير العاطفي، حيث يكون الفضاء المسرحي بين القيود والانفتاح، متقشفاً ومفتوحاً، وتسيطر عليه البساطة التي تمنح المشاهد الفرصة للتأمل. التصميم شبه الخالي من العناصر الداخلية يعكس السجن الداخلي الذي تعيشه الشخصيات.

أما فيما يخص الإضاءة، فهي تمثل لغة بصرية ذات طبقات متعددة، إذ يسيطر اللون الأزرق على مشاهد السلطة، بينما يشير اللون الأحمر إلى التحول والصراع والغضب. كما أن الإضاءة الخافتة والهادفة تُستخدم لعزل الشخصيات وتركيز الانتباه على التفاصيل الحركية.

أما الديكور، فيتمحور حول الكرسي الذي يصبح رمزاً للقيد والاستلاب كما يشير قرمي، فيما يضفي المرسى المرتفع هيمنة على العرض. بينما يمثل عنصر الريش رمزية للهشاشة، مما يضيف عمقاً آخر لفهم الشخصية والصراع الداخلي.

ولعبت الأزياء دوراً هاماً في تحديد هويات الشخصيات وديناميكيات علاقاتهم، لتكتمل بذلك رمزية العرض الذي يبحث عن كينونة الإنسان الحر. ويختتم قرمي بالإشارة إلى أن العرض يمثل نوعاً من الرقص المعاصر الذي يفتح الأفق لأسئلة التحرر والوجود.

إجمالاً، يعتبر جمال قرمي أن "ريش" هو عرض مسرحي يبحث في جوهر الإنسان وحريته، ويعكس بعمق الصراع الداخلي الذي يعيشه الأفراد في مجتمعاتهم القمعية، وتظهر فيه رمزية قوية ومؤثرة في جميع جوانب العرض.

وكان موعد ختام العروض المسرحية للمهرجان بعرض دولة الكويت الذي حمل عنوان "غصة عبور"، تأليف تغريد الداود، وإخراج محمد الأنصاري، وتدور أحداثها حول مجموعة من الأشخاص المغتربين العالقين على جسر مشاة هش رابط بين منفذين، لكل شخصية منهم تاريخ عميق يربطه بهذا الجسر، فتوقفوا عليه كالغصة التي تقف في سقف الحلق.

رسائل كثيرة بعثها العرض المسرحي، حوارات مشبعة بالوجع، وأخرى مليئة بالكوميديا السوداء، وشخوص تقمصوا الأدوار بتمكن ومثالية، وأفكار متداخلة تغذي العرض وتبهر الجمهور، وجال السؤال الذي تردد كثيرا على خشبة المسرح، وربما في أذهان الجمهور، ما هو الوطن؟ وكيف يعيش الإنسان في دوامة البحث عن الوطن، أن يجرد شاعر من كلماته ويسلب حبر قلمه النابض بحب الوطن، فيتبدل من شخص إلى آخر، طاويا غياهب ذاته في دوامة الغربة، تلك التي فرقت بين رجل وأسرته، فكان لزاما عليه أن يبقى مغتربا لما يصل إلى 30 عاما ليؤمن حياة كريمة لأبنائه القاطنين في الوطن، وهو المحروم من العيش فيه، تماما كحرمان أم أنجبت طفلها في الغربة بعد أن هجرها الرجل الذي حاربت أهلها لتكون برفقته، وبقيت عالقة تتجرع مرارة الألم والحرمان، فلا هي لوطنها تعود، ولا هي تملك لطفلها وطن.

الغربة بمفهومها الواضح والصريح، والمبطن الخفي هي أبرز ما كانت المسرحية تتناوله بعمق فكري، وكتابة مسرحية متمكنة، ولم يكن الوطن إلا شعورا عميقا بالمكان أو الأشخاص أو العاطفة، فهو بكل أشكاله ومعانيه المختلفة بين شخص وآخر ما هو إلا شعور صادق بالأمان والاطمئنان والاستقرار، الشعور أنك في حماه تجد كل التفاصيل التي تؤهل لعيش الحياة المطمئنة السعيدة.

وتميز عرض "غصة عبور" باختيار للأزياء، وألوانها ذو الدلالات المرتبطة بكل شخصية، كما كان عمل الديكور بكل تفاصيله ومعانيه، وإمكانية تحريك "الجسر" بين الحين والآخر بما يتواءم وحوارات الأداء، وبطبيعة الحال كانت الإضاءة متماشية مع كل مشهد.

أدّى بطولة المسرحية كلا من: الفنانة سماح، والفنان عبدالله التركماني، والفنان عبدالعزيز بهبهاني، والفنان عامر خليل أبو كبير، والفنان أحمد صايد الرشيدي، وآخرين.

مقالات مشابهة

  • برعاية السيد ذي يزن «البخّارة» تحصد جائزة مهرجان المسرح العربي.. وإشادة بالعروض التي «وظفت التكنولوجيات والرقمنة»
  • الموعد الرسمي لتوزيع جوائز مهرجان ضي الخامس للشباب العربي
  • وزير الإسكان يُصدر قرارات إزالة لتعدياتٍ ومخالفات بناء بمدن دمياط وملوي وبرج العرب الجديدة 
  • نقابة المهندسين المصرية واتحاد المهندسين العرب ينظمان المؤتمر العربي الثاني للطاقة المتجددة والمستدامة
  • نقابة المهندسين تستضيف المؤتمر العربي الثاني للطاقات المتجددة.. السبت
  • نقابة المهندسين تنظم المؤتمر العربي الثاني للطاقات المتجددة والمستدامة
  • نقابة المهندسين تعلن انطلاق المؤتمر العربي الثاني للطاقات المتجددة والمستدامة 18 يناير
  • السبت.. توزيع جوائز مهرجان ضي الخامس للشباب العربي وتكريم السمري والفقي
  • فاينانشيال تايمز: على الغرب التعاون مع الصين في مجال الطاقة المتجددة
  • استعراض سُبل تطوير التعاون الأمني العربي المشترك